آخر الأخبار
... مرحبا بزورا موقع شعبة وتخصص الدراسات الاسلامية

AD

تذكر ان الله هو الموفق للمسلم في جميع امور دنياه واخرته فتوكل عليه

بحث هذه المدونة الإلكترونية

إذاعة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد للقران الكريم - المصحف المجود بث مباشر 24 ساعة

افضل موضوع في المدونة اضغط في عنوان هذا الموضوع لقراءته

حمل اكبراسطوانة وموسوعة لكتب الزهد و الرقائق موجودة الانترنت اكثر 900 كتاب 5.6 GB

 كتب أبو الدرداء إلى بعض إخوانه، أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، والزهد في الدنيا، والرغبة فيما عند الله، فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله لرغبت...

فضل قيام الليل او التهجد

0

وانت تقرأ هذا الموضوع استمع لتلاوة الشيخ علي جابر يعتبر من افضل القراء في العالم الاسلامي رحمه الله

 افضل ما قيل عن اصحاب قيام الليل وفضلهم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم 

اما بعد اليكم موضوع في قمة الروعة يصف اهل القيام الليل ودرجاتهم وفضلهم عند الله عز وجل وهذا الموضوع اقتبسته من احد الكتب القيمة للشيخ السفاريني الحنبلي وقد وضعت رابط تحميل الكتاب في اسفل الموضوع  لن اطيل عليكم اترككم مع الموضوع

مَطْلَبٌ : فِي التَّهَجُّدِ وَمَا وَرَدَ فِي فَضْلِهِ 

وَخُذْ ) أَيُّهَا الْأَخُ الصَّادِقُ ، وَالْخِلُّ الْمُوَافِقُ ( بِنَصِيبٍ ) وَافِرٍ ، وَسَهْمٍ صَالِحٍ غَيْرِ قَاصِرٍ ( فِي الدُّجَى ) أَيْ فِي الظَّلَامِ . قَالَ فِي الْقَامُوسِ : دَجَا اللَّيْلُ دَجْوًا وَدُجُوًّا أَظْلَمَ كَأَدْجَى وَتَدَجَّى وَادْجَوْجَى ، وَلَيْلَةٌ دَاجِيَةٌ ، وَدَيَاجِي اللَّيْلِ حَنَادِسُهُ كَأَنَّهَا جَمْعُ دَيْجَاةٌ انْتَهَى ( مِنْ تَهَجُّدٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَك عَسَى أَنْ يَبْعَثَك رَبُّك مَقَامًا مَحْمُودًا يُقَالُ : هَجَدَ وَتَهَجَّدَ أَيْ نَامَ وَسَهِرَ فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ يُطْلَقُ عَلَى النَّوْمِ وَضِدِّهِ ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَ النَّاظِمِ رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ الْأَخْذُ بِنَصِيبٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ ، وَالْمُتَهَجِّدُ الْمُصَلِّي بِاللَّيْلِ . قَالَ عُلَمَاؤُنَا : التَّهَجُّدُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ النَّوْمِ . وَالنَّاشِئَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ رَقْدَةٍ ، وَصَلَاةُ اللَّيْلِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ ، فَهِيَ مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا ، وَأَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ ، قَدْ وَرَدَتْ بِهَا الْأَخْبَارُ ، وَتَظَافَرَتْ بِالْحَثِّ عَلَيْهَا الْآثَارُ وَأَفْضَلُ اللَّيْلِ نِصْفُهُ الْأَخِيرِ ، وَأَفْضَلُهُ ثُلُثُهُ الْأَوَّلِ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ أَفْضَلُ اللَّيْلِ الثُّلُثُ بَعْدَ النِّصْفِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . 

وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ ، وَأَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَابْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ } . 

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ ، وَالْحَاكِمُ ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةٌ يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا ، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ، فَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَبَاتَ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ ص: 497 ] وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا سُمِعَ مِنْ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ : { أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ ، . 

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُد ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا } . 

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ، وَقُرْبَةٌ إلَى رَبِّكُمْ ، وَمُكَفِّرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ ، وَمَنْهَاةٌ عَنْ الْإِثْمِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ مِنْ جَامِعِهِ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي التَّهَجُّدِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ ، وَقَالَ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ قُلْت : وَكَاتِبُ اللَّيْثِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، كَانَ ابْنُ مَعِينٍ يُوَثِّقُهُ . وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِثِقَةٍ . وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ سَمِعْت ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ : أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ قَرَأَ هَذِهِ الْكُتُبَ عَلَى اللَّيْثِ وَأَجَازَهَا لَهُ . قَالَ : وَسَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ : كَانَ أَوَّلُ أَمْرِهِ مُتَمَاسِكًا ثُمَّ فَسَدَ بِآخِرِهِ . وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ . وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ أَمِينٌ مَا عَلِمْت ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ هُوَ عِنْدِي مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّهُ يَقَعُ فِي أَسَانِيدِهِ وَمُتُونِهِ غَلَطٌ وَلَا يُعْتَمَدُ ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . 

وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ ، وَمَقْرَبَةٌ لَكُمْ إلَى رَبِّكُمْ ، وَمُكَفِّرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ ، وَمَنْهَاةٌ عَنْ الْإِثْمِ ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنْ الْجَسَدِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ جَامِعِهِ . 

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ يُوجِبُ صِحَّةَ الْجَسَدِ وَيَطْرُدُ عَنْهُ الدَّاءَ . 

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَضْلُ صَلَاةِ اللَّيْلِ عَلَى صَلَاةِ النَّهَارِ ص: 498 ] كَفَضْلِ صَدَقَةِ السِّرِّ عَلَى صَدَقَةِ الْعَلَانِيَةِ . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ مَرْفُوعًا . قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ وَالْمَحْفُوظُ وَقْفُهُ . 

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : رَكْعَةٌ بِاللَّيْلِ خَيْرٌ مِنْ عَشْرِ رَكَعَاتٍ بِالنَّهَارِ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا 

وَإِنَّمَا فُضِّلَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ عَلَى صَلَاةِ النَّهَارِ ; لِأَنَّهَا أَبْلَغُ فِي الْإِسْرَارِ وَأَقْرَبُ إلَى الْإِخْلَاصِ . وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَجْتَهِدُونَ عَلَى إخْفَاءِ أَسْرَارِهِمْ . 

قَالَ الْحَسَنُ كَانَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ زُوَّارُهُ فَيَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي لَا يَعْلَمُ بِهِ زُوَّارُهُ . وَكَانُوا يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَلَا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ . وَكَانَ الرَّجُلُ يَنَامُ مَعَ امْرَأَتِهِ عَلَى وِسَادَةٍ فَيَبْكِي طُولَ لَيْلِهِ وَهِيَ لَا تَشْعُرُ ; وَلِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَشَقُّ عَلَى النُّفُوسِ ، فَإِنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ مِنْ التَّعَبِ بِالنَّهَارِ . فَتَرْكُ النَّوْمِ مَعَ مَيْلِ النَّفْسِ إلَيْهِ مُجَاهَدَةٌ عَظِيمَةٌ . 

قَالَ بَعْضُهُمْ : أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ مَا أُكْرِهَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ . وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ أَقْرَبُ إلَى التَّدَبُّرِ لِقَطْعِ الشَّوَاغِلِ عَنْ الْقَلْبِ بِاللَّيْلِ فَيَحْضُرُ الْقَلْبُ وَيَتَوَاطَأُ هُوَ وَاللِّسَانُ عَلَى الْفَهْمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { إنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا وَلِهَذَا الْمَعْنَى أُمِرَ بِتَرْتِيلِ الْقُرْآنِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ تَرْتِيلًا . 

وَلِهَذَا كَانَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَنْهَاةً عَنْ الْإِثْمِ كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ . 

وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ إنَّ فُلَانًا يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ ، فَقَالَ سَتَنْهَاهُ صَلَاتُهُ وَمَا يَقُولُ وَلِأَنَّ وَقْتَ التَّهَجُّدِ مِنْ اللَّيْلِ أَفْضَلُ أَوْقَاتِ التَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ ، وَهُوَ وَقْتُ فَتْحِ أَبْوَابِ السَّمَاءِ وَاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَاسْتِعْرَاضِ حَوَائِجِ السَّائِلِينَ . 
وَقَدْ مَدَحَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُسْتَيْقِظِينَ بِاللَّيْلِ لِذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ وَمُنَاجَاتِهِ بِقَوْلِهِ : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } وَقَالَ تَعَالَى { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ } . وَقَالَ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } . وَنَفَى سُبْحَانَهُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُتَهَجِّدِينَ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ فِي قَوْلِهِ { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو ص: 499 ] رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } .

وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِرَجُلٍ : { لَا تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَدَعُهُ ، وَكَانَ إذَا مَرِضَ أَوْ قَالَتْ كَسِلَ صَلَّى قَاعِدًا } . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { قَالَتْ : بَلَغَنِي عَنْ قَوْمٍ يَقُولُونَ إنْ أَدَّيْنَا الْفَرَائِضَ لَمْ نُبَالِ أَنْ لَا نَزْدَادَ ، وَلَعَمْرِي لَا يَسْأَلُهُمْ اللَّهُ إلَّا عَمَّا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَمَا أَنْتُمْ إلَّا مِنْ نَبِيِّكُمْ ، وَمَا نَبِيُّكُمْ إلَّا مِنْكُمْ ، وَاَللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَامَ اللَّيْلِ . وَنَزَعَتْ كُلَّ آيَةٍ فِيهَا قِيَامُ اللَّيْلِ } . فَأَشَارَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا إلَى أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ فِيهِ فَائِدَتَانِ عَظِيمَتَانِ : الِاقْتِدَاءُ بِسُنَّةِ يَنْبُوعِ الْهُدَى ، وَالتَّأَسِّي بِالشَّفِيعِ غَدًا ، وَمَعْدِنِ الِاهْتِدَاءِ . وَقَالَ تَعَالَى { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وَتَكْفِيرُ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا ، مِنْ مُنَفِّسِ الْكُرُوبِ وَمَانِحِ الْعَطَايَا . فَإِنَّ بَنِي آدَمَيُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، فَيَحْتَاجُونَ إلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْ مُكَفِّرَاتِ الْأَوْزَارِ .

وَقِيَامُ اللَّيْلِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُكَفِّرَاتِ ، كَمَا قَالَ سَيِّدُ السَّادَاتِ وَمَعْدِنُ السَّعَادَاتِ ، لِحَامِلِ لِوَاءِ الْفُقَهَاءِ إلَى الْجَنَّةِ سَيِّدُنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { قِيَامُ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ ثُمَّ تَلَا { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ الْآيَةَ } رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ .

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْمُتَهَجِّدِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ .

رُوِيَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَاءَ مُنَادٍ يُنَادِي بِصَوْتٍ يُسْمِعُ الْخَلَائِقَ : سَيَعْلَمُ الْخَلَائِقُ الْيَوْمَ مَنْ أَوْلَى بِالْكَرَمِ ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُنَادِي : أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ؟ فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُنَادِي : لِيَقُمْ الَّذِينَ كَانُوا يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ، فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُنَادِي : لِيَقُمْ الَّذِينَ كَانُوا تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ ، فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ ، ثُمَّ يُحَاسَبُ سَائِرُ النَّاسِ } خَرَّجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ . وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ قَوْلِهِ . وَيُرْوَى أَيْضًا نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ ص: 500 ] أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍمِنْ قَوْلِهِ وَمَرْفُوعًا أَيْضًا . وَيُرْوَى نَحْوُهُ أَيْضًا عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ وَالْحَسَنِ وَكَعْبٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى .

قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : قِيَامُ اللَّيْلِ يُهَوِّنُ طُولَ قِيَامِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَإِذَا كَانَ أَهْلُهُ يَسْبِقُونَ إلَى الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ فَقَدْ اسْتَرَاحَ أَهْلُهُ مِنْ طُولِ الْمَوْقِفِ وَالْحِسَابِ .

وَفِي حَدِيثِ الْمَنَامِ الْمَشْهُورِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ أَنَّ الْمَلَأَ الْأَعْلَى يَخْتَصِمُونَ فِي الدَّرَجَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ . وَفِيهِ أَنَّ الدَّرَجَاتِ إطْعَامُ الطَّعَامِ وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ } . فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ كَمَا أَنَّهُ تَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ فَهُوَ يَرْفَعُ الدَّرَجَاتِ أَيْضًا .

وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ { إنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا } وَأَنَّهَا لِأَهْلِ هَذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثَةِ . فَقَدْ ارْتَفَعَتْ دَرَجَاتُ قُوَّامِ اللَّيْلِ بِهِ .

قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ اخْتِيَارُ الْأَوْلَى ، فِي شَرْحِ حَدِيثِ اخْتِصَامِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى : الصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ مِنْ مُوجِبَاتِ الْجَنَّةِ ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ { إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ . كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ . وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }الْآيَاتِ . فَوَصَفَهُمْ بِالتَّيَقُّظِ بِاللَّيْلِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِالْأَسْحَارِ . قَالَ : وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ نَائِمًا فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ قُمْ فَصَلِّ أَمَا عَلِمْت أَنَّ مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ مَعَ أَصْحَابِ اللَّيْلِ هُمْ خُزَّانُهَا هُمْ خُزَّانُهَا . 
وَمِنْ فَضَائِلِ التَّهَجُّدِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَهْلَهُ وَيُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ وَيَسْتَجِيبُ دُعَاءَهُمْ . فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ وَيَضْحَكُ إلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ فَذَكَرَ مِنْهُمْ الَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ وَفِرَاشٌ حَسَنٌ فَيَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَذَرُ شَهْوَتَهُ فَيَذْكُرُنِي وَلَوْ شَاءَ رَقَدَ . وَاَلَّذِي إذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ فَسَهِرُوا ثُمَّ هَجَعُوا فَقَامَ مِنْ السَّحَرِ فِي ضَرَّاءَ أَوْ سَرَّاءَ } . 

ص: 501 ] وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ قَوْمٌ سَارُوا لَيْلَهُمْ حَتَّى إذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِمَّا يُعْدَلُ بِهِ فَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ قَامَ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُو آيَاتِي وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ وَحِبِّهِ إلَى الصَّلَاةِ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي الْحَدِيثَ . قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي اللَّطَائِفِ : قَوْلُهُ ثَارَ ، فِيهِ إشَارَةٌ إلَى قِيَامِهِ بِنَشَاطٍ وَعَزْمٍ . 

وَيُرْوَى مِنْ حَدِيثِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا { إنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إلَى ثَلَاثَةِ نَفَرٍ : رَجُلٌ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَأَحْسَنَ الطُّهُورَ فَصَلَّى ، وَرَجُلٌ نَامَ وَهُوَ سَاجِدٌ ، وَرَجُلٌ فِي كَتِيبَةٍ مُنْهَزِمَةٍ فَهُوَ عَلَى فَرَسٍ جَوَادٍ لَوْ شَاءَ أَنْ يَذْهَبَ لَذَهَبَ } . وَخَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْأَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إلَى ثَلَاثَةٍ : الصَّفُّ فِي الصَّلَاةِ ، وَالرَّجُلُ يُصَلِّي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ - أَرَاهُ قَالَ خَلْفَ الْكَتِيبَةِ } . قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ : رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { ثَلَاثَةُ مَوَاطِنَ لَا تُرَدُّ فِيهَا دَعْوَةٌ رَجُلٌ يَكُونُ فِي بَرِّيَّةٍ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ فَيَقُومُ فَيُصَلِّي ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ أَرَى عَبْدِي هَذَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ فَانْظُرُوا مَا يَطْلُبُ عَبْدِي هَذَا ؟ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبُّ رِضَاك وَمَغْفِرَتَك ، فَيَقُولُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْت لَهُ وَرَضِيت عَنْهُ . وَرَجُلٌ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلَيْسَ قَدْ جَعَلْت اللَّيْلَ سَكَنًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا فَقَامَ عَبْدِي هَذَا يُصَلِّي وَيَعْلَمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ اُنْظُرُوا مَا يَطْلُبُ عَبْدِي هَذَا ؟ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبُّ رِضَاك وَمَغْفِرَتَك ، فَيَقُولُ : اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْت لَهُ وَذَكَرَ الثَّالِثَ الَّذِي يَكُونُ فِي فِئَةٍ فَيَفِرُّ أَصْحَابُهُ وَيَثْبُتُ هُوَ ، وَهُوَ مَذْكُورٌ أَيْضًا فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ . 

ص: 502 ] وَفِي الْمُسْنَدِ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَجُلَانِ مِنْ أُمَّتِي يَقُومُ أَحَدُهُمَا مِنْ اللَّيْلِ فَيُعَالِجُ نَفْسَهُ إلَى الطَّهُورِ وَعَلَيْهِ عُقَدٌ فَيَتَوَضَّأُ ، فَإِذَا وَضَّأَ يَدَيْهِ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، وَإِذَا وَضَّأَ وَجْهَهُ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، وَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، وَإِذَا وَضَّأَ رِجْلَيْهِ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ لِلَّذِينَ وَرَاءَ الْحِجَابِ اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي هَذَا يُعَالِجُ نَفْسَهُ مَا سَأَلَنِي عَبْدِي هَذَا فَهُوَ لَهُ وَتَقَدَّمَ فِي آدَابِ الْأَذْكَارِ فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْعُقَدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ . . 

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ ، يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَنَامُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ اللَّيْلِ إلَّا قَلِيلًا } . 
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ حَدِيثِ اخْتِصَامِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى : وَمِمَّا يُجْزَى بِهِ الْمُتَهَجِّدُونَ فِي اللَّيْلِ كَثْرَةُ الْأَزْوَاجِ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ فِي الْجَنَّةِ ، فَإِنَّ الْمُتَهَجِّدَ قَدْ تَرَكَ لَذَّةَ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ وَلَذَّةَ التَّمَتُّعِ بِأَزْوَاجِهِ طَلَبًا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَعَوَّضَهُ اللَّهُ تَعَالَى خَيْرًا مِمَّا تَرَكَهُ وَهُوَ الْحُورُ الْعِينِ فِي الْجَنَّةِ . وَمِنْ هُنَا قَالَ بَعْضُهُمْ : طُولُ التَّهَجُّدِ مُهُورُ الْحُورِ الْعِينِ فِي الْجَنَّةِ . كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُحْيِي اللَّيْلَ فِي صَلَاةٍ فَفَتَرَ عَنْ ذَلِكَ فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ : قَدْ كُنْت يَا فُلَانُ تَدْأَبُ فِي الْخِطْبَةِ فَمَا الَّذِي قَصَّرَ بِك عَنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ كُنْت تَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ مَا عَلِمْت أَنَّ الْمُتَهَجِّدَ إذَا قَامَ إلَى التَّهَجُّدِ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ قَدْ قَامَ الْخَاطِبُ إلَى خِطْبَتِهِ . 

وَرَأَى بَعْضُهُمْ فِي مَنَامِهِ امْرَأَةً لَا تُشْبِهُ نِسَاءَ الدُّنْيَا ، فَقَالَ لَهَا : مَنْ أَنْتِ ؟ قَالَتْ حَوْرَاءُ أَمَةُ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهَا : زَوِّجِينِي نَفْسَك ، قَالَتْ : اُخْطُبْنِي إلَى سَيِّدِي وَأَمْهِرْنِي ، قَالَ وَمَا مَهْرُك ؟ قَالَتْ : طُولُ التَّهَجُّدِ . 

نَامَ بَعْضُ الْمُتَهَجِّدِينَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَرَأَى فِي مَنَامِهِ حَوْرَاءَ تُنْشِدُ : 
أَتَخْطُبُ مِثْلِي وَعَنِّي تَنَامُ وَنَوْمُ الْمُحِبِّينَ عَنَّا حَرَامُ     لِأَنَّا خُلِقْنَا لِكُلِّ امْرِئٍ
كَثِيرِ الصَّلَاةِ بَرَاهُ الصِّيَامُ
وَكَانَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ لَهُ وِرْدٌ فَنَامَ عَنْهُ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَتًى فِي مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ بِصَوْتٍ مَحْزُونٍ : ص: 503 ] 
تَيَقَّظْ سَاعَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ يَا فَتَى     لَعَلَّك تَحْظَى فِي الْجِنَانِ بِحُورِهَا
فَتَنْعَمَ فِي دَارٍ يَدُومُ نَعِيمُهَا     مُحَمَّدُ فِيهَا وَالْخَلِيلُ يَزُورُهَا
فَقُمْ فَتَيْقَظْ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ     عَسَاك تَقْضِي مَا بَقِيَ مِنْ مُهُورِهَا 
وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ كَثِيرُ التَّعَبُّدِ ، وَبَكَى شَوْقًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى سِتِّينَ سَنَةً ، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّهُ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ يَجْرِي بِالْمِسْكِ حَافَّتَاهُ شَجَرُ اللُّؤْلُؤِ وَنَبْتٌ مِنْ قُضْبَانِ الذَّهَبِ ، فَإِذَا بِجَوَارٍ مُزَيَّنَاتٍ يَقُلْنَ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ : سُبْحَانَ الْمُسَبَّحِ بِكُلِّ لِسَانٍ سُبْحَانَهُ ، سُبْحَانَ الْمُوَحَّدِ بِكُلِّ مَكَان سُبْحَانَهُ ، سُبْحَانَ الدَّائِمِ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ سُبْحَانَهُ . فَقَالَ لَهُنَّ مَا تَصْنَعْنَ هَاهُنَا ؟ فَقُلْنَ : 
ذَرَأَنَا إلَهُ النَّاسِ رَبُّ مُحَمَّدٍ     لِقَوْمٍ عَلَى الْأَقْدَامِ بِاللَّيْلِ قُوَّمُ
يُنَاجُونَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إلَهَهُمْ     وَتَسْرِي هُمُومُ الْقَوْمِ وَالنَّاسُ نُوَّمُ 
فَقَالَ : بَخٍ بَخٍ لِهَؤُلَاءِ مَنْ هُمْ ، لَقَدْ أَقَرَّ اللَّهُ أَعْيُنَهُمْ بِكُنَّ ؟ فَقُلْنَ : أَوْ مَا تَعْرِفُهُمْ ؟ قَالَ : لَا ، فَقُلْنَ : بَلَى هَؤُلَاءِ الْمُتَهَجِّدُونَ أَصْحَابُ الْقُرْآنِ وَالسَّهَرِ . 

وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ سَمِعْت أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ : بَيْنَمَا أَنَا سَاجِدٌ ذَهَبَ بِي النَّوْمُ ، وَإِذَا أَنَا بِالْحَوْرَاءِ قَدْ رَكَضَتْنِي بِرِجْلِهَا فَقَالَتْ يَا حَبِيبِي أَتَرْقُدُ وَالْمَلِكُ يَقْظَانُ يَنْظُرُ إلَى الْمُتَهَجِّدِينَ فِي تَهَجُّدِهِمْ ، بُؤْسًا لَعَيْنٍ آثَرَتْ لَذَّةَ نَوْمَةٍ عَلَى لَذَّةِ مُنَاجَاةِ الْعَزِيزِ ، قُمْ فَقَدْ دَنَا الْفِرَاقُ وَلَقِيَ الْمُحِبُّونَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فَمَا هَذَا الرُّقَادُ ، حَبِيبِي وَقُرَّةَ عَيْنِي أَتَرْقُدُ عَيْنَاك وَأَنَا أُرَبَّى لَك فِي الْخُدُورِ ، فَوَثَبْت فَزَعًا وَقَدْ عَرِقْت اسْتِحْيَاءً مِنْ تَوْبِيخِهَا إيَّايَ وَإِنَّ حَلَاوَةَ مَنْطِقِهَا لَفِي سَمْعِي وَقَلْبِي ، انْتَهَى . 

وَكَانَ أَبُو سُلَيْمَانَ يَقُولُ : أَهْلُ اللَّيْلِ فِي لَيْلِهِمْ أَلَذُّ مِنْ أَهْلِ اللَّهْوِ فِي لَهْوِهِمْ ، وَلَوْلَا اللَّيْلُ مَا أَحْبَبْت الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ : إذَا جَنَّ اللَّيْلُ وَخَلَا كُلُّ حَبِيبٍ بِحَبِيبِهِ افْتَرَشَ أَهْلُ الْمَحَبَّةِ أَقْدَامَهُمْ ، وَجَرَتْ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ ، أَشْرَفَ الْجَلِيلُ جَلَّ جَلَالُهُ فَنَادَى يَا جِبْرِيلُ بِعَيْنِي مَنْ تَلَذَّذَ بِكَلَامِي وَاسْتَرْوَحَ إلَى مُنَاجَاتِي ، نَادِ فِيهِمْ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا الْبُكَاءُ ، هَلْ رَأَيْتُمْ حَبِيبًا يُعَذِّبُ أَحِبَّاءَهُ ، أَمْ كَيْفَ يَجْمُلُ بِي أَنْ أُعَذِّبَ قَوْمًا إذَا جَنَّهُمْ اللَّيْلُ تَمَلَّقُونِي ، فَبِي حَلَفْت إذَا قَدِمُوا عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، لَأَكْشِفَنَّ لَهُمْ عَنْ وَجْهِي ، يَنْظُرُونَ إلَيَّ وَأَنْظُرُ إلَيْهِمْ " . 

ص: 504 ] وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي رَوْضَةِ الْمُحِبِّينَ : الْعَبْدُ إذَا رُزِقَ حَظًّا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَإِنَّهَا تُنَوِّرُ الْوَجْهَ وَتُحَسِّنُهُ . قَالَ : وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النِّسَاءِ تُكْثِرُ صَلَاةَ اللَّيْلِ ، فَقِيلَ لَهَا فِي ذَلِكَ ، فَقَالَتْ إنَّهَا تُحَسِّنُ الْوَجْهَ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يُحَسَّنَ وَجْهِي . انْتَهَى . 

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ حَدِيثِ اخْتِصَامِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى : سُئِلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لِمَ كَانَ الْمُتَهَجِّدُونَ أَحْسَنُ النَّاسِ وُجُوهًا ؟ قَالَ : لِأَنَّهُمْ خَلَوْا بِالرَّحْمَنِ فَأَلْبَسَهُمْ نُورًا مِنْ نُورِهِ . 

فَإِنْ قُلْت : لِمَ لَمْ تَذْكُرْ حَدِيثَ { مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهَهُ بِالنَّهَارِ فِي الِاسْتِدْلَالِ لِذَلِكَ ؟ قُلْت : لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ . قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ : اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ شَرِيكٍ لِثَابِتٍ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَالْعَجَبُ مِنْ الْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ مَعَ إطْلَاعِهِ عَلَى وَضْعِهِ كَيْفَ أَوْدَعَهُ فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ . وَقِصَّةُ الْحَدِيثِ مَشْهُورَةٌ فَلَا نُطِيلُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . 

هذا الموضوع مفتبس من كتاب 


من اراد تحميل الكتاب فل يزر الموضوع التالي


لا تنسونا من صالح دعائكم وجعلني الله واياكم من اهل قيام الله اللهم امين

4

وانت تقرأ هذا الموضوع استمع للرقية الشرعية تعمل 24 ساعة طوال اليوم لابطال السحر والعين والحسد والمس العاشق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

استمع للدروس العلمية في جميع اقسام الشريعة الاسلامية والمواعظ والقران الكريم

تصفح موقع اسلام ويب هذا الموقع مهم وشامل للكل مايبحث عنه طالب الشريعة والدراسات الإسلامية

موضيع المدونة

موقع روح الإسلام للتحميل الموسوعات الاسلامية

الإذاعة العامة للقران الكريم اذاعة متنوعة لمختلف القراء

تلاوات خاشعة من القران الكريم

استمع الى إذاعة الرقية الشرعية الاولى من القرآن الكريم ومن السنة النبوية

استمع الى راديو إذاعة آيات السكينة على موقع

استمع الى إذاعة الرقية الشرعية من القرآن الكريم تعمل 24 /24 ساعة

الرقية الشرعية لعلاج السحر والمس والعين للشيخ احمد العجمي

الرقية الشرعية للعلاج من السحر والمس والعين والحسد بصوت الشيخ ماهر المعيقلي

افضل مواضيع المدونة

افضل مواضيع هذا الشهر

افضل المواضيع هذا الاسبوع

جميع الحقوق محفوظه © شعبة الدراسات الاسلامية

تصميم htytemed