وانت تقرأ هذا الموضوع استمع لتلاوة الشيخ علي جابر يعتبر من افضل القراء في العالم الاسلامي رحمه الله
تيسير
مصــطلح الحــــديث
بقــــلم
الدكتور محمود الطحان
أستاذ الحديث
بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعة الكويت
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
لصاحبها سعد بن عبد الرحمن الراشد
الرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة السابعة
الحمد الله الذي من علينا بنعمة الإسلام ، وجعلنا من خُدام سُنة نبيه المصطفي عليه الصلاة والسلام، والصلاة والسلام على صفوته من خلقه وخاتم أنبيائه سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
وبعد: فإن الله تعالى ـ وله الحمد والمنة ـ قد كتب لهذا الكتاب القبول لدى طلبة العلم عامة، والمشتغلين بالحديث وعلومه خاصة. فقد نفدت منه من حين طبعة الطبعة الأولي عام 1397هـ ـ 1977م إلى الآن ست طبعات. لذا رأيت طبعه الطبعة السابعة لدى مكتبة المعارف بالرياض .
ولما كان نص الكتاب غير مشكول ، وفيه بعض الأخطاء ، رأيت أن أقوم بشكل ما يُشكل لا سيما أسماء الأعلام ، وكذلك تصحيح الأخطاء قدر المستطاع .
لذلك تعتبر هذه الطبعة متميزة عن سابقاتها من الطبعات بأمرين هما : الشَّكْل والتصحيح .
وأسأل الله تعالى أن يديم النفع بهذا الكتاب، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم. وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الكويت في غرة جمادي الآخر من عام 1405هـ
الموافق 21/2/1985م
وكتبه
العبد الضعيف
راجي عفو ربه المنان
أبوحفص محمود بن أحمد الطحان .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي من على المسلمين بإنزال القرآن الكريم، وتكفل بحفظه في الصدور والسطور إلى يوم الدين، وجعل من تتمة حفظه حفظ سنة سيد المرسلين.
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد الذي أوكل الله إليه تبيان ما أراده من التنزيل الحكيم بقوله تعالى " وَأَنزَلْنَا إليكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إليهمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ "(1) فقام صلي الله عليه وسلم مبينا له بأقواله وأفعاله وتقريراته بأسلوب واضح مبين .
والرضي عن الصحابة الذين تلقوا السنة النبوية عن النبي الكريم فوعوها، ونقلوها للمسلمين كما سمعوها خالصة من شوائب التحريف والتبديل.
والرحمة والمغفرة للسلف الصالح الذين تناقلوا السنة المطهرة جيلا عن جيل. ووضعوا لسلامة نقلها وروايتها قواعد وضوابط دقيقة لتخليصها من تحريف المبطلين .
والجزاء الخير لمن خلف السلف من علماء المسلمين الذين تلقوا قواعد راوية السنة وضوابطها عن السلف فهذبوها ورتبوها وجمعوها في مصنفات مستقلة سميت فيما بعد بـ "علم مصطلح الحديث"2
أما بعد : فعندما كلفت منذ سنوات بتدريس علم " مصطلح الحديث " في كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وكان المقرر تدريس كتاب " علوم الحديث " لابن الصلاح ، ثم قرر بدله مختصره كتاب " التقريب " للنووي . وجدت مع الطلبة بعض الصعوبات في دراسة هذين الكتابين ـ على جلالتهما وغزارة فوائدهما ـ دراسة نظامية ، من هذه الصعوبات ، التطويل في بعض الأبحاث، لا سيما في كتاب ابن الصلاح . ومنها الاختصار في البعض الآخر ، لا سيما في كتاب النووي ، ومنها صعوبة العبارة ، ومنها عدم تكامل بعض الأبحاث وذلك كترك التعريف مثلا أو إغفال المثال أو عدم ذكر الفائدة من هذا البحث أو ذاك . أو عدم التعريج على ذكر أشهر المصنفات ، وما أشبه ذلك . ووجدت غيرهما من كتب الأقدمين في هذا الفن كذلك ، بل إن بعض تلك الكتب غير شامل لجميع علوم الحديث ، وبعضها غير مهذب ولا مرتب وعذرهم في ذلك هو إما وضوح الأمور التي تركوها بالنسبة لهم . أو الحاجة لتطويل بعض الأبحاث بالنسبة لزمنهم . أو غير ذلك مما نعرفه أو لا نعرفه .
فرأيت أن أضع بين أيدي الطلبة في كليات الشريعة كتاباً سهلا في مصطلح الحديث وعلومه ييسر عليهم فهم قواعد الفن ومصطلحاته ، وذلك بتقسيم كل بحث إلى فقرات مرقمة متسلسلة، مبتدئا بتعريفه ، ثم بمثاله ، ثم بأقسامه مثلا .... مختتما بفقرة " أشهر المصنفات فيه " كل ذلك بعبارة سهلة، وأسلوب علمي واضح ليس فيه تعقيد ولا غموض، ولم أعرج على كثير من الخلافات والأقوال وبسط المسائل مراعاة للحصص الزمنية القليلة المتخصصة لهذا العلم في كليات الشريعة وكليات الدراسات الإسلامية.
وسميته " تيسير مصطلح الحديث " ولست أرى أن هذا الكتاب يغني عن كتب العلماء الأقدمين في هذا الفن ، وإنما قصدت أن يكون مفتاحاً لها ، ومذكراً بما فيها ، وميسرا للوصول إلى فهم معانيها ، وتظل كتب الأشعة والعلماء الأقدمين مرجعاً للعلماء والمتخصصين في هذا الفن ، ومعينا فياضاً ينهلون منه .
ولا يفوتني أن أذكر أنه صدر في الآونة الأخيرة كتب لبعض الباحثين فيها الفوائد الغزيرة لا سيما الرد على شبه المستشرقين والمنحرفين ، لكن بعضها مطول ، وبعضها مختصر جدا وبعضها غير مستوعب ، فأردت أن يكون كتابي هذا وسطا بين التطويل والاختصار ومستوعباً لجميع الأبحاث.
والجديد في كتابي هذا هو :
1- التقسيم، أي تقسيم كل بحث إلى فقرات مرقمة، مما يسهل على الطالب فهمه
2- التكامل في كل بحث من حيث الهيكل العام للبحث ، من ذكر التعريف والمثال والخ ...
3- الاستيعاب لجميع أبحاث المصطلح بشكل مختصر .
أما من حيث التبويب والترتيب فقد استفدت من طريقة الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها فإنه خير ترتيب توسل إليه ـ رحمه الله ـ وكان جل اعتمادي في المادة العلمية على " علوم الحديث " لابن الصلاح ، ومختصر " التقريب " للنووي وشرحه " التدريب " للسيوطي.
وجعلت الكتاب من مقدمة وأربعة أبواب، الباب الأول في الخبر، الباب الثاني، في الجرح والتعديل، والباب الثالث في الرواية وأصولها، والباب الرابع في الإسناد ومعرفة الرواة.
وإنني إذ أقدم هذا الجهد المتواضع لأبنائنا الطلبة اعترف بعجزي وتقصيري في إعطاء هذا العلم حقه ولا أبريء نفسي من الزلل والخطأ ، فالرجاء ممن يطلع فيه على زلة أو خطأ أن ينبهني عليه مشكوراً ، لعلى أتداركه وأرجو الله تعالى أن ينفع به الطلبة والمشتغلين بالحديث وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم .
المقدمة
- نبذة تاريخية عن نشأة علم المصطلح والأطوار التي مر بها .
- أشهر المصنفات في علم المصطلح .
- تعريفات أولية.
نبذة تاريخية عن نشأة علم المصطلح والأطوار التي مر بها
يلاحظ الباحث المتفحص أن الأسس والأركان الأساسية لعلم الرواية ونقل الأخبار موجودة في الكتاب العزيز والسنة النبوية فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا " . وجاء في السنة قوله صلى الله عليه وسلم : " نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع " وفي رواية " فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه ليس بفقيه "
ففي هذا الآية الكريمة وهذا الحديث الشريف مبدأ التثبت في أخذ الأخبار وكيفية ضبطها بالانتباه لها ووعيها والتدقيق في نقلها للآخرين.
وامتثالا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يثبتون في نقل الأخبار وقبولها ، لا سيما إذا شكوا في صدق الناقل لها ، فظهر بناء على هذا موضوع الإسناد وقيمته في قبول الأخبار أوردها ، فقد جاء في مقدمة صحيح مسلم عن ابن سيرين : " قال لم يكونوا يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم وبناء على أن الخبر لا يقبل إلا بعد معرفة سنده فقد ظهر علم الجرح والتعديل ، والكلام على الرواة ، ومعرفة المتصل أو المنقطع من الأسانيد ، ومعرفة العلل الخفية ، وظهر الكلام في بعض الرواة لكن على قلة ، لقلة الرواة المجروحين في أول الأمر .
ثم توسع العلماء في ذلك حتى ظهر البحث في علوم كثيرة تتعلق بالحديث من ناحية ضبطه وكيفية تحمله وأدائه ، ومعرفة ناسخه من منسوخه وغريبه وغير ذلك ، إلا أن ذلك كان يتناقله العلماء شفوياً .
ثم تطور الأمر وصارت هذه العلوم تكتب وتسجل، لكن في أمكنة متفرقة من الكتب ممزوجة بغيرها من العلوم الأخرى كعلم الأصول وعلم الفقه وعلم الحديث ، مثل كتاب الرسالة وكتاب إلام للإمام الشافعي .
وأخيرا لما نضجت العلوم واستقر الاصطلاح ، واستقل كل فن عن غيره ، وذلك في القرن الرابع الهجري ، أفرد العلماء علم المصطلح في كتاب مستقل ، وكان من أول من أفرده بالتصنيف القاضي أبو محمد الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد الرامهرمزي المتوفي سنة 360هـ في كتابه "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي" : وسأذكر أشهر المصنفات في علم المصطلح من حين إفراده بالتصنيف إلى يومنا هذا .
أشهر المصنفات في علم المصطلح
1- المحدث الفاصل بين الراوي والواعي :
صنفه القاضي أبو محمد الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد الرامهرمزي المتوفي في سنة 360هـ لكنه لم يستوعب أبحاث المصطلح كلها ، وهذا شأن من يفتتح التصنيف في أي فن أو علم غالباً .
2- معرفة علوم الحديث:
صنفه أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري المتوفي سنة 405هـ لكنه لم يهذب الأبحاث ولم يرتبها الترتيب الفني المناسب .
3- المستخرج على معرفة علوم الحديث :
صنفه أبو نعيم أحمد بن عبدالله الاصبهاني المتوفي سنة 430هـ ، استدرك فيه على الحاكم ما فاته في كتابة " معرفة علوم الحديث " من قواعد هذا الفن ، لكنه ترك أشياء يمكن للمتعقب أن يستدركها عليه أيضاً .
4- الكفاية في علم الرواية :
صنفه أبو بكر أحمد بن على بن ثابت الخطيب البغدادي المشهور المتوفي سنة 463هـ ، وهو كتاب حافل بتحرير مسائل هذا الفن ، وبيان قواعد الرواية ، ويعتبر من أجلِّ مصادر هذا العلم "
5_ الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع:
صنفه الخطيب البغدادي أيضا ، وهو كتاب يبحث في آداب الرواية كما هو واضح من تسميته وهو فريد في بابه ، قيِّم في أبحاثه ومحتوياته ، وقلَّ فن من فنون علوم الحديث إلا وصنف الخطيب فيه كتاباً مفرداً ، فكان كما قال الحافظ أبوبكر بن نقطة : " كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عِيال على كُتبه "
6- الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع :
صنفه القاضي عياض بن موسي اليحصبي المتوفي سنة 544هـ ، وهو كتاب غير شامل لجميع أبحاث المصطلح ، بل هو مقصور على ما يتعلق بكيفية التحمل والأداء وما يتفرغ عنها لكنه جيد في بابه ، حسن التنسيق والترتيب .
7- مالا يسع المحدث جهله :
صنفه أبو حفص عمر بن عبدالمجيد الميانجي المتوفي سنة 580هـ ، وهو جزء صغير ليس فيه كبير فائدة .
8- علوم الحديث :
صنفه أبو عمرو عثمان بن عبدالرحمن الشهرزوري المشهور بابن الصلاح المتوفي سنة 643هـ وكتابه هذا مشهور بين الناس بـ " مقدمة ابن الصلاح " وهو من أجود الكتب في المصطلح جمع فيه مؤلفه ما تفرق في غيره من كتب الخطيب ومن تقدمه ، فكان كتاباً حافلاً بالفوائد ، لكنه لم يرتبه على الوضع المناسب لأنه أملاه شيئياً فشيئاً ، وهو مع هذا عمدة من جاء بعده من العلماء فكم من مختصر له وناظم ومعارض له ومنتصر .
9- التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير :
صنفه محيي الدين يحيي بن شرف النووي المتوفي سنة 676هـ ، وكتابه هذا اختصار لكتاب " علوم الحديث " لابن الصلاح ، وهو كتاب جيد ، لكنه مغلق العبارة أحياناً .
10- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي :
صنفه جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911هـ ، وهو شرح لكتاب تقريب النواوي كما هو واضح من اسمه ، جمع فيه مؤلفه من الفوائد الشيء الكثير .
11- نظم الدرر في علم الأثر:
صنفها زين الدين عبدالرحيم بن الحسين العراقي المتوفى سنة 806هـ ومشهورة باسم "ألفية العراقي " نظم فيها " علوم الحديث " لابن الصلاح ، وزاد عليه وهي جيدة غزيرة الفوائد وعليها شروح متعددة ، منها شرحان للمؤلف نفسه .
12- فتح المغيث في شرح ألفية الحديث :
صنفه محمد بن عبدالرحمن السخاوي المتوفى سنة 902هـ ، وهو شرح على ألفية العراقي، وهو من أوفى شروح الألفية وأجودها .
13- نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر:
صنفه الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ ، وهو جزء صغير مختصر جداً ، لكنه من انفع المختصرات وأجودها ترتيباً ، ابتكر فيه مؤلفه طريقة في الترتيب والتقسيم لم يُسْبَق إليها ، وقد شرحه مؤلفه بشرح سماه " نزهة النظر " كما شرحه غيره .
14- المنظومة البيقونية :
صنفها عمر بن محمد البيقوني المتوفى سنة 1080هـ، وهي من المنظومات المختصرة ، إذ لا تتجاوز أربعة وثلاثين بيتاً ، وتعتبر من المختصرات النافعة المشهورة ، وعليها شروح متعددة .
15- قواعد التحديث:
صنفه محمد جمال الدين القاسمي المتوفى سنة 1332هـ وهو كتاب محرر مفيد ، وهناك مصنفات أخرى كثيرة يطول ذكرها اقتصرت على ذكر المشهور منها ، فجزي الله الجميع عنا وعن المسلمين خير الجزاء .
تعريفات أولية
1- علم المصطلح :
علم بأصول وقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد.
2- موضوعه:
السند والمتن من حيث القبول والرد.
3- ثمرته :
تمييز الصحيح من السقيم من الأحاديث.
4- الحديث:
أ) لغة: الجديد. ويجمع على أحاديث على خلاف القياس .
ب) اصطلاحا : ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
5- الخَبَر:
أ) لغة: النبأ . وجمعه أخبار .
ب) اصطلاحاً: فيه ثلاثة أقوال وهي:
1)هو مرادف للحديث: أي إن معناهما واحد اصطلاحاً.
2) مغاير له: فالحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. والخبر ما جاء عن غيره .
3) أعم منه:أي إن الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم والخبر ما جاء عنه أو عن غيره.
6- الأثَر:
أ) لغة: بقية الشيء.
ب) اصطلاحاً: فيه قولان هما:
1) هو مٌرادف للحديث: أي أن معناهما واحد اصطلاحاً.
2) مٌغاير له: وهو ما أٌضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال أو أفعال.
7- الإسناد: له معنيان:
أ) عَزْو الحديث إلى قائله مسنداً .
ب) سلسلة الرجال المٌوصلة للمتن . وهو بهذا المعنى مرادف للسند .
8- السند:
أ) لغة: المعتمد. وسمي كذلك لأن الحديث يستند إليه ويعتمد عليه .
ب) اصطلاحا: سلسلة الرجال الموصلة للمتن.
9- المتن:
أ) لغة: ما صلب وارتفع من الأرض.
ب) اصطلاحاً: ما ينتهي إليه السند من الكلام.
10- المٌسْنَد: ( بفتح النون )
أ) لغة: اسم مفعول من أسند الشيء إليه بمعنى عزاه ونسبه له.
ب) اصطلاحاً: له ثلاثة معان.
1) كل كتاب جمعَ فيه مرويات كل صحابي على حِدَة .
2) الحديث المرفوع المتصل سنداً .
3) إن يٌراد به " السند " فيكون بهذا المعنى مصدراً ميمياً.
11- المٌسْنِد : ( بكسر النون )
هو من يروي الحديث بسنده . سواء أكان عنده علم به. أم ليس له إلا مجرد الرواية
12- المٌحدث:
هو من يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية . ويطلع على كثير من الروايات وأحوال رواتها.
13- الحافظ : فيه قولان :
أ) مرادف للمحدث عند كثير من المحدثين.
ب) وقيل هو أرفع درجة من المحدث . بحيث يكون ما يعرفه في كل طبقة أكثر مما يجهله.
14- الحاكم:
هو من أحاط علماً بجميع الأحاديث حتى لا يفوته منها إلا اليسير على رأي بعض أهل العلم.
البـــــاب الأول
الخــــبر
- الفصل الأول : تقسيم الخبر باعتبار وصوله إلينا .
- الفصل الثاني : الخبر المقبول
- الفصل الثالث : الخبر المردود .
- الفصل الرابع : الخبر المشترك بين المقبول والمردود .
الفصل الأول
- تقسيم الخبر باعتبار وصوله إلينا
ينقسم الخبر باعتبار وصوله إلينا إلى قسمين:
1- فان كان له طرق بلا حَصْرِ عدد معين فهو المتواتر .
2- وإن كان له طرق محصورة بعدد معين فهو الآحاد.
ولكل منهما أقسام وتفاصيل ، سأذكرها وأبسطها إن شاء الله تعالى وأبدا ببحث المتواتر.
المْبحَثٌ الأول
الخبر المتواتر
1- تعريفه :
أ) لغة: هو اسم فاعل مشتق من المتواتر أي التتابع، تقول تواتر المطر أي تتابع نزوله.
ب) اصطلاحا: ما رواه عدد كثير تٌحيل العادة تواطؤهم على الكذب.
ومعنى التعريف: أي هو الحديث أو الخبر الذي يرويه في كل طبقة من طبقات سنده رواة كثيرون يحكم العقل عادة باستحالة أن يكون أولئك الرواة قد اتفقوا على اختلاق هذا الخبر.
2- شروطه:
يتبين من شرح التعريف أن التواتر لا يتحقق في الخبر إلا بشروط أربعة وهي:
أ) أن يرويه عدد كثير . وقد اختلف في أقل الكثرة على أقوال المختار أنه عشرة أشخاص
ب) أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند.
ت) أن تٌحيل العادة تواطؤهم على الكذب .
ث) أن يكون مٌسْتَنَد خبرهم الحس .
كقولهم سمعنا أو رأينا أو لمسنا أو ..... أما إن كان مستند خبرهم العقل. كالقول بحدوث العالم مثلا . فلا يسمي الخبر حينئذ متواتراً .
3- حٌكمه :
المتواتر يفيد العلم الضروري، أي اليقيني الذي يضطر الإنسان إلى التصديق به تصديقاً جازماً كمن يشاهد الأمر بنفسه كيف لا يتردد في تصديقه، فكذلك الخبر المتواتر. لذلك كان المتواتر كله مقبولا ولا حاجة إلى البحث عن أحوال رواته.
3- أقسامه:
ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين هما، لفظي ومعنوي.
أ) المتواتر اللفظي: هو ما تواتر لفظه ومعناه. مثل حديث " من كذب علىَّ معتمداً فليتبوأ مقعده من النار " رواه بضعة وسبعون صحابياً .
ب) المتواتر المعنوي: هو ما تواتر معناه دون لفظة.
مثل : أحاديث رفع اليدين في الدعاء . فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث. كل حديث منها فيه أنه رفع يديه في الدعاء .لكنها في قضايا مختلفة فكل قضية منها لم تتواتر، والقَدر المشترك بينها ـ وهو الرفع عند الدعاء ـ تواتر باعتبار مجموع الطرق.
5) وجوده :
يوجد عدد لا بأس به من الأحاديث المتواترة ، منها حديث الحوض ، وحديث المسح على الخفين ، وحديث رفع اليدين في الصلاة وحديث نضر الله أمراً، وغيرها كثير ، لكن لو نظرنا إلى عدد أحاديث الآحاد لوجدتا أن الأحاديث المتواترة قليلة جداً النسبة لها .
6) أشهر المصنفات فيه :
لقد اعتني العلماء بجمع الأحاديث المتواترة وجعلها في مصنف مستقل ليسهل على الطالب الرجوع إليها. فمن تلك المصنفات:
أ) الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة : للسيوطي . وهو مرتب على الأبواب.
ب) قطف الأزهار للسيوطي أيضاً . وهو تلخيص للكتاب السابق .
ت) نظم المتناثر من الحديث المتواتر : لمحمد بن جعفر الكتاني .
المبحث الثاني
خبر الآحاد
1) تعريفه:
أ) لغة: الآحاد جمع أحد بمعني الواحد، وخبر الواحد هو ما يرويه شخص واحد.
ب) اصطلاحاً: هو ما لم يجمع شروط المتواتر
2) حكمه :
يفيد العلم النظري ، أي العلم المتوقف على النظر والاستدلال .
3) أقسامه بالنسبة إلى عدد طرقه :
يقسم خبر الآحاد بالنسبة إلى عدد طرقه إلى ثلاثة أقسام.
أ- مشهور.
ب- عزيز.
ت- غريب.
وسأتكلم على كل منها ببحث مستقل .
المَشهور
1- تعريفه:
أ) لغة : هو اسم مفعول من " شَهَرْتٌ الأمر " إذا أعلنته وأظهرته وسمى بذلك لظهوره .
ب) اصطلاحاً: ما رواه ثلاثة ـ فأكثر في كل طبقة ـ ما لم يبلغ حد التواتر.
2- مثاله:
حديث: " أن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه ..... "
3- المٌسْتَفِيض:
أ) لغة: اسم فاعل من " استفاض " مشتق من فاض الماء وسمى بذلك لانتشاره.
ب) اصطلاحاً : اختلف في تعريفه على ثلاثة أقوال وهي :
1- هو مرادف للمشهور .
2- هو أخص منه ، لأنه يشترط في المستفيض أن يستوي طرفا إسناده ، ولا يشترط ذلك في المشهور .
3- هو أعم منه أي عكس القول الثاني .
4- المشهور غير الاصطلاحي:
ويقصد به ما اشتهر على الألسنة من غير شروط تعتبر، فيشمل:
أ- ما له إسناد واحد .
ب- وما له أكثر من إسناد .
ت- وما لا يوجد له إسناد أصلا .
5) أنواع المشهور غير الاصطلاحي:
له أنواع كثيرة أشهرها :
أ- مشهور بين أهل الحديث خاصة : ومثاله حديث أنس " أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قنت شهراً بعد الركوع يدعو على رِعْلٍ وذَكْوان "
ب- مشهور بين أهل الحديث والعلماء والعوام: مثاله " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "
ت- مشهور بين الفقهاء: مثاله حديث " أبغض الحلال إلى الله الطلاق "
ث- مشهور بين الأصوليين: مثاله حديث " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " صححه ابن حبان والحاكم .
ج- مشهور بين النحاة : مثاله حديث " نِعْمَ العبدٌ صٌهَيْبُ لو لم يَخَفِ الله لم يَعْصِهِ " لا أصل له .
ح- مشهور بين العامة : مثاله حديث " العجلة من الشيطان" أخرجه الترمذي وحسنه .
6- حكم المشهور :
المشهور الاصطلاحي وغير الاصطلاحي لا يوصف بكونه صحيحاً أو غير صحيح ، بل منه الصحيح ومنه الحسن والضعيف بل والموضوع ، لكن إن صح المشهور الاصطلاحي فتكون له ميزة ترجحه على العزيز والغريب .
7- أشهر المصنفات فيه :
المراد بالمصنفات في الأحاديث المشهورة هو الأحاديث المشهورة على الألسنة وليس المشهورة اصطلاحاً ، ومن هذه المصنفات .
أ- المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة للسخاوي .
ب- كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الحديث على السنة الناس للعجلوني .
جـ- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث لابن الديبغ الشيباني .
العَـــزيز
1- تعريفه:
أ- لغة: هو صفة مشبهة من " عَزَّ يَعِزّ" بالكسر أي قَلَّ و نَدَرَ، أو من "عَزَّ يَعّزُّ" بالفتح، أي قوي واشتد، وسمي بذلك أما لقلة وجوده وندرته. وأما لقوته بمجيئه من طريق آخر.
ب- اصطلاحاً: أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند.
2- شرح التعريف :
يعني أن لا يوجد في طبقة من طبقات السند أقلٌّ من اثنين أما إن وجد في بعض طبقات السند ثلاثة فأكثر فلا يضر ، بشرط أن تبقي ولو طبقة واحدة فيها اثنان ، لأن العبرة لأقل طبقة من طبقات السند .
هذا التعريف هو الراجح كما حرره الحافظ ابن حجر وقال بعض العلماء: إن العزيز هو رواية اثنين أو ثلاثة، فلم يفصلوه عن المشهور في بعض صوره.
3- مثاله:
ما رواه الشيخان من حديث أنس ، والبخاري من حديث أبي هريرة أن رسول صلي الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين"
ورواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ، ورواه عن قتادة شعبة وسعيد ورواه عن عبدالعزيز إسماعيل بن عٌلَيَّه وعبدالوارث ، ورواه عن كل جماعة .
4- أشهر المصنفات فيه :
لم يصنف العلماء مصنفات خاصة للحديث العزيز، والظاهر أن ذلك لقلته ولعدم حصول فائدة مهمة من تلك المصنفات.
الغــــريب
1- تعريفه:
أ) لغة: هو صفة مشبهة، بمعنى المنفرد، أو البعيد عن أقاربه.
ب) اصطلاحاً: هو ما ينفرد بروايته راوٍ واحد.
2- شرح التعريف :
أي هو الحديث الذي يستقل بروايته شخص واحد، إما في كل طبقة من طبقات السند. أو في بعض طبقات السند ولو في طبقة واحدة، ولا تضر الزيادة عن واحد في باقي طبقات السند، لأن العبرة للأقل.
3- تسمية ثانية له :
يطلق كثير من العلماء على الغريب اسماً آخر هو " الفَرْد " على أنهما مترادفان ، وغايَرَ بعض العلماء بينهما ، فجعل كلا منهما نوعا مستقلا ، لكن الحافظ ابن حجر يعتبرهما مترادفين لغة واصطلاحاً ، إلا أنه قال : إن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته ، فـ " الفرد " أكثر ما يطلقونه على "الفَرْد المٌطْلَق" و"الغريب " أكثر ما يطلقونه على " الفرْد النَّسْبي "
4- أقسامه:
يقسم الغريب بالنسبة لموضع التفرد فيه إلى قسمين هما " غريب مٌطْلق " وغريب نسبى "
أ- الغريب المطلق: أو الفرد المطلق.
1) تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أصل سنده، أي ما ينفرد بروايته شخص واحد في أصل سنده.
2) مثاله : حديث " إنما الأعمال بالنيات " تفرد به عمر بن الخطاب رضي الله عنه : هذا وقد يستمر التفرد إلى آخر السند وقد يرويه عن ذلك المتفرد عدد من الرواة
ب- الغريب النسبي: أو الفرد النسبي.
1) تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أثناء سنده أي أن يرويه أكثر من راو في أصل سنده ثم ينفرد بروايته راو واحد عن أولئك الرواة.
2) مثاله : حديث " مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المِغْفَر "2 . تفرد به مالك عن الزهري .
3- سبب التسمية: وسمى هذا القسم بـ " الغريب النسبي" لأن التفرد وقع فيه بالنسبة إلى شخص معين .
5- من أنواع الغريب النَّسْبي :
هناك أنواع من الغرابة أو التفرد يمكن اعتبارها من الغريب النسبي ، لأن الغرابة فيها ليست مطلقة وإنما حصلت الغرابة فيها بالنسبة إلى شيء معين ، وهذه الأنواع هي :
أ- تفرد ثقة برواية الحديث : كقولهم : لم يروه ثقة إلا فلان .
ب- تفرد راو معين عن راو معين: كقولهم: " تفرد به فلان عن فلان " وإن كان مروياً من وجوه أخرى عن غيره.
جـ- تفرد أهل بلد أو أهل جهة: كقولهم " تفرد به أهل مكة أو أهل الشام"
د- تفرد أهل بلد أو جهة عن أهل بلد أو جهة أخرى: كقولهم: " تفرد به أهل البصرة عن أهل المدينة، أو تفرد به أهل الشام عن أهل الحجاز"3
6- تقسيم آخر له :
قسم العلماء الغريب من حيث غرابة السند أو المتن إلى:
أ) غريب متناً وإسنادا : وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد .
ب) غريب إسنادا لا متناً : كحديث روى مَتْنَه جماعة من الصحابة ، انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر . وفيه يقول الترمذي : " غريب من هذا الوجه " .
7- من مظان الغريب :
أي مكان وجود أمثلة كثيرة له.
أ- مٌسْنَد البَزَّار .
ب- المٌعْجَم الأوسط للطبراني .
8- أشهر المصنفات فيه :
أ) غرائب مالك للدارقطني .
ب) الأفرْاد للدارقطني أيضا .
ج) السنن التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة لأبي داود السجستاني .
ـ تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى قوته وضعفه -
ينقسم خبر الآحاد ـ من مشهور وعزيز وغريب ـ بالنسبة إلى قوته وضعفه إلى قسمين وهما:
أ- مقبول: وهو ما تَرَجَّح صِدْقٌ المٌخْبِرِ به، وحكمه: وجوب الاحتجاج والعمل به
ب- مردود : وهو ما لم يَتَرَجَّح صِدق المٌخْبِرِ به ، وحكمه : أنه لا يحتج به ولا يجب العمل به ، ولكل من المقبول والمردود أقسام وتفاصيل سأذكرها في فصلين مستقلين إن شاء الله تعالى
الفصل الثاني
" الخبر المقبول "
- المبحث الأول: أقسام المقبول.
- المبحث الثاني: تقسيم المقبول إلى معمول به وغير معمول به.
المبحث الأول
" أقسام المقبول "
يقسم المقبول بالنسبة إلى تفاوت مراتبه إلى قسمين رئيسيين هما: صحيح وحسن. وكلُ منهما يقسم إلى قسمين هما ، لذاته ولغيره ، فَتئٌوْل أقسام المقبول في النهاية إلى أربعة أقسام هي :
1- صحيح لذاته .
2- حسن لذاته .
3- صحيح لغيره.
4- حسن لغيره .
وإليك بحث هذه الأقسام تفصيلا
الصَّحيح
1- تعريفه:
أ) لغة: الصحيح ضد السقيم، وهو حقيقة في الأجسام مجاز في الحديث وسائر المعاني.
ب) اصطلاحاً:ما اتصل سنده بنقل العَدْل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا عِلَّة.
2- شرح التعريف :
اشتمل التعريف السابق على أمور يجب توفرها حتى يكون الحديث صحيحاً،وهذه الأمور هي:
أ) اتصال السند: ومعناه أن كل راو من رواته قد أخذه مباشرة عمن فوقه من أول السند إلى منتهاه.
ب) عدالة الرواة: أي أن كل راو من رواته اتصف بكونه مسلماً بالغاً عاقلاً غير فاسق وغير مخروم المروءة.
ت) ضبط الرواة : أي أن كل راو من رواته كان تام الضبط ، أما ضبط صدر أو ضبط كتاب .
ث) عدم الشذوذ: أي أن لا يكون الحديث شاذاً،والشذوذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه.
ج) عدم العلة: أي أن لا يكون الحديث معلولا، والعلة سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث، مع أن الظاهر السلامة منه.
3- شروطه:
يتبين من شرح التعريف أن شروط الصحيح التي يجب توفرها حتى يكون الحديث صحيحاً خمسة وهي: { اتصال السند ـ عدالة الرواة ـ ضبط الرواة ـ عدم العلة ـ عدم الشذوذ }
فإذا اختل شرط واحد من هذه الشروط الخمسة فلا يسمي الحديث حينئذ صحيحاً .
4- مثاله:
ما أخرجه البخاري في صحيحه قال : " حدثنا عبدالله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور " فهذا الحديث صحيح لأن .
أ) سنده متصل : إذ أن كل راو من رواته سمعه من شيخه . وأما عنعنة مالك وابن شهاب وابن جبير فمحمولة على الاتصال لأنهم غير مٌدَلِّسِيْنَ .
ب) ولأن رواته عدول ضابطون : وهذا أوصافهم عند علماء الجرح والتعديل .
1- عبدالله بن يوسف : ثقة متقن
2- مالك بن أنس: إمام حافظ.
3- ابن شهاب الزهري : فقيه حافظ مٌتَّفق على جلالته وإتقانه .
4- محمد بن جبير : ثقة .
5- جٌبَير بن مٌطْعِم : صحابي
د) ولأنه غير شاذ : إذ لم يعارضه ما هو أقوى منه .
هـ) ولأنه ليس فيه علة من العلل .
5- حكمه :
وجوب : العمل به بإجماع أهل الحديث ومن يٌعْتَدَّ به من الأصوليين والفقهاء ، فهو حجة من حجج الشرع ، لا يَسَعٌ المسلم تركٌ العمل به .
6- المراد بقولهم: " هذا حديث صحيح " أو هذا حديث غير صحيح ":
أ) المراد بقولهم: " هذا حديث صحيح " أن الشروط الخمسة السابقة قد تحققت فيه، لا أنه مقطوع بصحته . في نفس الأمر ، لجواز الخطأ والنسيان على الثقة .
ب) والمراد بقولهم: " هذا حديث غير صحيح " أنه لم تتحقق فيه شروط الصحة الخمسة السابقة كلها أو بعضها لا أنه كذب في نفس الأمر. لجواز إصابة من هو كثير الخطأ
7- هل يٌجْزَمٌ في إسناد أنه أصح الأسانيد مطلقاً ؟
المختار أنه لا يجزم في إسناد أنه أصح الأسانيد مطلقاً، لأن تفاوت مراتب الصحة مبني على تمكن الإسناد من شروط الصحة. ويندر تحقق أعلى الدرجات في جميع شروط الصحة . فالأولي الإمساك عن الحكم لإسناد بأنه أصح الأسانيد مطلقاً، ومع ذلك فقد نقل عن بعض الأئمة القول في أصح الأسانيد، والظاهر أن كل إمام رَجَّح ما قَويَ عنده ، فمن تلك الأقوال أن أصحها :
أ) الزٌّهري عن سالم عن أبيه روي ذلك عن اسحق بن راهويه وأحمد .
ب) ابن سيرين عن عَبِيْدة عن علي روي ذلك عن ابن المديني والفلاس .
ت) الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله روي ذلك عن ابن مَعين .
ث) الزهري عن على بن الحسين عن أبيه عن على روي ذلك عن أبي بكر بن أبي شيبة .
ج) مالك عن نافع عن ابن عمر روي ذلك عن البخاري.
8- ما هو أول مٌصَنَّف في الصحيح المٌجَرَّدِ ؟
أول مصنف في الصحيح المجرد صحيح البخاري . ثم صحيح مسلم . وهما أصح الكتب بعد القرآن ، وقد أجمعت الأمة على تلقي كتابيهما بالقَبول .
أ) أيهما أصح: والبخاري أصحهما، وأكثرهما فوائد وذلك لأن أحاديث البخاري أشد اتصالا وأوثق رجالا، ولأن فيه من الاستنباطات الفقهية والنكت الحكيمة ما ليس في صحيح مسلم.
هذا وكون صحيح البخاري أصح من صحيح مسلم إنما هو باعتبار المجموع وإلا فقد يوجد بعض الأحاديث في مسلم أقوى من بعض الأحاديث في البخاري .
وقيل : إن صحيح مسلم أصح ، والصواب هو القول الأول .
ب) هل استوعبا الصحيح أو التزماه ؟ لم يستوعب البخاري ومسلم الصحيح في صحيحيهما ، ولا التزماه ، فقد قال البخاري : " ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول " وقال مسلم " ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا ، إنما وضعت ما أجمعوا عليه "
ت) هل فاتهما شيء كثير أو قليل من الصحيح ؟
1) قال الحافظ ابن الأخرم : لم يَفٌتْهما إلا القليل وأُنْكٍرَ هذا عليه .
2) والصحيح أنه فاتهما شيء كثير، فقد نقل عن البخاري أنه قال " وما تركت من الصحاح أكثر " وقال " أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح.
د) كم عِدَّة الأحاديث في كل منهما ؟
1- البخاري: جملة ما فيه سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثاً بالمكررة، وبحذف المكررة أربعة آلاف.
2- مسلم: جملة ما فيه اثنا عشر ألفاً بالمكررة وبحذف المكررة نحو أربعة آلاف.
هـ) أين نجد بقية الأحاديث الصحيحة التي فاتت البخاري ومسلماً ؟
نجدها في الكتب المعتمدة المشهورة كصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم والسنن الأربعة وسنن الدارقطني والبيهقي وغيرها .
ولا يكفي وجود الحديث في هذه الكتب ، بل لا بد من التنصيص على صحته ، إلا في كتاب من شَرَطَ الاقتصار على إخراج الصحيح ، كصحيح ابن خزيمة .
9- الكلام على مٌسْتَدْرَك الحاكم وصحيح ابن خٌزَيْمَةَ وصحيح ابن حِبّان :
أ) مستدرك الحاكم : هو كتاب ضخم من كتب الحديث ، ذكر مؤلفه فيه الأحاديث الصحيحة التي على شرط واحد الأحاديث الصحيحة عنده وان لم تكن على شرط واحد منهما ، مٌعَبِّراً عنها بأنها صحيحة الإسناد ، وربما ذكر بعض الأحاديث التي لم تصح ، لكنه نبه عليها ، وهو متساهل في التصحيح ، فينبغي أن يٌتَتَبَّع ويٌحْكَمَ على أحاديثه بما يليق بحالها ، ولقد تتبعه الذهبي وحكم على أكثر أحاديثه بما يليق بحالها ، ولا يزال الكتاب بحاجة إلى تتبع وعناية .
ب) صحيح ابن حبان : هذا الكتاب ترتيبه مٌخْتَرَع ، فليس مرتباً على الأبواب ولا على المسانيد ، ولهذا أسماء " التقاسيم والأنواع " والكشف على الحديث من كتابه هذا عَسِر جداً ، وقد رتبه بعض المتأخرين على الأبواب ، ومصنفه متساهل في الحكم على الحديث بالصحة لكنه أقل تساهلا من الحاكم .
ج) صحيح ابن خزيمة : هو أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه حتى أنه يتوقف في التصحيح لأدني كلام في الإسناد
10- المٌسْتَخْرَجَات على الصحيحين :
أ) موضوع المستخرج :
هو أن يأتي المصنِّف إلى كتاب من كتب الحديث ، فيخرِّج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب ، فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه .
ب) أشهر المستخرجات على الصحيحين:
1- المستخرج لأبي بكر الاسماعيلي على البخاري .
2- المستخرج لأبي عوانة الاسفراييني على مسلم .
3- المستخرج لأبي نعيم الأصبهاني على كل منهما .
ج) هل التزم أصحاب المستخرجات فيها موافقة الصحيحين في الألفاظ ؟
لم يلتزم مصنفوها موافقتهما في الألفاظ ، لأنهم إنما يروون الألفاظ التي وصلتهم من طريق شيوخهم لذلك فقد حصل فيها تفاوت قليل في بعض الألفاظ .
وكذلك ما أخرجه المؤلفون القدامى في تصانيفهم المستقلة كالبيهقي والبغوي وشبههما قائلين : " رواه البخاري " أو " رواه مسلم " فقد وقع في بعضه تفاوت في المعني وفي الألفاظ ، فمرادهم من قولهم " رواه البخاري ومسلم " أنهما رويا أصله .
د) هل يجوز أن ننقل منها حديثاً ونعزوه إليهما ؟ بناء على ما تقدم فلا يجوز لشخص أن ينقل من المستخرجات أو الكتب المذكورة آنفاً حديثاً ويقول رواه البخاري أو مسلم إلا بأحد أمرين :
1- أن يقابِل الحديث بروايتهما .
2- أو يقول صاحب المستخرَج أو المصنِّف " أخرجاه بلفظه" .
هـ) فوائد المستخرجات على الصحيحين :
للمستخرجات على الصحيحين فوائد كثيرة تقارب العشرة ، ذكرها السيوطي في تدريبه وإليك أهمها :
1- علو الإسناد: لأن مصنف المستخرج لو روي حديثاً من طريق البخاري مثلا لوقع أنزل من الطريق الذي رواه به في المستخرج.
2- الزيادة في قدر الصحيح : لما يقع من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث.
3- القوة بكثرة الطرق : وفائدتها الترجيح عند المعارضة .
11- ما هو المحكوم بصحته مما رواه الشيخان ؟
مر بنا أن البخاري ومسلماً لم يُدْخِلا في صحيحيهما إلا ما صح وأن الأمة تلقت كتابيهما بالقبول . فما هي الأحاديث المحكوم بصحتها والتي تلقتها الأمة بالقبول يا تري ؟
والجواب هو : أن ما روياه بالإسناد المتصل فهو المحكوم بصحته . وأما ما حذف من مبدأ إسناده راو أو أكثر ـ ويسمي المٌعَلَّق وهو في البخاري كثير ، لكنه في تراجم الأبواب ومقدمتها ، ولا يوجد شيء منه في صلب الأبواب البته ، أما في مسلم فليس فيه من ذلك إلا حديث واحد في باب التيمم لم يصله في موضع آخر ـ فحكمه كما يلي :
أ) فما كان منه بصيغة الجزم: كقال وأمر وذكر، فهو حكم بصحته عن المضاف إليه.
ب) وما لم يكن فيه جزم : كيروى ويذكر ويحكي ، وروي وذكر فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه ، ومع ذلك فليس فيه حديث واه لإدخاله في الكتاب المسمي بالصحيح .
12- مراتب الصحيح:
مر بنا أن بعض العلماء ذكروا أصح الأسانيد عندهم ، فبناء على ذلك وعلى تمكن باقي شروط الصحة يمكن أن يقال أن للحديث الصحيح مراتب .
أ) فأعلي مراتبه ما كان مروياً بإسناد من أصح الأسانيد ، كمالك عن نافع عن ابن عمر.
ب) ودون ذلك رتبة ما كان مروياً من طريق رجال هم أدني من رجال الإسناد الأول ، كراوية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة .
ث) ودون ذلك رتبة ما كان من رواية من تحققت فيهم أدني ما يصدق عليهم وصف الثقة، كرواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة .
ويلتحق بهذه التفاصيل تقسيم الحديث الصحيح إلى سبع مراتب وهي:
1- ما اتفق عليه البخاري ومسلم ( وهو أعلى المراتب ).
2- ثم ما انفرد به البخاري.
3- ثم ما انفرد به مسلم.
4- ثم ما كان على شرطهما ولم يخرجاه .
5- ثم ما كان على شرط البخاري ولم يخرجه .
6- ثم ما كان على شرط مسلم ولم يخرجه
7- ثم ما صح عند غيرهما من الأئمة كابن خزيمة وابن حبان مما لا يكن على شرطهما .
13- شرط الشيخين:
لم يٌفصح الشيخان عن شرط شرطاه أو عيناه زيادة على الشروط المتفق عليها في الصحيح، لكن الباحثين من العلماء ظهر لهم من التتبع والاستقراء لأساليبهما ما ظنه كل منهم أنه شرطهما أو شرط واحد منهما.
وأحسن ما قيل في ذلك أن المراد بشرط الشيخين أو أحدهما أن يكون الحديث مروياً من طريق رجال الكتابين أو أحدهما مع مراعاة الكيفية التي التزمها الشيخان في الرواية عنهم .
14- معنى قولهم: " مٌتَّفَقُ عليه ":
إذا قال علماء الحديث عن حديث " متفق عليه " فمرادهم اتفاق الشيخين ، أي اتفاق الشيخين على صحته ، لا اتفاق الأمة إلا أن ابن الصلاح قال : " لكن اتفاق الأمة عليه لازِمُ من ذلك وحاصل معه ، لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول
15- هل يشترط في الصحيح أن يكون عزيزاً ؟ :
الصحيح أنه لا يشترط في الصحيح أن يكون عزيزاً ، بمعنى أن يكون له إسنادان ، لأنه يوجد في الصحيحين وغيرهما أحاديث صحيحة وهي غريبة ،وزعم بعض العلماء ذلك كأبي على الجٌبَّائي المعتزلي والحاكم ، وقولهم هذا خلاف ما اتفقت عليه الأمة .
الحَسَن
1- تعريفه:
أ) لغة: هو صفة مشبهة من " الحٌسْن " بمعنى الجَمال.
ب) اصطلاحاً: اختلفت أقوال العلماء في تعريف الحسن نظراً لأنه متوسط بين الصحيح والضعيف، ولأن بعضهم عرَّف أحد قسميه، وسأذكر بعض تلك التعريفات ثم اختار ما أراه أوفق من غيره.
1- تعريف الخطابي: هو ما عٌرِفَ مَخْرَجٌهٌ، واشتهر رجاله، وعليه مَدَار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء
2- تعريف الترمذي : كل حديث يٌرْوَى ، لا يكون في إسناده من يٌتَّهَمٌ بالكذب ، ولا يكون الحديث شاذا ، ويٌرْوَى من غير وجه نحو ذلك ، فهو عندنا حديث حسن
3- تعريف ابن حَجَر : قال " وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ هو الصحيح لذاته ، فان خَف الضبط ، فالحَسَنٌ لذاته
قلت : فكأن الحَسَنَ عند ابن حجر هو الصحيح إذا خَفََّ ضبط روايه ، أي قَلَّ ضبطه ، وهو خير ما عرف به الحسن ، أما تعريف الخطابي فعليه انتقادات كثيرة ، والأصل في تعريفه أن يٌعَرََّف الحسن لذاته ، لأن الحسن لغيره ضعيف في الأصل ارتقى إلى مرتبة الحسن لانجباره بتعدد طرقه .
4- تعريفه المٌخْتَار: ويمكن أن يٌعَرَّفَ الحسنٌ بناء على ما عَرَّفه به ابن حجر بما يلي: " هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خَفَّ ضبطه عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة ".
2) حكمه :
هو كالصحيح في الاحتجاج به ، وان كان دونه في القوة لذلك احتج به جميع الفقهاء ، وعملوا به ، وعلى الاحتجاج به معظم المحدثين والأصوليين إلا من شذ من المتشددين " وقد أدرجه بعض المتساهلين في نوع الصحيح كالحاكم وابن حبان وابن خزيمة ، مع قولهم بأنه دون الصحيح المٌبَيَّنِ أولا
3) مثاله:
ما أخرجه الترمذي قال : " حدثنا قتيبة حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن أبي موسي الأشعري قال : سمعت أبي بحضرة العدو يقول : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف ..... الحديث ، فهذا الحديث قال عنه الترمذي : " هذا حديث حسن غريب " .
وكان هذا الحديث حسناً لأن رجال إسناده الأربعة ثقات إلا جعفر بن سليمان الضبعي فإنه حسن الحديث لذلك نزل الحديث عن مرتبة الصحيح إلى الحسن .
4- مراتبه:
كما أن للصحيح مراتب يتفاوت بها بعض الصحيح عن بعض، كذلك فان للحسن مراتب، وقد جعلها الذهبي مرتبتين فقال:
أ) فأعلى مراتبه : بَهْزٌ بن حكيم عن أبيه عن جده ، وعمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده ، وابن اسحق عن التيمي ، وأمثال ذلك مما قيل أنه صحيح ، وهو من أدني مراتب الصحيح .
ب) ثم بعد ذلك ما اختلف في تحسينه وتضعيفه : كحديث الحارث بن عبدالله ، وعاصم بن ضَمْرَة ، وحجاج ابن أرطاة ونحوهم .
5- مرتبة قولهم: " حديث صحيح الإسناد " أو " حسن الإسناد ":
أ) قول المحدثين : " هذا حديث صحيح الإسناد " دون قولهم : " هذا حديث صحيح "
ب) وكذلك قولهم: " هذا حديث حسن الإسناد " دون قولهم: " هذا حديث حسن ". لأنه قد يصح أو يحسن الإسناد .دون المتن لشذوذ أو علة . فكأن المحدث إذا قال : " هذا حديث صحيح " قد تكفل لنا بتوفر شروط الصحة الخمسة في هذا الحديث أما إذا قال : " هذا حديث صحيح الإسناد " فقد تكفل لنا بتوفر شروط ثلاثة من شروط الصحة وهي : اتصال الإسناد ، وعدالة الرواة وضبطهم ، أما نفي الشذوذ ونفى العلة عنه فلم يتكفل بهما لأنه لم يتثبت منهما.
لكن لو اقتصر حافظ مٌعْتَمَد على قوله: " هذا حديث صحيح الإسناد " ولم يٌذْكَرْ له علة، فالظاهر صحة المتن، لأن الأصل عدم العلة وعدم الشذوذ.
6_ معنى قول الترمذي وغيره " حديث حسن صحيح " .
إن ظاهر هذه العبارة مٌشْكِل ، لأن الحسن يتقاصر عن درجة الصحيح ، فكيف يٌجْمَعٌ بينهما مع تفاوت مرتبتهما ؟ ولقد أجاب العلماء عن مقصود الترمذي من هذه العبارة بأجوبة متعددة أحسنها ما قاله الحافظ ابن حجر ، وارتضاه السيوطي . وملخصه ما يلي :
أ) إن كان للحديث اسنادان فأكثر فالمعني " حسن باعتبار اسناد ، صحيح باعتبار اسناد آخر " .
ب) وان كان له اسناد واحد فالمعني " حسن عند قوم ، صحيح عند قوم آخرين " .
فكأن القائل يشير إلى الخلاف بين العلماء في الحكم على هذا الحديث، أو لم يترجح لديه الحكم بأحدهما.
7- تقسم البَغَوي أحاديث المصابيح :
دَرَجَ الإمام البغوي في كتابه "المصابيح" على اصطلاح خاص له، وهو أنه يرمز إلى الأحاديث التي في الصحيحين أو أحدهما بقوله:" صحيح" وإلى الأحاديث التي في السنن الأربعة بقوله"حسن" وهو اصطلاح لا يستقيم مع الاصطلاح العام لدى المحدثين، لأن في السنن الأربعة الصحيح والحسن والضعيف والمنكر، لذلك نبه ابن الصلاح والنووي على ذلك، فينبغي على القارئ في كتاب " المصابيح" أن يكون على علم من اصطلاح البغوي الخاص في هذا الكتاب عند قوله عن الأحاديث:"صحيح" أو "حسن".
8- الكتب التي من مظنات2 الحسن:
لم يفرد العلماء كتباً خاصة بالحديث الحسن المٌجَرَّد كما افردوا الصحيح المجرد في كتب مستقلة لكن هناك كتباً يكثر فيها وجود الحديث الحسن. فمن أشهر هذه الكتب :
أ) جامع الترمذي : المشهور بـ " سنن الترمذي " فهو أصل في معرفة الحسن ، والترمذي هو الذي شهره في هذا الكتاب وأكثر من ذكره .
لكن ينبغي التنبه إلى أن نٌسَخَهٌ تختلف في قوله " حسن صحيح " ونحوه، فعلى طالب الحديث العناية باختيار النسخة المحققة والمقابلة على أصول معتمدة.
ب) سنن أبي داود : فقد ذكر في رسالته إلى أهل مكة : أنه يذكر فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه ، وما كان فيه وَهَنُ شديد بَيَّنّهٌ، وما لم يذكر فيه شيئاً فهو صالح. فبناء على ذلك، إذا وجدنا فيه حديثاً لم يبين هو ضعفه ، ولم يصححه أحد من الأئمة المعتمدين فهو حسن عند أبي داود .
ت) سنن الدار قطني : فقد نص الدارقطني على كثير منه في هذا الكتاب .
الصحيح لغيره
1- تعريفه:
هو الحسن لذاته إذا رٌويَ من طريق آخر مِثْلٌهٌ أو أقوى منه . وسٌمى صحيحاً لغيره لأن الصحة لم تأت من ذات السند ، وإنما جاءت من انضمام غيره له .
2- مرتبته:
هو أعلي مرتبة من الحسن لذاته ، ودون الصحيح لذاته .
3- مثاله:
حديث " محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة "
قال ابن الصلاح : " فمحمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة ، لكنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه ، ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته ، فحديثه من هذه الجهة حسن ، فلما انضم إلى ذلك كونه رٌويَ من أَوْجٌهِ أٌخََرَ زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهة سوء حفظه ، وانجبر به ذلك النقص اليسير، فصح هذا الإسناد ، والتحق بدرجة الصحيح
الحَسَن لِغَيْره
1- تعريفه:
هو الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سببُ ضعفه فِسْقَ الراوي أو كَذِبَهٌ.
يستفاد من هذا التعريف أن الضعيف يرتقى إلى درجة الحسن لغيره بأمرين هما:
أ) أن يٌرْوَيٍِ من طريق آخر فأكثر ، على أن يكون الطريقٌ الآخر مثله أو أقوى منه
ب) أن يكون سببٌ ضعف الحديث إما سوء حفظ راويه أو انقطاع في سنده أو جهالة في رجاله .
2- مرتبته:
الحسن لغيره أدني مرتبة من الحسن لذاته .
وينبني على ذلك أنه لو تعارض الحسن لذاته مع الحسن لغيره قٌدَّمَ الحسنٌ لذاته .
3- حكمه:
هو من المقبول الذي يٌحْتَجٌّ به .
4- مثاله:
" ما رواه الترمذي وحَسَّنَه من طريق شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن عبدالله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فَزَارَةَ تزوجت على نَعْلَيْنِ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " أرضيتِ من نَفْسِكِ ومالِكِ بنعلينِ ؟ قالت : نعم ، فأجاز "
قال الترمذي : " وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وعائشة وأبي حَدْرَدٍ "
فعاصم ضعيف لسوء حفظه ، وقد حسن له الترمذي هذا الحديث لمجيئه من غير وجه "
خَبَر الآحاد المَقبٌول المٌتَحفٌ بالقَرائِن
1- توطئة:
وفي ختام أقسام المقبول أبحث المقبول المحتف بالقرائن ، والمراد بالمحتف بالقرائن أي الذي أحاط واقترن به من الأمور الزائدة على ما يتطلبه المقبول من الشروط .
وهذه الأمور الزائدة التي تقترن بالخبر المقبول تزيده قوة وتجعل له ميزة على غيره من الأخبار المقبولة الأخرى الخالية عن تلك الأمور الزائدة وترجحه عليه.
2- أنواعه:
الخبر المحتف بالقرائن أنواع ، أشهرها :
أ) ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما مما لم يبلغ حد المتواتر فقد احتف به قرائن منها :
1- جلالتهما في هذا الشأن .
2- تقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما .
3- تلقى العلماء لكتابيهما بالقبول، وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر ؟
ب) المشهور إذا كانت له طرق متباينة سالمة كلها من ضعف الرواة والعلل .
ت) الخبر المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين حيث لا يكون غريبا:
كالحديث الذي يرويه الإمام احمد عن الإمام الشافعي ويرويه الشافعي عن الإمام مالك ويشارك الإمام أحمد غيره في الرواية عن الإمام الشافعي، ويشارك الإمام الشافعي كذلك غيره في الرواية عن الإمام مالك.
3- حكمه :
هو أرجح من أي خبر مقبول من أخبار الآحاد ، فلو تعارض الخبر المحتف القرائن مع غيره من الأخبار المقبولة قدم الخبر المحتف بالقرائن .
المبْحَث الثَاني
ـ تقسيم الخبر المقبول إلى معمول به وغير معمول به ـ
ينقسم الخبر المقبول إلى قسمين: معمول به وغير معمول به، وينبثق عن ذلك نوعان من أنواع علوم الحديث وهما: " المٌحْكَم ومٌخْتَلفٌ الحديث " و" الناسخ والمنسوخ "
المٌحْكَم ومٌخْتلِف الحديث
1- تعريف المٌحْكَم:
أ) لغة: هو اسم مفعول به " أَحْكَم " بمعني أَتْقَنَ.
ب) اصطلاحاً: هو الحديث المقبول الذي سَلِمَ من معارضة مِثْلِهِ .
وأكثر الأحاديث من هذا النوع ، وأما الأحاديث المتعارضة المختلفة فهي قليلة بالنسبة لمجموع الأحاديث.
2- تعريف مٌخْتَلِف الحديث:
أ) لغة: هو اسم فاعل من " الاختلاف " ضد الاتفاق ، ومعنى مختلف الحديث : أي الأحاديث التي تصلنا ويخالف بعضها بعضاً في المعني ، أي يتضادَّان في المعنى .
ب) اصطلاحاً : هو الحديث المقبول المٌعَارَض بمثله مع إمكان الجمع بينهما .
أي هو الحديث الصحيح أو الحسن الذي يجيء حديث آخر مثله في المرتبة والقوة ويناقضه في يجمعوا بين مدلوليهما بشكل مقبول.
3- مثال المٌخْتَلِف:
أ) حديث " لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ .... " الذي أخرجه مسلم مع
ب) حديث " فِرَّ من المَجذْوم فِرَارَكَ من الأسَدِ " الذي رواه البخاري .
فهذان حديثان صحيحان ظاهرهما التعارض ، لأن الأول ينفي العدوى ، والثاني يثبتها ، وقد جمع العلماء بينهما ووفقوا بين معناهما على وجوه متعددة ، أذكر هنا ما اختاره الحافظ ابن حجر ، وٌمفادٌه ما يلي :
4- كيفية الجمع:
وكيفية الجمع بين هذين الحديثين أن يقال : أن العدوى منفية وغير ثابتة ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يٌعْدِي شيء شيئاً " وقوله لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون بين الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب : " فمن أعدى الأول ؟ "
يعني أن الله تعالى ابتدأ ذلك المرض في الثاني كما ابتدأه في الأول . وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سدِّ الذرائع ، أي لئلا يتفق للشخص الذي يخالط ذلك المجذوم حصول شيء له من ذلك المرض بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية ، فيظن أن ذلك كان بسبب مخالطته له ، فيعتقد صحة العدوى ، فيقع في الإثم، فأٌمِرَ بتجنب المجذوم دفعاً للوقوع في هذا الاعتقاد الذي يسبب الوقوع في الإثم.
5- ماذا يجب على من وجد حديثين متعارضين مقبولين ؟
عليه أن يتبع المراحل الآتية:
أ) إذا أمكن الجمع بينهما: تَعَيَّنَ الجمعٌ ، ووجب العمل بهما .
ب) إذا لم يمكن الجمع بوجه من الوجوه.
1- فان عٌلِمَ أحدٌهما ناسخاً : قدمناه وعملنا به ، وتركنا المنسوخ .
2- وان لم يٌعْلَم ذلك : رجحنا أحدهما على الآخر بوجه من وجوه الترجيح التي تبلغ خمسين وجهاً أو أكثر ، ثم عملنا بالراجح .
3- وان لم يترجح أحدهما على الآخر: ـ وهو نادر ـ توقفنا عن العمل بهما حتى يظهر لنا مرجح.
6- أهميته ومن يكمل له :
هذا الفن من أهم علوم الحديث ، إذ يضطر إلى معرفته جميع العلماء وإنما يكمل له ويمهر فيه الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه ، والأصوليون الغواصون على المعاني الدقيقة ، وهؤلاء هم الذين لا يٌشْكِلٌ عليهم منه إلا النادر .
وتعارض الأدلة قد شغل العلماء، وفيه ظهرت موهبتهم ودقة فهمهم وحسن اختيارهم. كما زَلَّتْ فيه أقدام من خاض غِمَارَه من بعض المتطفلين على موائد العلماء .
7- أشهر المصنفات فيه :
أ) اختلاف الحديث : للإمام الشافعي ، وهو أول من تكلم وصنف فيه .
ب) تأويل مختلف الحديث : لابن قتيبة . عبدالله بن مسلم .
ج) مشكل الآثار : للطحاوي . أبي جعفر أحمد بن سلامة .
ناسِخٌ الحَديثِ وَمَنسٌوخٌه
1-تعريف النسخ:
أ) لغة: له معنيان : الإزالة . ومنه نَسَخَت الشمسٌ الظلَّ. أي إزالته والنقل، ومنه نسختً الكتابَ، إذا نقلتٌ ما فيه، فكأنَّ الناسخ قد أزال المنسوخ أو نقله إلى حكم آخر.
ب) اصطلاحاً: رَفْعٌ الشارع حكما منه متقدماً بحكم منه متأخر.
2- أهميته وصعوبته وأشهر المٌبَرِّزين فيه:
معرفة ناسخ الحديث من منسوخه فن مهم صعب فقد قال : الزهري : " أَعْيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ الحديث من منسوخه "
وأشهر المبرزين فيه هو الإمام الشافعي . فقد كانت له فيه اليد الطولى والسابقة الأولى . قال الإمام أحمد لابن وَارَةَ ـ وقد قدم من مصر ـ كتبتَ كٌتٌبَ الشافعي ؟ قال : لا ، قال: فَرِّطْتَ ما علمنا المٌجْمَلَ من المٌفَسَّرِ ، ولا ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي .
3- بم يٌعْرَفٌ الناسخ من المنسوخ ؟
يعرف ناسخ الحديث من منسوخه بأحد هذه الأمور :
أ) بتصريح رسول الله صلي الله عليه وسلم : كحديث بٌرَيْدَةَ في صحيح مسلم " كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكِّر الآخرة " .
ب) بقول صحابي : كقول جابر بن عبدالله رضي الله عنه : " كان آخِرَ الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم تَرْكٌ الوضوء مما مست النار " أخرجه أصحاب السنن .
ت) بمعرفة التاريخ : كحديث شدَّاد بن أوس " أفطر الحاجم والمحجوم " نُسِخَ " بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو مُحرِمُ صائم " فقد جاء في بعض طرق حديث شداد أن ذلك كان زمن الفتح وأن ابن عباس صحبه في حجة الوداع .
ث) بدلالة الإجماع : كحديث من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد في الرابعة فاقتلوه " قال النووي :" دََلَّ الإجماع على نسخه
والإجماع لا يَنْسَخٌ . ولا يٌنْسَخَ. ولكن يدل على ناسخ .
4- أشهر المصنفات فيه :
أ) الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار لأبي بكر محمد ابن موسى الحازمي .
ب) الناسخ والمنسوخ للإمام احمد
تجريد الأحاديث المنسوخة لابن الجوزي .
الفصل الثالث
الخَبَر المَرْدوٌد
- المبحث الأول: الضعيف.
- المبحث الثاني: المردود بسبب سقط من الإسناد
- المبحث الثالث: المردود بسبب طعن في الراوي
الخبر المردود وأسباب رده
1- تعريفه:
هو الذي لم يَتَرَجَّحْ صِدْق المٌخْبِرِ به. وذلك بفقد شرط أو أكثر من شروط القبول التي مرت بنا في بحث الصحيح.
2- أقسامه وأسباب رده :
لقد قسم العلماء الخبر المردود إلى أقسام كثيرة ، وأطلقوا على كثير من تلك الأقسام أسماء خاصة بها ، ومنها ما لم يطلقوا عليها اسما خاصاً بها بل سموها باسم عام هو " الضعيف " .
أما أسباب رد الحديث فكثيرة، لكنها ترجع بالجملة إلى أحد سببين رئيسيين هما:
أ) سَقْط من الإسناد .
ب) طعن في الراوي .
وتحت كل من هذين السببين أنواع متعددة ، سأتكلم عنها بأبحاث مستقلة مفصلة إن شاء الله تعالى مبتدئاً ببحث " الضعيف " الذي يعتبر هو الاسم العام لنوع المردود .
المبْحَثٌ الأول
" الضعيف "
1- تعريفه:
أ) لغة: ضد القوى، والضعف حسي ومعنوي، والمراد به هنا الضعف المعنوي.
ب) اصطلاحاً: هو ما لم يجمع صفة الحسن، بفقد شرط من شروطه.
قال البيقوني في منظومته :
وكلٌّ ما عن رتبة الحٌسْنِ قَصٌر فهو الضعيف وهو أقسام كٌثٌر
2- تفاوته:
ويتفاوت ضعفه بحسب شدة ضعف رواته وخفته كما يتفاوت الصحيح ، فمنه الضعيف، ومنه الضعيف جدا ومنه الواهي ، ومنه المنكر ، وشر أنواعه الموضوع
3- أَوْهَي الأسانيد :
وبناء على ما تقدم في " الصحيح " من ذكر أصح الأسانيد ، فقد ذكر العلماء في بحث " الضعيف " ما يسمي بـ "أوهي الأسانيد " وقد ذكر الحاكم النيسابوري جملة كبيرة من "أوهي الأسانيد " بالنسبة إلى بعض الصحابة أو بعض الجهات والبلدان ، وأذكر بعض الأمثلة من كتاب الحاكم وغيره :
أ) أوهي الأسانيد بالنسبة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه " صدقة بن موسي الدقيقي عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر " .
ب) أوهي أسانيد الشاميين " محمد بن قيس المصلوب عن عبيد الله بن زحْر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة3 .
ت) أوهي أسانيد ابن عباس رضي الله عنه " السٌّدَّي الصغير محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس " قال الحافظ ابن حجر : " هذه سلسلة الكذب لا سلسلة الذهب4" .
4- مثاله:
ما أخرجه الترمذي من طريق " حَكيم الأثْرَم " عن أبي تميمة الهَجَيْمي عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " من أتي حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد " ثم قال الترمذي بعد إخراجه " لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة " ثم قال " وَضعَّفَ محمد5 هذا الحديث من قِبَلِ إسناده "6قلت لأن في إسناده حكيماً الأثرم ، وقد ضعفه العلماء ، فقد قال عنه الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب " فيه لِيْن " .
5- حكم روايته :
يجوز عند أهل الحديث وغيرهم رواية الأحاديث الضعيفة والتساهل في أسانيدها من غير بيان ضعفها ـ بخلاف الأحاديث الموضوعة فأنه لا يجوز روايتها إلا مع بيان وضعها ـ بشرطين .
أ) أن لا تتعلق بالعقائد، كصفات الله تعالى.
ب) أن لا تكون في بيان الأحكام الشرعية مما يتعلق بالحلال والحرام .
يعني يجوز روايتها في مثل المواعظ والترغيب والترهيب والقصص وما أشبه ذلك ، وممن رٌوي عنه التساهل في روايتها سفيان الثوري وعبدالرحمن بن مَهدي وأحمد بن حنبل
وينبغي التنبه إلى أنك إذا رويتها من غير إسناد فلا تقل فيها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ، وإنما تقول : رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ، أو بلغنا عنه كذا وما أشبه ذلك لئلا تجزم بنسبة ذلك الحديث للرسول وأنت تعرف ضعفه .
6- حكم العمل به :
اختلف العلماء في العمل بالحديث الضعيف، والذي عليه جمهور العلماء أنه يستحب العمل به في فضائل الأعمال لكن بشروط ثلاثة، أوضحها الحافظ ابن حجر وهي:
أ) أن يكون الضعف غير شديد .
ب) أن يندرج الحديث تحت أصل معمول به.
ت) أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط.
7- أشهر المصنفات التي هي مَظِنَّة الضعيف :
أ) الكتب التي صٌنِّفَتْ في بيان الضعفاء : ككتاب الضعفاء لابن حبان ، وكتاب ميزان الاعتدال للذهبي ، فأنهم يذكرون أمثلة للأحاديث التي صارت ضعيفة بسبب رواية أولئك الضعفاء لها .
ب) الكتب التي صٌنِّفت في أنواع من الضعيف خاصة : مثل كتب المراسيل والعلل والمٌدْرَج، غيرها ككتاب المراسيل لأبي داود ، وكتاب العلل للدارقطني .
المبْحَث الثَاني
المردود بسبب سَقْط من الإسناد
1- المراد بالسَّقْط من الإسناد :
المراد بالسَّقْط من الإسناد انقطاع سلسلة الإسناد بسقوط راو أو أكثر عمداً من بعض الرواة أو عن غير عمد ، من أول السند أو من آخره أو من أثنائه ، سقوطاً ظاهراً أو خفياً .
2- أنواع السقط :
يتنوع السقط من الإسناد بحسب ظهور ، وخفائه إلى نوعين هما :
أ) سَقْط ظاهر وهذا النوع من السقط يشترك في معرفته الأئمة وغيرهم من المشتغلين بعلوم الحديث ، ويعرف هذا السقط من عدم التلاقي بين الراوي وشيخه ، إما لأنه لم يٌدرك عَصْره ، أو أدرك عصره لكنه لم يجتمع به ( وليست له منه إجازة ولا وِجاده ) لذلك يحتاج الباحث في الأسانيد إلى معرفة تاريخ الرواة لأنه يتضمن بيان مواليدهم ووفياتهم وأوقات طلبهم وارتحالهم وغير ذلك .
وقد اصطلح علماء الحديث على تسمية السقط الظاهر بأربعة أسماء بحسب مكان السقط أو عدد الرواة الذين أٌسقطوا . وهذه الأسماء هي:
1- المٌعَلَّق.
2- المٌرْسَل.
3- المٌعْضَل.
4- المٌنْقَطِع.
ب) سَقْط خَفِي: وهذا لا يدركه إلا الأئمة الحَذّاق المطلعون على طرق الحديث وعلل الأسانيد. وله تسميتان وهما :
5- المٌدَلَّس.
6- المٌرْسَل الخفي.
وإليك بحث هذه المسميات الستة مفصلة على التوالي.
المٌعَلَّق
1- تعريفه:
أ) لغة : هو اسم مفعول من " علق " الشيء بالشيء أي ناطه وربطه به وجعله معلقاً . وسمي هذا السند معلقاً بسبب اتصاله بالجهة العليا فقط ، وانقطاعه من الجهة الدنيا ، فصار كالشيء المعلق بالسقف ونحوه .
ب) اصطلاحاً : ما حُذف من مبدأ إسناده راو فأكثر على التوالي .
2- من صوره :
أ) أن يحذف جميع السند ثم يقال مثلا " قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : كذا "
ب) ومنها أن يحذف كل الإسناد إلا الصحابي، أو إلا الصحابي والتابعي
3- مثاله:
ما أخرجه البخاري في مقدمة باب ما يُذْكَر في الفَخِذ : " وقال أبو موسي : غَطَّي النبي صلى الله عليه وسلم ركبتيه حين دخل عثمان فهذا حديث معلق ، لأن البخاري حذف جميع إسناده إلا الصحابي وهو أبو موسي الأشعري .
4- حكمه :
الحديث المعلق مردود ، لأنه فقد شرطا من شروط القبول وهو اتصال السند وذلك بحذف راو أو أكثر من إسناده مع عدم علمنا بحال ذلك المحذوف .
5- حكم المعلقات في الصحيحين :
هذا الحكم ـ وهو أن المعلق مردود ـ هو للحديث المعلق مطلقاً، لكن أن وجد المعلق في كتاب التُزِمَتْ صحته ـ كالصحيحين فهذا له حكم خاص ، قد مر بنا في بحث الصحيح ولا بأس بالتذكير به هنا وهو أنَّ :
أ) ما ذُكر بصيغة الجَزْم: كـ " قال " و " ذَكَرَ " و " حكي " فهو حُكْمٌ بصحته عن المضاف إليه .
ب) وما ذُكِرَ بصيغة التمريض : كـ " قِيل " و" ذُكِرَ " و" حُكِيَ " فليس فيه حُكْم بصحته عن المضاف إليه ، بل فيه الصحيح والحسن والضعيف ، لكن ليس فيه حديث واه لوجوده في الكتاب المسمي بالصحيح ، وطريق معرفة الصحيح من غيره هو البحث عن إسناد هذا الحديث والحكم عليه بما يليق به
المٌرْسَل
1-تعريفه:
أ)لغة: هو اسم مفعول من " أرسل " بمعنى " أطلق " فكأن المُرسِل أَطْلَقَ الإسناد ولم يقيده براوٍ معروف.
ب) اصطلاحاً : هو ما سقط من آخر إسناده مَنْ بَعْدَ التابعي
2- صورته :
وصورته أن يقول التابعي ـ سواء كان صغيراً أو كبيراً ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو فعل كذا أو فُعِل بحضرته كذا وهذه صورة المرسل عند المحدثين.
3- مثاله:
ما أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب البيوع قال : " حدثني محمد بن رافع ثنا حُجَيْن ثنا الليث عن عُقَيْل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عن المُزَابَنَةِ "
فسعيد بن المسيب تابعي كبير، روى هذا الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم بدون أن يذكر الواسطة بينه وبين النبي صلي الله عليه وسلم فقد أسقط من إسناد هذا الحديث آخِرَهٌ وهو من بعد التابعي ، وأقل هذا السقط أن يكون قد سقط الصحابي ويحتمل أن يكون قد سقط معه غيره كتابعي مثلا .
4- المٌرْسَل عند الفقهاء والأصوليين:
ما ذكرته من صورة المرسل هو المرسل عند المحدثين، أما المرسل عند الفقهاء والأصوليين فأعم من ذلك فعندهم أن كل منقطع مرسل على أي وجه كان انقطاعه، وهذا مذهب الخطيب أيضاً.
5- حكمه :
المرسل في الأصل ضعيف مردود، لفقده شرطاً من شروط المقبول وهو اتصال السند، وللجهل بحال الراوي المحذوف لاحتمال أن يكون المحذوف غير صحابي، وفي هذه الحال يحتمل أن يكون ضعيفاً.
لكن العلماء من المحدثين وغيرهم اختلفوا في حكم المرسل والاحتجاج به، لأن هذا النوع من الانقطاع يختلف عن أي انقطاع آخر في السند، لأن الساقط منه غالبا ما يكون صحابياً، والصحابة كلهم عدول، لا تضر عدم معرفتهم.
ومجمل أقوال العلماء في المرسل ثلاثة أقوال هي:
أ) ضعيف مردود : عند جمهور المحدثين وكثير من أصحاب الأصول والفقهاء , وحجة هؤلاء هو الجهل بحال الراوي المحذوف لاحتمال أن يكون غير صحابي .
ب) صحيح يٌحْتَجَّ به : عند الأئمة الثلاثة ـ أبو حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه ـ وطائفة من العلماء بشرط أن يكون المرسل ثقة ولا يرسل إلا عن ثقة .
وحجتهم أن التابعي الثقة لا يستحل أن يقول : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا إذا سمعه من ثقة .
جـ)قبوله بشروط: أي يَصِحَُ بشروط، وهذا عند الشافعي وبعض أهل العلم .
وهذه الشروط أربعة، ثلاثة في الراوي المرسِل، وواحد في الحديث المرسَل، وإليك هذه الشروط.
1- أن يكون المرسل من كبار التابعين .
2- وإذا سَمَّى من أرسل عنه سَمَّى ثقة.
3- وإذا شاركه الحفاظ المأمونون لم يخالفوه .
4- وأن ينضم إلى هذه الشروط الثلاثة واحد مما يأتي:
(أ) أن يٌرْوَى الحديث من وجه آخر مُسْنَداً .
(ب) أو يٌرْوى من وجه آخر مرسَلاً أرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول.
(ج) أو يُوافِقَ قول صحابي .
(د) أو يُفْتِى بمقتضاه أكثر أهل العلم .
فإذا تحققت هذه الشروط تبين صحة مَخْرَج المرسَل وما عَضَدَهُ، وأنهما صحيحان، لو عارضهما صحيح من طريق واحد رجحناهما عليه بتعدد الطرق إذا تعذر الجمع بينهما.
6- مرسَل الصحابي:
هو ما أخبر به الصحابي عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله ، ولم يسمعه أو يشاهده ، إما لصغر سنه أو تأخر إسلامه أو غيابه ، ومن هذا النوع أحاديث كثيرة لصغار الصحابة كابن عباس وابن الزبير وغيرهما .
7- حكم مرسَل الصحابي :
الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه صحيح محتج به ، لأن رواية الصحابة عن التابعين نادرة ، وإذا رووا عنهم بينوها ، فإذا لم يبينوا ، وقالوا : قال رسول الله ، فالأصل أنهم سمعوها من صحابي آخر ، وحذف الصحابي لا يضر ، كما تقدم .
وقل إن مرسل الصحابي كمرسل غيره في الحكم، وهذا القول ضعيف مردود.
8- أشهر المصنفات فيه :
أ) المراسيل لأبي داود .
ب) المراسيل لابن أبي حاتم .
ج) جامع التحصيل لأحكام المراسيل للعلائي
المٌعْضَل
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من " أعضله " بمعني أعياه.
ب) اصطلاحاً: ما سقط من إسناده اثنان فأكثر على التوالي.
2- مثاله:
" ما رواه الحاكم في " معرفة علوم الحديث " بسنده إلى القَعْنَبي عن مالك أنه بلغه أن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للمَمْلوك طعامُهُ وكسوتُهُ بالمعروف . ولا يُكَلَّف من العمل إلا ما يٌطيق. قال الحاكم:هذا مٌعْضَل عن مالك ، أعضله هكذا في الموطأ "
فهذا الحديث معضل لأنه سقط منه اثنان متواليان بين مالك وأبي هريرة وقد عرفنا أنه سقط منه اثنان متواليان من رواية الحديث خارج الموطأ هكذا"... عن مالك عن محمد بن عَجْلان عن أبيه عن أبي هريرة"3
3- حكمه:
المعضل حديث ضعيف ، وهو أسوأ حالا من المرسل والمنقطع4 ، لكثرة المحذوفين من الإسناد ، وهذا الحكم على المعضل بالاتفاق بين العلماء .
4- اجتماعه مع بعض صور المعلقَّ :
أن بين المعضل وبين المعلق عموماً وخصوصاً من وجه .
أ) فيجتمع المعضل مع المعلق في صورة واحدة وهي : إذا حُذف من مبدأ إسناده راويان متواليان . فهو معضل ومعلق في آن واحد .
ب) ويفارقه في صورتين :
1- إذا حُذف من وسط الإسناد راويان متواليان ، فهو معضل وليس بمعلق .
2- إذا حذف من مبدأ الإسناد راو فقط ، فهو معلق وليس بمعضل .
5- من مظان المعضل :
قال السيوطي : من مظان المعضل والمنقطع والمرسل :
أ) كتاب السنن لسعيد بن منصور .
ب) مؤلفات ابن أبي الدنيا .
المٌنقَطِع
1- تعريفه:
أ) لغة: هو اسم فاعل من " الانقطاع" ضد الاتصال.
ب) اصطلاحاً: ما لم يتصل إسنادُه، على أي وجه كان انقطاعه.
2- شرح التعريف :
يعني أن كل إسناد انقطع من أي مكان كان ، سواء كان الانقطاع من أول الإسناد أو من آخره أو من وسطه ، فيدخل فيه ـ على هذا ـ المرسل والمعلق والمعضل ، لكن علماء المصطلح المتأخرين خصوا المنقطع بما لم تنطبق عليه صورة المرسل أو المعلق أو المعضل ، وكذلك كان استعمال المتقدمين في الغالب . ولذلك قال النووي: " وأكثر ما يستعمل في رواية مَنْ دون التابعي عن الصحابي، كمالك عن ابن عمر "
3- المنقطع عند المتأخرين من أهل الحديث :
هو ما لم يتصل إسناده مما لا يشمله اسم المرسل أو المعلق أو المعضل . فكأنَّ المنقطع اسم عام لكل انقطاع في السند ما عدا صوراً ثلاثاً من صور الانقطاع وهي :حذف أول الإسناد ، أو حذف آخره ، أو حذف اثنين متواليين من أي مكان كان ، وهذا هو الذي مشي عليه الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها .
ثم انه قد يكون الانقطاع في مكان واحد من الإسناد، وقد يكون في أكثر من مكان واحد، كأن يكون الانقطاع في مكانين أو ثلاثة مثلاً.
4- مثاله:
" ما رواه عبدالرزاق عن الثوري عن أبي اسحق عن زيد بن يٌثيع عن حٌذيفة مرفوعاً : إنْ وليتموها أبا بكر فقوي أمين "
فقد سقط من هذا الإسناد رجل من وسطه وهو " شريك " سقط من بين الثوري وأبي اسحق، إذ أن الثوري لم يسمع الحديث من أبي اسحق مباشرة وإنما سمعه من شريك، وشريك سمعه من أبي اسحق.
فهذا الانقطاع لا ينطبق عليه اسم المرسل ولا المعلق ولا المعضل فهو منقطع .
5- حكمه :
المنقطع ضعيف بالاتفاق بين العلماء ، وذلك للجهل بحال الراوي المحذوف .
المٌدَلَّس
1- تعريف التدليس:
أ) لغة : المدلس اسم مفعول من " التدليس " والتدليس في اللغة : كِتْمان عَيْبِ السلعة عن المشتري ، وأصل التدليس مشتق من " الدَّلس " وهو الظلمة أو اختلاط الظلام كما في القاموس ، فكأن المدلَّس لتغطيته على الواقف على الحديث أظلم أمره فصار الحديث مٌدلَّسا .
ب) اصطلاحاً: إخفاء عيب في الإسناد. وتحسين لظاهره.
2- أقسام التدليس:
للتدليس قسمان رئيسيان هما: تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ.
3- تدليس الإسناد:
لقد عرف علماء الحديث هذا النوع من التدليس بتعريفات مختلفة ، وسأختار أصحها وأدقها ـ في نظري ـ وهو تعريف الإمامين أبي أحمد بن عمرو البزار وأبي الحسن بن القطان . وهذا التعريف هو :
أ) تعريفه: أن يَرْوِيَ الراوي عمن قد سمع منه ما لم يسمع منه من غير أن يذكر سمعه منه
ب) شرح التعريف : ومعنى هذا التعريف أن تدليس الإسناد أن يروي الراوي عن شيخ قد سَمِعَ منه بعض الأحاديث، لكن هذا الحديث الذي دلسه لم يسمعه منه ، وإنما سمعه من شيخ آخر عنه ، فيٌسْقِطٌ ذلك الشيخَ ويرويه عنه بلفظ محتمل للسماع وغيره ، كـ " قال " أو " عن " ليوهم غيره أنه سمعه منه ، لكن لا يصرح بأنه سمع منه هذا الحديث فلا يقول : " سمعت " أو " حدثني " حتى لا يصير كذاباً بذلك ، ثم قد يكون الذي أسقطه واحداً أو أكثر .
ت) الفرق بيه وبين الإرسال الخفي : قال أبو الحسن بن القطان بعد ذِكْرهِ للتعريف السابق:" والفرق بينه وبين الإرسال هو : أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه " وإيضاح ذلك أن كلا من المدلِّس والمرسل إرسالا خفياً يَرْوِي عن شيخ شيئاً لم يسمعه منه ، بلفظ يحتمل السماع وغيره ، لكن المدلَّس قد سمع من ذلك الشيخ أحاديث غير التي دلسها ، على حين أن المرسل إرسالا خفياً لم يسمع من ذلك الشيخ أبداً ، لا الأحاديث التي أرسلوها ولا غيرها لكنه عاصره أو لقيه .
ث) مثاله : ما أخرجه الحاكم ، بسنده إلى على بن حَشْرَم قال : " قال لنا ابن عيينة : عن الزهري ـ فقبل له: سمعته من الزهري ؟ فقال : لا ، ولا ممن سمعه من الزهري ، حدثني عن عبدالرزاق عن مَعْمَر عن الزهري " ففي هذا المثال أسقط ابنُ عُيينة اثنين بينه وبن الزهري .
4- تدليس التسوية:
هذا النوع من التدليس هو في الحقيقة نوع من أنواع تدليس الإسناد .
أ) تعريفه: هو رواية الراوي عن شيخه ، ثم إسقاط راو ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر ،وصورة ذلك أن يروي الراوي حديثاًَ عن شيخ ثقة، وذلك الثقة يرويه عن ضعيف عن ثقة، ويكون الثقتان قد لقي أحدهما الآخر، فيأتي المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول ، فيُسْقِط الضعيف الذي في السند ، ويجعل الإسناد عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيُسَوْي الإسناد كله ثقات.
وهذا النوع من التدليس شر أنواع التدليس، لأن الثقة الأول قد لا يكون معروفاً بالتدليس، ويجده الواقف على السند كذلك بعد التسوية قد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة, وفيه غرور شديد.
ب) أشهر من كان يفعله :
1- بَقّية بن الوليد . قال أبو مُسْهر : " أحاديث بَقِيَّة ليست نَقَيَّه فكنْ منها على تٌَِقِيَّة .
2- الوليد بن مسلم .
3- مثاله : ما رواه ابن أبي حاتم في العلل قال : " سمعت أبي ـ وذَكَرَ الحديث الذي رواه اسحق بن راهويه عن بقية حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر حديث لا تحمدوا إسلام المرء حتى تعرفوا عُقْدَةَ رأيه ـ قال أبي: هذا الحديث له أمر قل من يفهمه ، روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو ( ثقة ) عن اسحاق بن أبي فروة ( ضعيف ) عن نافع ( ثقة ) عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم . وعبيد الله ابن عمرو ، كنيته أبو وهب ، وهو أسدى ، فكناه بقيةُ ونسبه إلى بن أسد كي لا يفطن له ، حتى إذا ترك اسحق بن أبي فروة لا يٌهْتَدَى له " .
5- تدليس الشيوخ:
أ) تعريفه: هو أن يَرْوي الراوي عن شيخ حديثاً سمعه منه، فيُسَمِّيهُ أو يَكْنَيِهُ أو يَنْسِبَهُ أو يَصِفهٌ بما لا يُعْرَفُ به كي لا يُعْرَفُ
ب) مثاله : قول أبي بكر بن مجاهد أحد أئمة القراء : " حدثنا عبدالله بن أبي عبدالله ، يريد به أبا بكر بن أبي داود السجستاني "
6- حكم التدليس :
أ) أما تدليس الإسناد: فمكروه جداً. ذمة أكثر العلماء وكان شعبة من أشدهم ذماً له فقال فيه أقوالا منها: "التدليس أخو الكذب ".
ب) وأما تدليس التسوية : فهو أشد كراهة منه ، حتى قال العراقي :" أنه قادح فيمن تَعَمَّدَ فعله "
ج) وأما تدليس الشيوخ : فكراهته أخف من تدليس الإسناد لأن المدلس لم يٌسقط أحداً ، وإنما الكراهة بسبب تضييع المروي عنه ، وتوعير طريق معرفته على السامع وتختلف الحال في كراهته بحسب الغرض الحامل عليه .
7- الأغراض الحاملة على التدليس :
أ) الأغراض الحاملة على تدليس الشيوخ أربعة هي:
1- ضعف الشيخ أو كونه غير ثقة .
2- تأخر وفاته بحيث شاركه في السماع منه جماعة دونه.
3- صغر سنه بحيث يكون أصغر من الراوي عنه .
4- كثرة الرواية عنه، فلا يحب الإكثار من ذكر اسمه على صورة واحدة.
ب) الأغراض الحاملة على تدليس الإسناد خمسة وهي:
1- توهيم عُلُوِّ الإسناد .
2- فَوَات شيء من الحديث عن شيخ سمع منه الكثير .
3- 4- 5 ـ الأغراض الثلاثة الأولي المذكورة في تدليس الشيوخ.
8- أسباب ذم المدلس: ثلاثة هي
أ) إيهامه السماع ممن لم يسمع عنه .
ب) عدوله عن الكشف إلى الاحتمال .
ج) علمه بأنه لو ذكر الذي دلس عنه لم يكن مَرْضِيّا
9- حكم رواية المدلِّس :
اختلف العلماء في قبول رواية المدلَّس على أقوال، أشهرها قولان.
أ) رد رواية المدلس مطلقا وإن بين السماع، لأن التدليس نفسه جرح. ( وهذا غير معتمد ).
ب) التفصيل: ( وهو الصحيح ).
1- إن صرح بالسماع قبلت روايته ، أي إن قال " سمعت" أو نحوها قبل حديثه .
2- وان لم يصرح بالسماع لم تقبل روايته، أي إن قال " عن " ونحوها لم يقبل1حديثه.
10- بم يعرف التدليس ؟
يعرف التدليس بأحد أمرين :
أ) إخبار المدلس نفسه إذا سئل مثلا ، كما جرى لابن عيينة .
ب) نَصُّ إمام من أئمة هذا الشأن بناء على معرفته ذلك من البحث والتتبع .
11 - أشهر المصنفات في التدليس والمدلسين :
هناك مصنفات في التدليس والمدلسين كثيرة أشهرها :
أ) ثلاثة مصنفات للخطيب البغدادي ، واحدا في أسماء المدلسين ، واسمه التبيين لأسماء المدلسين2 والآخران أفرد كلا ً منهما لبيان نوع من أنواع التدليس.3
ب) التبيين لأسماء المدلسين : لبرهان الدين بن الحلبي (وقد طبعت هذه الرسالة ) .
ت) تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس للحافظ ابن حجر ( وقد طبعت أيضا).
المٌرْسَلٌ الخَفِيٌّ
1- تعريفه:
أ) لغة: المرسل لغة اسم مفعول من الإرسال بمعنى الإطلاق، كأن المرسل أطلق الإسناد ولم يصله، والخفي: ضد الجلي، لأن هذا النوع من الإرسال غير ظاهر، فلا يدرك إلا بالبحث.
ب) اصطلاحاً:أن يَرْوِيَ عمن لقيه أو عاصره ما لم يسمع منه بلفظ يحتمل السماع وغيره كـ"قال"
2- مثاله :
" ما رواه ابن ماجه من طريق عمر بن عبد العزيز عن عقبة ابن عامر مرفوعاً : رحم الله حارس الحرس4" فان عمر لم يطلق عقبة كما قال المزي في الأطراف .
3- بم يعرف ؟
يُعرف الإرسال الخفي بأحد أمور ثلاثة وهي :
أ) نَصُّ بعض الأئمة على أن هذا الراوي لم يلق من حدث عنه أو لم يسمع منه مطلقاً.
ب) إخباره عن نفسه بأنه لم يلق من حدث عنه أو لم يسمع منه شيئاً.
ت) مجيء الحديث من وجه آخر فيه زيادة شخص بين هذا الراوي وبين من روي عنه. وهذا الأمر الثالث فيه خلاف للعلماء، لأنه قد يكون من نوع " المزيد في متصل الأسانيد".
4- حكمه :
هو ضعيف ، لأنه من نوع المنقطع ، فإذا ظهر انقطاعه فحكمه حكم المنقطع .
5- أشهر المصنفات فيه :
ـ كتاب التفصيل لمبهم المراسيل للخطيب البغدادي .
المعَنْعنٌ والمؤَنَنٌ
1- تمهيد:
لقد انتهت أنواع المردود الستة التي سبب ردها سَقْطَ من الإسناد ، لكن لما كان المعنعن والمؤنن مٌختَلفاً فيهما ، هل هما من نوع المنقطع أو المتصل ، لذا رأيت إلحاقهما بأنواع المردود بسبب سقط من الإسناد .
2- تعريف المعنعن :
أ) لغة :المعنعن اسم مفعول من " عَنْعَن " بمعنى قال " عَنْ ، عَنْ " .
ب) اصطلاحاً: قول الراوي:فلان عن فلان.
3- مثاله:
ما رواه ابن ماجه قال : " حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا معاوية بن هشام ثنا سفيان عن أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة عن عروة عن عائشة . قالت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إن الله وملائكته يصلون على مَيَامِنِ الصفوف "
4- هل هو من المتصل أو المنقطع ؟ :
اختلف العلماء فيه على قولين:
أ) قيل أنه منقطع حتى يتبين اتصاله .
ب) والصحيح الذي عليه العمل ، وقاله الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول أنه متصل بشروط ، اتفقوا على شرطين منها ، واختلفوا في اشتراط ما عداهما ، أما الشرطان اللذان اتفقوا على أنه لا بد منهما ـ ومذهب مسلم الاكتفاء بهما ـ فهما :
1- أن لا يكون المُعَنْعِنُ مُدَلِّساً .
2- أن يمكن لقاء بعضهم بعضا ، أي لقاء المُعَنْعِن بمن عَنْعَنَ عنه .
وأما الشروط التي اختلفوا في اشتراطها زيادة على الشرطين السابقين فهي:
1- ثبوت اللقاء: وهو قول البخاري وابن المديني والمحققين.
2- طول الصحبة : وهو قول أبي المظفر السمعاني .
3- معرفته بالرواية عنه : وهو قول أبي عمرو الداني .
5- تعريف المٌؤنَّن :
أ) لغة : اسم مفعول من " أَنَّن " بمعني قال " أن ، أن " .
ب) اصطلاحاً: هو قول الراوي: حدثنا فلان أن فلاناً قال...
6- حكم المٌؤَنَّن :
أ) قال احمد وجماعة هو منقطع حتى يتبين اتصاله.
ب) وقال الجمهور: " أَنَّ " كـ " عَنْ " ومطلقه محمول على السماع بالشروط المتقدمة.
المبحثٌ الثالثِ
المردود بسبب طعن في الراوي
1- المردود بالطعن في الراوي :
المراد بالطعن في الراوي جرحه باللسان، والتكلم فيه من ناحية عدالته ودينه ومن ناحية ضبطه وحفظه وتيقظه.
2- أسباب الطعن في الراوي :
أسباب الطعن في الراوي عشرة أشياء، خمسة منها تتعلق بالعدالة، وخمسة منها تتعلق بالضبط.
أ) أما التي تتعلق بالطعن في العدالة فهي:
1- الكذب.
2- التهمة بالكذب .
3- الفسق.
4- البدعة.
5- الجهالة.
ب ) أما التي تتعلق بالطعن في الضبط فهي:
1- فٌحْشٌ الغلط .
2- سوء الحفظ .
3- الغفلة.
4- كثرة الأوهام.
5- مخالفة الثقات .
وسأذكر أنواع الحديث المردود بسبب من هذه الأسباب على التوالي مبتدئاً بالسبب الأشد طعناً.
المَوضٌوع
إذا كان سبب الطعن في الراوي هو الكذب على رسول الله صلي الله عليه وسلم فحديثه يسمي الموضوع.
1- تعريفه:
أ) لغة: هو اسم مفعول من " وَضَعَ الشيء " أي " حَطَّهُ " سُمي بذلك لانحطاط رتبته.
ب) اصطلاحاً: هو الكذب المٌخْتَلَق المصنوع المنسوب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم.
2- رتبته :
هو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها . وبعض العلماء يعتبره قسماً مستقلا وليس نوعاً من أنواع الأحاديث الضعيفة.
3- حكم روايته :
أجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد عَلِمَ حالَهٌ في أي معنى كان إلا مع بيان وضعه، لحديث مسلم: " مَنْ حَدَّثَ عني بحديث يُرَى أنه كَذِبُ فهو أحد الكاذبين "
4- طرق الوضاعين في صياغة الحديث :
أ) إما أن يُنْشئ الوضاع الكلام من عنده ، ثم يضع له إسنادا ويرويه .
ب) وإما أن يأخذ كلاماً لبعض الحكماء أو غيرهم ويضع له إسنادا .
5- كيف يُعْرَفُ الحديث الموضوع ؟
يعرف بأمور منها :
أ) إقرار الواضع بالوضع : كإقرار أبي عِصْمَة نوحِ بن أبي مريم بأنه وضع حديث فضائل سور القرآن سورة سورة عن ابن عباس .
ب) أو ما يَتَنَزَّلُ منزلة إقراره : كأَنْ يُحَدِّثَ عن شيخ ، فَيُسْألَ عن مولده ، فيذكرَ تاريخا تكون وفاةُ ذلك الشيخ قبلَ مولده هو ، ولا يُعْرَف ذلك الحديث إلا عنده .
ت) أو قرينة في الراوي:مثل أن يكون الراوي رافضياً والحديث في فضائل أهل البيت.
ث) أو قرينة في المَرْوِي: مثل كون الحديث ركيك اللفظ، أو مخالفاً للحس أو صريح القرآن.
6- دواعي الوضع وأصناف الوضاعين :
أ) التقرب إلى الله تعالى : بوضع أحاديث ترغب الناس في الخيرات ، وأحاديث تخوفهم من فعل المنكرات ، وهؤلاء الوضاعون قوم ينتسبون إلى الزهد والصلاح ، وهم شر الوضاعين لأن الناس قَبِلَتْ موضوعاتهم ثقة بهم ، ومن هؤلاء مَيْسَرَةٌ بن عبد ربه ، فقد روي ابن حبان في الضعفاء عن ابن مهدي قال : قلت لميسرة بن عبد ربه : من أين جئت بهذه الأحاديث، من قرأ كذا فله كذا ؟ قال : وضعتُها أُرَغِّب الناسَ "
ب) الانتصار للمذهب : لا سيما مذاهب الفرق السياسية بعد ظهور الفتنة وظهور الفرق السياسية كالخوارج والشيعة ، فقد وضعت كل فرقة من الأحاديث ما يؤيد مذهبها ، كحديث " علىُّ خير البشر ، من شكَّ فيه كفر "
ج) الطعن في الإسلام : وهؤلاء قوم من الزنادقة لم يستطيعوا أن يَكيدوا للإسلام جهاراً ، فعمدوا إلى هذا الطريق الخبيث ، فوضعوا جملة من الأحاديث بقصد تشويه الإسلام والطعن فيه ، ومن هؤلاء محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة ، فقد رَوَى عن حُمَيْد عن أنس مرفوعاً " أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله " ولقد بين جهابذة الحديث أمر هذه الأحاديث ولله الحمد والمنة .
د) التَّزَلٌّف إلى الحكام : أي تقرب بعض ضعفاء الإيمان إلى بعض الحكام بوضع أحاديث تناسب ما عليه الحكام من الانحراف ، مثل قصة غياث بن إبراهيم النَّخَعي الكوفي مع أمير المؤمنين المهدي ، حين دخل عليه وهو يلعب بالحَمَام ، فساق بسنده على التوّ ِإلى النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : " لا سَبَق إلا في نَصْل أو خُفٍ أو حافر أو جَنَاح " فزاد كلمة " أو جَنَاح " لأجل المهدي ، فعرف المهدي ذلك ، فأمر بذبح الحَمَام، وقال : أنا حملته على ذلك .
ه) التكسب وطلب الرزق : كبعض القُصَّاص الذين يتكسبون بالتحدث إلى الناس ، فيوردون بعض القصص المسلية والعجيبة حتى يستمع إليهم الناس ويعطوهم ، كأبي سعيد المدائني .
و) قصد الشهرة : وذلك بإيراد الأحاديث الغريبة التي لا توجد عند أحد من شيوخ الحديث، فيقبلون سند الحديث ليُستَغربَ ، فيرغب في سماعه منهم ، كابن أبي دحية وحماد النَّصِيبي "
7- مذاهب الكَرَّامِِِيَّة في وضع الحديث :
زعمت فرقة من المبتدعة سٌمٌّوا بالكرامية جواز وضع الأحاديث في باب الترغيب والترهيب فقط ، واستدلوا على ذلك بما رٌوي في بعض طرق حديث " من كذب على متعمداً " من زيادة جملة " ليضل الناس " ولكن هذه الزيادة لم تثبت عند حفاظ الحديث .
وقال بعضهم " نحن نكذب له لا عليه " وهذا استدلال في غاية السخف ، فان النبي صلي الله عليه وسلم لا يحتاج شرعه إلى كذابين ليروجوه .
وهذا الزعم خلاف إجماع المسلمين ، حتى بالغ الشيخ أبو محمد الجويني فجزم بتكفير واضع الحديث .
8- خطأ بعض المفسرين في ذكر الأحاديث الموضوعة :
لقد أخطأ بعض المفسرين في ذكرهم أحاديث موضوعة في تفاسيرهم من غير بيان وضعها ، لا سيما الحديث المروي عن أٌبَيّ ابن كعب في فضائل القرآن سورة سورة ، ومن هؤلاء المفسرين :
أ) الثعلبي.
ب) الواحدي .
ت) الزمخشري .
ث) البيضاوي.
ج) الشوكاني .
9-أشهر المصنفات فيه :
أ) كتاب الموضوعات : لابن الجوزي ، وهو من أقدم ما صنف في هذا الفن ، لكنه متساهل في الحكم على الحديث بالوضع ، لذا انتقده العلماء وتعقبوه .
ب) اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة : للسيوطي ، هو اختصار لكتاب ابن الجوزي وتعقيب عليه ، وزيادات لم يذكرها ابن الجوزي .
ج) تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة : لابن عراق الكناني ، وهو كتاب تلخيص لسابقيه ، وهو كتاب حافل مهذب مفيد .
المَتْروٌك
إذا كان سبب الطعن في الراوي هو التهمة بالكذب ـ وهو السبب الثاني ـ سمي حديثه المتروك .
1- تعريفه:
أ) لغة : اسم مفعول من " التَّركِ " وتسمي العرب البيضة بعد أن يخرج منها الفرخ "التَّرِيكة" أي متروكة لا فائدة منها .
ب) اصطلاحاً : هو الحديث الذي في إسناده راو متهم بالكذب .
2- أسباب اتهام الراوي بالكذب أحد أمرين وهما:
أ) أن لا يُروي ذلك الحديث إلا من جهته ، ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة
ب) أن يُعْرَف بالكذب في كلامه العادي ، لكن لم يظهر منه الكذب في الحديث النبوي .
3- مثاله:
حديث عمرو بن شَمِر الجُعْفي الكوفي الشيعي ،عن جابر عن أبي الطفيل عن علي وعمار قالا : كان النبي صلي الله عليه وسلم يقنت في الفجر ، ويكبر يوم عرفة من صلاة الغَداة ، ويقطع صلاة العصر آخر أيام التشريق "
وقد قال النسائي والدارقطني وغيرهما عن عمرو بن شَمِر : " متروك الحديث .
4- رتبته :
مر بنا أن شر الضعيف الموضوع، ويليه المتروك، ثم المنكر ثم المعلل، ثم المدرج، ثم المقلوب، ثم المضطرب، كذا رتبه الحافظ ابن حجر.
المٌنكَر
إذا كان سب الطعن في الراوي فحش الغلط أو كثرة الغفلة أو الفسق ـ وهو السبب الثالث والرابع والخامس ـ فحديثه يسمي المنكر .
1- تعريفه:
أ) لغة : هو اسم مفعول من " الإنكار " ضد الإقرار .
ب) اصطلاحاً: عرف علماء الحديث المنكر بتعريفات متعددة أشهرها تعريفان وهما:
1- هو الحديث الذي في إسناده راو فَحُشَ غلطُه أو كثرت غفلته أو ظهر فسقه .
وهذا التعريف ذكره الحافظ ابن حجر ونسبه لغيره
ومشي على هذا التعريف البيقوني في منظومته فقال :
ومنكر الفرد به راو غدا تعديله لا يحمل التفردا
2-هو ما رواه الضعيف مخالفاً لما رواه الثقة.
وهذا التعريف هو الذي ذكره الحافظ ابن حجر واعتمده ، وفيه زيادة على التعريف الأول وهي قيد مخالفة الضعيف لما رواه الثقة .
2-الفرق بينه وبين الشاذ :
أ) أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أولى منه.
ب) أن المنكر ما رواه الضعيف مخالفاً للثقة.
فيُعْلَم من هذا أنهما يشتركان في اشتراط المخالفة ويفترقان في أن الشاذ رَاوِيْه مقبول ، والمنكر راويه ضعيف . قال ابن حجر : " وقد غفل من سَوَّى بينهما " .
3- مثاله:
أ) مثال للتعريف الأول: ما رواه النسائي وابن ماجة من رواية أبي زُكَيْر يحيي بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً " كلوا البَلَح بالتمر فان ابن آدم إذا أكله غضب الشيطان "
قال النسائي : " هذا حديث منكر ، تفرد به أبو زٌكَيْر وهو شيخ صالح ، أخرجه له مسلم في المتابعات ، غير أنه لم يبلغ مبلغ من يُحْتَمَل تَفَرُّدُهُ "
ب) مثال للتعريف الثاني : ما رواه ابن أبي حاتم من طريق حُبيب بن حَبِيب الزيات عن أبي اسحق عن العيزار بن حُرَيْث عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " من أقام الصلاة وآتي الزكاة وحج البيت وصام وقَرَى الضيف دخل الجنة " .
قال أبو حاتم : " هو منكر لأن غيره من الثقات رواه عن أبي اسحق موقوفاً ، وهو المعروف"
4- رتبته :
يتبين من تعريفي المنكر المذكورين آنفاً أن المنكر من أنواع الضعيف جداً لأنه إما راويه ضعيف موصوف بفحش الغلط أو كثرة الغفلة أو الفسق ، وإما راويه ضعيف مخالف في روايته تلك لرواية الثقة ، وكلا القسمين فيه ضعف شديد ، لذلك مر بنا في بحث " المتروك " أن المنكر يأتي في شدة الضعف بعد مرتبة المتروك .
المَعْروف
1- تعريفه:
أ) لغة: هو اسم مفعول من " عَرَفَ "
ب) اصطلاحاً : ما رواه الثقة مخالفاً لما رواه الضعيف فهو بهذا المعنى مقابل للمنكر ، أو بتعبير أدق ، هو مقابل لتعريف المنكر الذي اعتمده الحافظ ابن حجر .
2- مثاله:
أما مثاله فهو المثال الثاني الذي مر في نوع المنكر ، لكن من طريق الثقات الذين رووه موقوفاً على ابن عباس . لأن ابن أبي حاتم قال : ـ بعد أن ساق حديث حُبَيِّب المرفوع ـ " هو منكر ، لأن غيره من الثقات رواه عن أبي اسحق موقوفاً ، وهو المعروف ".
المعٌلَّل
إذا كان سبب الطعن في الراوي هو " الوهم " فحديثه يسمي المعلل وهو السبب السادس .
1- تعريفه:
أ) لغة : اسم مفعول من " أَعَلَّهُ " بكذا فهو " مُعَلٌّ " وهو القياس الصرفي المشهور ، وهو اللغة الفصيحة ، لكن التعبير بـ " المعلل " من أهل الحديث جاء على غير المشهور في اللغة، ومن المحدثين من عبر عنه بـ " المعلول " وهو ضعيف مرذول عند أهل العربية واللغة .
ب) اصطلاحاً: هو الحديث الذي اُطُّلِعَ فيه على علة تقدح في صحته مع أن الظاهر السلامة منها.
2- تعريف العلة:
هي سبب غامض خفي قادح في صحة الحديث . فيؤخذ من تعريف العلة هذا أن العلة عند علماء الحديث لا بد أن يتحقق فيها شرطان وهما.
أ) الغموض والخفاء.
ب) والقدح في صحة الحديث .
فان اختل واحد منهماـ كأن تكون العلة ظاهرة أو غير قادحةـ فلا تسمى عندئذ علة اصطلاحاً.
3-قد تطلق العلة على غير معناها الاصطلاحي:
إن ما ذكرته من تعريف العلة في الفقرة السابقة هو المراد بالعلة في اصطلاح المحدثين لكن قد يطلقون العلة أحياناً على أي طعن موجه للحديث وان لم يكن هذا الطعن خفياً أو قادحاً :
أ) فمن النوع الأول: التعليل بكذب الراوي، أو غفلته، أو سوء حفظه، أو نحو ذلك. حتى لقد سمي الترمذي النسخ علة .
ب) ومن النوع الثاني: التعليل بمخالفة لا تقدح في صحة الحديث، كإرسال ما وصله الثقة، وبناء على ذلك قال بعضهم: من الحديث الصحيح ما هو صحيح معلل.
4- جلالته ودقته ومن يتمكن منه :
معرفة علل الحديث من أجلَّ علوم الحديث وأدقها ، لأنه يحتاج إلى كشف العلل الغامضة الخفية التي لا تظهر إلا للجهابذة في علوم الحديث ، وإنما يتمكن منه ويقوي على معرفته أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب ، ولهذا لم يَخُضْ غماره إلا القليل من الأئمة كابن المديني وأحمد والبخاري وأبي حاتم والدارقطني
5- إلى أي إسناد يتطرق التعليل ؟
يتطرق التعليل إلى الإسناد الجامع شروط الصحة ظاهراً، لأن الحديث الضعيف لا يحتاج إلى البحث عن علله إذ أنه مردود لا يعمل به .
6- بِمَ يُسْتَعان على إدراك العلة ؟
يُستعان على إدراك العلة بأمور منها :
أ) تفرُّد الراوي .
ب) مخالفة غيره له .
ت) قرائن أخرى تنضم إلى ما تقدم في الفقرتين ( أ ، ب ) .
هذه الأمور تنبه المعارف بهذا الفن على وهم وقع من راوي الحديث ، إما بكشف إرسال في حديث رواه موصولاً أو وقف في حديث رواه مرفوعاً أو إدخاله حديثاً في حديث أو غير ذلك من الأوهام ، بحيث يغلب على ظنه ذلك فيحكم بعدم صحة الحديث.
7- ما هو الطريق إلى معرفة المُعَلَّل ؟
الطريق إلى معرفته هو جمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته، والموازنة بين ضبطهم وإتقانهم، ثم الحكم على الرواية المعلولة.
8- أين تقع العلة ؟
أ) تقع في الإسناد ـ وهو الأكثر ـ كالتعليل بالوقف والإرسال.
ب) وتقع في المتن ـ وهو الأقل ـ مثل حديث نفي قراءة البسملة في الصلاة.
9- هل العلة في الإسناد تقدح في المتن ؟
أ) قد تقدح في المتن مع قدحها في الإسناد ، وذلك مثل التعليل بالإرسال.
ب) وقد تقدح في الإسناد خاصة ، ويكون المتن صحيحاً مثل حديث يَعْلَي بن عُبَيْد، عن الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً " الَبَيِّعَان بالخِيار " فقد وهم يَعْلَي على سفيان الثوري في قوله " عمرو بن دينار " إنما هو عبدالله بن دينار ، فهذا المتن صحيح ، وان كان في الإسناد علة الغَلَط ، لأن كُلّاً من عمرو وعبد الله بن دينار ثقة . فإبدال ثقة بثقة لا يضر صحة المتن ، وان كان سياق الإسناد خطأ .
10 - أشهر المصنفات فيه :
أ) كتاب العلل لابن المديني .
ب) علل الحديث لابن أبي حاتم .
ج) العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل .
د) العلل الكبير، والعلل الصغير، للترمذي .
هـ) العلل الواردة في الأحاديث النبوية للدارقطني ، وهو أجمعها وأوسعها .
المخالفة للِثقات
إذا كان سبب الطعن في الراوي مخالفته للثقات ـ وهو السبب السابع ـ فينتج عن مخالفته للثقات خمسة أنواع من علوم الحديث ، وهي : " المُدْرَج ، والمَقْلوب ، والمَزِيْد في متصل الأسانيد والمُضطَّرِب والمُصَحَّف "
1- فان كانت المخالفة بتغيير سياق الإسناد أو بدمج موقوف بمرفوع فيسمي " المٌدْرَج ".
2- وان كانت المخالفة بتقديم أو تأخير فيسمي " المقلوب ".
3- وان كانت المخالفة بزيادة راوٍ فيسمي " المزيد في متصل الأسانيد "
4- وان كانت المخالفة بإبدال راو براو أو بحصول التدافع في المتن ولا مُرَجِّح فيسمي "المٌضْطَّرب "
5- وان كانت المخالفة بتغيير اللفظ مع بقاء السياق فيسمي " المٌصَحَّف "
وإليك تفصيل البحث فيها على التوالي
المٌدْرَج
1- تعريفه:
أ) لغة : اسم مفعول من " أدرجت " الشيء في الشيء ، إذا أدخلته فيه وضمنته إياه
ب) اصطلاحاً: ما غير سياق إسناده، أو أدخل في متنه ما ليس منه بلا فصل.
2- أقسامه:
المدرج قسمان، مٌدْرَج الإسناد، ومٌدْرَج المتن.
أ) مدرج الإسناد.
1- تعريفه:هو ما غير سياق إسناده.
2- من صوره : أن يسوق الراوي الإسناد ، فيعرض له عارض ، فيقول كلاماً من قبل نفسه، فيظن بعض من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد ، فيرويه عنه كذلك .
3- مثاله : قصة ثابت بن موسى الزاهد في روايته : " من كثرت صلاته بالليل حَسُنَ وجهه بالنهار " وأصل القصة أن ثابت بن موسى دخل على شريك بن عبدالله القاضي وهو يُمْلِي ويقول : " حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " وسكت ليكتب المُسْتَمْلِي ، فلما نظر إلى ثابت قال : " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " وقصد بذلك ثابتاً لزهده وورعه، فظن ثابت أنه متن ذلك الإسناد ، فكان يحدث به .
ب) مدرج المتن :
1- تعريفه: ما أُدْخِلَ في متنه ما ليس منه بلا فَصْل.
2- أقسامه: ثلاثة وهي:
أ) أن يكون الإدراج في أول الحديث، وهو القليل، لكنه أكثر من وقوعه في وسطه
ب) أن يكون الإدراج في وسط الحديث، وهو أقل من الأول.
ت) أن يكون الإدراج في آخر الحديث ، وهو الغالب .
3- أمثلة له :
أ) مثال لوقوع الإدراج في أول الحديث : وسببه أن الراوي يقول كلاماً يريد أن يستدل عليه بالحديث فيأتي به بلا فصل ، فيتوهم السامع أن الكل حديث ، مثل " ما رواه الخطيب من رواية أبي قَطَن وشَبَابَةَ ـ فَرَّقَهُما ـ عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " أَسْبِغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار " فقوله :"أسبغوا الوضوء " مُدْرَج من كلام أبي هريرة كما بُيِّنَ في رواية البخاري عن آدم عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال : " أسبغوا الوضوء ، فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال : " ويل للأعقاب من النار " .
قال الخطيب : " وهم أبو قَطَنٍ وشَبَابَةٌ في روايتهما له عن شعبة على ما سقناه ، وقد رواه الجَمٌّ الغَفير عنه كرواية آدم "
ت) مثال لوقوع الإدراج في وسط الحديث : حديث عائشة في بدء الوحي : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يَتَحَنَّثُ في غار حراء ـ وهو التَعَبُّدُ ـ الليالي ذوات العدد " فقوله : " وهو التعبد " مدرج من كلام الزهري .
ث) مثال لوقوع الإدراج في آخر الحديث : حديث أبي هريرة مرفوعاً " للعبد المملوك أجران ، والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبِرُّ أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك "
فقوله : " والذي نفسي بيده .... الخ " من كلام أبي هريرة، لأنه يستحيل أن يصدر ذلك منه صلى الله عليه وسلم. لأنه لا يمكن أن يتمني الرَّقَّ، ولأن أمه لم تكن موجودة حتى يَبَرَّها.
3- دواعي الإدراج:
دواعي الإدراج متعددة أشهرها ما يلي:
أ) بيان حكم شرعي .
ب) استنباط حكم شرعي من الحديث قبل أن يتم الحديث.
ت) شرح لفظ غريب في الحديث .
4- كيف يُدْرَك الإدراج ؟
يُدَرك الإدراج بأمور منها .
أ) وروده منفصلا في رواية أخري .
ب) التنصيص عليه من بعض الأئمة المطلعين .
ت) إقرار الراوي نفسه أنه أدرج هذا الكلام .
ث) استحالة كونه صلي الله عليه وسلم ذلك.
5- حكم الإدراج :
الإدراج حزام بإجماع العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم ، ويستثني من ذلك ما كان لتفسير غريب ، فانه غير ممنوع ، ولذلك فعله الزهري وغيره من الأئمة .
6- أشهر المصنفات فيه :
أ) " الفَصْلُ للوَصْل المُدْرَج في النََّقْل " للخطيب البغدادي.
ب) " تقريب المَنْهَج بترتيب المُدْرَج " لابن حجر، وهو تلخيص لكتاب الخطيب وزيادة عليه .
المَقلوب
1- تعريفه:
أ) لغة: هو اسم مفعول من " القَلْب " وهو تحويل الشيء عن وجهه
ب) اصطلاحاً: إبدال لفظ بآخر في سند الحديث أو متنه، بتقديم أو تأخير ونحوه.
2- أقسامه:
ينقسم المقلوب إلى قسمين رئيسيين هما:
مقلوب السند، ومقلوب المتن.
أ) مقلوب السند : وهو ما وقع الإبدال في سنده ، وله صورتان .
1- أن يُقَدَّم الراوي ويؤخر في اسم أحد الرواة واسم أبيه ، كحديث مروي عن " كعب بن مُرَّة " فيرويه الراوي عن " مُرَّة بن كعب " .
2- أن يُبْدِل الراوي شخصاً بآخر بقصد الإغراب : كحديث مشهور عن " سالم " فيجعله الراوي عن " نافع "
وممن كان يفعل ذلك من الرواة " حماد بن عمرو النصيبي " وهذا مثاله : حديث رواه حماد النصيبي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدءوهم بالسلام " فهذا حديث مقلوب ، قلبه حماد ، فجعله عن الأعمش ، وإنما هو معروف عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة . هكذا أخرجه مسلم في صحيحه.
وهذا النوع من القلب هو الذي يُطْلَق على راويه أنه يسرق الحديث .
ب) مقلوب المتن: وهو ما وقع الإبدال في متنه، وله صورتان أيضاً.
1- أن يُقَدَّم الراوي ويؤخر في بعض متن الحديث
ومثاله : حديث أبي هريرة عند مسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ففيه " ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله " فهذا مما انقلب على بعض الرواة وإنما هو : " حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " .
2- أن يَجعل الراوي متن هذا الحديث على إسناد آخر، ويجعل إسناده لمتن آخر، وذلك بقصد الامتحان وغيره.
مثاله : ما فعل أهل بغداد مع الإمام البخاري ، إذ قلبوا له مائة حديث ، وسألوه عنها امتحاناً لحفظه ، فرَدَّها على ما كانت عليه قبل القلب ، ولم يخطئ في واحد منها
3- الأسباب الحاملة على القَلْب :
تختلف الأسباب التي تحمل بعض الرواة على القلب، وهذه الأسباب هي:
أ) قصد الإغراب ليرغب الناس في رواية حديثه والأخذ عنه .
ب) قصد الامتحان والتأكد من حفظ المحدث وتمام ضبطه .
ج) الوقوع في الخطأ والغلط من غير قصد .
4- حكم القلب :
أ) إن كان القلب بقصد الإغراب فلا شك في أنه لا يجوز لأن فيه تغييراً للحديث ، وهذا من عمل الوضاعين .
ب) وإن كان بقصد الامتحان، فهو جائز للتثبت من حفظ المحدث وأهليته، وهذا بشرط أن يُبَيَّنَ الصحيح قبل انفضاض المجلس.
ج) وان كان عن خطأ وسهو ، فلا شك أن فاعله معذور في خطئه ، لكن إذا كثر ذلك منه فانه يُخِلُّ بضبطه ، ويجعله ضعيفاً .
أما الحديث المقلوب فهو من أنواع الضعيف المردود كما هو معلوم.
5- أشهر المصنفات فيه :
أ) كتاب "رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والألقاب " للخطيب البغدادي، والظاهر من اسم الكتاب أنه خاص بقسم المقلوب الواقع في السند فقط.
المَزِيد في مٌتَّصِل الأسانيد
1- تعريفه:
أ) لغة: المزيد اسم مفعول من " الزيادة ". والمتصل ضد المنقطع ، والأسانيد جمع إسناد .
ب) اصطلاحاً : زيادة راوٍ في أثناء سند ظاهره الاتصال .
2- مثاله:
ما روي ابن المبارك قال : حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن يزيد ، حدثني بُسْر بن عُبيد الله، قال سمعت أبا إدريس قال سمعت واثلة يقول سمعت أبا مَرْثد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تجلسوا على القبور ولا تُصَلُّوا إليها "
3- الزيادة في هذا المثال :
الزيادة في هذا المثال في موضعين ، الموضع الأول في لفظ " سفيان " والموضع الثاني في لفظ " أبا إدريس " وسبب الزيادة في الموضعين هو الوهم .
أ) أما زيادة " سفيان " فوهم ممن دون ابن المبارك ، لأن عدداً من الثقات رووا الحديث عن ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد ، ومنهم من صرح فيه بالإخْبار.
ب) وأما الزيادة " أبا إدريس " فوهم من ابن المبارك ، لأن عدداً من الثقات رووا الحديث عن عبد الرحمن بن يزيد فلم يذكروا أبا إدريس، ومنهم من صرح بسماع بُسْر من واثلة.
4- شروط رد الزيادة:
يشترط لِرَدَّ الزيادة واعتبارها وهماً ممن زادها شرطان وهما:
أ) أن يكون من لم يزدها أتقن ممن زادها .
ب) أن يقع التصريح بالسماع في موضع الزيادة .
فان اختل الشرطان أو واحد منهما ترجحت الزيادة وقُبِلَتْ ، واعتبر الإسناد الخالي من تلك الزيادة منقطعاً ، لكن انقطاعه خَفٍيُّ وهو الذي يسمى " المرسل الخفي " .
5- الاعتراضات الواردة على ادَّعاء وقوع الزيادة :
يُعْتَرَض على ادعاء وقوع الزيادة باعتراضين هما
أ) إن كان الإسناد الخالي عن الزيادة بحرف "عن "في موضع الزيادة، فينبغي أن يٌجْعَل منطقاً.
ب) وان كان مصرََّحا فيه بالسماع، أُحْتُمِل أن يكون سَمِعَهُ من رجل عن أولاً، ثم سمعه منه مباشرة، ويمكن أن يُجاب عن ذلك بما يلي:
أ) أما الاعتراض الأول فهو كما قال المعترض.
ب) وأما الاعتراض الثاني، فالاحتمال المذكور فيه ممكن لكن العلماء لا يحكمون على الزيادة بأنها وهم إلا مع قرينة تدل على ذلك.
6- أشهر المصنفات فيه :
كتاب " تمييز المزيد في متصل الأسانيد " للخطيب البغدادي.
المٌضْطَّرِب
1- تعريفه:
أ) لغة: هو اسم فاعل من " الاضطراب " وهو اختلال الأمر وفساد نظامه، وأصله من اضطراب الموج ، إذا كثرت حركته وضرب بعضه بعضاً .
ب) اصطلاحاً: ما رُوِيَ على أَوْجٌهٍ مختلفة متساوية في القوة.
2- شرح التعريف :
أي هو الحديث الذي يُرْوَي على أشكال متعارضة متدافعة، بحيث لا يمكن التوفيق بينها أبداً، وتكون جميع تلك الروايات متساوية في القوة من جميع الوجوه، بحيث لا يمكن ترجيح أحدهما على الأخرى بوجه من وجوه الترجيح.
3- شروط تحقق الاضطراب:
يتبين من النظر في تعريف المضطرب وشرحه أنه لا يسمي الحديث مضطرباً إلا إذا تحقق فيه شرطان وهما:
أ) اختلاف روايات الحديث بحيث لا يمكن الجمع بينهما.
ب) تساوي الروايات في القوة بحيث لا يمكن ترجيح رواية على أخري .
أما إذا ترجحت إحدى الروايات على الأخرى، أو أمكن الجمع بينها بشكل مقبول فان صفة الاضطراب. تزول عن الحديث، ونعمل بالرواية الراجحة في حالة الترجيح ، أو نعمل بجميع الروايات في حالة إمكان الجمع بينها .
4- أقسامه:
ينقسم المضطرب بحسب موقع الاضطراب فيه إلى قسمين مضطرب السند ومضطرب المتن، ووقوع الاضطراب في السند أكثر .
أ) مضطرب السند : ومثاله : حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله أَرَاكَ شِبْتَ ، قال " شَيَّبَتْني هٌوْدٌ وأخواتها "
قال الدارقطني : " هذا مضطرب ،فانه لم يُرْوَ إلا من طريق أبي اسحق ، وقد أُخْتُلِِفَ عليه فيه على نحو عشرة أوجه ، فمنهم من رواه مرسَلا ، ومنهم من رواه موصولاً ، ومنهم من جعله من مسند أبي بكر ، ومنهم من جعله من مسند سعد ، ومنهم من جعله من مسند عائشة، وغير ذلك ، ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض والجمع متعذر .
ب) مضطرب المتن : ومثاله : ما رواه الترمذي عن شَرِيك عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت : " سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الزكاة فقال : إن في المال لَحَقا سِوَي الزكاة " ورواه ابن ماجة من هذا الوجه بلفظ " ليس في المال حق سوي الزكاة " قال العراقي " فهذا اضطراب لا يحتمل التأويل " .
5- مِمَّن يقع الاضطراب ؟
أ) قد يقع الاضطراب من راو واحد، بأن يَرْوِي الحديث على أوجه مختلفة.
ب) وقد يقع الاضطراب من جماعة، بأن يَرْوِي كل منهم الحديث على وجه يخالف راوية الآخرين.
6- سبب ضعف المضطرب :
وسبب ضعف المضطرب أن الاضطراب يُشْعِر بعدم ضبط رواته .
7_ أشهر المصنفات فيه :
كتاب " المُقْتَرِب في بيان المضطرب " للحافظ ابن حجر .
المٌصَحَف
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من " التصحيف " وهو الخطأ في الصحيفة ومنه " الصَّحَفِيٌّ " وهو من يخطئ في قراءة الصحيفة فيغير بعض ألفاظها بسبب خطئه في قراءتها .
ب) اصطلاحاً : تغيير الكلمة في الحديث إلى غير ما رواها الثقات لفظاً أو معني .
2- أهميته ودقته :
هو فن جليل دقيق ، وتَكْمُنُ أهميته في كشف الأخطاء التي وقع فيها بعض الرواة ، وإنما ينهض بأعباء هذه المهمة الحُذَّاق من الحفاظ كالدارقطني .
3_ تقسيماته:
قسم العلماء المُصَحف إلى ثلاثة تقسيمات ، كل تقسيم باعتبار ، وإليك هذه التقسيمات:
أ) باعتبار مَوْقِعِهِ: ينقسم المُصَحَّف باعتبار موقعه إلى قسمين وهما:
1- تصحيف في الإسناد: ومثاله : حديث شعبة عن " العَوَّام ابن مُرَاجِم " صحفهُ ابن مَعِين فقال : عن " العَوَّام بن مُزاحم " .
2- تصحيف في المتن: ومثاله حديث زيد بن ثابت أن النبي صلي لله عليه وسلم " احْتَجَزَ في المسجد.... " صَحَّفَهُ ابن لهيعة فقال : " احْتَجَمَ في المسجد ..."
ب) باعتبار مَنْشَئه : وينقسم باعتبار منشئه إلى قسمين أيضا وهما :
1- تصحيف بَصَر : ( هو الأكثر ) أي يشتبه الخَطَّ على بَصَر القارئ إما لرداءة الخط أو عدم نَقْطِهِ . ومثاله : " من صام رمضان وأتبعه سِتَّاً من شوال .." صَحِّفَهُ أبو بكر الصٌّوْلي فقال : " من صام رمضان وأتبعه شيئا من شوال ... " فصَحَّف " ستاً" إلى " شيئاً "
2- تصحيف السمع : أي تصحيف منشؤه رداءة السمع أو بُعْدُ السامع أو نحو ذلك ، فتشتبه عليه بعض الكلمات لكونها على وزن صَرْفي واحد .ومثاله : حديث مروي عن " عاصم الأحول " صحفه بعضهم فقال : عن " واصل الأحدب " .
جـ) باعتبار لفظه أو معناه: وينقسم باعتبار لفظه أو معناه إلى قسمين وهما:
1- تصحيف في اللفظ: " وهو الأكثر " وذلك كالأمثلة السابقة.
2- تصحيف في المعني: أي أن يُبْقِيِ الراوي المُصَحِّف اللفظ على حاله، لكن يفسره تفسيراً يدل على أنه فهم معناه فهماً غير مراد.
ومثاله : قول أبي موسى العَنَزي : " نحن قوم لنا شرف نحن من عَنَزَه ، صَلَّي إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد بذلك حديث " أن النبي صلي الله عليه وسلم صلي إلى عَنَزَه " فتوهم أنه صلي إلى قبيلتهم ، وإنما العَنَزَةٌ هنا الحرْبَةُ تُنْصَبُ بين يدي المصلي .
4- تقسيم الحافظ ابن حجر :
هذا وقد قسم الحافظ ابن حجر التصحيف تقسيما آخر، فجعله قسمين وهما:
أ) المُصَحَّف: وهو ما كان التغيير فيه بالنسبة إلى نَقْط الحروف مع بقاء صورة الخَط.
ب) المُحَرَّف: وهو ما كان التغيير فيه بالنسبة إلى شَكْل الحروف مع بقاء صورة الخط.
5- هل يقدح التصحيف بالراوي ؟
أ) إذا صدر من الراوي نادراً فانه لا يقدح في ضبطه لأنه لا يسلم من الخطأ والتصحيف القليل أحد.
ب) وإذا كثر ذلك منه فإنه يقدح في ضبطه، ويدل على خفته وانه ليس من أهل هذا الشأن.
6- السبب في وقوع الراوي في التصحيف الكثير :
غالباً ما يكون السبب في وقوع الراوي في التصحيف هو أخذ الحديث من بطون الكتب والصُّحُف ، وعدم تلقيه عن الشيوخ والمدرسين ، ولذلك حذر الأئمة من أخذ الحديث عمن هذا شأنهم وقالوا " لا يؤخذ الحديث من صَحَفٍيٍ " أي لا يؤخذ عمن أخذه من الصحف .
7 - أشهر المصنفات فيه :
أ) التصحيف للدارقطني .
ب) إصلاح خطأ المحدثين للخطابي .
ج) تصحيفات المحدثين، لأبي أحمد العسكري.
الشاذ والمحفوظ
1- تعريف الشاذ:
أ) لغة: اسم فاعل من " شذ " بمعني " انفرد " فالشاذ معناه " المنفرد عن الجمهور "
ب) اصطلاحاً: ما رواه المقبول مخالفاً لم هو أولي منه.
2- شرح التعريف :
المقبول هو: العدل الذي تَمَّ ضبطه، أو العدل الذي خَفَّ ضبطه، ومن هو أولى منه: أرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات.
هذا وقد اختلف العلماء في تعريفه على أقوال متعددة لكن هذا التعريف هو الذي اختاره الحافظ ابن حجر وقال : انه المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح
3- أين يقع الشذوذ ؟
يقع الشذوذ في السند ، كما يقع في المتن أيضاً .
أ) مثال الشذوذ في السند :
"ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من طريق ابن عيينة عمرة بن دينار عن عَوْسَجَه عن ابن عباس أن رجلا توفي على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم يدع وارثاً إلا مولي هو أعتقه " وتابع ابن عيينة على وصله ابن جُرَيْج وغيره ، وخالفهم حماد بن زيد ، فرواه عن عَمرو بن دينار عن عوسجة ولم يذكر ابن عباس .
ولذا قال أبو حاتم " المحفوظ حديث ابن عيينة فحماد بن زيد من أهل العدالة والضبط ، ومع ذلك فقد رجح أبو حاتم رواية من هم أكثر عدداً منه .
ب) مثال الشذوذ في المتن :
ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد ابن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا صلى أحدكم الفجر فليضطجع عن يمينه " قال البيهقي خالف عبد الواحد العدد الكثير في هذا ، فان الناس إنما رووه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم . لا من قوله ، وانفرد عبد الواحد من بين ثقات أصحاب الأعمش بهذا اللفظ .
4- المحفوظ:
هذا ويقابل الشاذَّ " المحفوظُ " وهو:
ما رواه الأوثق مخالفاً لرواية الثقة
ومثاله : هو المثالان المذكوران في نوع الشاذ .
5- حكم الشاذ والمحفوظ :
من المعلوم أن الشاذ حديث مردود، أما المحفوظ فهو حديث مقبول.
الجهَالة بالرَّاوي
1- تعريفها:
أ) لغة: مصدر " جَهِلَ " ضد " عَلِمَ " والجهالة بالراوي تعني عدم معرفته.
ب) اصطلاحاً: عدم معرفة عَيْنِ الراوي أو حاله.
2- أسبابها:
وأسباب الجهالة بالراوي ثلاثة وهي:
أ) كثرة نعوت الراوي: من اسم أو كنيه أو لقب أو صفة أو حرفة أو نسب، فيشتهر بشيء منها فيُذْكَر بغير ما اشتهر به لغرض من الأغراض، فيُظن أنه راو آخر ، فيحصل الجهل بحاله .
ب) قلة روايته : فلا يكثر الأخذ عنه بسبب قلة روايته فربما لم يروعن إلا واحدا .
ت) عدم التصريح باسمه : لأجل الاختصار ونحوه . ويسمى الراوي غير المصرح باسمه "المُبْهَم "
3- أمثلة:
أ) مثال كثرة نعوت الراوي : " محمد بن السائب بن بشر الكلبي " نسبه بعضهم إلى جده فقال " محمد بن بشر " وسماه بعضهم " حماد بن السائب " وكناه بعضهم " أبا النضر " وبعضهم " أبا سعيد " وبعضهم " أبا هشام " فصار يُظَن أنه جماعة ، وهو واحد .
ب) مثاله قلة رواية الراوي وقلة من روي عنه : " أبو العشراء الدارمي " من التابعين ، لم يرو عنه غير حماد بن سلمة .
ج ) مثال عدم التصريح باسمه: قول الراوي: أخبرني فلان أو شيخ أو رجل أو نحو ذلك.
4- تعريف المجهول:
هو من لم تُعْرَف عَيْنُهُ أو صفته
ومعني ذلك أي هو الراوي الذي لم تعرف ذاته أو شخصيته أو عرفت شخصيته ولكن لم يعرف عن صفته أي عدالته وضبطه شيء.
5- أنواع المجهول:
يمكن أن يقال أن أنواع المجهول ثلاثة هي :
أ) مجهول العَيْن:
1- تعريفه: هو من ذُكِر اسمه ، ولكن لم يَرْوِ عنه إلا راو واحد .
2- حكم روايته : عدم القبول ، إلا إذا وُثِّقَ .
3- كيف يوثق : يوثق بأحد أمرين .
أ) أما أن يوثقه غير من روي عنه.
ب) وإما أن يوثقه من روى عنه بشرط أن يكون من أهل الجرح والتعديل.
4- هل لحديثه اسم خاص ؟ ليس لحديثه اسم خاص ، وإنما حديثه من نوع الضعيف .
ب) مجهول الحال: ( ويسمي المستور )
1- تعريفه: هو من روي عنه اثنان فأكثر، لكن لن يُوَثَّق.
2- حكم روايته: الرد، علي الصحيح الذي قاله الجمهور.
3- هل لحديثه اسم خاص ؟ ليس لحديثه اسم خاص ، وإنما حديثه من نوع الضعيف .
جـ)المُبهم : ويمكن أن نعتبر المبهم من أنواع المجهول ، وإن كان علماء الحديث قد أطلقوا عليه اسما خاصاً ، لكن حقيقته تشبه حقيقة المجهول .
1- تعريفه: هو من لم يُصَرَّح باسمه في الحديث.
2- حكم روايته: عدم القبول، حتى يُصَرَّح الراوي عنه باسمه، أو يُعْرَفَ اسمه بوروده من طريق آخر مصرح فيه اسمه.
وسبب رد روايته جهالة عينه، لأن من أُبِهْم اسمُه جُهِلت عينُه وجهلت عدالته من باب أولي، فلا تقبل روايته.
3- لو أُبْهَمَ بلفظ التعديل فهل تُقْبَل روايته ؟ : وذلك مثل أن يقول الراوي عنه : "أخبرني الثقة " والجواب : أنه لا تقبل روايته أيضاً على الأصح لأنه قد يكون ثقة عنده غير ثقة عند غيره
4- هل لحديثه اسم خاص ؟ : نعم لحديثه اسم خاص هو " المُبْهَم " والحديث المبهم هو الحديث الذي فيه راو لم يُصَرَّح باسمه ، قال البيقوني في منظومته : " ومُبْهَمُ ما فيه راو بم يُسَمَّ " .
6- أشهر المصنفات في أسباب الجهالة :
أ) كثرة نعوت الراوي: صنف فيها الخطيب كتاب " مُوْضِح أوهام الجَمْع والتفريق "
ب) قلة رواية الراوي :صُنف فيها كتب سميت " كتب الوحدان " أي الكتب المشتملة على من لم يَرْوِ عنه إلا واحد ، ومن هذه الكتب " الوُحْدان " للإمام مسلم .
ج) عدم التصريح باسم الراوي : وصُنِّف فيه كتب المُبْهَمَات " مثل كتاب " الأسماء المُبهمة في الأنباء المُحْكَمَة " للخطيب البغدادي وكتاب " المُسَتفاد من مُبْهَمَات المتن والإسناد " لولي الدين العراقي .
البِدْعَة
1- تعريفها:
أ) لغة: هي مصدر من " بَدَعَ " بمعنى " أَنْشَأَ " كابتداع كما في القاموس .
ب) اصطلاحاً : الحدث في الدين بعد الإكمال ، أو ما اسْتُحْدِثَ بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الأهواء والأعمال .
2- أنواعها:
البدعة نوعان .
أ) بدعة مُكَفِّرة : أي يُكَفَّر صاحبُها بسببها ، كأن يعتقد ما يستلزم الكفر ، والمعتمد أن الذي تُرَدُّ روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوما من الدين بالضرورة أو من اعتقد عكسَه
ب) بدعة مُفَسِّقَة:أي يُفَسََق صاحبها بسببها، وهو من لا تقتضي بدعته التكفير أصلاً.
3- حكم رواية المبتدع :
أ) إن كانت بدعته مُكَفِّرَة : تُرَدُّ روايته .
ب) وان كانت بدعته مُفَسِّقَة: فالصحيح الذي عليه الجمهور، أن روايته تقبل بشرطين:
1- ألا يكون داعية إلى بدعته .
2- وألا يروي ما يروِّج بدعته .
4- هل لحديث المبتدع اسم خاص ؟
ليس لحديث المبتدع اسم خاص به، وإنما حديثه من نوع المردود كما عرفت، ولا يقبل إلا بشروط التي ذكرت أنفاً.
سوء الحفظ
1- تعريف سيء الحفظ :
هو من لم يُرَجَّح جانب إصابته على جانب خطئه .
2- أنواعه:
سيء الحفظ نوعان .
أ) إما أن ينشأ سوء الحفظ معه من أول حياته ويلازمه في جميع حالاته ، ويسمى خبره الشاذ على رأي بعض أهل الحديث .
ب) وأما يكون سوء الحفظ طارئاً عليه ، أما لكبره أو لذهاب بصره ، أو لاحتراق كتبه ، فهذا يسمى " المَخْتَلَط ".
3- حكم روايته :
أ) أما الأول : وهو من نشأ على سوء الحفظ ، فروايته مردودة .
ب) وأما الثاني : أي المُخْتَلَط فالحكم في روايته التفصيل الآتي :
1- فما حَدَّث به قبل الاختلاط، وتَمَيز ذلك: فمقبول.
2- وما حدث به بعد الاختلاط: فمردود.
3- وما لم يتميز أنه حدث به قبل الاختلاط أو بعده : تُوُقَّفَ فيه حتى يتميز .
الفصل الرابع
الخبر المُشْتَرَك بين المقبول والمردود
- المبحث الأول: تقسيم الخبر بالنسبة إلى من أُسْنِدَ إليه.
- المبحث الثاني: أنواع متفرقة مشتركة بين المقبول والمردود.
المبْحَث الأول
ـ تقسيم الخبر بالنسبة إلى من أُسْنِد إليه ـ
ينقسم الخبر بالنسبة إلى من أُسْنِد إليه إلى أربعة أقسام وهي:
الحديث القدسي ـ المرفوع ـ الموقوف ـ المقطوع. وإليك بحث هذه الأقسام تفصيلا على التوالي.
الحديث القُدْسي
1- تعريفه:
أ) لغة: القُدْسِيُّ نسبة إلى " القُدْس " أي الطُّهْر، كما في القاموس . أي الحديث المنسوب إلى الذات القدسية . وهو الله سبحانه وتعالى .
ب) اصطلاحاً : هو ما نُقِلَ إلينا عن النبي صلي الله عليه وسلم مع إسناده إياه إلى ربه عز وجل .
2- الفرق بينه وبين القرآن :
هناك فروق كثيرة أشهرها ما يلي:
أ) أن القرآن لفظه ومعناه عن الله تعالى، والحديث القدسي معناه من الله، ولفظه من عند النبي صلي الله عليه وسلم.
ب) والقرآن يُتَعَبَّد بتلاوته، والحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته.
ت) القرآن يشترط في ثبوته التواتر، والحديث القدسي لا يشترط في ثبوته التواتر.
3- عدد الأحاديث القدسية :
والأحاديث القدسية ليست بكثيرة بالنسبة لعدد الأحاديث النبوية وعددها يزيد على المائتي حديث .
4- مثاله:
ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عن الله تبارك وتعالى أنه قال " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تَظَالموا ...."
5- صِيَغُ روايته :
لراوي الحديث القدسي صيغتان يَرْوِي الحديث بأيهما شاء ، وهما :
أ) قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل.
ب) قال الله تعالى، فيما رواه عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم .
6- أشهر المصنفات فيه :
الإتحافات السَّنِية بالأحاديث القدسية ، لعبدالرؤوف المُناوي جَمَع فيه / 272/ حديثاً.
المَرْفُوع
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من فعل " رَفعَ " ضد وَضَعَ " كأنه سُمي بذلك لنِسْبَتِهِ إلى صاحب المقام الرَّفيع، وهو النبي صلي الله عليه وسلم.
ب) اصطلاحاً: ما أُضيف إلى النبي صلي الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
2- شرح التعريف :
أي هو ما نُسِبَ أو ما أُسْنِدَ إلى النبي صلي الله عليه وسلم سواء كان هذا المضاف قولا للنبي صلي الله عليه وسلم أو فعلا أو تقريراً أو صفة وسواء كان المُضِيْفُ هو الصحابي أو من دونه ، متصلا كان الإسناد أو منقطعاً ، فيدخل في المرفوع الموصول والمرسل والمتصل والمنقطع ، هذا هو المشهور في حقيقته ، وهناك أقوال أخري في حقيقته وتعريفه .
3- أنواعه:
يتبين من التعريف أن أنواع المرفوع أربعة وهي:
أ) المرفوع القولي .
ب) المرفوع الفعلي.
ج) المرفوع التقريري.
د) المرفوع الوصفي .
4- أمثلة:
أ) مثال المرفوع القولي : أن يقول الصحابي أو غيره : " قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كذا ...... " .
ب) مثال المرفوع الفعلي : أن يقول الصحابي أو غيره : " فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم كذا ......... " .
ج) مثال المرفوع التقريري: أن يقول الصحابي أو غيره " فُعِلَ بحَضْرَة النبي صلي الله عليه وسلم كذا " ولا يروي إنكاره لذلك الفعل.
د) مثال المرفوع الوصفي : أن يقول الصحابي أو غيره : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقاً " .
المَوْقوف
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من " الوَقف " كأن الراوي وقف بالحديث عند الصحابي، ولم يتابع سرد باقي سلسلة الإسناد.
ب) اصطلاحاً: ما أُضِيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير.
2- شرح التعريف :
أي هو ما نُسِبَ أو أُسْنِدَ إلى صحابي أو جَمْع من الصحابة سواء كان هذا المنسوب إليهم قولا أو فعلا أو تقريراً ، وسواء كان السند إليهم متصلا أو منقطعاً .
3- أمثلة:
أ) مثال الموقوف القولي : قول الراوي ، قال على بن أبي طالب رضي الله عنه : " حدثوا الناس بما يعرفون ، أتريدون أن يُكَذَّبَ الله ورسولُهُ "
ب) مثال الموقوف الفعلي: قول البخاري: " وأَمَّ ابنُ عباس وهو متيمم "
ج) مثال الموقوف التقريري : كقول بعض التابعين مثلاً : " فعلت كذا أمام أحد الصحابة ولم يُنْكِر عَلَيَّ " .
4- استعمال آخر له :
يستعمل اسم الموقوف فيما جاء عن غير الصحابة لكن مقيداً فيقال مثلا : " هذا حديث وقفه فلان على الزهري أو على عطاء ونحو ذلك .
5- اصطلاح فقهاء خراسان :
يسمي فقهاء خراسان :
أ) المرفوع: خبراًٍ. ب) والموقوف: أثراً.
أما المحدثون فيسمون كل ذلك " أثراً " لأنه مأخوذ من " أَثَرَتُ الشيء " أي رويته.
6- فروع تتعلق بالمرفوع حُكْماً:
هناك صور من الموقوف في ألفاظها وشكلها، لكن المدقق في حقيقتها يرى أنها بمعنى الحديث المرفوع، لذا أطلق عليها العلماء اسم " المرفوع حكماً " أي أنها من الموقوف لفظاً المرفوع حكماً.
ومن هذه الصور
أ) أن يقول الصحابي ـ الذي لم يُعْرَف بالأخذ عن أهل الكتاب ـ قولا لا مجال لاجتهاد فيه ، ولا له تعلق ببيان لغة أو شرح غريب مثل :
1- الإخبار عن الأمور الماضية، كَبَدْءِ الخَلقْ.
2- أو الإخبار عن الأمور الآتية ، كالملاحم والفتن وأحوال يوم القيامة .
3- أو الإخبار عما يحصل بفعله ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص، كقوله من فعل كذا فله أجر كذا.
ب) أو يفعل الصحابي مالا مجال للاجتهاد فيه : كصلاة على رضي الله عنه صلاة الكسوف في كل ركعة أكثر من ركوعين .
ج) أو يخبر الصحابي أنهم كانوا يقولون أو يفعلون كذا أو لا يرون بأساً بكذا .
1- فان أضافه إلى زمن النبي صلي الله عليه وسلم، فالصحيح أنه مرفوع، كقول جابر: " كنا نَعْزلُ علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم .
2- وان لم يُضِفْهُ إلى زمنه فهو موقوف عند الجمهور، كقول جابر: " كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا "2.
د) أو يقول الصحابي : " أُمِرْنا بكذا أو نُهينا عن كذا ، أو من السُّنة كذا " مثل قول بعض الصحابة : " أُمِرَ بلال أن يَشْفع الآذان ، ويُوْتِرَ الإقامة " . كقول أم عَطِيَّة " نُهينا عن إتباع الجنائز ، ولم يُعْزَم علينا " وكقول أبي قلابة عن أنس : " من السنة إذا تزوج البِكْرَ على الثَّيَّبِ أقام عندها سبعة "
ه) أو يقول الراوي في الحديث عند ذكر الصحابي بعض هذه اللكمات الأربع وهي : "يَرْفَعُهُ أو يَنْمِيهَ أو يَبْلٌغُ به ، أو رِوَايَةً " كحديث الأعرج عن أبي هريرة روايةً " تقاتلون قوماً صِغارَ الأعْيُنِ .
و) أو يفسر الصحابي تفسيراً له تعلق بسبب نزول آية : كقول جابر : " كانت اليهود تقول: من أتي امرأته من دبرها في قُبُلِها جاء الولد أَحْوَلَ ، فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم ........ الآية " .
7- هل يحتج بالموقوف ؟
الموقوف ـ كما عرفت ـ قد يكون صحيحاً أو حسناً أو ضعيفاً لكن حتى ولو ثبتت صحته فهل يحتج به ؟ والجواب عن ذلك أن الأصل في الموقوف عدم الاحتجاج به . لأنه أقوال وأفعال صحابة . لكنها أن ثبتت فأنها تقوي بعض الأحاديث الضعيفة ـ كما مر في المرسل ـ لأن حال الصحابة كان هو العمل بالسنة ، وهذا إذا لم يكن له حكم المرفوع ، أما أذا كان من الذي له حكم المرفوع فهو حجة كالمرفوع .
المَقْطوُع
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من " قَطَعَ " ضد " وَصَلَ".
ب) اصطلاحاً: ما أُضيف إلى التابعي أو من دونه من قول أو فعل .
2- شرح التعريف :
أي هو ما نُسِبَ أو أُسنِدَ إلى التابعي أو تابع التابعي فمن دونه من قول أو فعل ، والمقطوع غير المنقطع ، لأن المقطوع من صفات المتن ، والمنقطع من صفات الإسناد ، أي أن الحديث المقطوع من كلام التابعي فمن دونه ، وقد يكون السند متصلا إلى ذلك التابعي ، على حين أن المنقطع يعني أن إسناد ذلك الحديث غير متصل ، ولا تعلق له بالمتن .
3- أمثلة:
أ) مثال المقطوع القولي : قول الحسن البصري في الصلاة خلف المبتدع : " صَلِّ وعليه بدعتُه " .
ب) مثال المقطوع الفعلي : قول إبراهيم بن محمد بن المُنتْشَر " كان مسروق يُرْخِي السَّتْرَ بينه وبين أهله ، ويقبل على صلاته ويُخَلِّيهم ودنياهم "
4- حكم الاحتجاج به :
المقطوع لا يحتج به في شيء من الأحكام الشرعية ، أي ولو صحت نسبته لقائله ، لأنه كلام أو فعل أحد المسلمين ، لكن أن كانت هناك قرينة تدل على رفعه ، كقول بعض الرواة : ـ عند ذكر التابعي ـ " يرفعه " مثلا فيعتبر عندئذ له حكم المرفوع المرسَل .
5- إطلاقه على المنقطع :
أطلق بعض المحدثين كالشافعي والطبراني لفظ " المقطوع " وأرادوا به " المنقطع " أي الذي لم يتصل إسناده ، وهو اصطلاح غير مشهور .
وقد يُعْتَذر للشافعي بأنه قال ذلك قبل استقرار الاصطلاح أما الطبراني فإطلاقه ذلك تجوزاً عن الاصطلاح .
6- من مَظِنَّات الموقوف والمقطوع :
أ) مصنف ابن أبي شيبة .
ب) مصنف عبدالرزاق .
ج) تفاسير ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر .
المبْحَثُ الثَاني
أنواع أخري مشتركة بين المقبول والمردود
المُسْنَد
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من " أَسْنَدَ " بمعنى أضاف، أو نَسَبَ
ب) اصطلاحاً: ما اتصل سنده مرفوعاً إلى النبي صلي الله عليه وسلم
2 - مثاله:
ما أخرجه البخاري قال : " حدثنا عبدالله بن يوسف عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً "
فهذا حديث اتصل سنده من أوله إلى منتهاه، وهو مرفوع إلى النبي صلي الله عليه وسلم.
المُتَصِل
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم فاعل من " اتَّصَل " ضده " انْقَطَعَ " ويسمى هذا النوع بـ " الموصول " أيضاً.
ب) اصطلاحاً: ما اتصل سنده مرفوعاً كان أو موقوفاً.
2- مثاله:
أ) مثال المتصل المرفوع : " مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبدالله عن أبيه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال : كذا ....... "
ب) مثال المتصل الموقوف : " مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال كذا ..... "
3- هل يسمى قول التابعي متصلا ؟
قال العراقي : " وأما أقوال التابعين ـ إذا اتصلت الأسانيد إليهم ـ فلا يسمونها متصلة في حالة الإطلاق ، أما مع التقييد فجائز ، وواقع في كلامهم ، كقولهم هذا متصل إلى سعيد بن المسيب أو إلى الزهري أو إلى مالك ونحو ذلك ، قيل والنكتة في ذلك أنها تسمي " مقاطيع " فإطلاق المتصل عليها كالوصف لشيء واحد بمتضادين لغة " .
زيادات الثقات
1- المراد بزيادات الثقات :
الزيادات جمع زيادة ، والثقات جمع ثقة ، والثقة هو العدل الضابط ، والمراد بزيادة الثقة ما نراه زائداً من الألفاظ في رواية بعض الثقات لحديث ما عما رواه الثقات الآخرون لذلك الحديث.
2- أشهر من اعتني بها :
هذه الزيادات من بعض الثقات في بعض الأحاديث لفتت أنظار العلماء ، فتتبعوها واعتنوا بجمعها ومعرفتها ، وممن اشتهر بذلك الأئمة :
أ) أبو بكر عبدالله بن محمد بن زياد النيسابوري .
ب) أبو نُعَيم الجُرْجَاني .
ت) أبو الوليد حسان بن محمد القرشي .
3- مكان وقوعها:
أ) في المتن: بزيادة كلمة أو جملة.
ب) في الإسناد: برفع موقوف، أو وصل مرسل.
4- حكم الزيادة في المتن :
أما الزيادة في المتن فقد اختلف العلماء في حكمها على أقوال:
أ) فمنهم من قبلها مطلقاً .
ب) ومنهم من ردها مطلقاً .
ج) ومنهم من رد الزيادة من راوي الحديث الذي رواه أولاً بغير زيادة، وقبلها من غيره.
وقد قسم ابن الصلاح الزيادة بحسب قبولها وردها إلى ثلاثة أقسام ، وهو تقسيم حسن ، وافقه عليه النووي وغيره ، وهذا التقسيم هو :
أ) زيادة ليس فيها منافاة لما رواه الثقات أو الأوثق ، فهذه حكمها القبول ، لأنها كحديث تفرد برواية جملته ثقة من الثقات .
ب) زيادة منافية لما رواه الثقات أو الأوثق فهذه حكمها الرد ، كما سبق في الشاذ.
ت) زيادة فيها نوع منافاة لما رواه الثقات أو الأوثق وتنحصر هذه المنافاة في أمرين .
1- تقييد المطلق.
2- تخصيص العام.
وهذا القسم سكت عن حكمه ابن الصلاح ،وقال عنه النووي : " والصحيح قبول هذا الأخير"
5- أمثلة للزيادة في المتن :
أ) مثال للزيادة التي ليس فيها منافاة : ما رواه مسلم من طريق على بن مُسْهِر عن الأعمش عن أبي رَزين وأبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه من زيادة كلمة " فلْيُرِقْهُ " في حديث ولوغ الكلب ، ولم يذكرها سائر الحفاظ من أصحاب الأعمش ، وإنما رووه هكذا " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات " فتكون هذه الزيادة كخبر تفرد به علي بن مُسْهِرَ ، وهو ثقة، فتقبل تلك الزيادة .
ب) مثال للزيادة المنافية:
زيادة "يوم عرفة" ، في حديث "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عِيْدُنا أهل الإسلام ، وهي أيام أَكْل وشُرْب " فان الحديث من جميع طرقه بدونها ، وإنما جاء بها موسى بن على بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر ، والحديث أخرجه الترمذي وأبو داود وغيرهما .
جـ) مثال للزيادة التي فيها نوع منافاة : ما رواه مسلم من طريق أبي مالك الأشجعي عن رِبْعِي عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " .. وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً وجعلت تربتها لنا طهوراً " فقد تفرد أبو مالك الأشجعي بزيادة "تربتها" ولم يذكرها غيره من الرواة ، وإنما رووا الحديث هكذا " وجعلت لنا الأرض مسجداً طهوراً "
6- حكم الزيادة في الإسناد :
أما الزيادة في الإسناد فَتَنْصَبُّ هنا على مسألتين رئيسيتين يكثر وقوعهما، وهما تعارض الوصل مع الإرسال، وتعارض الرفع مع الوقف، أما باقي صور الزيادة في الإسناد فقد أفرد العلماء لها أبحاثاً خاصة مثل " المزيد في متصل الأسانيد "
هذا وقد اختلف العلماء في قبول الزيادة وردها على أربعة أقوال وهي :
أ) الحُكْمُ لمن وصله أو رفعه ( أي قبول الزيادة ) وهو قول جمهور الفقهاء والأصوليين .
ب) الحكم لمن أرسله أو وقفه ( أي ردُّ الزيادة ) وهو قول أكثر أصحاب الحديث .
ج) الحكم للأكثر: وهو قول بعض أصحاب الحديث.
د) الحكم للأحفظ : وهو قول بعض أصحاب الحديث .
ومثاله: حديث " لا نكاح إلا بولي " فقد رواه يونس بن أبي اسحق السَّبِيعي ، وابنُه إسرائيل وقيس بن الربيع عن أبي اسحق مسنداً متصلا ، ورواه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن أبي اسحق مرسَلا
الاعْتِبار والمُتَابع والشاهِد
1- تعريف كل منها:
أ) الاعْتِبَار:
1- لغة : مصدر " اعْتَبَر " بمعني الاعتبار النظر في الأمور ليعرف بها شيء آخر من جنسها.
2- اصطلاحاً:هو تتبع طرق حديث انفرد بروايته راو ليعرف هل شاركه في روايته غيرُه أو لا.
ب)المُتَابِع: ويسمي التابع.
1- لغة: هو اسم فاعل من " تابع " بمعني وافق.
2- اصطلاحاً: هو الحديث الذي يشارك فيه رواتُه رواه الحديث الفرد لفظاً ومعني فقط ، مع الإتحاد في الصحابي .
جـ) الشاهد:
1- لغة: اسم فاعل من "الشهادة" وسمي بذلك لأنه يشهد أن للحديث الفرد أصلاً، ويقويه، كما يقوي الشاهد قول المدعي ويدعمه.
2- اصطلاحاً: هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظاً ومعنى، أو معنى فقط، مع الاختلاف في الصحابي.
2- الاعتبار ليس قسيماً للتابع والشاهد :
ربما يتوهم شخص أن الاعتبار قسيم للتابع والشاهد، لكن الأمر ليس كذلك، وإنما الاعتبار هو هيئة التوصل إليهما، أي هو طريقة البحث والتفتيش عن التابع والشاهد.
3- اصطلاح آخر للتابع والشاهد :
ما ذُكِرَ من تعريف التابع والشاهد هو الذي عليه الأكثر ، وهو المشهور ، لكن هناك تعريف آخر لهما وهو :
أ) التابع : أن تحصل المشاركة لرواة الحديث الفرد باللفظ سواء اتحد الصحابي أو اختلف .
ب) الشاهد : أن تحصل المشاركة لرواة الحديث الفرد بالمعني سواء اتحد الصحابي أو اختلف، هذا وقد يطلق اسم أحدهما على الآخر ، فيطلق اسم التابع على الشاهد كما يطلق اسم الشاهد على التابع ، والأمر سهل كما قال الحافظ ابن حجر لأن الهدف منهما واحد ، وهو تقوية الحديث بالعثور على رواية أخري للحديث .
4- المتابعة :
أ) تعريفها:
1- لغة: مصدر " تَابَعَ " بمعنى " وَافَق " فالمتابعة إذن الموافقة.
2- اصطلاحاً: أن يشارك الراوي غيره في رواية الحديث.
ب) أنواعها: والمتابعة نوعان
1- متابعة تامة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي من أول الإسناد.
2- متابعة قاصرة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي أثناء الإسناد .
5- أمثلة:
سأذكر مثالا واحداً مَثَّلَ به الحافظ ابن حجر ، فيه المتابعة التامة والمتابعة القاصرة والشاهد وهو:
ما رواه الشافعي في الأمِّ عن مالك عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " الشهر تسع وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه فان غُمَّ عليكم فأكملوا العِدَّة ثلاثين "
فهذا الحديث بهذا اللفظ ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك ، فعُّدوه في غرائبه أن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسناد ، وبلفظ : " فان غُمِّ " عليكم فاقدروا له " لكن بعد الاعتبار وجدنا الشافعي متابعة تامة ، ومتابعة قاصرة ، وشاهدا .
أ) أما المتابعة التامة: فما رواه البخاري عن عبدالله بن مَسْلَمَة القَعْنَبي عن مالك بالإسناد نفسه ، وفيه " فان غُم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "
ب) وأما المتابعة القاصرة : فما رواه ابن خزيمة من طريق عاصم بن محمد عن أبيه محمد بن زيد عن جده عبدالله ابن عمر بلفظ " فكملوا ثلاثين "
ج) وأما الشاهد: فما رواه النسائي من رواية محمد بن حنين عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال، وفيه: " فان غم عليكم العدة ثلاثين ".
الباب الثاني
صفة من تُقبل روايتهُ وما يتعلق بذلك من الجرح والتعديل
المبحث الأول: في الراوي وشروط قبوله.
المبحث الثاني: فكرة عامة عن كتب الجرح والتعديل.
المبحث الثالث: مراتب الجرح والتعديل.
المْبحَثُ الأول
في الراوي وشروط قبوله
1- مقدمة تمهيدية:
بما أن حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم يصلنا عن طريق الرواة فهم الركيزة الأولي في معرفة صحة الحديث أو عدم صحته ، لذلك اهتم علماء الحديث بالرواة ،وشرطوا لقبول روايتهم شروطاً دقيقة محكمة تدل على بعد نظرهم وسداد تفكيرهم ، وجودة طريقتهم .
وهذه الشروط التي اشترطوها في الراوي ،والشروط الأخرى التي اشترطوها لقبول الحديث والأخبار، لم تتوصل إليها أي ملة من الملل حتى في هذا العصر الذي يصفه أصحابه بالمنهجية والدقة ، فإنهم لم يشترطوا في نقلة الأخبار الشروط التي اشترطها علماء المصطلح في الراوي ، بل ولا أقل منها ، فكثير من الأخبار التي تتناقلها وكالات الأنباء الرسمية لا يوثق بها ولا يركن إلى صدقها . وذلك بسبب رواتها المجهولين " وما آفة الأخبار إلا رواتها وكثيراً ما يظهر عدم صحة تلك الأخبار بعد قليل.
2- شروط قبول الراوي:
أجمع الجماهير من أئمة الحديث والفقه أنه يشترط في الراوي شرطان أساسيان هما:
أ) العدالة: ويعنون بها أن يكون الراوي : مسلماً ـ بالغاً ـ عاقلاً ـ سليماً من أسباب الفسق ـ سليماً من خوارم المروءة .
ب) الضبط : ويعنون به أن يكون الراوي ، غير مخالف للثقات ولا سيء الحفظ ـ ولا فاحش الغلط ـ ولا مغفلاً ـ ولا كثير الأوهام .
3- بم تثبت العدالة ؟
تثبت العدالة بأحد أمرين .
أ) إما بتنصيص مُعَدِّليْن عليها، أي أن ينص علماء التعديل أو واحد منهم عليها .
ب) وأما بالاستضافة والشهرة ، فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم ، وشاع الثناء عليه كفى ، ولا يحتاج بعد ذلك إلى مُعَدَّل ينص عليها ، وذلك مثل الأئمة المشهورين كالأئمة الأربعة والسفيانين والأوزاعي وغيرهم .
4- مذهب ابن عبد البَرِّ في ثبوت العدالة :
رأي ابن عبدالبر أن كل حامل علم معروف العناية به محمول أمره على العدالة حتى يتبين جرحه ، واحتج بحديث " يَحْمِلُ هذا العلم من كل خَلَف عُدُوْلُهُ ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين " وقوله هذا غير مَرْضِيِّ عند العلماء ، لأن الحديث لم يصح وعلى فرض صحته ، فان معناه " لِيَحْمِلْ هذا العلم من كل خَلَف عدوله " بدليل أنه يوجد من يحمل هذا العلم وهو غير عدل .
5- كيف يُعْرَف ضبط الراوي ؟
يعرف ضبط الراوي بموافقته الثقات المتقنين في الراوية ، فان وافقهم في روايتهم غالباً فهو ضابط ، ولا تضر مخالفته النادرة لهم ، فان كثرت مخالفته لهم اختل ضبطه ، ولم يُحْتَجَّ به.
6- هل يُقبل الجرح والتعديل من غير بيان ؟
أ) أما التعديل فيقبل من غير ذكر سببه على الصحيح المشهور، لأن أسبابه كثيرة يصعب حصرها، إذ يحتاج المُعَدِّل أن يقول مثلا: لم يفعل كذا، لم يرتكب كذا، أو يقول: هو يفعل كذا، ويفعل كذا وهكذا....
ب) أما الجرح فلا يقبل إلا مفسَّراً لأنه لا يصعب ذكره لأن الناس يختلفون في أسباب الجرح، فقد يجرح أحدهم بما ليس بجارح ، قال ابن الصلاح " وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله ، وذكر الخطيب الحافظ أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده مثل البخاري ومسلم وغيرهما ، ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة وعمرو بن مرزوق واحتج مسلم بسُوَيْد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم ، وهكذا فعل أبو داود . وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه "
7- هل يثبت الجرح والتعديل بواحد ؟
أ) الصحيح أنه يثبت الجرح والتعديل بواحد.
ب) وقيل لا بد من اثنين .
8- اجتماع الجرح والتعديل في راو واحد :
إذا اجتمع في راو الجرح والتعديل.
أ) فالمعتمد أنه يقدم الجرح إذا كان مفسَّرا.
أ) وقيل إن زاد عدد المُعَدِّلِيْنَ على الجارحين قُدّمَ التعديل وهو ضعيف غير معتمد .
9- حكم رواية العَدْل عن شخص :
أ) راوية العدل عن شخص لا تعتبر تعديلا له عند الأكثرين وهو الصحيح ، وقيل هو تعديل.
ب) وعمل العالم وفُتْيَاهُ على وفق حديث ليس حكماً بصحته ، وليس مخالفته له قدحاً في صحته ، ولا في روايته ، وقيل بل هو حكم بصحته ، وصححه الآمدي وغيره من الأصوليين، وفي المسألة كلام طويل .
10 - حكم رواية التائب من الفسق :
أ) تقبل رواية التائب من الفسق .
ب) ولا تقبل رواية التائب من الكذب في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم.
11- حكم رواية من أخذ على التحديث أجراً :
أ) لا تقبل عند البعض، كأحمد واسحق وأبي حاتم.
ب) تقبل عند البعض الآخر ، كأبي نُعَيمْ الفضل بن دُكَيْن .
ج) وأفتى أبو إسحق الشيزاري لمن امتنع عليه الكسب لعياله بسبب التحديث بجواز أخذ الأجر.
12- حكم رواية من عُرِفَ بالتساهل أو بقبول التلقين أو كثرة السهو.
أ) لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه كمن لا يبالي بالنوم وقت السماع، أو يحدث من أصل غير مُقَابَل.
ب) ولا تقبل رواية من عرف بقبول التلقين في الحديث، بأن يُلَقَّنَ الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه.
ج) ولا تقبل رواية من عُرف بكثرة السهو في روايته.
13- حكم رواية من حَدَّثَ ونَسِيَ :
أ) تعريف من حدث ونسي: هو أن لا يَذْكُرَ الشيخ رواية ما حدث به تلميذُه عنه.
ب) حكم روايته :
1- الردُّ : إن نفاه نفياً جازماًَ ، بأن قال : ما رويتُه ، أو هو يكذب عليَّ ، ونحو ذلك.
2- القبول : إن تردد في نفيه ، كأن يقول : لا أعرفه أو لا أذكره ، ونحو ذلك .
ج) هل يعتبر رد الحديث قادحاً في واحد منهما ؟ لا يعتبر رد الحديث قادحاً في واحد منهما، لأنه ليس أحدهما أولي بالطعن من الآخر.
د) مثاله : ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من رواية ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن سُهَيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قضي باليمين مع الشاهد " قال عبدالعزيز بن محمد الدَّراوَرْدي : حدثني ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن سهيل ، فلقيتُ سُهيلاً فسألته عنه، فلم يعرفه ، فقلت حدثني ربيعة عنك بكذا ، فصار سهيل بعد ذلك يقول حدثني عبدالعزيز عن ربيعة عني أني حدثته عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بكذا ......
هـ) أشهر المصنفات فيه: كتاب أخبار من حَدَّثَ ونَسِيَ، للخطيب.
المبْحَثُ الثَاني
فكرة عامة عن كتب الجرح والتعديل
بما أن الحكم على الحديث صحة وضعفاً مبني على أمور منها عدالة الرواة وضبطهم ، أو الطعن في عدالتهم وضبطهم ، لذلك قام العلماء بتصنيف الكتب التي فيها بيان عدالة الرواة وضبطهم منقولة عن الأئمة المُعَدِّلين الموثوقين ، وهذا ما يسمى بـ " التعديل " كما أن في تلك الكتب بيان الطعون الموجهة إلى عدالة بعض الرواة أو إلى ضبطهم وحفظهم كذلك منقوله عن الأئمة غير المتعصبين وهذا ما يسمى بـ " الجَرْح " ومن هنا أُطلق على تلك الكتب " كتب الجرح والتعديل "
وهذا الكتب كثيرة ومتنوعة ، فمنها المُفْرَدَة لبيان الرواة الثقات ، ومنها المفردة لبيان الضعفاء والمجروحين ، ومنها كتب لبيان الرواة الثقات والضعفاء ، ومن جهة أخري فان بعض هذه الكتب عام لذكر رواة الحديث بغض النظر عن رجال كتاب أو كتب خاصة من كتب الحديث، ومنها ما هو خاص بتراجم رواة كتاب خاص أو كتب معينة من كتب الحديث .
هذا ويعتبر عمل علماء الجرح والتعديل في تصنيف هذه الكتب عملا رائعا مهما جبارا إذ قاموا بمسح دقيق لتراجم جميع رواة الحديث وبيان الجرح أو التعديل الموجه إليهم أولاً ثم بيان من أخذوا عنه ومن أخذ عنهم ، وأين رحلوا ، ومتى التقوا ببعض الشيوخ ، وما إلى ذلك من تحديد زمنهم الذي عاشوا فيه بشكل لم يُسْبَقوا إليه ، بل ولم تصل الأمم المتحضرة في هذا العصر إلى القريب مما صنفه علماء الحديث من وضع هذه الموسوعات الضخمة في تراجم الرجال ورواة الحديث ، فحفظوا على مدى الأيام التعريف الكامل برواة الحديث ونقلته فجزاهم الله عنا خيراً وإليك بعض الأسماء لهذه الكتب :
1) التاريخ الكبير للبخاري ، وهو عام للرواة الثقات والضعفاء .
2) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ، كذلك هو عام للرواة الثقات والضعفاء ويشبه الذي قبله .
3) الثقات لابن حِبَّان ، كتاب خاص بالثقات .
4) الكامل في الضعفاء لابن عدي، وهو خاص بتراجم الضعفاء كما هو ظاهر من اسمه.
5) الكمال في أسماء الرجال لعبد الغني المقدسي، كتاب عام، إلا أنه خاص برجال الكتب الستة.
6) ميزان الاعتدال للذهبي، كتاب خاص بالضعفاء والمتروكين ( أي كل من جُرح وإن لم يُقْبَل الجَرْحًُ فيه )
7) تهذيب التهذيب لان حجر ، يعتبر من تهذيبات ومختصرات كتاب ( الكمال في أسماء الرجال ) .
المبحث الثالث
مراتب الجرح والتعديل
لقد قسم ابن أبي حاتم في مقدمة كتابه " الجرح والتعديل " كُلاً من مراتب الجرح والتعديل إلى أربع مراتب ، وبين حكم كل مرتبة منها ، ثم زاد العلماء على كل من مراتب الجرح والتعديل مرتبتين ، فصارت كل من مراتب الجرح والتعديل ستاً ، وإليك هذه المراتب مع ألفاظها :
1- مراتب التعديل وألفاظها:
أ) ما دلَّ على المبالغة في التوثيق أو كان على وزن أَفْعَل، وهي أرفعها مثل: فلان إليه المنتهي في التثبيت، أو فلان أثبت الناس.
ب) ثم ما تأكد بصفة أو صفتين من صفات التوثيق: كثقة ثقة ـ أو ثقة ثبت.
ج) ثم ما عُبِّرَ عنه بصفة دالة على التوثيق من غير توكيد كثقة، أو حُجَّة.
د) ثم ما دل على التعديل من دون إشعار بالضبط: كصدوق. أو مَحَله الصدق ، و لا بأس به عند غير ابن معين ، فإن " لا بأس به " إذا قالها ابن معين في الراوي فهو عنده ثقة .
هـ) ثم ما ليس فيه دلالة على التوثيق أو التجريح، مثل فلان شيخ، أو روي عنه الناس.
و) ثم ما أَشْعَر بالقرب من التجريح: مثل: فلان صالح الحديث، أو يُكْتَبُ حديثه.
2- حكم هذه المراتب :
أ) أما المراتب الثلاث الأولي فيُحْتَجُّ بأهلها. وان كان بعضهم أقوي من بعض.
ب) وأما المرتبة الرابعة والخامسة فلا يحتج بأهلها، ولكن يُكْتَبُ حديثُهم ويُخْتَبَرُ , وأن كان أهل المرتبة الخامسة دون أهل المرتبة الرابعة .
ج) وأما أهل المرتبة السادسة فلا يحتج بأهلها، ولكن يكتب حديثهم للاعتبار فقط دون الاختبار، وذلك لظهور أمرهم في عدم الضبط.
3- مراتب الجرح وألفاظها :
أ) ما دل على التليين: ( وهي أسهلها في الجرح ) مثل فلان لَيَّنُ الحديث أو فيه مَقال.
ب) ثم ما صُرِّح بعدم الاحتجاج به وشبهه : مثل فلان لا يحتج به ، أو ضعيف ، أوله مناكير.
ج) ثم ما صرح بعدم كتابة حديثه ونحوه: مثل فلان لا يكتب حديثه، أو لا تحل الراوية عنه أو ضعيف جداً أو واهٍ بمَرَّةٍ.
د) ثم ما فيه اتهام بالكذب أو نحوه: مثل فلان متهم بالكذب أو متهم بالوضع، أو يسرق الحديث، أو ساقط، أو متروك أو ليس بثقة.
هـ) ثم ما دل على وصفه بالكذب ونحوه: مثل كذاب أو دجال أو وضاع أو يكذب أو يضع.
و) ثم ما دل على المبالغة في الكذب : (وهي أسوأها) مثل فلان أكذب الناس ، أو إليه المنتهي في الكذب ، أو هو ركن الكذب .
4- حكم هذه المراتب :
أ) أما أهل المرتبتين الأولييَن فانه لا يُحْتَجُّ بحديثهم طبعاً لكن يكتب حديثهم للاعتبار فقط ، وان كان أهل المرتبة الثانية دون أهل المرتبة الأولي .
ب) وأما أهل المراتب الأربع الأخيرة فلا يحتج بحديثهم ولا يكتب ولا يعتبر به .
الباب الثالث
الرواية وآدابها وكيفية ضبطها
ـ الفصل الأول: كيفية ضبط الراوية، وطرق تحملها.
ـ الفصل الثاني: آداب الراوية.
الفصل الأول
كيفية ضبط الراوية وطرق تحملها
- المبحث الأول كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه.
- المبحث الثاني: طرق التحمل وصيغ الأداء.
- المبحث الثالث: كتابة الحديث وضبطه والتصنيف فيه.
- المبحث الرابع: صفة رواية الحديث.
المبحث الأول
كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه
1- تمهيد:
المراد " بكيفية سماع الحديث " بيان ما ينبغي وما يشترط فيمن يريد سماع الحديث من الشيوخ سماع رواية وتحمل ،ليؤديه فيما بعد لغيره ،وذلك مثل اشتراط سِنٍّ معينة وجوباً أو استحباباًِ .
والمراد " بتَحَمُّلِهِ " بيان طرق أخذه وتلقيه عن الشيوخ والمراد " ببيان ضبه " أي كيف يضبط الطالب ما تلقاه من الحديث ضبطاً يؤهله لأن يرويه لغيره على شكل يُطْمَأنُّ إليه .
وقد اعتني علماء المصطلح بهذا النوع من علوم الحديث، ووضعنا له القواعد والضوابط والشروط بشكل دقيق رائع. وميزوا بين طرق تحمل الحديث ، وجعلوها على مراتب ، بعضها أقوى من بعض ، وذلك تأكيداً منهم للعناية بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وحسن انتقاله من شخص إلى شخص ، كي يطمئن المسلم في طريقة وصول الحديث النبوي إليه ، ويوقن أن هذه الطريقة في منتهي السلامة والدقة
2- هل يُشْترَطُ لتحمل الحديث الإسلام والبلوغ ؟
لا يشترط لتحمل الحديث الإسلام والبلوغ على الصحيح لكن يشترط ذلك للأداء ـ كما مر بنا في شروط الراوي ـ وبناء على ذلك فتقبل رواية المسلم البالغ ما تحمله من الحديث قبل إسلامه ، أو قبل بلوغه ، لكن لا بد من التمييز بالنسبة لغير البالغ .
وقد قيل انه يشترط لتحمل الحديث البلوغ، ولكنه قول خطأ، لأن المسلمين قبلوا رواية صغار الصحابة كالحسن وابن عباس وغيرهما من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ أو بعده .
3- متى يُسْتَحَبُّ الابتداء بسماع الأحاديث؟
أ) قيل يستحب أن يبتدئ بسماع الحديث في سن الثلاثين وعليه أهل الشام .
ب) وقيل في سن العشرين ، وعليه أهل الكوفة .
ج) وقيل في سن العاشرة ، وعليه أهل البصرة .
د) والصواب في الإعصار المتأخرة التبكير بسماع الحديث من حيث يصح سماعه، لأن الحديث منضبط في الكتب.
4- هل لصحة سماع الصغير سن معينة ؟
أ) حدد بعض العلماء ذلك بخمس سنين، وعليه استقر العمل بين أهل الحديث.
ب) وقل بعضهم: الصواب اعتبار التمييز، فان فَهِمَ الخطاب، ورَدَّ الجواب، كان مُمَيَّزا ً صحيح السمع وإلا فلا.
المبحث الثاني
طُرُقُ التَّحَمُّل وصِيَغْ الأداء
طُرُق تحمل الحديث ثمانية وهي : السماع من لفظ الشيخ القراءة على الشيخ ، الإجازة ، المناولة ، الكتابة ، الإعلام ، الوصية ، الوجادة .
وسأتكلم على كل منها تباعاً باختصار ، مع بيان ألفاظ الأداء لكل منها باختصار أيضاُ.
1- السماع من لفظ الشيخ :
أ) صورته: أن يقرأ الشيخ ، ويسمع الطالب ، سواء قرأ الشيخ من حفظه أو كتابه ، وسواء سمع الطالب وكتب ما سمعه ، أو سمع فقط ولم يكتب .
ب) رتبته: السماع أعلى أقسام طرق التحمل عن الجماهير .
ج) ألفاظ الأداء:
1- قبل أن يشيع تخصص بعض الألفاظ لكل قسم من طرق التحمل ، كان يجوز للسامع من لفظ الشيخ أن يقول في الأداء : "سمعت أو حدثني أو أخبرني أو أنبأني أو قال لي أو ذكر لي"
2- وبعد أن شاع تخصيص بعض الألفاظ لكل قسم من طرق التحمل، صارت ألفاظ الأداء على النحو التالي:
ـ للسماع: سمعت ـ أو حدثني
ـ للقراءة: أخبرني.
ـ للإجازة: أنبأني .
ـ لسماع المذاكرة : قال لي ـ أو ذكر لي.
2- القراءة على الشيخ :
ويسميها أكثر المحدثين " عَرْضاً "
أ) صورتها: أن يقرأ الطالب والشيخ يسمع ، سواء قرأ الطالب ، أو قرأ غيره وهو يسمع ، وسواء كانت القراءة من حفظ أو من كتاب ، وسواء كان الشيخ يُتَبِّعُ للقارئ من حفظه أو أمسك كتابه هو ، أو ثقة غيره .
ب) حكم الراوية بها: الراوية بطريق القراءة على الشيخ رواية صحيحة بلا خلاف في جميع الصور المذكورة إلا ما حُكي عن بعض من لا يعتد به من المتشددين
ت) رتبتها : اختلف في رتبتها على ثلاثة أقوال .
1- مساوية للسماع: رُوي عن مالك والبخاري، ومعظم علماء الحجاز والكوفة
2- أدني من السماع : روي عن جمهور أهل المشرق " وهو الصحيح " .
3- أعلي من السماع: روي عن أبي حنيفة وابن أبي ذئب، ورواية عن مالك.
د) ألفاظ الأداء :
1- الأحوط : " قرأت على فلان " أو " قرئ عليه وأنا أسمع فأقرَّ به " .
2- ويجوز: بعبارات السماع مقيدة بلفظ القراءة كـ " حدثنا قراءة عليه ".
3 - الشائع الذي عليه كثير من المحدثين: إطلاق لفظ " أخبرنا " فقط دون غيرها.
3- الإجازة:
أ) تعريفها: الأذن بالرواية لفظا أو كتابة.
ب) صورتها: أن يقول الشيخ لأحد طلابه: " أَجَزْتُ لك أن تروي عني صحيح البخاري ".
ج) أنواعها: للإجازة أنواع كثيرة، سأذكر منها خمسة أنواع هي:
1- أن يُجيز الشيخُ مُعَيَّناً لمُعَيَّنٍ : كأجزتك صحيح البخاري ، وهذا النوع أعلى أنواع الإجازة المُجَرَّدة عن المناولة .
2- أن يُجيز مُعَيَّناً بغير مُعَيَّن : كأجزتك روية مَسْمُعاتي .
3- أن يُجيز غير مُعَيَّن بغير مُعَيَّن : كأجزتك أهل زماني رواية مسموعاتي .
4- أن يُجيز بمجهول أو لمجهول : كأجزتك كتاب السُّنَن ، وهو يَرْوي عدداً من السُّنَنِ ، أو أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي ، وهناك جماعة مشتركون في هذا الاسم .
5- الإجازة للمَعْدوم : فإما أن تكون تَبَعاً لموجود ، كأجزت لفلان ولم يُوْلَد له ، وإما أن تكون لمعدوم استقلالا ، كأجزت لمن يولد لفلان .
د) حكمها :
أما النوع الأول منها فالصحيح الذي عليه الجمهور واستقر عليه العمل جواز الراوية والعمل بها، وأبطلها جماعات من العلماء، وهو أحدي الروايتين عن الشافعي.
وأما بقية الأنواع فالخلاف في جوازها أشد وأكثر، وعلى كل حال فالتحمل والرواية بهذا الطريق ( أي الإجازة ) تحمل هزيل ما ينبغي التساهل فيه.
هـ) ألفاظ الأداء :
1- الأولي: أن يقول: " أجاز لي فلان "
2- ويجوز : بعبارات السماع والقراءة مقيدة مثل " حدثنا إجازة " أو " أخبرنا إجازة "
3- اصطلاح المتأخرين : " أنبأنا " واختاره صاحب كتاب " الوجازة "
4- المناولة:
أ) أنواعها: المناولة نوعان.
1- مقرونة بالإجازة: وهي أعلي أنواع الإجازة مطلقاً. ومن صورها أن يدفع الشيخ إلى الطالب كتابه ويقول له: هذا روايتي عن فلان فاروه عني، ثم يبقيه معه تمليكاً أو إعارة لينسخه.
2- مُجَرَّدة عن الإجازة: وصورتها أن يدفع الشيخ إلى الطالب كتابه مقتصرا على قوله هذا سماعي.
ب) حكم الرواية بها :
1- أما المقرونة بالإجازة: فتجوز الرواية بها، وهي أدني مرتبة من السماع والقراءة على الشيخ.
2- وأما المجردة عن الإجازة : فلا تجوز الرواية بها على الصحيح .
ج) ألفاظ الأداء :
1- الأحسن: أن يقول : " ناولني " أو " ناولني " وأجاز لي " إن كانت المناولة مقرونة بالإجازة .
2- ويجوز بعبارات السماع والقراءة مقيدة مثل " حدثنا مناولة " أو " أخبرنا مناولة وإجازة".
5- الكتابة:
أ) صورتها: أن يكتب الشيخ مَسْمُوْعَهُ لحاضر أو غائب بخطه أو أمره .
ب) أنواعها: وهي نوعان:
1- مقرونة بالإجازة : كأجزتك ما كتبت لك أو إليك ونحو ذلك .
2- مُجَرَّدة عن الإجازة : كأن يكتب له بعض الأحاديث ويرسلها له ، ولا يجيزه بروايتها .
ج) حكم الرواية بها :
1- أما المقرونة بالإجازة : فالرواية بها صحيحة ، وهي في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة .
2- وأما المُجَرَّدَة عن الإجازة : فمنع الرواية بها قوم ، وأجازها آخرون ، والصحيح الجواز عند أهل الحديث لإشهارها بمعني الإجازة .
د) هل تُشْتَرَط البَيَّنَةُ لاعتماد الخَطِّ ؟
1- اشترط بعضهم البينة على الخط، وادعوا أن الخط يشبه الخط، وهو قول ضعيف.
2- ومنهم من قال: يكفي معرفة المكتوب إليه خَطَّ الكاتب، لأن خط الإنسان لا يشتبه بغيره، وهو الصحيح.
هـ) ألفاظ الأداء:
1- التصريح بلفظ الكتابة: كقوله " كتب إلى فلان ".
2- أو الإتيان بألفاظ السماع والقراءة مقيدة : كقوله " حدثني فلان أو اخبرني كتابة " .
6- الإعلام:
أ) صورته: أن يخبر الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو هذا الكتاب سماعه.
ب) حكم الرواية به: اختلف العلماء في حكم الرواية بالإعلام على قولين .
1- الجواز: كثير من أصحاب الحديث والفقه والأصول.
2- عدم الجواز: غير واحد من المحدثين وغيرهم، وهو الصحيح، لأنه قد يعلم الشيخ أن هذا الحديث روايته لكن لا تجوز رويته لخلل فيه، نعم لو أجازه بروايته جازت روايته.
ج) ألفاظ الأداء:
يقول في الأداء : " أعلمني شيخي بكذا " .
7- الوصية:
أ) صورتها: أن يوصي الشيخ عند موته أو سفره لشخص بكتاب من كتبه التي يرويها.
ب) حكم الرواية بها:
1- الجواز: لبعض السلف، وهو غلط، لأنه أوصي له بالكتاب ولم يوص له بروايته
2- عدم الجواز : وهو الصواب .
ج) ألفاظ الأداء :
يقول : " أوصى إلى فلان بكذا " أو " حدثني فلان وصية " .
8- الوِجَادَة :
بكسر الواو، مصدر " وَجَدَ " وهذا المصدر مولد غير مسموع من العرب.
أ) صورتها: أن يجد الطالب أحاديث بخط شيخ يرويها، يعرفه الطالب، وليس له سماع منه ولا إجازة.
ب) حكم الرواية بها : الرواية بالوجادة من باب بالمنقطع ، لكن فيها نوع اتصال .
ت) ألفاظ الأداء : يقول الواجد : " وجَدْتُ بخط فلان أو قرأت بخط فلان كذا " ثم يسوق الإسناد والمتن .
المبحث الثالث
كتابة الحديث وضبطه والتصنيف فيه
1- حكم كتابة الحديث :
اختلف السلف من الصحابة والتابعين في كتابة الحديث على أقوال:
أ) فكرهها بعضهم: منهم ابن عمر، وابن مسعود، وزيد بن ثابت.
ب) وأباحها بعضهم: منهم عبدالله بن عمرو ، وانس وعمر ابن عبدالعزيز وأكثر الصحابة .
ج) ثم أجمعوا بعد ذلك على جوازها: وزال الخلاف . ولو لم يُدَوَّن الحديث في الكتب لضاع في الإعصار المتأخرة لاسيما في عصرنا.
2- سبب الاختلاف في حكم كتابته :
وسبب الخلاف في حكم كتابته أنه وردت أحاديث متعارضة في الإباحة والنهي ، فمنها :
أ) حديث النهي: ما رواه مسلم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لا تكتبوا عني شيئاً إلا القرآن، ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فْليَمْحُهُ ".
ب) حديث الإباحة : ما أخرجه الشيخان أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " اكتبوا لأبي شَاهِ " وهناك أحاديث أخرى في إباحة الكتابة منها الإذن لعبدالله بن عمرو .
3- الجمع بين أحاديث الإباحة والنهي :
لقد جمع العلماء بين أحاديث النهي والإباحة على وجوه منها :
أ) قال بعضهم : الإذن بالكتابة لمن خِيْفَ نسيانه للحديث . والنهي لمن أمن النسيان وخيف عليه اتكاله على الخط إذا كتب .
ب) وقال بعضهم : جاء النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن ثم جاء الإذن بالكتابة حين أُمِنَ ذلك ،وعلى هذا يكون النهي منسوخاً.
4- ماذا يجب على كاتب الحديث ؟
ينبغي على كاتب الحديث أن يصرف همته إلى ضبطه وتحقيقه ، شَكْلاً ونَقْطاً يُؤمَنُ معهما اللَّبس ، ويُشْكل المُشْكِل لاسيما أسماء الأعْلام ، لأنها لا تُدْرَك بما قبلها ولا بما بعدها . وأن يكون خطه واضحاً على قواعد الخط المشهورة ، وألا يصطلح لنفسه اصطلاحاً خاصاً برمز لا يعرفه الناس ، وينبغي أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على النبي صلي الله عليه وسلم كلما جاء ذكره ، ولا يسأم من تكرار ذلك ، ولا يتقيد في ذلك بما في الأصل إن كان ناقصاً ،وكذلك الثناء على الله سبحانه وتعالى كـ " عَزَّ وجَلَّ " وكذلك الترضي والترحم على الصحابة والعلماء ، ويكره الاقتصار على الصلاة وحدها أو التسليم وحده ، كما يكره الرمز إليهما بـ "ص" ونحوه مثل " صلعم " وعليه أن يكتبهما كاملتين .
5- المقابلة وكيفيتها :
يجب على كتاب الحديث بعد الفراغ من كتابته مقابلة كتابه بأصل شيخه ، ولو أخذه عنه بطريق الإجازة .
وكيفية المقابلة أن يمسك هو وشيخه كتابيهما حال التسميع، ويكفي أن يقابل له ثقة آخر في أي وقت حال القراءة أو بعدها، كما يكفي مقابلته بفَرْع مُقَابَل بأصل الشيخ.
6- اصطلاحات في كتابة ألفاظ الأداء وغيرها :
غلب على كثير من كُتَّاب الحديث الاقتصار على الرمز في ألفاظ الأداء فمن ذلك أنهم يكتبون:
أ) حدثنا : " ثنا " أو " نا " .
ب) أخبرنا: " أنا " أو " أرنا ".
ت) تحويل الإسناد إلى إسناد آخر : يرمزون له بـ " ح " وينطق القارئ بها هكذا " حا "
د) جرت العادة بحذف كلمة " قال " ونحوها بين رجال الإسناد خَطَّا ، وذلك لأجل الاختصار ، لكن ينبغي للقارئ التلفظ بها ، مثل " حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا مالك " فينبغي على القارئ أن يقول" قال أخبرنا مالك" كما جرت العادة بحذف " أَنَّهُ " في أواخر الإسناد اختصارا .
مثل " عن أبي هريرة قال " فينبغي للقارئ النطق بـ " أنه " فيقول " أنه قال " وذلك تصحيحاًَ للكلام من حيث الإعْراب .
7- الرحلة في طلب الحديث :
لقد اعتني سلفنا بالحديث عناية ليس لها نظير ، وصرفوا في جمعه وضبطه من الاهتمام والجهد والوقت ما لا يكاد يصدقه العقل ، فبعد أن يجمع أحدهم الحديث من شيوخ بلده يرحل إلى بلاد وأقطار أخرى قريبة أو بعيدة ليأخذ الحديث من شيوخ تلك البلاد ، ويتجشم مشاق السفر وشظف العيش بنفس راضية وقد صنف الخطيب البغدادي كتاباً سماه " الرحلة في طلب الحديث " جمع فيه من أخبار الصحابة والتابعين فمن بعدهم في الرحلة في طلب الحديث ما يعجب الإنسان لسماعه ، فمن أحب سماع تلك الأخبار الشيقة فعليه بذلك الكتاب فانه مُنَشَّط لطلاب العلم ، شاحذ لهممهم مُقَوِّ لعزائمهم .
8- أنواع التصنيف في الحديث :
يجب على من يجد في نفسه المقدرة على التصنيف في الحديث ـ وغيره ـ أن يقوم بالتصنيف وذلك لجمع المتفرق ، وتوضيح المشكل ، وترتيب غير المرتب ، وفهرسة غير المفهرس مما يسهل على طلبة الحديث الاستفادة منه بأيسر طريق وأقرب وقت ، وليحذر إخراج كتابه قبل تهذيبه وتحريره وضبطه ، وليكن تصنيفه فيما يعم نفعه تكثر فائدته .
هذا وقد صنف العلماء الحديث على أشكال متنوعة، فمن أشهر أنواع التصنيف في الحديث ما يلي:
أ) الجوامع: الجامع كل كتاب يجمع فيه مؤلفه جميع الأبواب من العقائد والعبادات والمعاملات والسير والمناقب والرقاق والفتن وأخبار يوم القيامة مثل " الجامع الصحيح للبخاري ".
ب) المسانيد : المُسْنَد : كل كتاب جمع فيه مرويات كل صحابي على حِدَة من غير النظر إلى الموضوع الذي يتعلق فيه الحديث : مثل " مسند الإمام أحمد بن حنبل " .
ج) السنن: وهي الكتب المصنفة على أبواب الفقه ، لتكون مصدراً للفقهاء في استنباط الأحكام ، وتختلف عن الجوامع بأنها لا يوجد فيها ما يتعلق بالعقائد والسير والمناقب وما إلى ذلك ، بل هي مقصورة على أبواب الفقه وأحاديث الأحكام ، مثل " سنن أبي داود " .
د) المعاجم : المُعْجم كل كتاب جمع فيه مؤلفه الحديث مرتباً علي أسماء شيوخه على ترتيب حروف الهجاء غالباً ، مثل " المعاجم الثلاثة " الطبراني ، وهي المعجم الكبير والأوسط والصغير .
ه) العلل : كتب العلل هي الكتب المشتملة على الأحاديث المعلولة مع بيان عللها ، وذلك مثل " العلل لابن أبي حاتم " و " العلل للدارقطني " .
و) الأجزاء : الجزء كل كتاب صغير جُمِع فيه مرويات راو واحد من رواة الحديث ، أو جُمِع فيه ما يتعلق بموضوع واحد على سبيل الاستقصاء ، مثل " جزء رفع اليدين في الصلاة " للبخاري .
ز) الأطراف : كل كتاب ذكر فيه مصنفه طرف كل حديث الذي يدل على بقيته ، ثم يذكر أسانيد كل متن من المتون إما مستوعباً أو مقيداًَ لها ببعض الكتب ، مثل " تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف " للمِزي .
ح) المُسْتَدَركات : المُسْتَدرك كل كتاب جمع فيه مؤلفه الأحاديث التي استدركها على كتاب آخر مما فاتته على شرطه ، مثل " المستدرك على الصحيحين " لأبي عبدالله الحاكم .
ط) المُسْتَخَرجَات : المُسْتَخرج كل كتاب خَرَّج فيه مؤلفه أحاديث كتاب لغيره من المؤلفين بأسانيد لنفسه من غير طريق المؤلف الأول ، وربما اجتمع معه في شيخه أو من فوقه مثل " المستخرج على الصحيحين " لأبي نُعَيْم الأصبهاني .
المبْحَثُ الرَابع
صفة رواية الحديث
1- المراد بهذه التسمية:
المراد بهذا العنوان بيان الكيفية التي يًرْوَي بها الحديث والآداب التي ينبغي التحلي بها وما يتعلق بذلك ،وقد تقدم شيء من ذلك في المباحث السابقة ، وإليك ما بقي :
2- هل تجوز رواية الراوي من كتابه إذا لم يحفظ ما فيه ؟
هذا أمر اختلف فيه العلماء، فمنهم من شدد فأفرط، ومنه من تساهل ففرَّط ومنهم من اعتدل فتوسط .
أ) فأما المتشددون: فقالوا: " لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه " روى ذلك عن مالك وأبي حنيفة وأبي بكر الصيدلاني الشافعي.
ب) وأما المتساهلون : فقوم رووا من نُسَخ غير مقابلة بأصولها ، منهم ابن لَهيعة .
ج) وأما المعتدلون المتوسطون : ( وهم الجمهور ) فقالوا : إذا قام الراوي في التحمل والمقابلة بما تقدم من الشروط جازت الرواية من الكتاب ، وان غاب عنه الكتاب ، إذا كان الغالب على الظن سلامته من التغيير والتبديل لاسيما إن كان ممن لا يخفي عليه التغيير غالباً .
3- حكم رواية الضرير الذي لا يحفظ ما سمعه:
إذا استعان الضرير الذي لا يحفظ ما سمعه بثقة في كتابه الحديث الذي سمعه وضبطه والمحافظة على الكتاب ، واحتاط عند القراءة عليه بحيث يغلب على ظنه سلامته من التغيير، صحت روايته عند الأكثر ، ويكون كالبصير الأمِّي الذي لا يحفظ .
4- رواية الحديث بالمعنى وشروطها :
اختلف السلف في رواية الحديث بالمعني، فمنهم من منعها ومنهم من جوزها.
أ) فمنعها طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول ، منهم ابن سيرين وأبو بكر الرازي .
ب) وأجازها جمهور السلف والخلف من المحدثين وأصحاب الفقه والأصول، منهم الأئمة الأربعة لكن إذا قطع الراوي بأداء المعني.
ثم إن مَن أجاز الراوية بالمعنى اشترط لها شروطا وهي:
1- أن يكون الراوي عالماً بالألفاظ ومقاصدها .
2- أن يكون خبيراً بما يُحيل معانيها .
هذا كله في غير المصنَّفات ، أما الكتب المصنَّفة فلا يجوز رواية شيء منها بالمعني ، وتغيير الألفاظ التي فيها , وإن كان بمعناها لأن جواز الرواية بالمعنى كان للضرورة إذا غابت عن الراوي كلمة من الكلمات ، أما بعد تثبيت الأحاديث في الكتب فليس هناك ضرورة لرواية ما فيها بالمعني .
هذا وينبغي للراوي بالمعنى أن يقول بعد روايته الحديث " أو كما قال " أو " أو نحوه " أو " أو شبهه ".
5- اللحن في الحديث وسببه :
اللحن في الحديث، أي الخطأ في قراءته، وأبرز أسباب اللحن:
أ ) عدم تعلم النحو واللغة : فعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف ، فقد روي الخطيب عن حماد بن سلمه قال " مَثَلُ الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحِمَار عليه مِخّلاة لا شعير فيها "
ب) الأخذ من الكتب والصحف ، وعدم التلقي عن الشيوخ : مر بنا أن لتلقي الحديث وتحمله عن الشيوخ طرقاً بعضها أقوي من بعض ، وأن أقوي تلك الطرق السماع من لفظ الشيخ أو القراءة عليه ، فعلى المشتغل بالحديث أن يتلقي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، من أفواه أهل المعرفة والتحقيق حتى يسلم من التصحيف والخطأ ،ولا يليق بطالب الحديث أن يعمد إلى الكتب والصحف فيأخذ منها ويروي عنها ويجعلهَا شيوخَهُ ، فانه تكثر أخطاؤه وتصحيفاته، لذا قال العلماء قديماً : " لا تأخذ القرآن من مُصْحَفِيّ ولا الحديث من صَحَفِيّ "
غريب الحديث
1- تعريفه:
أ) لغة: الغريب في اللغة ، هو البعيد عن أقاربه ، والمراد به هنا الألفاظ التي خفي معناها ، قال صاحب القاموس : " غَرُبَ كَكَرُمَ ، غَمُضَ وخَفِىَ "
ب) اصطلاحاً: هو ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها.
2- أهميته وصعوبته:
وهو فن مهم جداً ، يَقْبُحُ جهلهُ بأهل الحديث ، لكن الخوض فيه صعب ، فليتحَرَّ خائضه ، وليتق الله أن يُقْدِمَ على تفسير كلام نبيه صلي الله عليه وسلم بمجرد الظنون ، وكان السلف يتثبتون فيه أشد التثبت .
3- أجود تفسيره :
وأجود تفسيره ما جاء مفسَّراً في رواية أخرى، مثل حديث عِمْرَانَ بن حُصَيْن رضي الله عنه في صلاة المريض " صَلِّ قائماً، فان لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جَنْبٍ "
وقد فَسَّر قولَهُ " عَلَى جَنْبٍ" حديثُ عَليّ رضي الله عنه ، ولفظه " على جَنْبِه الأيمن مستقبل القِبْلة بوجهة "
4- أشهر المصنفات فيه :
أ) غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سَلاَّم.
ب) النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير ، وهو أجود كتب الغريب .
ج) الدر النَّثِير للسيوطي ، وهو تلخيص للنهاية .
د) الفائق ، للزمخشري .
الفصل الثاني
آداب الرواية
- المبحث الأول: آداب المحدث.
- المبحث الثاني: آداب طالب الحديث.
المبْحَثُ الأول
آداب المحدث
1- مقدمة:
بما أن الاشتغال بالحديث من أفضل القربات إلى الله تعالى وأشرف الصناعات ، فينبغي على من يشتغل به وينشره بين الناس أن يتحلي بمكارم الأخلاق ومحاسن الشِّيم ، ويكون مثالا صادقاً لما يعلمه الناس ، مطبقاً له على نفسه قبل أن يأمر به غيره .
2- ابرز ما ينبغي أن يتحلي به المحدث :
أ) تصحيح النية وإخلاصها، وتطهير القلب من أغراض الدنيا، كحب الرئاسة أو الشهرة.
ب) أن يكون أكبر همه نشر الحديث، والتبليغ عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مبتغياً جزيل الأجر.
ج) ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه، لِسِنِّه أو عِلْمِه.
د) أن يرشد من سأله عن شيء من الحديث ـ وهو يعلم أنه موجود عند غيره ـ إلى ذلك الغير.
هـ) ألا يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النية ، فانه يُرجَى له صحتها .
و) أن يعقد مجلساً لإملاء الحديث وتعليمه إذا كان أهلا لذلك، فان ذلك أعلى مراتب الراوية.
3- ما يستحب فعله إذا أراد حضور مجلس الإملاء :
أ) أن يتطهر ويتطيب ويسرح لحيته .
ب) أن يجلس متمكناً بوقار وهيبة ، تعظيماً لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم .
ج) أن يُقْبِل على الحاضرين كلهم، ولا يخص بعنايته أحداً دون أحد.
د) أن يفتتح مجلسه ويختمه بتحميد الله تعالى والصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم ودعاء يليق بالحال .
هـ) أن يتجنب ما لا تحتمله عقول الحاضرين أو ما لا يفهمونه من الحديث.
و) أن يختم الإملاء بحكايات ونوادر ، لترويح القلوب وطرد السَّأم .
4- ما هي السن التي ينبغي للمحدث أن يتصدي للتحديث فيها ؟
اختلف في ذلك .
أ) فقيل خمسون ، وقيل أربعون ، وقيل غير ذلك .
ب) والصحيح أنه متى تأهل واحتيج إلى ما عنده جلس للتحديث في أي سن كان
5- أشهر المصنفات فيه :
أ) " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " للخطيب البغدادي.
ب) " جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله " لابن عبد البر.
المبْحَثُ الثَاني
آداب طالب الحديث
1- مقدمة:
المراد بآداب طالب الحديث ، ما ينبغي أن يتصف به الطالب من الآداب العالية والأخلاق الكريمة التي تناسب شرف العلم الذي يطلبه ،وهو حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فمن هذه الآداب ما يشترك فيها مع المحدث ، ومنها ما ينفرد بها عنه .
2- الآداب التي يشترك فيها مع المحدث :
تصحيح النية والإخلاص لله تعالى في طلبه .
الحذر من أن تكون الغاية من طلبه التوصل إلى أغراض الدنيا ، فقد أخرج أبو داود وابن ماجة من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " من تعلم علماً مما يُبْتَغَي به وجهُ الله تعالى ، لا يتعلمه إلا ليصيب به غَرَضاً من الدنيا لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة " .
العمل بما يسمعه من الأحاديث.
3- الآداب التي ينفرد بها عن المحدث:
أ) أن يسأل الله تعالى التوفيق والتسديد والتيسير والإعانة على ضبطه الحديث وفهمه .
ب) أن ينصرف إليه بكليته ، ويفرغ جهد ، في تحصيله .
ج) أن يبدأ بالسماع من أرجح شيوخ بلده إسناداً وعلماً وديِناً.
د) أن يعظم شيخه، ومَنْ يسمع منه ويوقِّره، فذلك من إجلال العلم وأسباب الانتفاع، وأن يتحرَّى رضاه، ويصبر على جفائه لو حصل.
هـ) أن يرشد زملاءه وإخوانه في الطلب إلى ما ظفر به من فوائد ، ولا يكتمها عنهم ، فان كتمان الفوائد العلمية على الطلبة لُؤْم يقع فيه جهلة الطلبة الوُضَعاء ، لأن الغاية من طلب العلم نشره .
و) ألا يمنعه الحياء أو الكِبْر من السعي في السماع والتحصيل وأخذ العلم ولو ممن دونه في السن أو المنزلة.
ز) عدم الاقتصار على سماع الحديث وكتابته دون معرفته وفهمه ، فيكون قد أتعب نفسه دون أن يظفر بطائل .
ح) أن يقدم في السماع والضبط والتفهم الصحيحين ثم سنن أبي داود والترمذي والنسائي ثم السنن الكبرى للبيهقي ثم ما تمس الحاجة إليه من المسانيد والجوامع كمسند أحمد وموطأ مالك، ومن كتب العلل، علل الدارقطني، ومن الأسماء التاريخ الكبير للبخاري والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، ومن ضبط الأسماء كتاب ابن ماكولا ومن غريب الحديث النهاية لابن الأثير.
الباب الرابع
الإسناد ومَا يتعلقُ بهِ
- الفصل الأول: لطائف الإسناد.
- الفصل الثاني: معرفة الرواة.
الفصل الأول
لطائف الإسناد
1- الإسناد العالي والنازل.
2- المسلسل.
3- رواية الأكابر عن الأصاغر .
4- رواية الآباء عن الأبناء .
5- رواية الأبناء عن الآباء .
6- المُدَبجَّ ورواية الأقْران.
7- السابق واللاحِق.
الإسناد العَالي والنَّازل
ـ 1 ـ
1- تمهيد:
الإسناد خَصيصة فاضلة لهذه الأمة ،وليست لغيرها من الأمم السابقة ،وهو سنة بالغة مؤكدة، فعلى المسلم أن يعتمد عليه في نقل الحديث والأخبار، قال ابن المبارك : " الإسناد من الدَّين ، ولولا الإسناد لقال مَنْ شاء ما شاء " وقال الثوري : " الإسناد سلاح المؤمن " كما أن طلب العُلوَُِ فيه سنةِ أيضاً ، قال أحمد بن حنبل : " طلب الإسناد العالي سُنَّة عمن سَلَف " لأن أصحاب عبدالله ابن مسعود كانوا يرحلون من الكوفة إلى المدينة فيتعلمون من عمر ويسمعون منه ، ولذلك استحبت الرحلة في طلب الحديث ، ولقد رحل غير واحد من الصحابة في طلب علو الإسناد ، منهم أبو أيوب وجابر رضي الله عنهما .
2- تعريفه:
أ) لغة : العالي اسم فاعل من " العُلُوّ " ضد النزول ، النازل اسم فاعل من " النزول ".
ب) اصطلاحاً:
1- الإسناد العالي: هو الذي قَلَّ عدد رجاله بالنسبة إلى سند آخر يَردُ به ذلك الحديث بعدد أكثر.
2- الإسناد النازل: هو الذي كثر عدد رجاله بالنسبة إلى سند آخر يَرِدُ به ذلك الحديث بعدد أقل.
3- أقسام العلو:
يقسم العلو إلى خمسة أقسام، واحد منها علو مُطْلَق، والباقي علو نِسْبي وهي:
أ) القُرْب من رسول الله صلي الله عليه وسلم بإسناد صحيح نظيف :
وهذا هو العلو المطلق ، وهو أجَلُّ أقسام العلو .
ب) القرب من إمام من أئمة الحديث :وإن كثر بعده العدد إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، مثل القرب من الأعمش أو ابن جُرَيْج أو مالك أو غيرهم ، مع الصحة ونظافة الإسناد أيضاً .
ج) القرب بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الستة أو غيرها من الكتب المعتمدة :
وهو ما كثر اعتناء المتأخرين به من الموافقة والإبدال والمساواة والمصافحة.
1- فالموافقة: هي الوصول إلى شيخ أحد المصنِّفين من غير طريقه بعدد أقل مما لو رَوَي من طريقه عنه.
مثاله : ما قاله ابن حجر في شرح النخبة " روي البخاري عن قتيبة عن مالك حديثا ، فلو رويناه من طريقه كان بيننا وبين قتيبة ثمانية ، ولو روينا ذلك الحديث بعينه من طريق أبي العباس السراج عن قتيبة مثلا لكان بيننا وبين قتيبة فيه سبعة ، فقد حصلت لنا الموافقة مع البخاري في شيخه بعينه مع علو الإسناد على الإسناد إليه "
2- البَدَل: هو الوصول إلى شيخ شيخِ أحد المصنِّفين من غير طريقه بعدد أقل مما لو روي من طريقه عنه.
مثاله : ما قاله ابن حجر : " كأَنْ يقع لنا ذلك الإسناد بعينه ، من طريق أخرى إلى القَعْنَبي عن مالك ، فيكون القَعْنَبي فيه بدلا من قتيبة .
3- المساواة: هي استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد أحد المصنِّفين .
مثاله:ما قاله ابن حجر : " كأَنْ يَرْوي النسائي مثلاً حديثاً يقع بينه وبين النبي صلي الله عليه وسلم فيه أَحَدَ عشر نَفْساً ، فيقع لنا ذلك الحديث بعينه بإسناد آخر ، بيننا وبين النبي صلي الله عليه وسلم فيه أَحَدَ عشر نفسا ، فنساوي النسائيَّ من حيث العدَد "
4- المصافحة:
هي استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد تلميذ أحد المصنِّفين . وسُمِّيَتْ مصافحةً لأن العادة جرت في الغالب بالمصافحة بين من تَلاَقَيا.
د) العلو بتقدّم وفاة الراوي:
ومثاله ما قاله النووي : " فما ارويه عن ثلاثة عن البيهقي عن الحاكم أعلى من أن أرويه عن ثلاثة عن أبي بكر بن خَلفَ عن الحاكم ، لتقدم وفاة البيهقي عن ابن خلف
هـ) العلو بتقدم السماع: أي بتقدم السماع من الشيخ، فمن سمع منه متقدماً كان أعلى ممن سمع منه بعده.
مثاله: أن يسمع شخصان من شيخ، وسماع أحدهما منذ ستين سنة مثلاً، والآخر منذ أربعين سنة، وتَسَاوي العدد إليهما، فالأول أعلى من الثاني، ويتأكد ذلك في حق من اختلط شيخه أو خَرِفَ.
4- أقسام النزول:
أقسام النزول خمسة، وتعرف من ضدها، فكل قسم من أقسام العلو ضده قسم من أقسام النزول.
5- هل العلو أفضل أو النزول ؟
أ) العلو أفضل من النزول على الصحيح الذي قاله الجمهور، لأنه يُبْعِدُ كثرةَ احتمال الخَلَل عن الحديث، والنزول مرغوب عنه، قال ابن المديني " النزول شؤم " وهذا إذا تساوي الإسناد في القوة.
ب) ويكون النزول أفضل إذا تميز الإسناد النازل بفائدة
6- أشهر المصنفات فيه :
لا توجد مصنفات خاصة في الأسانيد العالية أو النازلة بشكل عام ، لكن افرد العلماء بالتصنيف أجزاء أطلقوا عليها اسم " الثُلاثيات " ويعنون بها الأحاديث التي فيها بين المصنِّف وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص فقط ، وفي ذلك إشارة إلى اهتمام العلماء بالأسانيد العوالي ، فمن تلك الثلاثيات .
أ) ثلاثيات البخاري، لابن حجر.
ب) ثلاثيات أحمد بن حنبل ، للسَّفَّاريني .
المسَلْسَلْ
ـ 2 ـ
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من " السَّلْسَلَة " وهي اتصال الشيء بالشيء، ومنه سِلْسِلَة الحديد، وكأنه سمى بذلك لشبهه بالسِّلْسِلة من ناحية الاتصال والتماثل بين الأجزاء.
ب) اصطلاحاً: هو تتابع رجال إسناده على صفة أو حالة للرواة تارة، وللرواية تارة أخرى.
2- شرح التعريف:
أي أن المسلسل هو ما تَوَالي رواة إسناده على:
أ) الاشتراك في صفة واحدة لهم .
ب) أو الاشتراك في حالة واحدة لهم أيضاً .
ج) أو الاشتراك في صفة واحدة للرواية.
3- أنواعه:
يتبين من شرح التعريف أن أنواع المسلسل ثلاثة وهي : المسلسل بأحوال الرواة ، والمسلسل بصفات الرواة ، والمسلسل بصفات الرواية ، وإليك فيما يلي بيان هذه الأنواع .
أ) المسلسل بأحوال الرواة :
وأحوال الرواة ، أما أقوال أو أفعال ، أو أقوال وأفعال معاً .
1- المسلسل بأحوال الرواة القولية : مثل حديث معاذ ابن جبل أن النبي صلي الله عليه وسلم قال له : " يا معاذ إني أحبك فقل في دُبُر كل صلاة : اللهم أَعِنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " فقد تسلسل بقول كل من رواته " وأنا أحبك ، فَقُلْ
2- المسلسل بأحوال الرواة الفعلية: مثل حديث أبي هريرة قال: " شَبَّكَ بيدي أبو القاسم صلي الله عليه وسلم وقال: " خلق الله الأرض يوم السبت " فقد تسلسل بتشبيك كل من رواته بيد من رواه عنه
3- المسلسل بأحوال الرواة القولية والفعلية معاً : مثل حديث أنس قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حُلْوِهِ ومُرِّهِ وقبض رسول الله صلي الله عليه وسلم على لحيته وقال : آمنت بالقَدَر خيره وشره حلوه ومره " تسلسل بقبض كل راو من رواته على لحيته ، وقوله : آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره .
ب) المسلسل بصفات الرواة :
وصفات الرواة : أما قولية أو فعلية .
1- المسلسل بصفات الرواة القولية : مثل الحديث المسلسل بقراءة سورة الصَّفِّ فقد تسلسل بقول كل راو : " فقرأها فلان هكذا " هذا وقد قال العراقي : " وصفات الرواة القولية وأحوالهم القولية متقاربة بل متماثلة .
2- المسلسل بصفات الرواة الفعلية : كاتفاق أسماء الرواة ، كالمسلسل بـ " المُحَمَّدِيْنَ " أو اتفاق اسمائهم ، كالمسلسل بالفقهاء أو الحفاظ أو اتفاق نِسْبَتِهم كالدمشقيين أو المصريين .
ج) المسلسل بصفات الرواية : وصفات الراوية إما أن تتعلق بصِيَغ الأداء ، أو بزمن الرواية ، أو مكانها .
1- المسلسل بصِيَغ الأداء : مثل حديث مسلسل بقول كل من رواته " سمعت" أو "أخبرنا " .
2- المسلسل بزمان الرواية : كالحديث المسلسل بروايته يوم العِيد .
3- المسلسل بمكان الرواية : كالحديث المسلسل بإجابة الدعاء في المُلْتَزِم .
4- أفضله :
وأفضله ما دل على الاتصال في السماع وعدم التدليس .
5- من فوائده :
اشتماله على زيادة الضبط من الرواة .
6- هل يشترط وجود التسلسل في جميع الإسناد ؟
لا يشترط ذلك ، فقد ينقطع التسلسل في وسطه أو آخره ، لكن يقولون في هذه الحالة : " هذا مسلسل إلى فلان " .
7- لا ارتباط بين التسلسل والصحة:
فقَلَّمَا يسلم المسلسل من خلل في التسلسل، أو ضعف، وإن كان أصل الحديث صحيحاً من غير طريق التسلسل.
8- أشهر المصنفات فيه :
أ) المُسَلْسَلات الكبرى للسيوطي ، وقد اشتملت على / 85/ حديثاً .
ب) المناهل السَّلْسَلَة في الأحاديث المُسِلْسِلَة ، لمحمد عبدالباقي الأيوبي ، وقد اشتملت على / 212/ حديثاً .
رواية الأكابر عن الأصاغر
ـ 3 ـ
1- تعريفه:
أ) لغة : الأكابر جمع " أَكَبْرَ " والأصاغر جمع " أَصْغَر " والمعني : رواية الكبار عن الصغار .
ب) اصطلاحاً: رواية الشخص عمن هو دونه في السن والطبقة أو في العلم والحفظ.
2- شرح التعريف :
أي أن يروي الراوي عن شخص هو أصغر منه سناً وأدنى طبقة، والدُّنُوُّ في الطبقة كراوية الصحابة عن التابعين ونحو ذلك. أو يروي عمن هو أقل منه علماً وحفظاً ، كرواية عالم حافظ عن شيخ ولو كان ذاك الشيخ كبيراً في السن ، هذا وينبغي التنبه إلى أن الكِبَر في السن أو القِدَم في الطبقة وحده ، أي بدون المساواة في العلم عمن يروي عنه لا يكفي لأن يُسَمَّي رواية أكابر عن أصاغر ، والأمثلة التالية توضح ذلك .
3- أقسامه وأمثلتها:
يمكن أن نقسم رواية الأكابر عن الأصاغر إلى ثلاثة أقسام وهي:
أ) أن يكون الراوي أكبر سناً وأقدم طبقة من المَرْوِيِّ عنه. ( أي مع العلم والحفظ أيضاً ).
ب) أن يكون الراوي أكبر قَدْراً ـ لا سناً ـ من المروي عنه، كحافظ عالم عن شيخ كبير غير حافظ.
مثل : رواية مالك عن عبدالله بن دينار .
ج) أن يكون الراوي أكبر سناً وقَدْراً من المروي عنه، أي أكبر وأعلم منه.
مثل : رواية البَرْقاني عن الخطيب
4- من رواية الأكابر عن الأصاغر :
أ) رواية الصحابة عن التابعين : كرواية العَبَادِلة وغيرهم عن كعب الأحبار .
ب) رواية التابعي عن تابِعِيِّهِ : كرواية يحيي بن سعيد الأنصاري عن مالك .
5- من فوائده :
أ) إلا يُتَوَهَّم أنَّ المروِي عنه أفضل وأكبر من الراوي لكونه الأغلب.
ب) إلا يُظَنَّ أن في السند انقلاباً ، لأن العادة جرت برواية الأصاغر عن الأكابر .
6- أشهر المصنفات فيه :
أ) كتاب " ما رواه الكبار عن الصغار والآباء عن الأبناء " للحافظ أبي يعقوب اسحق بن إبراهيم الورَّاق المتوفى سنة 403هـ.
رواية الآباء عن الأبناء
ـ4 ـ
1- تعريفه:
أن يوجد في سند الحديث أَبٌ يروي الحديث عن ابنه .
2- مثاله:
حديث رواه العباس بن عبد المطلب عن أبنه الفضل أن رسول الله صلي الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بالمزدلفة .
3- من فوائده :
ألا يُظَنَّ أن في السند انقلاباً أو خطأ ، لأن الأصل أن يروي الابن عن أبيه ، وهذا النوع مع النوع الذي قبله يدل على تواضع العلماء ، وأخْذِهِمُ العلم من أي شخص ، وإن كان دونهم في القَدْر والسن .
4- أشهر المصنفات فيه :
كتاب " رواية الآباء عن الأبناء " للخطيب البغدادي .
رواية الأبناء عن الآباء
ـ 5 ـ
1- تعريفه:
أن يوجد في سند الحديث ابْنٌ يروي الحديث عن أبيه فقط ، أو عن أبيه عن جده .
2- أهمه:
وأهم هذا النوع ما لم يُسَمَّ فيه الأبُ أو الجَدُ ، لأنه يحتاج إلى البحث لمعرفة اسمه .
3- أنواعه:
هو نوعان.
أ) رواية الراوي عن أبيه فحسب ( أي بدون الرواية عن الجَد ) وهو كثير.
مثاله : رواية أبي العُشَرَاء عن أبيه
ب) رواية الراوي عن أبيه عن جده، أو عن أبيه عن جده فما فوقه. مثاله : رواية عَمرو بن شُعَيْب عن أبيه عن جده .
4- من فوائده:
أ) البحث لمعرفة اسم الأب أو الجَد إذا لم يُصَرَّحْ باسمه.
ب) بيان المراد من الجَدَّ ، هل هو جَدَّ الابن أو جد الأب .
5- أشهر المصنفات فيه :
أ) رواية الأبناء عن آبائهم ، لأبي نصر عبيد الله بن سعيد الوائلي .
ب) جزء من روي عن أبيه عن جده ، لابن أبي خَيْثَمَةَ .
ج) كتاب الوَشْيُ المعلم في من روي عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله عليه وسلم للحافظ العلائي .
المُدَبَج ورواية الأقْران
ـ 6 ـ
1- تعريف الأقْران:
أ) لغة: الأقران جمع " قَرِين " بمعنى المَصَاحِب، كما في القاموس
ب) اصطلاحاً: المتقاربون في السن والإسناد .
2- تعريف رواية الأقران:
أن يروي أحد القريتين عن الآخر .
مثل : رواية سليمان التَّيْمي عن مِسِعَر بن كِدَام ، فهما قرينان ، لكن لا نعلم لمِسْعَرٍ رواية عن التَّيْمي .
3- تعريف المُدَبَّج:
أ) لغة: اسم مفعول من " التَّدْبِيْج " بمعنى التزيين والتدبيج مشتق من دِيْباجَتي الوجه أي الخدين ، وكأن المُدَبَّج سُمى بذلك لتساوي الراوي والمروي عنه ، كما يتساوي الخُدّان .
ب) اصطلاحاً: أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر.
4- أمثلة المدبج:
أ ) في الصحابة: في رواية عائشة عن أبي هريرة، ورواية أبي هريرة عن عائشة.
ب) في التابعين: رواية الزهري عن عمر بن عبدالعزيز ورواية عمر بن عبدالعزيز عن الزهري.
ج) في أتباع التابعين: رواية مالك عن الأوزاعي ، ورواية الأوزاعي عن مالك .
5- من فوائده :
أ) ألا يظن الزيادة في الإسناد . ب) ألا يظن إبدال " عن " بـ " الواو ".
6- أشهر المصنفات فيه :
أ) المدبج ، للدارقطني .
ب) رواية الأقران ، لأبي الشيخ الأصبهاني .
السَّابق واللاحق
ـ 7 ـ
1- تعريفه:
أ) لغة: السابق اسم فاعل من " السَّبْق " بمعني المتقدم، واللاحق اسم فاعل من " اللَّحَاق " بمعنى المتأخر، والمراد بذلك الراوي المتقدم موتاً، والراوي المتأخر موتاً.
ب) اصطلاحاً: أن يشترك في الرواية عن شيخ اثنان تَبَاعد ما بين وفاتيهما.
2- مثاله:
أ) محمد بن إسحق السراج ، اشترك في الرواية عنه البخاري والخَفاف ، وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر
ب) الإمام مالك : اشترك في الرواية عنه الزهري وأحمد بن إسماعيل السَّهْمِي ، وبين وفاتيهما مائة وخمس وثلاثون سنة ، لأن الزهري توفي سنة 124 وتوفي السهمي سنة 259. وتوضيح ذلك أن الزهري أكبر سناً من مالك .
لأنه من التابعين ،ومالك من أتباع التابعين ، فرواية الزهري عن مالك تعتبر من باب رواية الأكابر عن الأصاغر كما مر ، على حين أن السهمي أصغر سناًِ من مالك ، هذا بالإضافة إلى أن السهمي عُمِّر طويلا ، إذ بلغ عمره نحو مائة سنة ، لذلك كان هذا الفرق الكبير بين وفاته ووفاة الزهري .
وبتعبير أوضح فان الراوي السابق يكون شيخاً لهذا المروي عنه، والراوي اللاحق يكون تلميذاً له، ويعيش هذا التلميذ طويلاً.
3- من فوائده :
أ) تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب .
ت) ألا يظن انقطاع سند اللاحق .
4- أشهر المصنفات فيه :
كتاب السابق واللاحق، للخطيب البغدادي.
الفصل الثاني
معرفة الرواة
1- معرفة الصحابة. 2- معرفة التابعين.
3- معرفة الأخوة والأخوات . 4- المتفق والمفترق .
5- المؤتلف والمختلف.
6- المتشابه.
7- المهمل.
8- معرفة المبهمات.
9- معرفة الوُحدان .
10- معرفة من ذكر بأسماء أو صفات مختلفة.
11- معرفة المفردات من الأسماء والكنى والألقاب .
12- معرفة أسماء من اشتهروا بكناهم .
13- معرفة الألقاب.
14- معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم .
15- معرفة النسب التي علي خلاف ظاهرها.
16- معرفة تواريخ الرواة.
17- معرفة من خلط من الثقات .
18- معرفة طبقات العلماء والرواة.
19- معرفة الموالي من الرواة والعلماء .
20- معرفة الثقات والضعفاء من الرواة .
21- معرفة أوطان الرواة وبلدانهم.
معرفة الصحابة
- 1 -
1 – تعريف الصحابي:
أ ) لغة: الصحابة لغة مصدر بمعني " الصحبة " ومنه " الصحابي " و " الصاحب "
ويجمع علي أصحاب وصَحْب ، وكثر استعمال " الصحابة " بمعني "الأصحاب" .
ب) اصطلاحاً: من لقي النبي صلي الله عليه وسلم مسلماً ومات علي الإسلام ، ولو تخللت ذلك ردة علي الأصح .
2- أهميته وفائدته:
معرفة الصحابة علم كبير مهم عظيم الفائدة، ومن فوائده معرفة المتصل من المرسل.
3- بم تعرف صحبة الصحابي ؟
تعرف الصحبة بأحد أمور خمسة وهي:
أ ) التواتر: كأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وبقية العشرة المبشرين بالجنية.
ب ) الشهرة : كضِمَام بن ثَعْلَبة ، وعُكاشة بن مِحْصَن .
ج ) إخبار صحابي.
د )إخبار ثقة من التابعين .
هـ ) إخبارُه عن نفسه إن كان عَدْلا، وكانت دعواه مُمْكنِة1
4 – تعديل جميع الصحابة:
والصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول ، سواء من لابس الفتن منهم أولا ، وهذا بإجماع من يعتد به ، ومعني عدالتهم : أي تجنبهم عن تعمد الكذب في الرواية والانحراف فيها ، بارتكاب ما يوجب عدم قبولها ، فينتج عن ذلك قبول جميع رواياتهم من غير تكليف البحث عن عدالتهم ، ومن لابس الفتن منهم يحمل أمره علي الاجتهاد المأجور فيه لكل منهم تحسيناً للظن بهم . لأنهم حملة الشريعة وخير القرون .
5 – أكثرهم حديثاً :
ستة من المكثرين، وهم علي التوالي:
أ ) أبو هريرة : روي / 5374 / حديثاً ، وروي عنه أكثر من ثلاثمائة رجل .
ب) ابن عمر : روي / 2630 / حديثاً .
ح) أنس بن مالك: روي / 2286 / حديثاً.
د) عائشة أم المؤمنين: روت / 2210 / أحاديث.
ه) ابن عباس : روي / 1660 / حديثاً .
و) جابر عبدالله : روي / 1540 / حديثاً .
6 – أكثرهم فتيا :
وأكثرهم فتيا تروي هو ابن عباس ، ثم كبار علماء الصحابة ، وهم ستة كما قال مسروق : " انتهي علم الصحابة إلى ستة : عمر وعلي وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن مسعود ثم انتهي علم الستة إلى علي وعبد الله بن مسعود".
7 – من هم العبادلة ؟
المراد بالعبادلة بالأصل من اسمهم " عبدالله " من الصحابة ، ويبلغ عددهم نحو ثلاثمائة صحابي ، لكن المراد بهم هنا أربعة من الصحابة كل منهم اسمه عبدالله ، وهم :
أ ) عبدالله بن عمر .
ب) عبدالله بن عباس .
ج) عبدالله بن الزبير .
د) عبدالله بن عمرو بن العاص .
والميزة لهؤلاء أنهم من علماء الصحابة الذين تأخرت وفاتهم حتى احتيج إلى عملهم ، فكانت لهم المزية والشهرة ، فإذا اجتمعوا علي شيء من الفتوى قيل هذا قول العبادلة .
8 – عدد الصحابة :
ليس هناك إحصاء دقيق لعدد الصحابة ، لكن هناك أقوال لأهل العلم يستفاد منها أنهم يزيدون علي مائة ألف صحابي ، وأشهر هذه الأقوال أبي زرعة الرازي : " قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة ممن روي عنه وسمع منه ".1
9 – عدد طبقاتهم :
اختلف في عدد طبقاتهم، فمنهم من جعلها باعتبار السبق إلى الإسلام، أو الهجرة أو شهود المشاهد الفاضلة، ومنهم من قسمهم باعتبار آخر، فكل قسمهم حسب اجتهاده.
أ ) فقسمهم ابن سعد خمس طبقات .
ب ) وقسمهم الحاكم اثنتي عشرة طبقة.
10 – أفضلهم :
أفضلهم علي الإطلاق أبو بكر الصديق ثم عمر رضي الله عنهما بإجماع أهل السنة، ثم عثمان ثم علي، علي قول جمهور أهل السنة، ثم تمام العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل أحد، ثم أهل بيعة الرضوان "
11 – أولهم إسلاماً :
أ) من الرجال الأحرار: أبو بكر الصديق رضي الله عنه .
ب ) من الصبيان: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ج ) من النساء : خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها .
د ) من الموالي: زيد بن حارثة رضي الله عنه.
هـ) من العبيد: بلال بن رباح رضي الله عنه.
12 – آخرهم موتاً :
أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي ، مات سنة مائة بمكة المكرمة ، وقيل أكثر من ذلك ، ثم آخرهم موتاً قبله أنس بن مالك توفي سنة ثلاث وتسعين بالبصرة .
13 – أشهر المصنفات فيه :
أ ) الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر العسقلاني .
ب) أسد الغابة في معرفة الصحابة ، لعلي بن محمد الجزري المشهور بابن الأثير.
ح ) الاستيعاب في أسماء الأصحاب ، لابن عبد البر .
معرفة التابعين
- 2 -
1 – تعريف التابعي:
أ) لغة: التابعون جمع تابعي أو تابع، والتابع اسم فاعل من "تبعه" بمعني مشي خلفه.
ب) اصطلاحاً: هو من لقي صحابيا مسلما ومات علي الإسلام، وقيل هو من صحب الصحابي.
2 – من فوائده :
تمييز المرسل من المتصل .
3 – طبقات التابعين:
اختلف في عدد طبقاتهم ، فقسمهم العلماء كل حسب وجهته .
أ) فجعلهم مسلم ثلاث طبقات.
ب) وجعلهم ابن سعد أربع طبقات .
ج) وجعلهم الحاكم خمس عشرة طبقة، الأولي منها من أدرك العشرة من الصحابة.
4- المخضرمون:
واحدهم "مخضرم " والمخضرم: هو الذي أدرك الجاهلية وزمن النبي صلي الله عليه وأسلم ولم يره. والمخضرمون من التابعين علي الصحيح .
وعدد المخضرمين نحو عشرين شخصاً ، كما عدهم الإمام مسلم ، والصحيح أنهم أكثر من ذلك ، ومنهم أبو عثمان النهدي ، والأسود بن يزيد النخعي.
5- الفقهاء السبعة:
ومن أكابر التابعين الفقهاء السبعة، وهم كبار علماء التابعين، وكلهم من أهل المدينة وهم:
" سعيد بن المسيب ـ والقاسم بن محمد ـ وعروة بن الزبير ـ وخارجة بن زيد ـ وأبو سلمة بن عبدالرحمن ـ وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة ـ وسليمان بن يسار "1
6- أفضل التابعين:
هناك أقوال للعلماء في أفضلهم ، والمشهور أن أفضلهم سعيد بن المسيب ، وقال أبو عبدالله محمد بن خفيف الشيرازي :
أ) أهل المدينة يقولون : أفضل التابعين سعيد بن المسيب .
ب) وأهل الكوفة يقولون : أويس القرني .
ج) وأهل البصرة يقولون : الحسن البصري .
7- أفضل التابعيات :
قال أبو بكر بن أبي داود : " سيدتا التابعيات حفصة بنت سيرين ، وعَمْرَة بنت عبدالرحمن ، وتليهما أم الدرداء.2
8- أشهر المصنفات فيه :
كتاب " معرفة التابعين " لأبي المطرف بن فطيس الأندلسي.3
معرفة الأخوة والأخوات
- 3 -
1 - توطئة:
هذا العلم هو إحدى معارف أهل الحديث التي اعتنوا بها وأفردوها بالتصنيف ، وهو معرفة الأخوة والأخوات من الرواة في كل طبقة ، وإفراد هذا النوع بالبحث والتصنيف يدل علي مدي اهتمام علماء الحديث بالرواة ، ومعرفة أنسابهم وإخوتهم ، وغير ذلك ، كما سيأتي من الأنواع بعده .
2 – من فوائده :
من فوائده ألا يظن من ليس بأخ أخاً عند الاشتراك في اسم الأب.
مثل : " عبدالله بن دينار " و " عمرو بن دينار " فالذي لا يدري يظن أنهما أخوان مع أنهما ليسا بأخوين ، وإن كان اسم أبيهما واحداً .
3– أمثلة:
أ) مثال للاثنين : في الصحابة ، عمر وزيد ابنا الخطاب .
ب) مثال للثلاثة : في الصحابة ، علي وجعفر وعقيل بنو أبي طالب .
ج ) مثال للأربعة : في أتباع التابعين ، سهيل وعبدالله ومحمد وصالح بنو أبي صالح .
د ) مثال للخمسة : في أتباع التابعين ، سفيان وآدم وعمران ومحمد وإبراهيم بنو عيينة.
هـ ) مثال الستة : في التابعين ، محمد وأنس ويحيي ومعبد وحفصة وكريمة بنو سيرين .
و ) مثال السبعة : في الصحابة ، النعمان ومعقل وعقيل وسريد وسنان وعبدالرحمن وعبدالله بنو مقرن .
وهؤلاء السبعة كلهم صحابة مهاجرون لم يشاركهم في هذه المكرمة أحد1، وقيل إنهم حضروا غزوة الخندق كلهم .
4– أشهر المصنفات فيه :
أ ) كتاب الأخوة لأبي المطرف بن فطيس الأندلسي .
ب ) كتاب الأخوة لأبي العباس السراج .1
المُتفِق المُفْتَرق
ـ 4 ـ
1- تعريفه:
أ) لغة : المُتفق اسم فاعل من (( الاتفاق )) المُفترق اسم فاعل من " الافتراق " ضد الاتفاق.
ب) اصطلاحاً : أن تتفق أسماء الرواة وأسماء آبائهم فصاعدا خطا ولفظاً ، وتختلف أشخاصهم ، ومن ذلك أن تتفق أسماؤهم وكناهم ، أو أسماؤهم ونسبتهم ، ونحو ذلك
2- أمثلة:
أ) الخليل بن أحمد : ستة أشخاص اشتركوا في هذا الاسم ، أولهم شيخ سيبويه .
ب) أحمد بن جعفر بن حمدان : أربعة أشخاص في عصر واحد .
ج) عمر بن الخطاب: ستة أشخاص.
3- أهميته وفائدته:
ومعرفة هذا النوع مهم جداً ، فقد زلق بسبب الجهل به غير واحد من أكابر العلماء . ومن فوائده :
أ) عدم ظن المشتركين في الاسم واحداً ، مع أنهم جماعة . وهو عكس " المُهمل " الذي يُخشي منه أن يُظن الواحد اثنين
ب) التمييز بين المشتركين في الاسم، فربما يكون أحدهما ثقة والآخر ضعيفاً، فيضعف ما هو صحيح أو بالعكس.
4- متى يَحْسُنُ إيرادهُ ؟
ويحسن إيراد المثال فيما إذا اشترك الراويان أو الرواة في الاسم ، وكانوا في عصر واحد ، واشتركوا في بعض الشيوخ أو الرواة عنهم ، أما إذا كانوا في عصور متباعدة فلا إشكال في أسمائهم .
5- أشهر المصنفات فيه :
أ) كتاب " المُتَّفِق والمُفْترق " للخطيب البغدادي، وهو كتاب حافل نفيس
ب) كتاب " الأنساب المتفِقة " للحافظ محمد بن طاهر المتوفى سنة 507هـ وهو لنوع خاص من المتفق.
المُؤْتَلف والمُخْتَلف
ـ 5 ـ
1- تعريفه:
أ) لغة : المُؤتلف اسم فاعل من " الائتلاف " بمعنى " الاجتماع والتلاقي " وهو ضد النُفْرة. والمُخْتَلِف اسم فاعل من " الاختلاف " ضد الاتفاق.
ب) اصطلاحاً : أن تتفق الأسماء أو الألقاب أو الكُنى أو الأنساب خطاً ، وتختلف لفظاً
2- أمثلته :
أ) " سَلام " و " سَلاَّم " الأول بتخفيف اللام، والثاني بتشديد اللام.
ب) " مِسْوَر " و " مُسَوَّر " الأول بكسر الميم وسكون السين وتخفيف الواو . والثاني بضم الميم وفتح السين وتشديد الواو .
ج) " البَرَّاز " و " البَرَّاز " الأول آخره زاي ، والثاني آخره راء .
د) " الثَّوْري " و " التَّوَّزِي " الأول بالثاء والراء ، والثاني بالتاء والزاي .
3- هل له ضابط ؟
أ ) أكثره لا ضابط له، لكثرة انتشاره، وإنما يُضبط بالحفظ كل اسم بمفرده.
ب) ومنه ما له ضابط، وهو قسمان:
1- ما له ضابط بالنسبة لكتاب خاص أو كتب خاصة ، مثل أن نقول : إن كل ما وقع في الصحيحين والموطأ " يَسَار " فهو بالمثناة ثم المهملة إلا محمد بن " بشار " فهو بالموحدة ثم المعجمة .
2- ما له ضابط على العموم: أي لا بالنسبة لكتاب أو كتب خاصة. مثل أن نقول "سلام " كله مشدد اللام إلا خمسة ، ثم نذكر تلك الخمسة .
4- أهميته وفائدته :
معرفة هذا النوع من مهمات علم الرجال ، حتى قال على بن المديني " أشد التصحيف ما يقع في الأسماء " لأنه شيء لا يدخله القياس ، ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده
وفائدته تكمن في تجنب الخطأ وعدم الوقوع فيه .
5- أشهر المصنفات فيه :
أ) المُؤْتلف والمُخْتلف " لعبد الغني بن سعيد.
ب) " الإكْمَال " لابن ماكُولا ، وذيله ، لأبي بكر بن نُقطة .
المُتَشَابِه
- 6 -
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم فاعل من " التشابه" بمعنى " التماثل" ويراد بالمتشابه هنا " الملتبس" ومنه " المتشابه" من القرآن أي الذي يلتبس معناه.
ب) اصطلاحاً: أن تتفق أسماء الرواة لفظاً وخطاً، وتختلف أسماء الآباء لفظاً لا خطاً، أو بالعكس.2
2- أمثلته:
أ) "محمد بن عقيل" بضم العين و" محمد بن عقيل" بفتح العين، اتفقت أسماء الرواة، واختلفت أسماء الأبناء.
ب) " شريح بن النعمان" و " سريح بن النعمان" اختلفت أسماء الرواة، واتفقت أسماء الآباء.
3- فائدته:
وتكمن فائدته في ضبط أسماء الرواة، وعدم الالتباس في النطق بها، وعدم الوقوع في التصحيف والوهم.
4- أنواع أخرى من المتشابه:
هناك أنواع أخرى من المتشابه، أذكر أهمها فمنها:
أ) أن يحصل الاتفاق في الاسم واسم الأب إلا في حرف أو حرفين مثل.
" محمد بن حُنَين" و " محمد بن جُبَيْر".
ب) أو يحصل الاتفاق في الاسم واسم الأب خطاً ولفظاً، لكن يحصل الاختلاف في التقديم والتأخير.
1- إما في الاسمين جملة مثل : " الأسود بن يزيد" و " يزيد بن الأسود"3
2- أو في بعض الحروف مثل:" أيوب بن يسار" و " أيوب ابن يسار".
5- أشهر المصنفات فيه:
أ) "تلخيص المتشابه في الرَّسم ، وحماية ما أَشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم " للخطيب البغدادي .
ب) " تالي التلخيص " للخطيب أيضاًَ، وهو عبارة عن تتمة أو ذيل للكتاب السابق، وهما كتابان نفيسان لم يُصنف مثلهما في هذا الباب1
المُهْمَل
ـ 7 ـ
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من " الإهمال " بمعنى " الترك " كأن الراوي ترك الاسم بدون ذكر ما يميزه عن غيره.
ب) اصطلاحاً: أن يروى الراوي عن شخصين متفقين في الاسم فقط أو مع اسم الأب أو نحو ذلك ، ولم يتميزا بما يَخُص كل واحد منهما.
2- متى يَضُرُّ الإهمال ؟
إن كان أحدهما ثقة والآخر ضعيفاً، لأنه لا ندرى من الشخص المروي عنه هنا، فربما كان الضعيف منهما، فيضعف الحديث.
أما إذا كانا ثقتين ، فلا يضر الإهمال بصحة الحديث ، لأن أياً منهما كان المروى عنه فالحديث صحيح .
3- مثاله:
أ) إذا كانا ثقتين : ما وقع للبخاري من روايته عن " أحمد" ـ غير منسوب ـ عن ابن وهب فإنه إما أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسي ، وكلاهما ثقة .
ب) إذا كان أحدهما ثقة والآخر ضعيفاً : " سليمان بن داود " و " سليمان بن داود " فان كان "الخولاني " فهو ثقة . وان كان " اليمامي " فهو ضعيف .
4- الفرق بينه وبين المُبهم :
والفرق بينهما أن المُهْمل ذُكر اسمه والْتَبَسَ تعيينه، والمُبْهم لم يُذكر اسمه.
5- أشهر المصنفات فيه :
كتاب " المُكمل في بيان المُهْمل " للخطيب.
معرفة المُبهمات
ـ 8 ـ
1- تعريفه:
أ) لغة: المُبَهمات جمع " مُبْهَم " وهو اسم مفعول من " الإبْهام " ضد الإيضاح.
ب) اصطلاحاً: هو من أُبْهم اسمه في المتن أو الإسناد من الرواة أو ممن له علاقة بالرواية.
2- من فوائده بحثه :
أ) إن كان الإبهام في السند: معرفة الراوي إن كان ثقة أو ضعيفاً للحكم على الحديث بالصحة أو الضعف.
ب) وإن كان في المتن: فله فوائد كثيرة أبرزها معرفة صاحب القصة أو السائل حتى إذا كان في الحديث منقبة له عرفنا فضله، وان كان عكس ذلك، فيحصل بمعرفته السلامة من الظن بغيره من أفاضل الصحابة.
3- كيف يُعْرَف المُبهم ؟
يعرف بأحد أمرين :
أ) بوروده مُسَمي في بعض الروايات الأخرى .
ب) بتنصيص أهل السير على كثير منه .
4- أقسامه:
يقسم المُبْهم بحسب شدة الإبهام أو عدم شدته إلى أربعة أقسام ، وأبدأ بأشدها إبهاماً .
أ) رجل أو امرأة: كحديث ابن عباس أن " رجلا " قال يا رسول الله، الحج كل عام ؟ هذا الرجل هو الأقرع ابن حابس.
ب) الابن والبنت: ويلحق به الأخ والأخت وابن الأخ وابن الأخت وبنت الأخ وبنت الأخت، كحديث أم عطية في غسل " بنت " النبي صلي الله عليه وسلم بماء وسِدْر هي زينب رضي الله عنهما.
ج) العم والعم: ويلحق به الخال والخالة وابن أو بنت العم والعمة وابن أو بنت الخال والخالة، كحديث رافع بن خديج عن " عمه " في النهي عن المُخَابَرَة ، اسم عمه ظُهَير بن رافع، وكحديث " عمة " جابر التي بكت أباه لما قُتل يوم أُحُد ، اسم عمته فاطمة بنت عمرو .
د) الزوج والزوجة: كحديث الصحيحين في وفاة " زوج " سُبَيعة ، اسم زوجها سعد بن خَوْلَة وكحديث " زوجة " عبد الرحمن بن الزبير التي كانت تحت رفاعة القُرظي ، فطلقها ، اسمها تميمة بنت وهب .
5- أشهر المصنفات فيه :
صنف في هذا النوع عدد من العلماء ، منهم عبد الغني بن سعيد والخطيب والنووي ، وأحسنها وأجمعها كتاب " المُسْتَفاد من مبهمات المتن والإسناد " لولي الدين العراقي .
معرفة الوُحْدان
- 9 -
1 – تعريفه:
أ) لغة: الوُحْدان بضم الواو جمع واحد .
ب) اصطلاحا: هم الرواة الذين لم يرو عن كل واحد منهم إلا راو واحد.
2 - فائدته:
معرفة مجهول العين ، ورد روايته إذا لم يكن صحابياً .
3 – أمثلته:
أ) من الصحابة : عروة بن مُضَرس، لم يرو عنه غير الشعبي ، والمسيب بن حزن ، لم يرو عنه غير ابنه سعيد .
ب ) من التابعين: أبو العُشَراء ، لم يرو عنه غير حماد بن سلمة.
4 – هل أخرج الشيخان في صحيحيهما عن الوُحْدان ؟
أ) ذكر الحاكم في " المَدْخَل " أن الشيخين لم يخرجا من رواية هذا النوع شيئاً.
ب) لكن جمهور المحدثين قالوا إن في الصحيحين أحاديث كثيرة عن الوُحْدان من الصحابة ، منها.
1 – حديث " المُسَيب " في وفاة أبي طالب ، أخرجه الشيخان .
2 – حديث " قيس بن أبي حازم" عن " مرداس الأسلمي" يذهب الصالحون الأول فالأول ولا راوي " لمرداس " غير قيس . والحديث أخرجه البخاري.
5– أشهر المصنفات فيه :
كتاب " المنفردات والوُحْدان " للإمام مسلم .
معرفة من ذكر بأسماء أو صفات مختلفة
- 10 -
1 – تعريفه:
هو راو وصف بأسماء أو ألقاب أو كني مختلفة، من شخص واحد أو من جماعة.
2 – مثاله:
" محمد بن السائب الكلبي " سماه بعضهم " أبا النضر " وسماه بعضهم " حماد بن السائب " وسماه بعضهم " أبا سعيد " .
3 – من فوائده:
أ) عدم الالتباس في أسماء الشخص الواحد ، وعدم الظن بأنه أشخاص متعددون.
ب) كشف تدليس الشيوخ .
4 – استعمال الخطيب كثيراً من ذلك في شيوخه :
فيروي في كتبه مثلا عن أبي القاسم الأزهري ، وعن عبيد الله ابن أبي الفتح الفارسي، وعن عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي ، والكل واحد .
5 – أشهر المصنفات فيه :
أ) إيضاح الإشكال، للحافظ عبد الغني بن سعيد.
ب) موضح أوهام الجمع والتفريق، للخطيب البغدادي.
معرفة المفردات من الأسماء والكنى والألقاب
- 11 -
1 – المراد بالمفردات :
أن يكون لشخص من الصحابة أو الرواة عامة أو أحد العلماء اسم أو كنية أو لقب لا يشاركه فيه غيره من الرواة والعلماء، وغالبا ما تكون تلك المفردات أسماء غريبة يصعب النطق بها.
2 –فائدة معرفته:
عدم الوقوع في التصحيف والتحريف في تلك الأسماء المفردة الغربية .
3 – أمثلته:
أ) الأسماء:
1 – من الصحابة:" أجمد بن عجيان " كسفيان، أو كعليان، و " سندر " بوزن جعفر.
2 – من غير الصحابة: " أوسط " بن عمرو، " ضريب " ابن نقير بن سمير.
ب ) الكني:
1 – من الصحابة: " أبو الحمراء " مولي رسول الله صلي الله عليه وسلم، واسمه هلال بن الحارث.
2 – من غير الصحابة: " أبو العبيدين " واسمه معاوية ابن سبرة .
ج) الألقاب:
1 – من الصحابة: " سفينة " مولي رسول الله صلي الله عليه وسلم، واسمه مهران.
2 – من غير الصحابة: " مَنْدَل " واسمه عمرو بن علي الغزي الكوفي .
4 – أشهر المصنفات فيه :
أفرده بالتصنيف الحافظ أحمد بن هارون البرديجي في كتاب سماه " الأسماء المفردة " . ويوجد في أواخر الكتب المصنفة في تراجم الرواة كثير منه ، ككتاب " تقريب التهذيب " لابن حجر .
معرفة أسماء من اشتهروا بكناهم
- 12 -
1 – المراد بهذا البحث:
المراد بهذا البحث أن نفتش عن أسماء من اشتهروا بكناهم حتى نعرف الاسم غير المشهور لكل منهم .
2 – من فوائده :
وفائدة معرفة هذا البحث هو إلا يظن الشخص الواحد اثنين، إذ ربما يذكر هذا الشخص مرة باسمه غير المشهور، ومرة بكنيته التي اشتهر بها. فيشتبه الأمر علي من لا معرفة له بذلك فيظنه شخصين، وهو شخص واحد.
3 – طريقة التصنيف فيه:
المصنف في الكني يبوب تصنيفه علي ترتيب حروف المعجم في الكني ، ثم يذكر أسماء أصحابها ، فمثلا يذكر في باب الهمزة " أبا إسحق " ويذكر اسمه ، وفي باب الباء " أبا بشر " ويذكر اسمه، وهكذا .
4 – أقسام أصحاب الكني وأمثلتها :
أ) من اسمه كنيته، ولا اسم له غيرها ، كأبي بلال الأشعري ، اسمه وكنيته واحد .
ب) من عرف بكنيته، ولم يُعرف أله اسم أم لا ؟ كـ " أبي أناس " صحابي.
ج) من لقب بكنية، وله اسم وله كنية غيرها: كـ " أبي تراب " وهو لقب لعلي بن أبي طالب، وكنيته أبو الحسن.
د) من له كنيتان أو أكثر : كـ " ابن جريج " يكني بأبي الوليد وأبي خالد .
هـ)من اختلف في كنيته : كـ " أسامة بن زيد " قيل " أبو محمد " وقيل " أبو عبدالله " وقيل " أبو خارجة " .
و) من عرفت كنيته واختلف في اسمه : كـ " أبي هريرة " اختلف في اسمه واسم أبيه علي ثلاثين قولا ، أشهرها أنه " عبد الرحمن بن صخر " .
ز) من اختلف في اسمه وكنيته :كـ "سفينة " قيل اسمه " عُمير " وقيل " صالح " وقيل " أبو البختري " .
ح) من عرف باسمه وكنيته ، واشتهر بهما معاً : كآباء عبدالله " سفيان الثوري ـ ومالك ـ ومحمد بن إدريس الشافعي ـ وأحمد بن حنبل " وكأبي حنيفة النعمان بن ثابت .
ط) من اشتهر بكنيته مع معرفة اسمه : كـ " أبي إدريس الخولاني " اسمه عائذ الله .
ي) من اشتهر باسمه مع معرفة كنيته : كـ " طلحة بن عبيد الله التيمي " و " عبد الرحمن
بن عوف " و " الحسن بن علي بن أبي طالب " كنيتهم جميعاً " أبو محمد ".
5 – أشهر المصنفات فيه :
لقد صنف العلماء في الكني مصنفات كثيرة ، وممن صنف فيه علي بن المديني ومسلم والنسائي ، وأشهر هذه المصنفات المطبوعة :
ـ كتاب " الكني والأسماء " للدولابي أبي بشر محمد بن احمد المتوفى سنة 310هـ .
معرفة الألقاب
- 13 -
1 – تعريفه لغة:
الألقاب جمع لقب، واللقب كل وصف أشعر برفعة أو ضعة ، أو ما دل علي مدح أو ذم .
2 – المراد بهذا البحث:
هو التفتيش والبحث عن ألقاب المحدثين ورواة الحديث لمعرفتها وضبطها .
3- فائدته:
وفائدة معرفة الألقاب أمران وهما :
أ) عدم ظن الألقاب أسامي، واعتبار الشخص الذي يُذْكَر تارة باسمه، وتارة بلقبه شخصين، وهو شخص واحد.
ب) معرفة السبب الذي من أجله لقب هذا الراوي بذاك اللقب، فيعرف عندئذ المراد الحقيقي من اللقب الذي يخالف في كثير من الأحيان معناه الظاهر.
4 – أقسامه:
الألقاب قسمان وهما :
أ) لا يجوز التعريف به: وهو ما يكرهه الملقب به.
ب) يجوز التعريف به: وهو مالا يكرهه الملقب به.
5 – أمثلته :
أ) " الضال " لقب لمعاوية بن عبدالكريم الضال ، لُقب به لأنه ضل في طريق مكة .
ب) " الضعيف " : لقب عبدالله بن محمد الضعيف ، لُقب به لأنه كان ضعيفاً في جسمه لا في حديثه . قال عبد الغني ابن سعيد: "رجلان جليلان لزمهما لقبان قبيحان، الضال والضعيف ".
ج) " غندر " ومعناه المُشَغب في لغة أهل الحجاز ، وهو لقب محمد بن جعفر البصري صاحب شعبة ، وسبب تلقيبه بهذا اللقب أن ابن جريج قدم البصرة ، فحدث بحديث عن الحسن البصري ، فأنكروه عليه ، فقال له " اسكت يا غندر " .
د) " غنجار" : لقب عيسي بن موسي التيمي ، لُقب بـ " غنجار " لحمرة وجنتيه .
هـ) " صاعقة ": لقب محمد بن إبراهيم الحافظ روي عنه البخاري، ولقب بذلك لحفظه وشدة مذاكرته.
و) " مُشْكُدَانة " : لقب عبدالله بن عمر الأموي ، ومعناه بالفارسية " حبة المسك أو وعاء المسك ".
ز) " مُطَين " : لقب أبي جعفر الحضرمي ، ولُقِّب به لأنه كان وهو صغير يلعب مع الصبيان في الماء ، فيُطينون ظهره ، فقال له أبو نُعَيم : يا مُطَين لم لا تحضر مجلس العلم ؟
6 – أشهر المصنفات فيه :
صنف في هذا النوع جماعة من العلماء المتقدمين والمتأخرين ، وأحسن هذه الكتب وأخصرها كتاب " نزهة الألباب " للحافظ ابن حجر .
معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم
- 14 -
1 – المراد بهذا البحث:
معرفة من اشتهر نسبه إلى غير أبيه، من قريب، كالأم والجد، أو غريب، كالمربي ونحوه، ثم معرفة اسم أبيه.
2 – فائدته:
دفع توهم التعدد عند نسبتهم إلى آبائهم .
3 – أقسامه وأمثلتها:
أ) من نُسِبَ إلى أمه: مثل : مُعاذ ومُعوذ بنو عَفْراء ، وأبوهم الحارث . ومثل بلال بن حمامة، أبوه رباح، ومحمد بن الحنفية ، أبوه علي بن أبي طالب.
ب) من نُسِبَ إلى جدته: العليا أو الدنيا، مثل يَعْلَي بن منية، ومنية أم أبيه، وأبوه أمية، بشير بن الخصاصية، وهي أم الثالث من أجداده، وأبوه مَعْبَد. .
ج) من نُسِبَ إلى جده: مثل أبو عُبيدة بن الجراح ، اسمه عامر بن عبدالله بن الجراح . أحمد بن حنبل ، هو أحمد بن محمد بن حنبل .
د) من نُسِبَ إلى أجنبي لسبب: مثل المقداد بن عمرو الكندي ، يقال له المقداد بن الأسود ، لأنه كان في حِجْر الأسود بن عبد يغوث، فتبناه .
4 – أشهر المصنفات فيه :
لا أعرف مصنفاً خاصاً في هذا الباب ، لكن كتب التراجم عامة ، تذكر نسب كل راو ، لاسيما كتب التراجم الموسعة .
معرفة النسب التي علي خلاف ظاهرها
- 15 -
1 – تمهيد:
هناك عدد من الرواة نسبوا إلى مكان أو غزوة أو قبيلة أو صنعة ، ولكن الظاهر المتبادر إلى الذهن من تلك النسب ليس مراداً ، والواقع أنهم نسبوا إلى تلك النسب لعارض عرض لهم من نزولهم ذلك المكان أو مجالستهم أهل تلك الصنعة ونحو ذلك .
2 – فائدة هذا البحث:
وفائدة هذا البحث هو معرفة أن هذه النسب ليست حقيقية، وإنما نسب إليها صاحبها لعارض، ومعرفة العارض أو السبب الذي من أجله نسب إلى تلك النسبة.
3 – أمثلة:
أ) أبو مسعود البدري ، لم يشهد بدراً، بل نزل فيها ، فنسب إليها .
ب) يزيد الفقير، لم يكن فقيراً، وإنما أصيب في فقار ظهره.
ج) خالد الحَذَّاء ، لم يكن حذاء ، وإنما كان يجالس الحذائين .
4 – أشهر المصنفات في الأنساب :
كتاب " الأنساب " للسمعاني ، وقد لخصه ابن الأثير في كتاب سماه " اللباب في تهذيب الأنساب " ولخص الملخص هذا السيوطي في كتاب سماه " لُبُّ اللباب ".
معرفة تواريخ الرواة
- 16 -
1 – تعريفه:
أ) لغة : تواريخ جمع تاريخ وهو مصدر " أَرَّخَ " وسهلت الهمزة فيه .
ب) اصطلاحاً: هو التعريف بالوقت الذي تضبط به الأحوال من المواليد والوفيات والوقائع وغيرها.
2 – المراد به هنا:
معرفة تاريخ مواليد الرواة وسماعهم من الشيوخ ، وقدومهم لبعض البلاد . ووفياتهم .
3 – أهميته وفائدته:
هو فن مهم ، قال سفيان الثوري : " لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ ، ومن فوائده معرفة اتصال السند أو انقطاعه .
وقد ادعى قوم الرواية عن قوم فنظر في التاريخ، فظهر أنهم زعموا الرواية عنهم بعد وفاتهم بسنين.
4- أمثلة من عيون التاريخ :
أ) الصحيح في سن سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ثلاث وستون.
1- وقُبض رسول الله صلي الله عليه وسلم ضحى الاثنين لثنتي عشرة خلت من ربيع الأول سنة 11 هـ .
2- وقُبض أبو بكر رضي الله عنه في جُمادي الأولي سنة 13هـ .
3- وقُبض عمر رضي الله عنه في ذي الحجة سنة 23 هـ .
4- وقُتل عثمان رضي الله عنه في ذي الحجة سنة 35هـ وعمره / 82 / سنة وقيل ابن / 90 / سنة.
5- وقُتل على رضي الله عنه في شهر رمضان سنة 40 هـ . وهو ابن / 63 / سنة
ب) صحابيان عاشا ستين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام وماتا بالمدينة سنة / 54/ وهما:
1- حكيم بن حزام . 2- حسان بن ثابت .
ج) أصحاب المذاهب المتبوعة : ولد سنة توفي سنة
1 النعمان بن ثابت : ( أبو حنيفة ) 80 150
2 مالك بن أنس : 93 179
3 محمد بن إدريس الشافعي : 150 204
4 احمد بن حنبل : 164 241
د) أصحاب كتب الحديث المعتمدة : ولد سنة توفي سنة
1 محمد بن إسماعيل البخاري 194 256
2 مسلم بن الحجاج النيسابوري 204 261
3 أبو داود السجستاني : 202 275
4 أبو عيسى الترمذي : 209 279
5 احمد بن شعيب النسائي : 214 303
6 ( ابن ماجه ) القزويني : 207 275
5- أشهر المصنفات فيه :
أ) كتاب " الوَفَيَات " لابن زَبْر محمد بن عبيد الله الربعي محدث دمشق المتوفى سنة 379هـ وهو مرتب على السنين .
ب) ذيول على الكتاب السابق منها للكتاني ثم للأكفاني ثم للعراقي ، وغيرهم .
معرفة من اُخْتُلِطَ من الثقات
ـ 17 ـ
1- تعريف الاختلاط:
أ) لغة: الاختلاط لغة فساد العقل، يقال " اختلط فلان " أي فسد عقله، كما في القاموس.
ب) اصطلاحاً: فساد العقل، أو عدم انتظام الأقوال بسبب خَرَف أو عَمَي أو احتراق كتب أو غير ذلك.
2- أنواع المُخْتَلَطين:
أ) من اختلط بسبب الخَرَف : مثل عطاء بن السائب الثقفي الكوفي.
ب) من اختلط بسبب ذهاب البصر: مثل عبد الرزاق بن همام الصنعاني، فكان بعد أن عَمِيَ يُلَقَّنُ فَيَتَلقَّنُ.
ج) من اختلط بأسباب أخرى: كاحتراق الكتب ، مثل عبدالله بن لهيعة المصري .
3- حكم رواية المختلط :
أ) يقبل منها ما روي عنه قبل الاختلاط .
ب) ولا يقبل منها ما روي عنه بعد الاختلاط، وكذا ما شُك فيه أنه قبل الاختلاط أو بعده.
4- أهميته وفائدته:
هو فن مهم جداً ، وتكمن فائدته في تمييز أحاديث الثقة التي حدث بها بعد الاختلاط لردها وعدم قبولها .
5- هل أخرج الشيخان في صحيحيهما عن ثقات أصابهم الاختلاط ؟
نعم ، ولكن مما عُرف أنهم حدثوا به قبل الاختلاط .
6- أشهر المصنفات فيه :
صنف فيه عدد من العلماء ، كالعلائي والحازمي ، ومن هذه المصنفات كتاب " الاغتباط بمن رُمي بالاختلاط " للحافظ إبراهيم ابن محمد سِبْط ابن العجمي المتوفى سنة 841هـ
معرفة طبقات العلماء والرواة
ـ 18 ـ
1- تعريف الطبقة:
أ) لغة: القوم المتشابهون.
ب) اصطلاحاً: قوم تقاربوا في السن والإسناد أو في الإسناد فقط
ومعنى التقارب في الإسناد: أن يكون شيوخ هذا هم شيوخ الآخر أو يقاربوا شيوخه.
2- من فوائد معرفته :
أ) ومن فوائد معرفته الأمن من تداخل المتشابهين في اسم أو كنية ونحو ذلك، لأنه قد يتفق اسمان في اللفظ فيظن أن أحدهما هو الآخر، فيتميز ذلك بمعرفة طبقاتهما.
ب) الوقوف على حقيقة المراد من العنعنة .
3- قد يكون الراويان من طبقة باعتبار، ومن طبقتين باعتبار آخر:
مثل أنس بن مالك وشبهه من أصاغر الصحابة، فهم مع العشرة في طبقة واحدة باعتبار أنهم كلهم صحابة، وعلى هذا فالصحابة كلهم طبقة واحدة.
وباعتبار السوابق إلى الدخول في الإسلام، تكون الصحابة بضع عشرة طبقة كما تقدم في نوع " معرفة الصحابة " فلا يكون أنس بن مالك وشبهه في طبقة العشرة من الصحابة.
4- ماذا ينبغي على الناظر فيه:
ينبغي على الناظر في علم الطبقات أن يكون عارفاً بمواليد الرواة ووفياتهم، ومن رووا عنه، ومن روى عنهم.
5- أشهر المصنفات فيه:
أ) كتاب " الطبقات الكبرى " لابن سعد .
ب) كتاب " طبقات القراء " لأبي عمرو الداني.
ج) كتاب " طبقات الشافعية الكبرى " لعبد الوهاب السبكي .
د) تذكرة الحفاظ للذهبي .
معرفة الموالي من الرواة والعلماء
ـ 19 ـ
1 – تعريف المولي:
أ) لغة: الموالي جمع مولي ، والموالي من الأضداد فيطلق علي المالك والعبد ، والمُعْتِق والمُعْتَق( ) .
ب) اصطلاحاً: هو الشخص المحالف، أو المعتق، أو الذي أسلم علي يد غيره.
2 – أنواع الموالي:
أنواع الموالي ثلاثة وهي:
أ) مولي الحِلْف: مثل الإمام مالك بن أنس الأصبحي التيمي ، فهو أصبحي صليبة ، تيمي بولاء الحلف ، وذلك لأن قومه " أصبح " موالي لتيم قريش بالحِلف .
ب) مولي العَتَاقة: مثل أبو البختري الطائي التابعي ، واسمه سعيد بن فيروز ، هو مولي طييء ، لأن سيده كان من طييء فأعتقه .
ج) مولي الإسلام : مثل محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، لأن جده المغيرة كان مجوسياً فأسلم علي يد اليمان بن أخنس الجعفي ، فنسب إليه .
3- من فوائده :
الأمن من اللبس . ومعرفة المنسوب إلى القبيلة نسباً أو ولاء . ومن ثم ليتميز المنسوب إلى القبيلة ولاء عمن يشاركه في اسمه من تلك القبيلة نسباً.
4- أشهر المصنفات فيه:
صنف في ذلك أبو عمر الكِنْدي بالنسبة إلى المصريين فقط .
معرفة الثقات والضعفاء من الرواة
ـ 20 ـ
1- تعريف الثقة والضعيف:
أ) لغة: الثقة لغة المُؤتمن. والضعيف ضد القوي . ويكون الضعف حسياً ومعنوياً .
ب) اصطلاحاً: الثقة: هو العدل الضابط والضعيف: هو اسم عام يشمل من فيه طعن في ضبطه أو عدالته.
2- أهميته وفائدته:
هو من أَجَلَّ أنواع علوم الحديث . لأنه بواسطته يُعْرَف الحديث الصحيح من الضعيف .
3- أشهر المصنفات فيه وأنواعها :
أ) مصنَّفات مًفْرَدَة في الثقات : مثل كتاب " الثقات " لابن حِبَّان ، وكتاب " الثقات " للعِجْلي .
ب) مصنفات مُفْرَدَة في الضعفاء: كثيرة جداً. كالضعفاء للبخاري والنسائي والعُقَيْلي والدارقطني . ومنها كتاب " الكامل في الضعفاء " لابن عدي .وكتاب " المغني في الضعفاء " للذهبي .
ج) مصنفات مشتركة بين الثقات والضعفاء : وهي كثيرة أيضاً .منها : كتاب " تاريخ البخاري الكبير " ومنها كتاب " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ، وهي كتب عامة للرواة . ومنها كتب خاصة ببعض كتب الحديث . مثل كتاب " الكمال في أسماء الرجال " لعبد الغني المقدسي ، وتهذيباته المتعددة التي للمِزي والذهبي وابن حجر والخزرجي .
معرفة أوطان الرواة وبلدانهم
ـ 21 ـ ِ
1- المراد بهذا البحث:
الأوطان جمع وطن . وهو الإقليم أو الناحية التي يولد الإنسان أو يقيم فيها ، والبلدان جمع بلد، وهي المدينة أو القرية التي يولد الإنسان أو يقيم فيها .
والمراد بهذا البحث هو معرفة أقاليم الرواة ومدنهم التي ولدوا فيها أو أقاموا فيها .
2- من فوائده:
ومن فوائده التمييز بين الاسمين المتفقين في اللفظ إذا كان من بلدين مختلفين وهو مما يُحتاج إليه حفاظ الحديث في تصرفاتهم ومصنفاتهم .
3- إلى أي شيء يَنْتَسب كلٌ من العرب والعجم ؟
أ) لقد كانت العرب قديماً تنتسب إلى قبائلها، لأن غالبيتهم كانوا بدواً رحلاً، وكان ارتباطهم بالقبيلة أوثق من ارتباطهم بالأرض، فلما جاء الإسلام، وغلب عليهم سكنى البلدان والقرى انتسبوا إلى بلدانهم وقراهم.
ب) أما العجم فإنهم ينتسبون إلى مدنهم وقراهم من القديم.
4- كيف ينتسب من انتقل عن بلده ؟
أ) إذا أراد الجَمع بينهما في الانتساب: فليبدأ بالبلد الأول ثم بالثاني المنتقل إليه، ويحسن أن يُدخل على الثاني حرف " ثم " فيقول مَنْ وُلد في حَلَبَ وانتقل إلى المدينة المنورة: " فلان الحلبي ثم المدني " وعلى هذا عملُ أكثر الناس.
ب) وإذا لم يًرِدِ الجمع بينهما : له أن ينتسب إلى أيهما شاء . وهذا قليل .
5- كيف ينْتسب من كان من قرية تابعة لبلدة ؟
أ) له أن ينتسب إلى تلك القرية.
ب) وله أن ينتسب إلى البلدة التابعة لها تلك القرية .
ج) وله أن ينتسب إلى تلك الناحية التي منها تلك البلدة أيضاً.
ومثال ذلك : إذا كان شخص من" الباب " وهي تابعة لمدينة " حلب " وحلب من " الشام " فله أن يقول في انتسابه : فلان البابي أو فلان الحلبي ، فلا الشامي .
6- كم المدة التي إن أقامها الشخص في بلد نُسِبَ إليها ؟
أربع سنين ، وهو قول عبدالله بن المبارك .
7- أشهر المصنفات فيه :
أ) يمكن أن نعتبر كتاب " الأنساب " للسمعاني الذي تقدم من مصنفات هذا النوع لأنه يذكر الانتساب إلى الأوطان وغيرها .
ب) ومن مظان ذكر أوطان الرواة وبلدانهم كتاب " الطبقات الكبرى " لابن سعد .
هذا آخر ما يسر الله في هذا الكتاب وصلى الله عليه وسلم سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد الله رب العالمين.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ـ نشر دار الكتاب العربي ـ بيروت .
- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للسيوطي ، تحقيق عبدالوهاب عبداللطيف ـ الطبعة الثانية سنة 1385هـ .
- التقريب للنووي مع شرحه التدريب ، تحقيق عبدالوهاب عبداللطيف ـ الطبعة الثانية سنة 1385هـ .
- الرسالة للشافعي ، تحقيق أحمد محمد شاكر .
- الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة للكتاني ـ تحقيق الشيخ محمد المنتصر الكتاني ـ نشر دار الفكر.
- سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي ـ الطبعة المصرية ـ نشر محمد عبدالمحسن الكتبي .
- سنن أبي داود ـ طبع الهند على الحجر .
- سنن ابن ماجه ترتيب وتحقق محمد فؤاد عبدالباقي ـ طبع عيسي البابي الحلبي وشركاه سنة 1372هـ .
- سنن الدارقطني ، تصحيح وتحقيق ونشر السيد عبدالله هاشم اليماني المدني .
- شرح ألفية العراقي له ـ طبع المغرب .
- صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ـ تحقيق الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ المطبعة السلفية بالقاهرة سنة 1380هـ .
- صحيح البخاري المتن فقط . طبعة بولاق سنة 1296هـ .
- صحيح مسلم مع شرح النووي ـ الطبعة الأولي ـ المطبعة المصرية بالأزهر سنة 1347هـ .
- علوم الحديث لابن الصلاح ـ تحقيق الدكتور نور الدين عنتر ـ نشر المكتبة العلمية بالمدينة المنورة سنة 1386هـ .
- فتح المغيث شرح ألفية الحديث للسخاوي ـ تحقيق عبدالرحمن محمد عثمان ، نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة .
- القاموس المحيط للفيروز آبادي ـ طبع المطبعة الميمنية بمصر .
- الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ـ طبع دائرة المعارف العثمانية بالهند سنة 1357هـ.
- المتفق والمفترق للخطيب البغدادي ـ مخطوط .
- المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ـ نشر مكتبة النصر الحديثة بالرياض .
- معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري ـ نشر الدكتور السيد معظم حسين طبع دائرة المعارف العثمانية .
- معالم السن للخطابي ـ تحقيق أحمد محمد شاكر ومحمد حامد الفقي ـ مطبعة أنصار السنة المحمدية سنة 1367هـ.
- ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي ـ تحقيق على محمد البجاوي ـ طبع عيسى البابي الحلبي سنة 1382هـ .
- موطأ مالك تصحيح وتعليق محمد فؤاد عبدالباقي ـ طبع عيسي البابي الحلبي وشركاه سنة 1370هـ .
- نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر ـ نشر المكتبة العلمية بالمدنية المنورة.
- نخبة الفكر مع شرحها نزهة النظر للحافظ ابن حجر ـ نشر المكتبة العملية بالمدينة المدينة المنورة.
فِهرس المَوضُوعات
صفحة
2 المقدمة العامة :
6 المقدمة: في نشأة علم المصطلح وأشهر المصنفات فيه.
7 ـ نبذة تاريخية عن نشأة علم المصطلح والأطوار التي مر بها .
9 ـ أشهر المصنفات في علم المصطلح .
12 ـ تعريفات أولية.
14 الباب الأول: الخبر.
15 الفصل الأول: تقسيم الخبر باعتبار وصوله إلينا.
15 المبحث الأول: الخبر المتواتر.
17 المبحث الثاني: خر الآحاد
17 ـ المشهور.
20 ـ العزيز.
21 ـ الغريب.
24 ـ تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى قوته وضعفه .
25 ـ الفصل الثاني: الخبر المقبول.
25 ـ المبحث الأول: أقسام المقبول.
26 ـ الصحيح.
33 ـ الحسن .
37 ـ الصحيح لغيره .
37 ـ الحسن لغيره .
38 ـ خبر الآحاد المقبول المحتف بالقرائن .
39 ـ المبحث الثاني: تقسيم الخبر المقبول إلى معمول به، وغير معمول به.
39 ـ المحكم ومختلف الحديث.
41 ـ ناسخ الحديث ومنسوخة.
44 ـ الفصل الثالث. الخبر المردود.
45 ـ الخبر المردود وأسباب رده .
45 المبحث الأول: الضعيف.
48 ـ المبحث الثاني: المردود بسبب سقط من الإسناد.
49 ـ المعلق.
50 ـ المرسل.
52 ـ المعضل .
55 ـ المنقطع.
56 ـ المدلس.
60 ـ المرسل الخفي.
61 ـ المعنعن والمؤنن .
63 ـ المبحث الثالث: المردود بسبب طعن في الراوي.
64 ـ الموضوع.
67 ـ المتروك.
68 ـ المنكر.
69 ـ المعروف.
70 ـ المعلل.
73 ـ المخالفة للثقات .
73 ـ المدرج.
76 ـ المقلوب.
79 ـ المزيد في متصل الأسانيد .
81 ـ المضطرب.
83 ـ المصحف.
85 ـ الشاذ والمحفوظ.
87 ـ الجهالة بالراوي .
90 ـ البدعة.
91 ـ سوء الحفظ.
92 ـ الفصل الرابع : الخبر المشترك بين المقبول والردود .
92 ـ المبحث الأول : تقسيم الخبر بالنسبة إلى من أسند إليه .
93 ـ الحديث القدسي.
94 ـ المرفوع.
95 ـ الموقوف.
97 ـ المقطوع.
100 ـ المبحث الثاني : أنواع أخري مشتركة بين المقبول والمردود .
100 ـ المسند.
100 ـ المتصل.
101 ـ زيادات الثقات .
103 ـ الاعتبار والمتابع والشاهد.
106 الباب الثاني: صفة من تقبل روايته ، وما يتعلق بذلك من الجرح والتعديل .
107 ـ المبحث الأول: في الراوي وشروط قبوله.
110 ـ المبحث الثاني: فكرة عامة عن كتب الجرح والتعديل.
112 ـ المبحث الثالث: مراتب الجرح والتعديل.
115 الباب الأول: كيفية ضبط الرواية وطرق تحملها.
115 ـ المبحث الأول : كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه .
116 ـ المبحث الثاني: طرق التحمل وصيغ الأداء.
121 ـ المبحث الثالث: كتابة الحديث وضبطه والتصنيف فيه.
125 ـ المبحث الرابع: صفة رواية الحديث.
127 ـ غريب الحديث.
129 ـ الفصل الثاني: آداب الرواية.
129 ـ المبحث الأول: آداب المحدث.
130 ـ المبحث الثاني: آداب طالب الحديث.
132 الباب الرابع: الإسناد وما يتعلق به.
132 ـ الفصل الأول : طائف الإسناد .
133 ـ الإسناد العالي والنازل .
136 ـ المسلسل.
139 ـ رواية الأكابر عن الأصاغر .
140 ـ رواية الآباء عن الأبناء .
141 ـ رواية الأبناء عن الآباء .
142 ـ المدبج ورواية الأقران.
144 ـ السابق واللاحق.
146 ـ الفصل الثاني: معرفة الرواة.
147 ـ معرفة الصحابة.
150 ـ معرفة التابعين.
152 ـ معرفة الأخوة والأخوات .
154 ـ معرفة المتفق والمفترق.
155 ـ معرفة المؤتلف والمختلف.
157 ـ معرفة المتشابه.
158 ـ معرفة المهمل.
159 ـ معرفة المبهمات.
160 ـ معرفة الوُحْدان .
161 ـ معرفة من ذكر بأسماء أو صفات مختلفة.
162 ـ معرفة المفردات من الأسماء والكنى والألقاب .
163 ـ معرفة أسماء من اشتهروا بكناهم .
164 ـ معرفة الألقاب .
166 ـ معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم .
167 ـ معرفة النسب التي علي خلاف ظاهرها.
167 ـ معرفة تواريخ الرواة.
169 ـ معرفة من خلط من الثقات .
170 ـ معرفة طبقات العلماء والرواة.
171 ـ معرفة الموالي من الرواة والعلماء .
172 ـ معرفة الثقات والضعفاء من الرواة .
173 ـ معرفة أوطان الرواة وبلدانهم .
175 ـ المصادر والمراجع.
177 ـ فهرس الموضوعات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق