وانت تقرأ هذا الموضوع استمع لتلاوة الشيخ علي جابر يعتبر من افضل القراء في العالم الاسلامي رحمه الله
تعريف
أصول الفقه باعتباره مركبا إضافيا ..
الأصول
: جمع أصل ، وهو في اللغة : ما
يبنى عليه غيره
، سواء أكان الابتداء حسيا أو عقليا ، وفي عرف العلماء واستعمالاتها ، يراد بكلمه ( الأصل )
، سواء أكان الابتداء حسيا أو عقليا ، وفي عرف العلماء واستعمالاتها ، يراد بكلمه ( الأصل )
عدة
معان منها :
أ- الدليل : فيقال أصل هذه
المسألة الإجماع ، أي :دليلها الإجماع ، وبهذا المعنى قيل : أصول الفقه ، أي :
أدلته ، لأن الفقه ينبني على الأدلة أبتناء عقليا .
ب- الراجح : مثل قولهم :
الأصل في الكلام الحقيقة ، أي : الراجح في الكلام ،حمله على الحقيقة ، لا المجاز ،
ومنه : الكتاب أصل بالنسبة إلى القياس ، أي : الراجح هو الكتاب .
ت- القاعدة : فيقال :
إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل ، أي : على خلاف القاعدة العامة ،وقولهم :
الأصل أن الفاعل مرفوع ،أي : أن القاعدة العامة المستمرة : هي رفع الفاعل .
ث- المستصحب : فيقال :
الأصل براءة الذمة أي : يستصحب خلو الذمة من الانشغال بشئ حتى يثبت خلافه . أما (
الفقه ) , فهو في اللغة : العلم بالشئ والفهم له ، ولكن استعماله في القران الكريم
يرشد إلى أن المراد منه ليس مطلق العلم ، بل دقه الفهم ، ولطف الإدراك ، ومعرفة
غرض المتكلم ، ومنه قوله تعالى : (قالوا ياشعيب ما نفقة
كثيرا مما تقول )
أما الفقه في اصطلاح العلماء : فهو ( العلم بالأحكام الشرعية العلمية المكتسبة
من أدلتها التفصيلية ، أو هو هذه الأحكام نفسها .
والأحكام : جمع حكم ، وهو إثبات أمر لأخر ، إيجاد أو سلبا، مثل قولنا :
الشمس مشرقه أو غير مشرقه . والمراد باالاحكام هنا : مايثبت لأفعال المكلفين من
وجوب، اوندب ، أو حرمه ، أو كراهة، أو أباحه ، أو أفساد ،اوبطلان. وقيدت الأحكام
بكونها شرعيه ، للدلالة على أنها منسوبه إلى الشرع ، أي : متعلقة بأفعال المكلفين
كصلاتهم ، وبيوعهم ، وأشربتهم . ويشترط
في هذه الأحكام الشرعية العملية أن تكون مكتسبه ، أي : مستفادة من الأدلة التفصيلية
: هي الأدلة الجزئية التي يتعلق كل منها بمسألة خاصة ، وينص على حكم معين لها ،
مثل : أ-
قوله تعالى : ( حرمت عليكم أمهاتكم ) ، فهذا
دليل تفصيلي، أي : دليل جزئي يتعلق بمسألة خاصة : وهي نكاح الأمهات ، ويدل على حكم
معين ، هو حرمه نكاح الأمهات . أما تعريفه أللقبي ، أي باعتبار لقبا على علم مخصوص
: فهو العلم بالقواعد والادله الاجماليه ، التي يتوصل بها إلى استنباط الفقه
.
والقواعد : قضايا كليه ينطبق حكمها على الجزئيات التي تندرج تحتها ، فتعرف
بها حكم هذه الجزئيات، ومن أمثله ذلك
.
أما الأدلة الإجمالية : فهي مصادر الأحكام الشرعية ، كالكتاب والسنة والإجماع
والقياس ، والعلم بها يكون من حيث العلم بحجيتها ومنزلتها في الاستدلال بها .
الغرض من دراسة أصول الفقه ومدى الحاجة إليه ..
أن
الغرض من وضع أصول الفقه ، هو الوصول إلى الأحكام الشرعية العملية ، بوضع القواعد
والمناهج الموصلة إليها .
فالفقه
والأصول : يتفقان على أن غرضهما التوصل إلى الأحكام الشرعية ، إلى ان الأصول :
تبين مناهج الوصول وطرق الاستنباط ، والفقه : بستنبط الأحكام فعلا على ضوء المناهج
التي رسمها علم الأصول ، وبتطبيق القواعد التي قررها أن المعنى بالأحكام الشرعية
لا غنى له عن هذا العلم ، فإن المعنى بالقوانين الوضعية ، من محام أو قاض أو مدرس
، يحتاج هو الأخر إلى هذا العلم ،لان القواعد والأصول التي قررها علم الأصول ، مثل : القياس وأصوله، والقواعد الأصولية ، لتفسير النصوص ، وطرق
دلالة الألفاظ والعبارات على معانيها ، ووجوه هذه الادله
، قواعد الترجيح بين الأدلة، كل ذلك وغيره تلزم الإحاطة به من قبل من يتصدى للقوانين الوضعية ، ويريد
الوصول إلى تفسيرها ومعرفة ما انطوت عليه من أحكام .
نشأة
علم أصول الفقه :
في زمن
النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت هناك حاجه للكلام عن قواعد هذا العلم فضلا عن
تدوينه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو مرجع الفتيا وبيان الأحكام .
وبعد وفاة
النبي الكريم ظهرت وقائع وأحداث كان لابد من مواجهتها بالاجتهاد واستنباط أحكامها
من الكتاب والسنة .
وكان
نهج الصحابة في الاستنباط :
انهم كانوا
إذا وردت عليهم الواقعة التمسوا كتاب الله ، فإن لم يجدوا الحكم فيه رجعوا إلى
السنه ، فإن لم يجدوه في السنه اجتهدوا في ضوء ما عرفوا من مقاصد الشريعة ، ولم
يجدوا عسرا في الاجتهاد ، ولا حاجه لتدوين لقواعده ،وقد ساعدهم على ذلك ما كان
عندهم من ذوق فقهي اكتسبوه من طول صحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، وملازمتهم له
.
وهكذا
انقضى عصر الصحابة ولم تدون قواعد هذا العلم ، وكذلك فعل التابعون ، فقد ساروا على
نهج الصحابة في الاستنباط .
إلا أنه
بعد انقراض عصر التابعين اتسعت البلاد الإسلامية ، وجدت حوادث ووقائع كثيرة ،واختلط العجم بالعرب ، وكثر الاجتهاد
والمجتهدون ، وتعددت طرقهم في الاستنباط ، واتسع النقاش والجدل ، وكثرة الاشتباهات
والاحتمالات، فكان من أجل ذلك كله أن أحس الفقهاء بالحاجة إلى وضع قواعد وأصول
وضوابط للاجتهاد ، يرجع إليها المجتهدون عند الاختلاف ، وتكون موازين للفقه وللرأي
الصواب .
وقد قيل :
إن أول من كتب في أصول الفقه هو أبو سيف ،صاحب أبي حنيفة ، ولكن لم يصل إلينا شئ
من كتبه .
والشائع
عند العلماء : أن أول من دون هذا العلم ، وكتب فيه بصوره مستقلة ، هو الإمام محمد
بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 304هـ .
فقد ألف
فيه رسالته الأصولية المشهورة ، وتكلم فيها عن القران ، وبيانه للأحكام ، وبيان
السنه للقران ، والإجماع والقياس ، والناسخ والمنسوخ ، والأمر و النهي ، الاحتجاج
بخبر الواحد ، ونحو ذلك من الأبحاث الأصولية .
وكان نهجه
في هذه الرسالة يتسم بالدقة ، والعمق ، إقامة الدليل على ما يقول ، ومناقشة أراء
المخالف بأسلوب علمي رائع رصين .
وبعد
الشافعي ، كتب أحمد ابن حنبل كتابا في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخر في
الناسخ والمنسوخ ، وثالثا في العلل , ثم تتابع العلماء في كتابته .
مسالك
العلماء في بحث أصول الفقه :
ولم
يسلك العلماء في أبحاث أصول الفقه طريقا واحدا ، فمنهم من سلك مسلك تقرير القواعد الأصولية
‘ مدعومة بالأدلة والبراهين ، فهو اتجاه نظري ، غايته : تقرير قواعد هذا العلم كما
يدل عليها الدليل ، وجعلها موازين لضبط الاستدلال، وحاكمة على اجتهادات المجتهدين ، وهذا المسلك عرف بمسلك المتكلمين ،
أو طريقة المتكلمين ، اتبعته المعتزلة والشافعية والمالكية ، كما اتبعته علماء الجعفرية
.
وتمتاز
هذه الطريقة – طريقة المتكلمين – بالجنوح إلى الاستدلال العقلي ، وعدم التعصب
للمذاهب .
ومن
العلماء من سلك مسلكا أخر ، يقوم على تقرير القواعد الأصولية على مقتضى ما نقل عن الأئمة
من فروع فقهيه .وعرفت هذه الطريقة بطريقة الحنفية .
ويمتاز
هذا المسلك بالطابع العلمي ، فهو دراسة عمليه تطبيقيه للفروع الفقهية المنقولة عن أئمة المذهب ، واستخراج القوانين ،
والقواعد والضوابط الأصولية، التي لاحظها واعتبرها أولئك الأئمة في استنباطهم .
وقد
وجدت طريقة ثالثه في البحث ، تقوم على الجمع بين الطريقتين ، فتعني بتقرير القواعد
الأصولية المجردة التي يسندها الدليل، لتكون موازين الاستنباط ، وحاكمة على كل رأي
واجتهاد ، مع التفات إلى المنقول عن الأئمة من الفروع الفقهية ، وبيان الأصول التي
قامت عليها تلك الفروع .
وقد
اتبع هذه الطريقة علماء من مختلف المذاهب :كالشافعية ، والمالكية ، والحنابلة ، والجعفرية
، والحنفية .
أقسام
الحكم الشرعي :
ينقسم
الحكم عند الأصوليين إلى قسمين :
الأول:
الحكم التكليفي : وهو ما يقتضي طلب الفعل ، أوالكف عنه ، أو التخيير بين الفعل
والترك .
وإنما سمي
هذا النوع بالحكم التكليفي : لأن فيه كلفه على الإنسان ، وهذا ظاهر فيما طلب فيه
الفعل أو الترك ، أما مافيه تخيير فقد جعل أيضا من الحكم التكليفي على سبيل
التسامح والتغليب ، أو الاصطلاح .
الثاني :
الحكم الوضعي : وهو مايقتضي جعل شئ لشي أخر ، أو شرطا أو مانعا منه، وسمي هذا النوع بالحكم الوضعي : لأنه ربط شيئين
بالسببية ، أو الشرطية ، أو المانعة بوضع من الشارع .
أقسام الحكم التكليفي :
يقسم معظم الأصوليين
، الحكم التكليفي إلى خمسة قسام ، وهي :
أولا:
الإيجاب : وهو طلب الشارع الفعل على سبيل ألحتم والإلزام ، وأثره في فعل المكلف ،
الوجوب ، والفعل المطلوب على هذه الوجوه : هو الواجب .
ثانيا :
الندب : وهو طلب الشارع الفعل على سبيل الترجيح لا الإلزام ، وأثره في فعل المكلف
: الندب أيضا ، والفعل المطلوب على هذه الصفة : هو المندوب .
ثالثا :
التحريم : وهو طلب الشارع الكف عن الفعل على سبيل الجزم والإلزام وأثره في فعل المكلف الحرمة ، والفعل المطلوب تركه : هو الحرام أو
المحرم .
رابعا: الكراهة
: وهي طلب الشارع الكف عن الفعل على سبيل الترجيح لا ألحتم والإلزام وأثره في فعل
المكلف : الكراهة أيضا .
الــــواجـــــــــب :
الواجب
شرعا : هو ماطلب الشارع فعله على وجه
اللزوم ، بحيث يذم تاركه ومع الذم العقاب ، ويمدح فاعله ومع المدح والثواب .
وتحت الفعل
أولزومه ، أو من ترتيب العقاب على ترك الفعل ، فإقامة الصلاة ، وبر الوالدين .
والواجب :
هو الفرض عند الجمهور .
أما الحنفية
فإنهم يفرقون بينهما من جهة الدليل الذي ثبت به لزوم الفعل ، فإذا كان الدليل ظنيا
لا قطعيا : كخبرالاحاد الثابت به وجوب الاضحيه ، فالفعل هو الواجب ، وإذا كان
الدليل قطعيا لاظنيا كنصوص القران في لزوم الصلاة على المكلف ، فالفعل هو الفرض .
اقساام
الواجب:
يقسم
الواجب إلى أقسام متعددة : باعتبارات مختلفة ، فهناك تقسيم له : باعتبار وقت أدائه
،وأخر :باعتبار تقديره وعدم تقديره ، وثالث :باعتبار تعيينه عدم تعيينه ، ورابع :
باعتبار المطالب بأدائه .
وهذه التقسيمات هي :
الواجب
بالنظر إلى وقت أدائه
:
واجب
مطلق ، وواجب مفيد
فالواجب
المطلق : هو ماطلب الشارع فعله ، دون أن يفيد أداوه، بوقت معين فللمكلف أن يفعله في أي وقت شاء، وتبرا ذمته بهذا
الأداء .
ومن
هذا النوع : قضاء رمضان لمن افطر بعذر مشروع فله أن يقضيه متى شاء .
والواجب
المقيد : هو ما طلب الشارع فعله وعين أدائه وقتا محددا :: كالصلوات الخمس ، وصوم
رمضان ،فلا يجوز أداؤه قبل وقته المحدد ، ويأثم بتأخيره بعد
وقت
من غير عذر مشروع ،فالإلزام في الواجب المقيد : منصب على الفعل وعلى وقت معين .
والإلزام
في الواجب المطلق : منصب على الفعل فقط ،
دون وقت معين .
الواجب
بالنظر إلى تقديره وعدم تقديره:
ينقسم
الواجب باعتبار المقدار المطلوب منه إلى : واجب محدد، وواجب غير محدد.
فلواجب
المحدد : هو ماعين الشارع منه مقدارا محددا : كالزكاة، وأثمان المشتريات ونحو ذلك
.
وهذا النوع
يتعلق بالذمة ، ولا تبرا ذمه المكلف منه إلا بأدائه على الوجه الذي حدده الشارع ،
وثبت في ذمته .
والواجب
غير المحدد : هو الذي لم يحدد الشارع مقداره : كالإنفاق في سبيل ، فهذا ليس له حد
محدود ، وإنما يتحدد بمقدار حاجه المحتاج وقدرة المنفق .
وهذا النوع
من الواجب لا يثبت دنيا في الذمة .: لأن الشأن فيما يثبت في الذمة ان يكون محددا ،
وعلى هذا لا تثبت النفقة للزوجة في ذمة الزوج قبل الحكم بها ، أو التراضي عليها
عند بعض الفقهاء .
الواجب
بالنظر إلى تعين المطلوب وعدم تعينه :
وهو بهذا الاعتبار: واجب معين ، وواجب غير معين
.
فالواجب
المعين : هو ما طلبه الشارع بعينه من غير تخيير للمكلف بين أمور مختلفة : كالصلاة
والصيام ورد المغضوب إن كان قائما ، وحكم هذا النوع عدم براءة الذمة إلا بفعله
بعينه .
والواجب
غير المعين : هو ما طلبه الشارع لا بعينه ، ولكن ضمن أمر معلومة ، وللمكلف أن
يختار واحدا منها لأداه هذا الواجب .
وقد يكون
هذا الواجب واحدا من اثنين ، وللمكلف أن يختار أحدهما ، كما في قوله تعالى في أسرى
الحرب : ( حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد
وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ) فلإمام
أن يمن على الأسرى ، أو يفاديهم بغيرهم .
وقد يكون
الواجب غير المعين واحدا من ثلاثة أمور ، ومثله : كفاره اليمين ، فإن الواجب فيها
على الحانث واحد من ثلاثة أشياء : إطعام عشره مساكين ، أو كسوتهم، أو عتق رقبة
، وهذا عند الاستطاعة والمقدرة ، أما عند
عدمها فالواجب معين : وهو صيام ثلاثة أيام ، وسمى بعض هذا الواجب : بالواجب المخير
، لأن فيه تخييرا للمكلف .
الواجب
بالنظر إلى المطالب به :
الواجب
بهذا الاعتبار : واجب عيني ، وواجب على الكفاية .
فالواجب
العيني : هو ما توجه فيه الطلب اللازم إلى كل مكلف ، أي : هو ما طلب الشارع حصوله
من كل واحد من المكلفين ، فلا يكفي فيه قيام البعض دون البعض الأخر ، ولا تبرا ذمة
المكلف منه إلا بأدائه ، ومن ثم يأثم تاركه ويلحقه العقاب ، ولا يغني عنه قيام
غيره به . ومثاله : الصلاة والصيام .
والواجب
على كفاية ،أو الكفائي : هو ماطلب الشارع حصوله من الجماعة المكلفين لا من كل فرد منهم ، لأن مقصود الشارع
حصوله في جماعه ، أي إيجاد الفعل لا ابتلاء المكلف ، فإذا فعله البعض سقط الفرض عن
الباقين .
ومن
أمثلة الواجب الكفائي : الجهاد والقضاء ، والإفتاء ، والتفقه في الدين ، وأداء الشهادة
، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر.
لأن فروض الكفاية تهدف غالبا إلى مصلحة عامه للأمة .
قال
الإمام الشافعي في الفرض الكفائي : ( ولو ضيعوا معا ، خفت أن لا يخرج واحد منهم
مطيق فيه من المأثم )
وقد
يصير الواجب الكفائي واجبا عينيا ، كما في الاجتهاد : إذا
لم يحصل المقصود به ، صار فرضا عينيا على كل مكلف قادرا على محاربة العدو بأي نوع
من أنواع المحاربة .
المندوب :
الندب
: الدعاء إلى الأمر المهم ، والمندوب : المدعو إليه .
وفي
الاصطلاح : هو ما طلب الشارع فعله من غير إلزام ، بحيث يمدح فاعله ويثاب ، ولا يذم
تاركه ولا يعاقب .
ويدل
على كون الفعل مندوبا صيغة الطلب ، إذا اقترن بها ما يدل على إرادة الندب لا
الإلزام ، سواء كانت هذه القرينة
نصا أو غيره .
فقوله
تعالى : ( يا أيها
الذين امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجمل مسمى فاكتبوه ) لا يدل هذا الطلب على ألحتم والإلزام
،بقرينه ما ورد في سياق الايه وهو قوله تعالى :
(
فإن أمن بعضكم بعضا فليود الذي اؤتمن أمانته ) فهذا النص يدل على أن طلب كتابة
الدين : إنما يراد به الندب لا اللزوم ، فهو من قبيل الإرشاد للعباد لما يحفظون به
حقوقهم من الضياع ، فإذا لم يأخذوا بهذا الإرشاد تحملوا هم نتيجة إهمالهم .
والمندوب
، أيضا : السنه ، والنافلة ، والمستحب ، والتطوع ، والإحسان ، والفضيلة، وكلها
ألفاظ متقاربة المعنى تشير إلى معنى المندوب : وهو كونه راجح الفعل من غير إلزام .
والمندوب على مراتب :
فأعلاها
: ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتركه إلا نادرا ، ومنه : صلاة
ركعتين قبل فريضة الفجر ، فهذا تسمى : سنه مؤكده ، يلام تاركها ، ولا يعاقب .
ويلي
هذه المرتبة ، مايسمى : بالسنة غير المؤكدة ، وهي التي لم يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، أربع ركعات قبل
الظهر .
وتلي
هذه المرتبة من المندوب ، مايسمى بالفضيلة والأدب وسنة الزوائد ، كالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في شؤونه
الاعتيادية التي صدرت من بصفته إنسانا ، كآداب الأكل والشرب والنوم فالاقتداء به
عليه الصلاة والسلام في هذه الأمور مستحب . ولكن تاركها لا يستحق لوما .
ويلاحظ
هنا أمران :
الأول:
إن المندوب بجملته يعتبر كمقدمة للواجب ، ويذكر به ويسهل عليه المكلف أداءه ،لأن
المكلف بأدائه المندوبات ودوامه عليه ، يسهل عليه أداء الوجبات ويعتادها، وفي هذا
يقول الإمام الشاطبي : ( المندوب إذا اعتبره أعم ، وجدته خادما للواجب ، لأنه إما
مقدمه له ، أو تذكار به سواء أكان من جنسه واجب أم لا ) .
الثاني
: إن المندوب ، ان كان غير لازم باعتبار جزئه ، إلا أنه لازم بأعتبار الكل ، بمعنى
لايصح للمكلف ان يترك المندوبات جمله واحده ، فهذا قادح في عدالته ، ويستحق عليه
التأديب والزجر .
فالأذان
وصلاة الجماعة وصدقة التطوع وسنه الفجر ، كلها مندوبه من حيث الجزاء ، لازمه من
حيث الكل ، فلا يصح تركها جمله .
فترك
، لازمه من حيث الكل ، فلا يصح تركها جمله .
فترك
المندوبات كلها مؤثر في أوضاع الدين ، إذا كان الترك ، أما إذا كان في بعض الأوقات
فلا تأثير له .
الحرام
والحرام :
الحرام
: هو ما يطلب الشارع الكف عنه على وجه الحتم والإلزام ، فيكون تاركه مأجور مطيعا ،
وفاعله إثما عاصيا ، سواء كان دليله قطعيا لا شبه فيه : كحرمه الزاني ، أم كان
ظنيا : المحرمات بالسنة الاحاديه.
ويستفاد
التحريم من استعمال لفظ يدل التحريم بمادته : كلفظ الحرمة ، أو نفي الحل ، كقوله
تعالى: ( حرمت
عليكم أمهاتكم )
وقوله صلى الله عليه وسلم : (لايحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه ) .
أويستفاد
التحريم من صيغة النهي المقترنة بما يدل على الحتم ، أومن ترتيب العقوبة على الفعل
.
فمن
الأول : قوله تعالى :( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوقول الزور
) .
ومن
الثاني :قوله تعالى :( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
شهداء فأجلدوهم ثمانين جلده ) .
أقسام
الحرام :
إن
الشارع لم يحرم شيئا إلا لمفسدته الخالصة أو الغالبة ، وهذه المفسدة إما إن ترجع
إلى ذات الفعل المحرم وهذا هو المحرم لذاته أو لعينه ، وإما أن ترجع لا إلى ذات
الفعل بل إلى أمر اتصل به ، وهذا هو المحرم لغيره .
فالمحرمة
لذاته : هو ما حرمه الشارع ابتداء لما فيه من الأضرار والمفاسد الذاتية التي لا
تنفك عنه : كا الزنى ، وتزوج المحارم . ونحو ذلك مما حرم لذاته وعينه .
وحكم
هذا النوع : أنه غير مشروع أصلا ، ولا يحل للمكلف فعله ، وإذا فعله لحقه الذم
والعقاب ، ولا يصلح أن يكون سببا شرعيا تترتب عليه أحكامه ،وإذا كان محلا للعقد
بطل العقد ، ولم يترتب عليه أثره الشرعي .
وعقد
النكاح إذا كان محله أحد المحارم مع العلم بذلك ، كان العقد باطلا ، ولم يترتب
عليه شئ مما يترتب عليه عقد النكاح الصحيح :من ثبوت النسب والتوارت والحقوق بين
الطرفين والحل بينهما بل يعتبر الدخول زنى .
ولكن
قد يباح بعض أنواع المحرم لذاته عند الضرورة . فالميتة يحل أكلها عند خوف الهلاك .
المحرم
لغيره :
وهو
ما كان مشروعا في الأصل ، إذ لا ضرر فيه ولا مفسده ، أو أن منفعته هي الغالبة،
ولكنه اقترن بما اقتضى تحريه : كالصلاة في الأرض المغصوبة ، والبيع وقت نداء الجمعة
.
فالصلاة
بذاتها مشروعه ، فهي واجبه ،ولكن لما اتصل بها محرم وهو لغصب جاء النهي عن الصلاة
قي الأرض المغصوبة .
وحكم
هذا النوع من المحرم يقوم على أساس نظرتنا إليه ،فالمحرم لغيره مشروع ومن جهة أصله
وذاته ، وغير مشروع من جهة ما اتصل به من أمر محرم .
فمن
الفقهاء من غلب جهة مشروعه أصله على حرمه ما اتصل به فقال :إنه يصلح سبب شرعي ،
وتترتب عليه أثاره ، وإن كان منهيا عنه باعتبار ما اتصل به ، ولهذا يلحق فاعله
الإثم من هذه الجهة لا من جهة تانيه الفعل نفسه .
وعلى
هذا النظر تكون الصلاة في الأرض المغصوبة صحيحة مجزئه ، وتبرأ ذمه المكلف منها وهو
إثم بالغضب ، والبيع وقت النداء صحيح مع الإثم ، الإيقاعي في هذا الوقت وهكذا .
ومن
الفقهاء من غلب جهة فساد ما اتصل بالفعل على مشروعية أصله فقال بفساد الفعل ، وعدم
ترتب أثره الشرعي عليه ، ولحقوق الإثم بفاعله،لأن جهة الفساد في نظرهم لاتبقى أثرا
لمشروعيته أصله .
وعلى
هذا الأساس قال هذا الفريق من الفقهاء ببطلان الصلاة في الأرض المغصوبة.
المكروه :
المكروه
: هو ما كان تركه أولى من فعله ، أو هو ماطلب الشارع من المكلف تركه ، لا على وجه
الحتم والإلزام كما لو كانت الصيغة بنفسها دالة على الكراهة ، أو كانت الصيغة من
صيغة النهي ، وقامت القرينة على صرفها من التحريم إلى الكراهة .
فمن
الأولى : قوله على السلام : ( إن الله يكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة
المال ) .
ومن
الثاني : قوله تعالى : ( يا أيها الذين امنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم
تسوكم) والقرينة الصارفة عن التحريم إلى الكراهة، ما جاء بنفس الايه وهو قوله
تعالى :(وإن تسألوا عنها حين ينزل القران تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم )
.
وحكم
المكروه : أن فاعله لا يأثم ، وإن كان ملوما ، وان تاركه يمدح ويثاب ، إذا كان
تركه الله .
والمكروه
هو على رأي الجمهور واصطلاحهم ، واحد وهو ما ذكر .
أما
الحنفية ، فعندهم المكروه نوعان :
الأول
: المكروه تحريما : وهو ماطلب الشارع من المكلف الكف عنه حتما بدليل منهما بخبر الآحاد
، وهو دليل ظني .
وحكمه
حكم المحرم عند الجمهور ،أي :يستحق فاعله العقاب إن كان لا يكفر منكره لأن دليله
ظني .
الثاني
: المكروه تنزيها : وهو ما طلب الشارع الكف عنه طلبا غير ملزم للمكلف ، مثل : أكل
لحوم الخيل للحاجة إليها في الحروب ، والوضوء من سؤر سباع الطير وحكم هذا المكروه
: أن فاعله لا يذم ولا يعاقب ، وإن كان فعله خلاف الأولى والأفضل.
المـــبـــاح
:
المباح
: هو ماخير الشارع المكلف بين فعله وتركه ، ولا مدح ،ولا ذم على الفعل والترك ،
ويقال له : الحلال .
أ- النص من
الشارع بحل الشئ ، مثل قوله تعالى : ( اليوم احل لكم الطيبات وطعام
الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم )
ب- النص من الشارع على نفي الإثم أو النجاح أو الحرج .
فمن الأول : قوله تعالى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ) فمن الثاني : ( ولا جناح
عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكنتم في أنفسكم ) . ومن
الثالث : ( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج
حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت أبائكم ) . ج – التعبير بصيغه الأمر مع وجود القرينة الصارفة
عن الوجوب إلى الإباحة ، مثل قوله تعالى : (
وإذا حللتم فاصطادوا ) ، أي إذا تحللتم من إحرام
الحج ، فالصيد مباح لكم .
د – استصحاب الإباحة الأصلية للأشياء ، بناء
على أن الأصل فيها الإباحة .
فالأفعال من عقود وتصرفات ، والأشياء من جماد وحيوان أو نبات ، الأصل فيها الإباحة
فما لم يرد دليل من الشارع يدل على حكمها صراحة ، فحكمها الإباحة استصحابا للإباحة
الأصلية .
وإن حكم المباح : انه لا ثواب فيه ولا عقاب
، ولكن قد يثاب عليه بالنية والقصد ويجب ملاحظة : ان المباح على ما فسرناه إنما هو
بالنسبة للجزء، وأما بالنسبة للكل فهو إما مطلوب الفعل أو الترك ، فالإباحة تتجه
إلى الجزئيات ، ولا إلى الكليات ، وإلى بعض الأوقات ، لا إلى جميع الأزمان .
ووطء الأزواج زوجاتهم : مباح ،ولكن تركه بالكلية
وعلى وجه الدوام والاستمرار حرام ،ولما فيه من الإضرار بالزوجة والتفويت لمقاصد
النكاح ، فالإباحة في والوطء منصبه على جزئياته ، وأوقاته ، والحرمة منصبه على
تركه جمله .
العزيمة والرخصة :
العزيمة والرخص من أقسام الحكم التكليفي ،
لأن الأول : اسم لم طلبه الشارع أو إباحة على وجه العموم ، والرخصة : اسم لما
أباحه الشارع عند الضرورة تخفيفا عن المكلفين ودفعا للحرج عنهم ، و الأباحه من أقسام
الحكم التكليفي ( وهو التعريف الاصطلاحي ) .
والعزيمة في اللغة : القصد على وجه التأكد ،
ومنه قوله تعالى : ( فنسي ولم نجد له عزما) ، أي ، لم يكن من ادم عليه السلام قصد
مؤكد على عصيان أمر ربه .
والرخصة في اللغة : السهولة واليسر .
أنواع الرخصة :
أولا : إباحة المحرم عند الضرورة : كالتلفظ
بكلمه الكفر مع اطمئنان القلب إذا أكره على ذلك بالقتل ، قال تعالى : ( إلا من أكراه وقلبه مطمئن
بالإيمان ) .
ثانيا : إباحة ترك الواجب ، مثل : الفطر في
رمضان للمسافر والمريض دفعا للمشقة .
ثالثا: تصحيح بعض العقود التي يحتاجها الناس
، وإن لم تجر على القواعد العامة ، مثل : بيع السلم ، فقد أباحه الشارع الحكيم مع
أنه بيع معدوم ، وبيع المعدوم باطل .
حكم الرخصه:
الأصل في الرخصة : الإباحة ، فهي تنقل الحكم
الأصلي من اللزوم إلى التخير بين الفعل
والترك ، لأن مبنى الرخصة ملاحظه عذرا المكلف ، ورفع المشقة عنه وقد يكون الأخذ بالعزيمة
أولى من إباحة الأخذ بالرخصة ، ومن هذا النوع : إباحة إجراء لفظ الكفر على اللسان
، مع اطمئنان القلب ، عند الإكراه عليه بالقتل أو تلف العضو.
الأولى : الأخذ بالعزيمة ، لما في ذلك من
إظهار الاعتزاز بالدين ، وإغاظة الكافرين ، يدل على ذلك : أن بعض أعوان مسيلمة الكذاب
أخذوا رجلين مسلمين، وذهبوا بهما إليه ، فسأل أحدهما : ماتقول في محمد ؟ قال : هو
رسول الله ، قال: فما تقول في ؟ قال : أنت أيضا ، فتركه ولم يمسه بسوء ، ثم سأل الأخر
عن محمد فقال : ه رسول الله ، قال ماتقول في
؟ قال أنا أصم لا اسمع ، فأعاد عليه ثلاثا ، فأعاد جوابه ،فقتله ، فلما بلغ ذلك
النبي صلى الله عليه وسلم ،قال: أما الأول فقد أخذه برخصة الله ،وأما الثاني فقد صدع
بالحق فهنيئا له .
وعمار بن ياسر نطق بكلمة الكفر ، ونال من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومدة ألهه
المشركين تحت وطأة العذاب الشديد ، ولم أخبره عمار النبي صلى الله عليه وسلم بما
جرى ، قال له : كيف وجدت قلبك ؟ قال : مطمئنا ، فقال عليه الصلاة والسلام ، فإن
عادوا فعد .
فهذا الخبر يدل على إباحة التلفظ بالكفر عند
الضرورة والإكراه ، الخبر الأول يدل على ان الصبر والأخذ بعزيمة الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ، ولو إلى القتل وهذا هو الأول ، يدل عليه ما جاء عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال: سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قال كلمة حق
لسلطان جائر ، فقتله .
فأمر الحاكم الظالم ونهيه مع احتمال بطشه ،
أولى من السكوت عنه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، جعله قرينا لحمزة بن عبد
المطلب في مرتبة الشهادة العالية .
أقسام الحكم الوضعي :
السبب:
السبب في اللغة : ما يتوصل به إلى مقصود ما
.
وفي الاصطلاح : ما جعله الشرع معرفا لحكم
شرعي ، بحيث يوجد هذا الحكم عند وجوده ، وينعدم عند عدمه .
وعلى هذا يمكن تعريف السبب في الاصطلاح :
بأنه كل أمر جعل الشارع وجوده علامة على وجود الحكم ، وعدمه علامة على عدمه :
كالزنا لوجوب الحد ، والمجنون لوجوب الحجر ، فإذا انتقى الزنا والمجنون : انتفى
وجوب الحد ( العقوبة ) والحجر .
أقسام السبب :
السبب باعتباره فعلا للمكلف ، أو ليس فعلا
له ، ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : سبب ليس فعلا للمكلف ولا
مقدارا له ، ومع هذا إذا وجد ، وجد الحكم ، لان الشارع ربط الحكم به وجودا وعدما ،
كدلوك الشمس لوجوب الصلاة ، وشهر رمضان لوجوب الصيام .
القسم الثاني : سبب هو فعل للمكلف ما في
قدرته ، كالسفر لإباحة الفطر ، والقتل العمد العدوان لوجوب القصاص .
وهذا قسم من السبب، أي : ما كان فعلا للمكلف
، وننظر إليه نظرين :
الأول : باعتبار فعلا للمكلف ، فيكون داخلا
في خطاب التكليف ، وتجري عليه أحكامه فيكون مطلوبا فعله ، أو مطلوب تركه ، أو
مخيرا فيه .
الثاني : باعتبار مارتب عليه الشارع من أحكام
أخرى ، فيعد من أقسام الحكم الوضعي .
فالنكاح يكون واجبا عند خوف الوقوع في الزنى
، والقدرة على تكاليف النكاح ، والوجوب حكم تكليفي ، ويكون سببا ، فتترتب عليه
جميع الآثار الشرعية من وجوب المهر والنفقة والتوارث ، والسببية حكم وضعي .
والقتل العمد العدوان مطلوب الترك جزما ،
وهذا حكم تكليفي ، وهو سبب القصاص ، وهذا حكم وضعي .
والبيع مباح وهذا حكم تكليفي ، وهو سبب
لثبوت ملك البائع للثمن ، والمشتري للمبيع وهذا حكم وضعي .
وينقسم السبب أيضا ما يترتب عليه إلى قسمين :
الأول : سبب لحكم تكليفي : كالسفر لإباحة
الفطر .
الثاني : سبب لحكم هو أثر لفعل المكلف :
كالبيع لملك المبيع من قبل المشتري .
ربط الأسباب بالمسببات :
المسببات تترتب على أسبابها إذا وجدت هذه
الأسباب ، وتحققت شرعا لترتب الأحكام عليها ، فا لقرابة سبب للإرث ، وشرطة : موت
المورث ، وتحقق حياة الوارث حقيقة ، أو حكما والمانع : هو القتل العمد العدوان ،
أو اختلاف الدين ، فإذا وجد السبب ، وتحققت شروطه ، وانتفت الموانع ترتب عليه أثره
وهو الميراث ، وإذا انتفى الشرط ، أو وجد المانع فإن السبب لا يكون سببا منتجا
أثره.
السبب والعلة :
ماجعله الشارع
علامة الحكم وجودا وعدما ، إما أن يكون مؤثرا في الحكم ، بمعنى: ان العقل
يدرك وجه المناسبة بينه وبين الحكم ، وأما ان تكون مناسبته للحكم خفيه لا يدركها
العقل ‘ فإن كان الأول : سمي عله كما يسمى
سببا ،وان كان الثاني : سمي سببا فقط ، ولم يسم عله .
ومثال
الأول : السفر لإباحة الفطر ، ففي هذه المسائل يدرك العقل وجه المناسبة بين السبب
والحكم ، فالسفر : مظنة المشقة فيناسب الترخيص ، والإسكار : يفسد العقول فيناسب
الحكم بتحريم الخمر ، حفظا للعقول من الفساد .
ففي
هذه المسائل يعتبر كل من السفر والاسكار ، سببا وعله للأحكام المربوطة بها ومن
الثاني : أي : مالم تعرف مناسبته للحكم : شهود رمضان لوجوب الصيام ، فإن العقل لا
يدرك وجه المناسبة بين هذا السبب وبين تشريع الحكم بوجوب صلاة المغرب .
وعلة
هذا يسمى كل من شهود رمضان وغروب الشمس : سببا فقط ، ولا يسمى عله ، فكل علة سبب
وليس كل سبب علة .
الــــــــشـــرط :
الشرط
في اللغة : العلامة اللازمة .
وفي
الاصطلاح : ما يتوقف وجود الشئ على وجوده ، وكان خارجا عن حقيقته ، ولا يلزم وجود
الشئ : وجود الشرعي الذي يترتب عليه أثاره الشرعية ، كالوضوء للصلاة ، وحضور
الشاهدين لعقد النكاح .
فالوضوء شرط لوجود الصلاة الشرعية
التي تترتب عليه أثارها من كونها صحيحة مجزئه مبرئه للذمة، وليس الوضوء جزاء من
حقيقة الصلاة ، وقد يوجد الوضوء ولا توجد الصلاة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق