وانت تقرأ هذا الموضوع استمع لتلاوة الشيخ علي جابر يعتبر من افضل القراء في العالم الاسلامي رحمه الله
حجية القاعدة الفقهية أو حكم الاستدلال بها
من الأمور المهمة التي تتعلق بالقواعد الفقهية هو مدى حجية هذه القواعد، وهل يصح أن تكون دليلاً يستند إليه في الأحكام أو لا تكون دليلاً؟ مع أن الجميع متفق على الاستدلال بالقواعد المستندة إلى نص شرعي واضح، وإن وقع نزاع فإنما هو في إدخال بعض الفروع تحتها، وأما فيما عدا ذلك ففي المسألة أخذ وردّ، وبالنظر في كلام أهل العلم في هذه المسألة ظهر الخلاف في ذلك على النحو التالي:
القول الأول: لا تكون دليلاً ولا يصح استنباط الأحكام منها.
واستدلوا عليه بما يلي:
1- أن العام الغالب في القواعد أن لها مستثنى من عمومها فربما كان ما أريد إدخاله فرعاً، من مستثنياتها.
وأجيب بأن غالب ما يُظن أنه مستثنى ليس كذلك حقيقة، إذ أن عدداً من القواعد تحتاج لتطبيقها إلى وجود شروط وخلو موانع وعلى هذا فما ظُن مستثنى ليس كذلك حقيقة، إذ هو لم يدخل في القاعدة أصلاً، لتخلف شرط أو لوجود مانع، فبقيت القاعدة سالمة من المعارضة.
2- أن تقعيد أكثر القواعد إنما كان بالاستقراء غير التام، أو الاجتهاد، فلا تطمئن به النفس.
وأجيب بأن هذا الاستقراء أفاد الظن، والظن يعمل به في إثبات الأحكام الشرعية
.
3- أن القاعدة الفقهية
جامعة للفروع فكيف تكون دليلاً عليها وهي منها، فهو دور فيمتنع.
وأجيب بأن الاستدلال بالقاعدة ليس على الفروع المستنبطة منها ولكن على فروع غيرها، وإنما استفيد من مجموع المسائل المستنبطة الحكم وعلته فعممت على غيرها.
القول الثاني: تكون دليلاً تستنبط منها الأحكام.
والذي يظهر - والله أعلم- أن بعض العلماء يجعلها عاضداً، لا دليلاً مستقلاً ويظهر هذا في ثنايا كتاب المغني لابن قدامة حيث إنه كثيراً ما يورد عدة أدلة تكون القاعدة الفقهية أحدها.
والذي يترجح -بعد هذا -والله تعالى أعلم- أن يقال: إن القواعد الفقهية على أقسام:
الأول: أن تكون القاعدة هي نص شرعي لفظاً ومعنى، كقوله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يعلو ولا يعلى)، فهو نص قاعدة. فهذا ظاهر في اعتبارها دليلاً.
الثاني: أن تكون بمعنى النص الشرعي أو بعضه دون التزام ألفاظه، مثل قاعدة: الأمور بمقاصدها، حيث هي معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث(إنما الأعمال بالنيات…)، وكذا ما تضافرت الأدلة عليه كقاعدة: المشقة تجلب التيسير.
والحكم في هذا كالذي قبله.
الثالث: أن تكون مستنبطة من النص استنباطاً قريباً: مثل قاعدة: لا يجب على الغلام عقوبة، فهي مستنبطة من الحديث(رفع القلم عن ثلاثة .. وعن الصغير حتى يكبر) ، وهذه كذلك يحتج بها لظهور اعتمادها على النص.
الرابع: أن يكون مستند القاعدة الإجماع، فإنه يحتج بها لدليل الإجماع، كقاعدة: الاجتهاد لا ينقض بمثله.
الخامس: أن يكون مستند القاعدة أصل من أصول الشرع، كحفظ النفس، ومن أمثلتها قاعدة: إذا حصل المقصود بدون قتل لم يجز القتل من غير حاجة، فالذي يظهر الاحتجاج بها، لظهور حكم الشرع فيما هذا شأنه.
السادس: أن تكون القاعدة مبنية على استقراء عدد من الأحكام الفقهية، فهنا أمران:
1- أن تكون هذه الفروع قد ثبتت أحكامها بالنص، فالذي يظهر جواز الاحتجاج بها إذ هو من باب القياس.
2- أن تكون هذه الفروع لا نص فيها إنما هي اجتهادات مذهبية، فالذي يظهر أن حكم القاعدة حكم الفروع ذاتها، فتكون حجة لمن يعتقد صواب هذه الفروع دون غيره ممن لا يرى ذلك
4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق