وانت تقرأ هذا الموضوع استمع لتلاوة الشيخ علي جابر يعتبر من افضل القراء في العالم الاسلامي رحمه الله
تقسيم الخبر باعتبار وصوله إلينا
| ||||
| ||||
|
|
|
|
ثانياً: تقسيم الخبر من حيث القبول والرد
أولاً: أقسام الخبر المقبول باعتبار درجة القبول
ينقسم الخبر المقبول من حيث تفاوت درجاته إلى أربعة أقسام:
1) الصحيح لذاته 2) الصحيح لغيره. 3) الحسن لذاته. 4) الحسن لغيره.
أولاً ـ الحديث الصحيح:
1 ـ تعريفه:
إذاً أطلق لفظ الصحيح، فالمراد الحديث الصحيح لذاته.
وهو لغة: على وزن فعيل، ضد السقيم، وهو حقيقة في الأجسام، كقولهم: بدن صحيح، وبدن سقيم، وهو ماز في الحديث وبقية المعاني، فيقال: حديث صحيح، وحديث غير صحيح، أي: سقيم.
واصطلاحاً:
ما اتصل سنده بنقل عدل تام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
ويعرفه من يقبل المرسل بأنه: نقل عدل غير مغفل بصيغة الجزم، دون صيغة التمريض أو البلاغ.
2 ـ شروطه:
من التعريف السابق يتبين أنه يشترط لصحة الحديث خمسة أمور، يجب توفرها فيه، وهي كما يلي:
1) اتصال السند، وذلك بأن يكون كل راو من رواته قد أخذه مباشرة عمن فوقه، من أول السند إلى منتهاه.
2) عدالة الرواة، بأن يكون كل راو من رواته مسلماً بالغاً عاقلاً غير فاسق ولا مخروم المروءة، فلا يصح ما نقله مجهول عيناً أو
1) الصحيح لذاته 2) الصحيح لغيره. 3) الحسن لذاته. 4) الحسن لغيره.
أولاً ـ الحديث الصحيح:
1 ـ تعريفه:
إذاً أطلق لفظ الصحيح، فالمراد الحديث الصحيح لذاته.
وهو لغة: على وزن فعيل، ضد السقيم، وهو حقيقة في الأجسام، كقولهم: بدن صحيح، وبدن سقيم، وهو ماز في الحديث وبقية المعاني، فيقال: حديث صحيح، وحديث غير صحيح، أي: سقيم.
واصطلاحاً:
ما اتصل سنده بنقل عدل تام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
ويعرفه من يقبل المرسل بأنه: نقل عدل غير مغفل بصيغة الجزم، دون صيغة التمريض أو البلاغ.
2 ـ شروطه:
من التعريف السابق يتبين أنه يشترط لصحة الحديث خمسة أمور، يجب توفرها فيه، وهي كما يلي:
1) اتصال السند، وذلك بأن يكون كل راو من رواته قد أخذه مباشرة عمن فوقه، من أول السند إلى منتهاه.
2) عدالة الرواة، بأن يكون كل راو من رواته مسلماً بالغاً عاقلاً غير فاسق ولا مخروم المروءة، فلا يصح ما نقله مجهول عيناً أو
حالاً، أو معروف بالضعف.
3) ضبط الرواة، بأن يكون كل راو من رواته تام الضبط، سواء كان ضبط صدر بتعهده واستحضاره، أو ضبط كتاب بصيانته
3) ضبط الرواة، بأن يكون كل راو من رواته تام الضبط، سواء كان ضبط صدر بتعهده واستحضاره، أو ضبط كتاب بصيانته
وحفظه من أن يعبث فيه أحد، فلا يصح خبر نقله مغفل كثير الخطأ، كما لا يصح خبر من كتاب نالته يد التحريف والتغيير.
4) عدم الشذوذ، بأن لا يكون الحديث شاذاً، أي لا يكون راويه مخالفاً من هو أوثق منه.
5) عدم العلة، بأن لا يكون الحديث معلولاً بعلة غامضة خفية، تقدح في صحة الحديث، مع أن الظاهر السلامة منها.
وفي اشتراط عدم الشذوذ، وفي المراد بالعلة خلاف بين الفقهاء والمحدثين.
هذه شروط اتفق علي وجوب توفراه في الحديث ليكون صحيحاً.
وهناك شروط اختلف في وجوب توفرها، وذلك:
كاشتراط كون راويه مشهوراً بالطلب.
وكاشتراط أن يكون راويه مشهوراً بالفهم والمعرفة وكثرة السماع والمذاكرة.
وكثبوت السماع لكل راو من شيخه، وكحصول العدد كالشهادة، أي كونه عزيزاً.
3) مثاله:
ما أخرجه البخاري في صحيحه، قال: حدثنا عبدالله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر tأن رسول الله r قال: (إن بلال ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم.
4) عدم الشذوذ، بأن لا يكون الحديث شاذاً، أي لا يكون راويه مخالفاً من هو أوثق منه.
5) عدم العلة، بأن لا يكون الحديث معلولاً بعلة غامضة خفية، تقدح في صحة الحديث، مع أن الظاهر السلامة منها.
وفي اشتراط عدم الشذوذ، وفي المراد بالعلة خلاف بين الفقهاء والمحدثين.
هذه شروط اتفق علي وجوب توفراه في الحديث ليكون صحيحاً.
وهناك شروط اختلف في وجوب توفرها، وذلك:
كاشتراط كون راويه مشهوراً بالطلب.
وكاشتراط أن يكون راويه مشهوراً بالفهم والمعرفة وكثرة السماع والمذاكرة.
وكثبوت السماع لكل راو من شيخه، وكحصول العدد كالشهادة، أي كونه عزيزاً.
3) مثاله:
ما أخرجه البخاري في صحيحه، قال: حدثنا عبدالله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر tأن رسول الله r قال: (إن بلال ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم.
فهو حديث صحيح، لما يلي:أولاً: أن سنده متصل، حيث إن كل راو من رواته سمعه من شيخه، وأما قول مالك وعبدالله بن دينار: (عن) فهو محمول على الاتصال لأنهما غير مدلسين.
ثانياً: أن رواته عدول
ثانياً: أن رواته عدول
ثالثاً: أن رواته ضابطون، وذلك أن:
عبدالله بن يوسف: ثقة متقن.
ومالك بن أنس: إمام حافظ.
وعبدالله بن دينار: ثقة.
وعبدالله بن عمر: صحابي.
رابعاً: أنه ليس شاذاً، إذ لم يعارضه ما هو أقوى منه، وما ورد مما ظاهره يعارض هذا الحديث أمكن الجمع بينه وبين هذا الحديث بوجه سائغ، كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح.
خامساً: أنه ليس فيه علة من العلل.
عبدالله بن يوسف: ثقة متقن.
ومالك بن أنس: إمام حافظ.
وعبدالله بن دينار: ثقة.
وعبدالله بن عمر: صحابي.
رابعاً: أنه ليس شاذاً، إذ لم يعارضه ما هو أقوى منه، وما ورد مما ظاهره يعارض هذا الحديث أمكن الجمع بينه وبين هذا الحديث بوجه سائغ، كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح.
خامساً: أنه ليس فيه علة من العلل.
4 ـ حكمه:
يجب العمل بالحديث الصحيح بإجماع أهل الحديث، ومن يعتد به من أهل الأصول والفقهاء، فهو حجة من حجج الشرع، لا يسع المسلم ترك العمل به إذا عرف صحته ولم يثبت نسخه.
وفي إفادته العلم ثلاثة أقوال:الأول: أنه يفيد العلم بنفسه مطرداً، أي: كلما حصل خبر الواحد الصحيح حصل العلم.
الثاني: أنه يحصل العلم به، ولا يطرد، أي: ليس كلما حصل حصل العلم به.
الثالث: أنه لا يحصل العلم به إلا بقرينة.
الثاني: أنه يحصل العلم به، ولا يطرد، أي: ليس كلما حصل حصل العلم به.
الثالث: أنه لا يحصل العلم به إلا بقرينة.
5 ـ المراد بقولهم: (هذا حديث صحيح)
يراد بذلك أن الشروط الخمسة من اتصال السند، وكون رواته عدولاً ضابطين، وانتفاء الشذوذ والعلة عنه، كلها قد تحققت فيه، لا أنه مقطوع بصحته في نفس الأمر، لاحتمال وقوع الخطأ والنسيان من الثقة.
ويرى ابن الصلاح أن ما اتفق عليه الشيخان مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به.
أقسام الصحيح :
أعلاها ـ: هو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيراً: صحيح، متفق عليه، يطلقون ذلك، ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم لا اتفاق الأمة عليه لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك، وحاصل معه، لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول، وهذا القسم مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافاً لقول من نفي ذلك محتجاً بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ.
وقد كنت أميل إلى هذا، وأحسبه قوياً، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولاً هو الصحيح، لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ.
وقال ابن تيمية: خبر الواحد المتلقى بالقبول يوجب العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وهو قول أكثر أصحاب الأشعري، كالاسفراييني، وابن فورك.
6 ـ هل استوعب البخاري ومسلم الحديث الصحيح أو التزماه؟
لم يستوعب البخاري ومسلم الصحيح في صحيحيهما، ولم يلتزما ذلك، فقد قال البخاري: ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول.
وفي بعض الروايات: (لملال الطول)، والمراد: أنه ترك ذكر كثير من الأحاديث الصحيحة في كتابه، خشية أن يطول الكتاب فيمل الناس من طوله.
وقال مسلم: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا، إنما وضعت ما أجمعوا عليه، أي: ما وجدعنده فيه شرائط الصحيح المجمع عليها.
ولذا فهناك شيء كثير من الأحاديث الصحيحة لم تذكر في الصحيحين، فقد نقل عن البخاري أنه قال: ما تركت من الصحاح أكثر.
وقال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح.
7 ـ مصادر الحديث الصحيح:
للعلماء مصنفات كثيرة في الأحاديث الصحيحة،وقد تنوعت مسالكهم في تأليفها، ويمكن تقسيمها إلى المجموعات الآتية:
المجموعة الأولى: مصنفات ألفت في الصحيح المجرد، وتلقتها الأمة بالقبول، وتضم هذه المجموعة: (صحيح البخاري)، و (صحيح مسلم)، وألحق بها بعض العلماء ( الموطأ) للإمام مالك.
المجموعة الثانية: مصنفات ألفت في الصحيح المجرد، ولكن عليها انتقادات ومناقشات،وتنقسم إلى قسمين:
أحدهما: ما كان مستقلاً منفصلاً عن الصحيحين كـ (صحيح ابن خزيمة) و (صحيح ابن حبان) و (المختارة) للضياء المقدسي.
وثانيهما: ما له ارتباط وعلاقة بالصحيحين، وهو نوعان:
الأول: ما صنف استدراكاً عليهما، ومن أشهرها (المستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري).
الآخر: ما صنف استخراجاً عليهما، ومن أشهرها: (مستخرج الإسماعيلي) على البخاري، و (مستخرج أبي عوانة) على مسلم، و مستخرج أبي نعيم الأصبهاني) على الصحيحين).
المجموعة الثالثة: مصنفات في الصحيح وغيره، إلا أن الصحيح فيها كثير جداً وتضم هذه المجموعة كثيراً من كتب السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها، ومن أمثلة ذلك.
(سنن أبي داود)، و (سنن الترمذي)، و (سنن البيهقي)، و (مسند الإمام أحمد)
وقد كنت أميل إلى هذا، وأحسبه قوياً، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولاً هو الصحيح، لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ.
وقال ابن تيمية: خبر الواحد المتلقى بالقبول يوجب العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وهو قول أكثر أصحاب الأشعري، كالاسفراييني، وابن فورك.
6 ـ هل استوعب البخاري ومسلم الحديث الصحيح أو التزماه؟
لم يستوعب البخاري ومسلم الصحيح في صحيحيهما، ولم يلتزما ذلك، فقد قال البخاري: ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول.
وفي بعض الروايات: (لملال الطول)، والمراد: أنه ترك ذكر كثير من الأحاديث الصحيحة في كتابه، خشية أن يطول الكتاب فيمل الناس من طوله.
وقال مسلم: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا، إنما وضعت ما أجمعوا عليه، أي: ما وجدعنده فيه شرائط الصحيح المجمع عليها.
ولذا فهناك شيء كثير من الأحاديث الصحيحة لم تذكر في الصحيحين، فقد نقل عن البخاري أنه قال: ما تركت من الصحاح أكثر.
وقال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح.
7 ـ مصادر الحديث الصحيح:
للعلماء مصنفات كثيرة في الأحاديث الصحيحة،وقد تنوعت مسالكهم في تأليفها، ويمكن تقسيمها إلى المجموعات الآتية:
المجموعة الأولى: مصنفات ألفت في الصحيح المجرد، وتلقتها الأمة بالقبول، وتضم هذه المجموعة: (صحيح البخاري)، و (صحيح مسلم)، وألحق بها بعض العلماء ( الموطأ) للإمام مالك.
المجموعة الثانية: مصنفات ألفت في الصحيح المجرد، ولكن عليها انتقادات ومناقشات،وتنقسم إلى قسمين:
أحدهما: ما كان مستقلاً منفصلاً عن الصحيحين كـ (صحيح ابن خزيمة) و (صحيح ابن حبان) و (المختارة) للضياء المقدسي.
وثانيهما: ما له ارتباط وعلاقة بالصحيحين، وهو نوعان:
الأول: ما صنف استدراكاً عليهما، ومن أشهرها (المستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري).
الآخر: ما صنف استخراجاً عليهما، ومن أشهرها: (مستخرج الإسماعيلي) على البخاري، و (مستخرج أبي عوانة) على مسلم، و مستخرج أبي نعيم الأصبهاني) على الصحيحين).
المجموعة الثالثة: مصنفات في الصحيح وغيره، إلا أن الصحيح فيها كثير جداً وتضم هذه المجموعة كثيراً من كتب السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها، ومن أمثلة ذلك.
(سنن أبي داود)، و (سنن الترمذي)، و (سنن البيهقي)، و (مسند الإمام أحمد)
ثانياً ـ الحديث الحسن:
أ ـ تعريفه:
1 ـ لغة: صفة مشبهة من الحسن.
2 ـ اصطلاحاً: هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خَفَّ ضبطه عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة .
أ ـ تعريفه:
1 ـ لغة: صفة مشبهة من الحسن.
2 ـ اصطلاحاً: هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خَفَّ ضبطه عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة .
وبهذا يتبين أنه ليس من فرق بين الحسن والصحيح سوى درجة الضبط.
فالحديث الصحيح راويه تام الضبط، وهو من أهل الحفظ والإتقان، أما راوي الحديث الحسن فهو قد خف ضبطه.
ويوضح ذلك قول ابن الصلاح في راوي الحسن: (أن يكون من المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح، لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان، وهو مع ذلك يرتفع عن حال ما يعد ما ينفرد به من حديثه منكراً).
ب ـ مثاله:
ما رواه أحمد في مسنده، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن بهز بن حكيم، حدثني أبي، عن جدي، قال: قلت: يا رسول من أبر؟ قال: (أمك)، قال: قلت: ثم من؟ قال: (ثم أمك)، قال: قلت: ثم من؟ قال: (أمك، ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب).
فهذا حديث سنده متصل، ولا شذوذ فيه ولا علة قادحة، حيث لم يقع في هذه السلسلة أي اختلاف بين الرواة ولا في المتن.
والإمام أحمد، وشيخه يحيى بن سعيد القطان: إمامان جليلان.
وبهز بن حكيم: من أهل الصدق والأمانة، حتى وثقه بعض الأئمة، كعلي بن المديني، وابن معين، وقد تكلم فيه شعبة بن الحجاج بسبب بعض مروياته،ولكن هذا لا يسلبه صفة الضبط، وإن كان يشعر بأنه خف ضبطه.
وأما حكيم فقد وثقه العجلي وابن حبان، وقال النسائي فيه: ليس به بأس.
وأما والد حكيم، فهو صحابي، فيكون حديث بهز هذا حسناً لذاته، كما قال العلماء.
ج ـ حكمه:
الحديث الحسن مثل الحديث الصحيح، مقبول عند الفقهاء، كلهم محتج به عندهم، وعلى ذلك معظم المحدثين والأصوليين، حيث قد عرف صدق راويه وسلامة نقله بالسند، وخفة ضبط بعض رواته أو كلهم لا تخرجه عن الأهلية للأداء كما سمع، وإذا كان كذلك فإن النفس تميل إلى قبوله ولا يأباه القلب، والظن بسلامته يحسن، فيكون مقبولاً محتجاً به.
د ـ مظان وجود الحديث الحسن:
لقد قال الخطابي عن الحديث الحسن: وعليه مدار أكثر الحديث.
ومن هنا فلا غرابة أن تكون مصادره أوفر عدداً من المصادر التي التزمت الصحة، وعلى هذا يمكن تقسيم مصادر الحسن إلى قسمين متفاوتين من حيث الصحة والوثوق:
الأول: يتضمن السنن.
والآخر: يتضمن المسانيد والمعاجم ونحوها.
فأما السنن فيراد بها الكتب المرتبة على أبواب الفقه من الطهارة والصلاة والزكاة... الخ، وتكتفي بذكر الأحاديث المرفوعة وتقتصر عليها دون الموقوف، لأن الموقوف لا يسمى في اصطلاحهم سنة، ويسمى حديثاً.
ومن كتب هذا القسم: سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والشافعي، والدارمي، والدارقطني، والسنن الكبرى للبيهقي.
وأما المسانيد فيراد بها الكتب التي جمع مصنفوها الأحاديث فيها على مسانيد الصحابة كمسند الإمام أحمد، ومثلها المعاجم إلا أن مسانيد الصحابة فيها رتبت على حروف الهجاء كمعجم الطبراني الكبير.
فالحديث الصحيح راويه تام الضبط، وهو من أهل الحفظ والإتقان، أما راوي الحديث الحسن فهو قد خف ضبطه.
ويوضح ذلك قول ابن الصلاح في راوي الحسن: (أن يكون من المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح، لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان، وهو مع ذلك يرتفع عن حال ما يعد ما ينفرد به من حديثه منكراً).
ب ـ مثاله:
ما رواه أحمد في مسنده، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن بهز بن حكيم، حدثني أبي، عن جدي، قال: قلت: يا رسول من أبر؟ قال: (أمك)، قال: قلت: ثم من؟ قال: (ثم أمك)، قال: قلت: ثم من؟ قال: (أمك، ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب).
فهذا حديث سنده متصل، ولا شذوذ فيه ولا علة قادحة، حيث لم يقع في هذه السلسلة أي اختلاف بين الرواة ولا في المتن.
والإمام أحمد، وشيخه يحيى بن سعيد القطان: إمامان جليلان.
وبهز بن حكيم: من أهل الصدق والأمانة، حتى وثقه بعض الأئمة، كعلي بن المديني، وابن معين، وقد تكلم فيه شعبة بن الحجاج بسبب بعض مروياته،ولكن هذا لا يسلبه صفة الضبط، وإن كان يشعر بأنه خف ضبطه.
وأما حكيم فقد وثقه العجلي وابن حبان، وقال النسائي فيه: ليس به بأس.
وأما والد حكيم، فهو صحابي، فيكون حديث بهز هذا حسناً لذاته، كما قال العلماء.
ج ـ حكمه:
الحديث الحسن مثل الحديث الصحيح، مقبول عند الفقهاء، كلهم محتج به عندهم، وعلى ذلك معظم المحدثين والأصوليين، حيث قد عرف صدق راويه وسلامة نقله بالسند، وخفة ضبط بعض رواته أو كلهم لا تخرجه عن الأهلية للأداء كما سمع، وإذا كان كذلك فإن النفس تميل إلى قبوله ولا يأباه القلب، والظن بسلامته يحسن، فيكون مقبولاً محتجاً به.
د ـ مظان وجود الحديث الحسن:
لقد قال الخطابي عن الحديث الحسن: وعليه مدار أكثر الحديث.
ومن هنا فلا غرابة أن تكون مصادره أوفر عدداً من المصادر التي التزمت الصحة، وعلى هذا يمكن تقسيم مصادر الحسن إلى قسمين متفاوتين من حيث الصحة والوثوق:
الأول: يتضمن السنن.
والآخر: يتضمن المسانيد والمعاجم ونحوها.
فأما السنن فيراد بها الكتب المرتبة على أبواب الفقه من الطهارة والصلاة والزكاة... الخ، وتكتفي بذكر الأحاديث المرفوعة وتقتصر عليها دون الموقوف، لأن الموقوف لا يسمى في اصطلاحهم سنة، ويسمى حديثاً.
ومن كتب هذا القسم: سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والشافعي، والدارمي، والدارقطني، والسنن الكبرى للبيهقي.
وأما المسانيد فيراد بها الكتب التي جمع مصنفوها الأحاديث فيها على مسانيد الصحابة كمسند الإمام أحمد، ومثلها المعاجم إلا أن مسانيد الصحابة فيها رتبت على حروف الهجاء كمعجم الطبراني الكبير.
ثالثاً ـ الصحيح لغيره:
أ ـ تعريفه:
هو الحديث الحسن لذاته، إذا روي من وجه آخر مثله أو أقوى منه، بلفظه أو بمعناه، فإنه يقوى ويرتقى من درجة الحسن إلى الصحيح لغيره، لا لذاته، لأن الصحة لم تأت من ذات السند، بل جاءت من انضمام غيره إليه.
ب ـ مثاله:
ما رواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله rقال ): لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة(
قال ابن الصلاح: محمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة، لكنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه، ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته، فحديثه من هذه الجهة حسن، فلما انضم إلى ذلك كونه روي من أوجه أخر زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهة سوء حفظه، وانجبر به ذلك النقص اليسير، فصح هذا الإسناد، والتحق بدرجة الصحيح.
وتوضيح ذلك أن من طرق هذا الحديث ما يلي:
1) محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة = عند الترمذي.
2) أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة = عند البخاري ومسلم.
3) محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن زيد بن خالد الجهني = عند أبي داود والترمذي.
4) سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة ، عن عائشة = عند ابن حبان في صحيحه.
فبهذا التعدد لطرق الحديث يزول ما يخشى من خفة ضبط محمد بن عمرو، وينجبر ذلك النقص اليسير، فيصبح السند الأول صحيحاً لغيره، وهذا الغير هو الأسانيد الأخرى السابقة، أو أحدها.
ج ـ حكمه:
هو من الحديث المقبول المحتج به، كالحديث الصحيح لذاته .
أ ـ تعريفه:
هو الحديث الحسن لذاته، إذا روي من وجه آخر مثله أو أقوى منه، بلفظه أو بمعناه، فإنه يقوى ويرتقى من درجة الحسن إلى الصحيح لغيره، لا لذاته، لأن الصحة لم تأت من ذات السند، بل جاءت من انضمام غيره إليه.
ب ـ مثاله:
ما رواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله rقال ): لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة(
قال ابن الصلاح: محمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة، لكنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه، ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته، فحديثه من هذه الجهة حسن، فلما انضم إلى ذلك كونه روي من أوجه أخر زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهة سوء حفظه، وانجبر به ذلك النقص اليسير، فصح هذا الإسناد، والتحق بدرجة الصحيح.
وتوضيح ذلك أن من طرق هذا الحديث ما يلي:
1) محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة = عند الترمذي.
2) أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة = عند البخاري ومسلم.
3) محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن زيد بن خالد الجهني = عند أبي داود والترمذي.
4) سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة ، عن عائشة = عند ابن حبان في صحيحه.
فبهذا التعدد لطرق الحديث يزول ما يخشى من خفة ضبط محمد بن عمرو، وينجبر ذلك النقص اليسير، فيصبح السند الأول صحيحاً لغيره، وهذا الغير هو الأسانيد الأخرى السابقة، أو أحدها.
ج ـ حكمه:
هو من الحديث المقبول المحتج به، كالحديث الصحيح لذاته .
رابعاً ـ الحسن لغيره:
أ ـ تعريفه:
هو الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي أو اتهامه بالكذب، بل سوء حفظ راويه أو انقطاع في سنده، أو جهالة في رجاله.
والمراد بتعدد الطرق: وجود طريق فأكثر.
وبعبارة أخرى: هو الحديث الذي فيه ضعف غير شديد، وقد روي من وجه آخر مثله أو أقوى منه بلفظه أو بمعناه.
وتوضيح ذلك أن الحديث الحسن لغيره يكون راويه:
1) ضعيفاً لا ينزل عن رتبة من يعتبر به، أي ضعفه ينجبر بغيره.
2) أو مدلساً لم يصرح بالسماع.
3) أو كان سنده منقطعاً.
وكل ذلك لا بد فيه من شرطين:
1) أن يروى من وجه آخر مثله، أو أقوى منه بلفظه أو بمعناه.
2) ألا يكون شاذاً.
فالحديث الحسن لغيره : هو الحديث الضعيف المنجبر إذا تعددت طرقه، ولم يكن شاذاً، ولا معلاً بعلة قادحة تمنع تقويه بغيره.
ب ـ مثاله:
قول الترمذي:
1) حدثنا علي بن حجر، حدثنا حفص بن غياث، عن حجاج، عن عطية، عن ابن عمر، قال: صليت مع النبي r في الحضر والسفر، فصليت معه في الحضر الظهر أربعاً، وبعدها ركعتين، وصليت معه في السفر الظهر ركعتين وبعدها ركعتين.
قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن، وقد رواه ابن أبي ليلى عن عطية، ونافع عن ابن عمر.
2) حدثنا محمد بن عبيد المحاربي، حدثنا علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى عن عطية، ونافع عن ابن عمر، قال: صليت مع النبي r في الحضر والسفر، فصليت معه في الحضر أربعاً، وبعدها ركعتين، وصليت معه في السفر الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
فهذا الحديث في إسناده الأول (الحجاج)، وهو ابن أرطأة وهو صدوق، كثير الخطأ والتدليس كما قال ابن حجر في تقريب التهذيب، كما أن فيه عطية، وهو ابن سعد بن جنادة العوفي، قال فيه ابن حجر: صدوق يخطئ كثيراً.
ولكن كلاً من الحجاج وعطية لم يتهم بالكذب، ولم ينزل عن رتبة الاعتبار، فحسن الترمذي حديثهما حيث اعتضد بروايته من طريق آخر، وهو الإسناد الثاني هنا، والذي فيه: ابن ليلى، وهو فقيه جليل، لكن تكلم المحدثون في حفظه، فضعفه منجبر، ولذا تقوى الحديث بوروده من هذا الطريق، ومن هنا حسنه الترمذي.
ج ـ حكمه:
الحديث الحسن لغيره من الحديث المقبول المحتج به، ولكنه في أدنى مراتب الحديث المقبول بعد الصحيح لذاته، فالصحيح لغيره، فالحسن لذاته.
أ ـ تعريفه:
هو الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي أو اتهامه بالكذب، بل سوء حفظ راويه أو انقطاع في سنده، أو جهالة في رجاله.
والمراد بتعدد الطرق: وجود طريق فأكثر.
وبعبارة أخرى: هو الحديث الذي فيه ضعف غير شديد، وقد روي من وجه آخر مثله أو أقوى منه بلفظه أو بمعناه.
وتوضيح ذلك أن الحديث الحسن لغيره يكون راويه:
1) ضعيفاً لا ينزل عن رتبة من يعتبر به، أي ضعفه ينجبر بغيره.
2) أو مدلساً لم يصرح بالسماع.
3) أو كان سنده منقطعاً.
وكل ذلك لا بد فيه من شرطين:
1) أن يروى من وجه آخر مثله، أو أقوى منه بلفظه أو بمعناه.
2) ألا يكون شاذاً.
فالحديث الحسن لغيره : هو الحديث الضعيف المنجبر إذا تعددت طرقه، ولم يكن شاذاً، ولا معلاً بعلة قادحة تمنع تقويه بغيره.
ب ـ مثاله:
قول الترمذي:
1) حدثنا علي بن حجر، حدثنا حفص بن غياث، عن حجاج، عن عطية، عن ابن عمر، قال: صليت مع النبي r في الحضر والسفر، فصليت معه في الحضر الظهر أربعاً، وبعدها ركعتين، وصليت معه في السفر الظهر ركعتين وبعدها ركعتين.
قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن، وقد رواه ابن أبي ليلى عن عطية، ونافع عن ابن عمر.
2) حدثنا محمد بن عبيد المحاربي، حدثنا علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى عن عطية، ونافع عن ابن عمر، قال: صليت مع النبي r في الحضر والسفر، فصليت معه في الحضر أربعاً، وبعدها ركعتين، وصليت معه في السفر الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
فهذا الحديث في إسناده الأول (الحجاج)، وهو ابن أرطأة وهو صدوق، كثير الخطأ والتدليس كما قال ابن حجر في تقريب التهذيب، كما أن فيه عطية، وهو ابن سعد بن جنادة العوفي، قال فيه ابن حجر: صدوق يخطئ كثيراً.
ولكن كلاً من الحجاج وعطية لم يتهم بالكذب، ولم ينزل عن رتبة الاعتبار، فحسن الترمذي حديثهما حيث اعتضد بروايته من طريق آخر، وهو الإسناد الثاني هنا، والذي فيه: ابن ليلى، وهو فقيه جليل، لكن تكلم المحدثون في حفظه، فضعفه منجبر، ولذا تقوى الحديث بوروده من هذا الطريق، ومن هنا حسنه الترمذي.
ج ـ حكمه:
الحديث الحسن لغيره من الحديث المقبول المحتج به، ولكنه في أدنى مراتب الحديث المقبول بعد الصحيح لذاته، فالصحيح لغيره، فالحسن لذاته.
معنى قول الترمذي وغيره " حديث حسن صحيح " .
إن ظاهر هذه العبارة مٌشْكِل ، لأن الحسن يتقاصر عن درجة الصحيح ، فكيف يٌجْمَعٌ بينهما مع تفاوت مرتبتهما ؟ ولقد أجاب العلماء عن مقصود الترمذي من هذه العبارة بأجوبة متعددة أحسنها ما قاله الحافظ ابن حجر ، وارتضاه السيوطي . وملخصه ما يلي :
أ) إن كان للحديث اسنادان فأكثر فالمعني " حسن باعتبار اسناد ، صحيح باعتبار اسناد آخر " .
ب) وان كان له اسناد واحد فالمعني " حسن عند قوم ، صحيح عند قوم آخرين " .
فكأن القائل يشير إلى الخلاف بين العلماء في الحكم على هذا الحديث، أو لم يترجح لديه الحكم بأحدهما.
2) المردود :
الحديث المردود : هو ما فقد شرطا ـ أو أكثر ـ من شروط القبول [أي لم تجتمع فيه شروط القبول جميعها ، وهو الحديث الضعيف بأقسامه ] .
أقسام الحديث الضعيف ( المردود )
يمكن تقسيمه حسب أسباب الرّد [ يعني الشرط المفقود ] إلى خمسة أقسام ، ويندرج تحت كل قسم منها جملة أنواع :
القسم الأول : الضعيف نتيجة فقد شرط اتصال السند [ بسبب سقط في الإسناد] .
القسم الثاني : الضعيف نتيجة فقد شرط العدالة .
القسم الثالث : الضعيف نتيجة فقد شرط تمام الضبط .
القسم الرابع : الضعيف نتيجة فقد شرط عدم الشذوذ .
القسم الخامس : الضعيف نتيجة فقد شرط عدم العلّة .
القسم الأول
الحديث الضعيف نتيجة فقد شرط اتصال السند
[ أي : لسقط في إسناده ]
والسقط من الإسناد قد يكون ظاهرا ، وقد يكون خفيا .
أمّا السقط الظاهر فيشترك في معرفته الأئمة وغيرهم من المشتغلين بعلوم الحديث ، ويعرف هذا السقط من عدم التلاقي بين الراوي وشيخه [أي : من يروي عنه ممن هو فوقه ] ؛ إمّا لأنه لم يدرك عصره ، أو أدرك عصره لكنه لم يجتمع به ( وليست له منه إجازة ، وهي : الإذن بالرواية ، وقد يحصل الراوي عليها من شيخ لم يلتق به ، كأن يقول الشيخ أحيانا : أجزت مسموعاتي لأهل زماني . ولا وِجادة ، وهي : أن يجد الراوي كتابا لشيخ من الشيوخ يعرف خطّه ، فيروي ما في ذلك الكتاب عن الشيخ ) . لذلك يحتاج الباحث في الأسانيد إلى معرفة تاريخ الرواة ، لأنه يتضمن بيان مواليدهم ووفياتهم ، وأوقات طلبهم وارتحالهم ، وغير ذلك .
وقد اصطلح علماء الحديث على تسمية السقط الظاهر بأربعة أسماء ، بحسب مكان السقط ، وعدد الرواة الذين أسقطوا . وهذه الأسماء هي :
-1 المعلّق 2- المنقطع 3- المعضل 4-والمرسل .
وأما السقط الخفيُّ فلا يدركه إلا الأئمة الحُذاق المطّلعون على طرق الحديث ، وعلل الأسانيد ، وله تسميتان ، وهما :
-1 المُدَلَّس 2- والمرسل الخفي .
الحديث المعلَّق :
تعريفه لغة :
هو اسم مفعول من "علّق" الشيء بالشيء ، أي : ناطه ، وربطه به ، وجعله معلقا .
سبب تسميته : وسمّي هذا السند معلقا بسبب اتصاله بالجهة العليا فقط ، وانقطاعه من الجهة الدنيا ، فصار كالشيء المعلّق بالسقف ونحوه .
تعريفه اصطلاحا :
هو ما حُذف من مبدأ إسناده راوٍ فأكثر على التوالي ، ولو أتى على إسناده كله .
صور الحديث المعلّق
1- أن يُسقط الراوي الأول من مبدأ السند .
[.........] قال [فلان] عن [فلان] عن [فلان] عن [التابعي] عن [الصحابي] يبلغ به ، أو يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
مثاله : ما أخرجه البخاري في الصحيح : في الإيمان : بَاب حُسْنُ إِسْلامِ الْمَرْءِ ، قال : قَالَ مَالِكٌ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا ، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا ". فإن بين البخاري والإمام مالك راوٍ لم يُذكر . فهذا حديث معلّق ؛ لأنه حُذف راوٍ واحد من أول السند .
وقد وصله الإمام النسائي في سننه : كتاب الإيمان وشرائعه ، ، رقم (4998) أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ [يعني ابن مُسلم ] قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا ".
2- أن يحذف راويان ، أو أكثر على التوالي من مبدأ الإسناد .
[...........] [...........] عن [فلان] عن [فلان] عن[التابعي] عن [الصحابي] يرفعه .
مثاله : ما أخرجه البخاري في الصحيح : في الرقاق : بَاب فِي الْحَوْضِ رقم (6576) قال : وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ".
فهذا حديث معلّق ؛ لأنه حُذف راويان على التوالي من أول السند .
وقد وصله الإمام مسلم في الفضائل ، بَاب إِثْبَاتِ حَوْضِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَاتِهِ رقم (2297) عن سَعِيدٍ بْنِ عَمْرٍو الأَشْعَثِيِّ عن عَبْثَرٌ بن القاسم ـ ح ـ و عن أَبِي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، عن ابْنِ فُضَيْلٍ ـ كِلاهُمَا [ يعني عبثر وابن فضيل ] عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ومثاله : ما أخرجه البخاري في الصحيح : في الوضوء ، بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ رقم (202) قال : َقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدًا حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِفَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِاللَّهِ : إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ .
وهذا حديث معلّق ؛ لأنه حُذف راويان على التوالي من أول السند .
وقد وصله الإمام النسائي في سننه : كتاب الطهارة ، بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، رقم (122) قال : أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ .
3- أن يحذف رواة الإسناد جميعهم ، إلا الصحابي والتابعي .
[......... ، ............ ، .............. ، .............] عن [التابعي]عن [الصحابي] يرفعه .
مثاله : ما أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الرقاق ترجمة لباب ، قال : بَاب يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " رَوَاهُ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
4- أن يحذف رواة الإسناد جميعهم ، إلا الصحابي .
[......... ، .......... ، ............. ، ........... ، ...........] عن [الصحابي] يرفعه .
مثاله : ما أخرجه البخاري في الصحيح في مقدمة باب ما يذكر في الفخذ : وقال أبو موسى : غطّى النبي صلّى الله عليه وسلم ركبتيه حين دخل عثمان . فهذا حديث معلّق ؛ لأنه حذف السند كلّه إلا الصحابي ، وهو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه .
ومثاله : ما أخرجه البخاري في الصحيح : في الرقاق : بَاب صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، قال : وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ . وهذا حديث معلّق ؛ لأنه حذف السند كلّه إلا الصحابي ، وهو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه .
ومثاله : ما أخرجه البخاري في الصحيح : في الرقاق : بَاب فِي الْحَوْضِ قال : وَقَالَ عَبْد ُاللَّهِ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ ". وهذا حديث معلّق ؛ لأنه حذف جميع السند إلا الصحابي، وهو عَبْد ُاللَّهِ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنه .
5- أن يحذف جميع السند ثم يقال مثلا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... كذا .
مثاله : ما أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الرقاق في ترجمة باب ، قال : بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ".
وهذا حديث معلّق ؛ لأنه أسقط إسناده كله .
ومثاله : ما أخرجه البخاري في الرقاق أيضا في ترجمة باب ، قال : بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ".
وهذا حديث معلّق ؛ لأنه أسقط إسناده كله .
ووصله في الباب نفسه برقم (6485)، قال : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ".
وبرقم (6486) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ".
شمول الحديث المعلّق للمرفوع وغيره
لا يقتصر الوصف بالمعلّق على الحديث المرفوع فحسب ، بل يتعداه إلى الموقوف والمقطوع ، وفتاوى تبع الأتباع ـ أو قل : تابعي التابعين ـ وأقوالهم ، إذا سقط من أول إسنادهما راوٍ فأكثر على التوالي .
والحديث المرفوع هو : ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول ، أو فعل ، أو تقرير ، أو صفة .
والحديث الموقوف : هو ما أضيف إلى الصحابي قولا كان ، أو فعلا ، أو تقريرا ، متصلا أو غير متصل .
مثال الحديث الموقوف المعلّق : ما أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب التفسير ، بَاب قَوْلِهِ تعالى { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } شَعَائِرُ عَلامَاتٌ وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : الصَّفْوَانُ الْحَجَرُ . وهذا معلّق ؛ لأنه أسقط الرواة فيما بينه وبين ابن عباس رضي الله عنهما ، وابن عباس : صحابي .
ومثاله : ما أخرجه البخاري أيضا في التفسير ، بَاب قوله تعالى { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ } قال : وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ( إِصْرًا ) عَهْدًا .
والحديث المقطوع : هو ما أضيف إلى التابعي قولا كان ، أو فعلا ، سواء كان التابعي كبيرا ، أو صغيرا .
مثال المقطوع المعلّق : ما أخرجه البخاري في الصحيح : في المغازي : بَاب فِي شهود الملائكة بدرا رقم (4024) قال : وَقَالَ اللَّيْثُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الأُولَى ـ يَعْنِي مَقْتَلَ عُثْمَانَ ـ فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا ، ثُمَّ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الثَّانِيَةُ ـ يَعْنِي الْحَرَّةَ ـ فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا ، ثُمَّ وَقَعَتِ الثَّالِثَةُ فَلَمْ تَرْتَفِعْ وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ .
وهذا حديث معلّق ؛ لأنه حُذف راوٍ ، أو أكثر على التوالي من أول السند .
ومثاله : ما أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب التفسير ، بَاب وَقَوْلُهُ تَعَالَى { µَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى } قال : َقَالَ مُجَاهِدٌ الْمَنُّ صَمْغَةٌ وَالسَّلْوَى الطَّيْرُ . وهذا معلّق ؛ لأنه أسقط ما بينه وبين مجاهد ـ وهو تابعي ـ من الرواة .
ومثاله : ما أخرجه البخاري أيضا في مطلع تفسير سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ قال : وَقَالَ مُجَاهِدٌ { وَالْخَيْلُ الْمُسَوَّمَةُ } الْمُطَهَّمَةُ الْحِسَانُ . قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى : الرَّاعِيَةُ الْمُسَوَّمَةُ .
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ ( وَحَصُورًا ) لا يَأْتِي النِّسَاءَ .
وَقَالَ عِكْرِمَةُ { مِنْ فَوْرِهِم· } مِنْ غَضَبِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ { يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ } مِنَ النُّطْفَةِ تَخْرُجُ مَيِّتَةً وَيُخْرِجُ مِنْهَا الْحَيَّ . وهذه كلها كما ترى أحاديث مقطوعة ومعلّقة ؛ لكون الإمام البخاري قد أسقط أسماء الرواة فيما بينه وبين هؤلاء الأئمة من التابعين .
مثال المعلّق من أقوال تابعي التابعين : ما أخرجه البخاري في الصحيح : في كتاب صلاة التراويح ، بَاب فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، قال : قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ : مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ { مَا أَدْرَاكَ } فَقَدْ أَعْلَمَهُ وَمَا قَالَ { وَمَا يُدْرِيكَ } فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ . وهذا حديث معلّق ؛ لأنه حُذف منه جميع السند .
حكمه : الحديث المعلّق نوع من أنواع الحديث الضعيف ، لأنه فقد شرطا من شروط القبول ـ وهو إتصال السند ـ فهو مردود من أجل ذلك ، وللجهل بحال الراوي ، أو الرواة الذين لم يذكروا في الإسناد .
وهذا الحكم ـ كونه مردودا ـ هو للحديث المعلّق مطلقا . لكن إن وجد المعلّق في كتاب التزم صاحبه فيه الصحة ـ كالصحيحين ؛ فهذا له حكم خاص .
حكم الأحاديث المعلّقة في الصحيحين
إن الإمامين البخاري ومسلما لم يدخلا في كتابيهما إلا ما صحَّ ، وأن الأمّة تلقت كتابيهما بالقبول . وإن ما روياه بالإسناد المتصل فهو المحكوم بصحته . وأمّا ما حذف من مبدأ إسناده راوٍ أو أكثر ـ وهو الحديث المعلّق ـ فحكمه كما يلي :
1- ما كان منه بصيغة الجزم كـ(قال )، و( رَوَى )، و( ذَكَرَ ) فإن هذه الصيغة تعتبر حكما بصحته إلى المضاف إليه [ أي : إلى من علّقه عنه] فقط ؛ لأنه لا يستجيز أن يجزم بالحديث عنه ، ونسبته إليه إلا وقد صحَّ عنده أنه قاله .
2- وما لم يكن فيه جزم كـ ( يُرْوى ) و( يُحْكَى ) ، و (يُذْكَرُ ) ، و(رَوَى ) ، و ( ذَكّرَ) ـ وغيرها من صيغ التضعيف ، أو التمريض ـ فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه ، لأن هذه العبارات تستعمل في الحديث الصحيح ، وتستعمل في الضعيف أيضا .
مثال الصحيح ـ وقد جاء معلّقا بغير صيغة الجزم ـ قول البخاري في كتاب الصلاة : ويُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ قرأ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ في الصُّبْحَ ، حَتَّى جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ ، أَوْ ذِكْرُ عِيسَى أَخَذَتْه سَعْلَةٌ فَرَكَعَ .
وهو حديث صحيح : أخرجه الإمام مسلم في صحيحه موصولا : كتاب الصلاة ، بَاب الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ رقم (455).
ومثال الضعيف ـ وقد أورده معلّقا بغير صيغة الجزم إشارة منه إلى كونه لم يصحَّ عنده ـ قول البخاري في كتاب الصلاة : ويُذْكَرُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بالدّيْنِ قبلَ الوصيَّةِ ". وقد رواه الترمذي موصولا من طريق الحارث الأعور ، عن عليّ رضي الله عنه ، والحارث ضعيف .
وهذا الذي يورده البخاري بصيغة التمريض ليس بساقط سقوطا نهائيا ؛ لأنه أدخله في كتابه الذي وصفه بأنه صحيح ، ومع هذا فإن إيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله .
وإن أكثر الأحاديث المعلقة في صحيح البخاري جاءت متصلة في مواضع أخرى منه ، وإنما أوردها معلّقة للاختصار . وأما المعلقات التي لم ترد متصلة في صحيح البخاري في مواضع أخرى منه ـ وعددها مائة وستون حديثا ـ فقد تتبعها الحافظ ابن حجر فوجدها متصلة ، وقد أفردها وتلك التي وصلها البخاري في كتابه المسمّى " تغليق التعليق ".
أما المعلقات في صحيح الإمام مسلم فهي قليلة ، وقد بحثت وتحققت صحتُها ، وقد أوردها الحافظ أبو علي الغساني في كتابه " تقييد المهمَل وتمييز المشكِل " وقد بلغ بها أربعة عشر حديثا ، ثم تبعه الحافظ أبو عمرو بن الصلاح الشهرزوري في مطلع شرحه لصحيح مسلم ، وحقق أنها اثنا عشر حديثا فقط . ثم قال : وهي موصولة من جهات صحيحة لا سيما ما كان منها مذكورا على وجه المتابعة ، ففي نفس الكتاب وَصْلُها ، واكتفى بكون ذلك معروفا عند أهل الحديث ".
المرسل: هو ما سقط من آخر إسناده مَنْ بَعْدَ التابعي .
حكمه :
المرسل في الأصل ضعيف مردود، لفقده شرطاً من شروط المقبول وهو اتصال السند، وللجهل بحال الراوي المحذوف، لاحتمال أن يكون المحذوف غير صحابي، وفي هذه الحال يحتمل أن يكون ضعيفاً.
- لكن العلماء من المحدثين وغيرهم اختلفوا في حكم المرسل والاحتجاج به، لأن هذا النوع من الانقطاع يختلف عن أي انقطاع آخر في السند، لأن الساقط منه غالبا ما يكون صحابياً، والصحابة كلهم عدول، لا تضر عدم معرفتهم.
ومجمل أقوال العلماء في المرسل ثلاثة أقوال هي:
أ) ضعيف مردود : عند جمهور المحدثين وكثير من أصحاب الأصول والفقهاء , وحجة هؤلاء هو الجهل بحال الراوي المحذوف لاحتمال أن يكون غير صحابي .
ب) صحيح يٌحْتَجَّ به : عند الأئمة الثلاثة ـ أبو حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه ـ وطائفة من العلماء بشرط أن يكون المرسل ثقة ، ولا يرسل إلا عن ثقة .
وحجتهم أن التابعي الثقة لا يستحل أن يقول : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا إذا سمعه من ثقة .
جـ) قبوله بشروط: أي يَصِحَُ بشروط، وهذا عند الشافعي وبعض أهل العلم .
وهذه الشروط أربعة، ثلاثة في الراوي المرسِل، وواحد في الحديث المرسَل،
1) أن يكون المرسل من كبار التابعين .
2) إذا سَمَّى من أرسل عنه سَمَّى ثقة.
3) إذا شاركه الحفاظ المأمونون لم يخالفوه .
4) أن ينضم إلى هذه الشروط الثلاثة واحد مما يأتي:
(أ) أن يٌرْوَى الحديث من وجه آخر مُسْنَداً .
(ب) أو يٌرْوى من وجه آخر مرسَلاً أرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول.
(ج) أو يُوافِقَ قول صحابي .
(د) أو يُفْتِى بمقتضاه أكثر أهل العلم .
فإذا تحققت هذه الشروط تبين صحة مَخْرَج المرسَل وما عَضَدَهُ، وأنهما صحيحان، لو عارضهما صحيح من طريق واحد رجحناهما عليه بتعدد الطرق إذا تعذر الجمع بينهما.
1) المنقطع: ما لم يتصل إسنادُه، على أي وجه كان انقطاعه.
يعني أن كل إسناد انقطع من أي مكان كان ، سواء كان الانقطاع من أول الإسناد أو من آخره أو من وسطه ، فيدخل فيه ـ على هذا ـ المرسل والمعلق والمعضل ، لكن علماء المصطلح المتأخرين خصوا المنقطع بما لم تنطبق عليه صورة المرسل أو المعلق أو المعضل ، وكذلك كان استعمال المتقدمين في الغالب . ولذلك قال النووي: " وأكثر ما يستعمل في رواية مَنْ دون التابعي عن الصحابي، كمالك عن ابن عمر "
المنقطع عند المتأخرين من أهل الحديث :
هو ما لم يتصل إسناده مما لا يشمله اسم المرسل أو المعلق أو المعضل . فكأنَّ المنقطع اسم عام لكل انقطاع في السند ما عدا صوراً ثلاثاً من صور الانقطاع وهي :حذف أول الإسناد ، أو حذف آخره ، أو حذف اثنين متواليين من أي مكان كان ، وهذا هو الذي مشي عليه الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها .
ثم انه قد يكون الانقطاع في مكان واحد من الإسناد، وقد يكون في أكثر من مكان واحد، كأن يكون الانقطاع في مكانين أو ثلاثة مثلاً.
حكمه :
المنقطع ضعيف بالاتفاق بين العلماء ، وذلك للجهل بحال الراوي المحذوف .
2) المعضل: ما سقط من إسناده اثنان فأكثر على التوالي.
حكمه:
المعضل حديث ضعيف ، وهو أسوأ حالا من المرسل والمنقطع، لكثرة المحذوفين من الإسناد ، وهذا الحكم على المعضل بالاتفاق بين العلماء .
اجتماعه مع بعض صور المعلقَّ :
أن بين المعضل وبين المعلق عموماً وخصوصاً من وجه .
أ) فيجتمع المعضل مع المعلق في صورة واحدة وهي : إذا حُذف من مبدأ إسناده راويان متواليان . فهو معضل ومعلق في آن واحد .
ب) ويفارقه في صورتين :
1- إذا حُذف من وسط الإسناد راويان متواليان ، فهو معضل وليس بمعلق .
2- إذا حذف من مبدأ الإسناد راو فقط ، فهو معلق وليس بمعضل .
من مظان المعضل :
قال السيوطي: من مظان المعضل والمنقطع والمرسل :
أ) كتاب السنن لسعيد بن منصور .
ب) مؤلفات ابن أبي الدنيا .
3) مرسَل الصحابي:
هو ما أخبر به الصحابي عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله ، ولم يسمعه أو يشاهده، إما لصغر سنه أو تأخر إسلامه أو غيابه ، ومن هذا النوع أحاديث كثيرة لصغار الصحابة كابن عباس وابن الزبير وغيرهما .
حكم مرسَل الصحابي :
الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور : أنه صحيح محتج به ، لأن رواية الصحابة عن التابعين نادرة ، وإذا رووا عنهم بينوها ، فإذا لم يبينوا ، وقالوا : قال رسول الله ، فالأصل أنهم سمعوها من صحابي آخر ، وحذف الصحابي لا يضر ، كما تقدم .
وقل إن مرسل الصحابي كمرسل غيره في الحكم، وهذا القول ضعيف مردود.
أشهر المصنفات فيه :
أ) المراسيل لأبي داود .
ب) المراسيل لابن أبي حاتم .
ج) جامع التحصيل لأحكام المراسيل للعلائي
-------------------------------------------------------------------------
الثاني: السقط الخفي: وهذا لا يدركه إلا الأئمة الحَذّاق المطلعون على طرق الحديث وعلل الأسانيد. وله تسميتان وهما :
الأول: المدلس:
أ) إخفاء عيب في الإسناد. وتحسين لظاهره.
أقسام التدليس:
للتدليس قسمان رئيسيان هما: 1) تدليس الإسناد، 2) تدليس الشيوخ.
أولاً: تدليس الإسناد:
وهو: أن يَرْوِيَ الراوي عمن قد سمع منه ما لم يسمع منه من غير أن يذكر سمعه منه .
أن تدليس الإسناد أن يروي الراوي عن شيخ قد سَمِعَ منه بعض الأحاديث، لكن هذا الحديث الذي دلسه لم يسمعه منه ، وإنما سمعه من شيخ آخر عنه ، فيٌسْقِطٌ ذلك الشيخَ ويرويه عنه بلفظ محتمل للسماع وغيره ، كـ " قال " أو " عن " ليوهم غيره أنه سمعه منه ، لكن لا يصرح بأنه سمع منه هذا الحديث فلا يقول : " سمعت " أو " حدثني " حتى لا يصير كذاباً بذلك ، ثم قد يكون الذي أسقطه واحداً أو أكثر .
تدليس التسوية:
هذا النوع من التدليس هو في الحقيقة نوع من أنواع تدليس الإسناد .
أ) تعريفه: هو رواية الراوي عن شيخه ، ثم إسقاط راو ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر ، وصورة ذلك أن يروي الراوي حديثاًَ عن شيخ ثقة، وذلك الثقة يرويه عن ضعيف عن ثقة، ويكون الثقتان قد لقي أحدهما الآخر، فيأتي المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول ، فيُسْقِط الضعيف الذي في السند ، ويجعل الإسناد عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيُسَوْي الإسناد كله ثقات.
- وهذا النوع من التدليس شر أنواع التدليس، لأن الثقة الأول قد لا يكون معروفاً بالتدليس، ويجده الواقف على السند كذلك بعد التسوية قد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة, وفيه غرور شديد.
ثانياً: تدليس الشيوخ:
تعريفه: هو أن يَرْوي الراوي عن شيخ حديثاً سمعه منه، فيُسَمِّيهُ أو يَكْنَيِهُ أو يَنْسِبَهُ أو يَصِفهٌ بما لا يُعْرَفُ به كي لا يُعْرَفُ .
حكم التدليس :
أ) تدليس الإسناد: فمكروه جداً. ذمة أكثر العلماء وكان شعبة من أشدهم ذماً له فقال فيه أقوالا منها: "التدليس أخو الكذب ".
ب) تدليس التسوية : فهو أشد كراهة منه ، حتى قال العراقي :" أنه قادح فيمن تَعَمَّدَ فعله "
ج) تدليس الشيوخ : فكراهته أخف من تدليس الإسناد لأن المدلس لم يٌسقط أحداً ، وإنما الكراهة بسبب تضييع المروي عنه ، وتوعير طريق معرفته على السامع وتختلف الحال في كراهته بحسب الغرض الحامل عليه .
- · حكم رواية المدلِّس :
اختلف العلماء في قبول رواية المدلَّس على أقوال، أشهرها قولان.
أ) رد رواية المدلس مطلقا وإن بين السماع، لأن التدليس نفسه جرح. ( وهذا غير معتمد
ب) التفصيل: ( وهو الصحيح ).
1- إن صرح بالسماع قبلت روايته ، أي إن قال " سمعت" أو نحوها قبل حديثه .
2- وان لم يصرح بالسماع لم تقبل روايته، أي إن قال " عن " ونحوها لم يقبل حديثه.
- · يعرف التدليس بأحد أمرين :
أ) إخبار المدلس نفسه إذا سئل مثلا ، كما جرى لابن عيينة .
ب) نَصُّ إمام من أئمة هذا الشأن بناء على معرفته ذلك من البحث والتتبع .
أشهر المصنفات في التدليس والمدلسين :
هناك مصنفات في التدليس والمدلسين كثيرة أشهرها :
أ) ثلاثة مصنفات للخطيب البغدادي ، واحدا في أسماء المدلسين ، واسمه التبيين لأسماء المدلسين والآخران أفرد كلا ً منهما لبيان نوع من أنواع التدليس.
ب) التبيين لأسماء المدلسين : لبرهان الدين بن الحلبي.
ت) تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس للحافظ ابن حجر.
الثاني: المرسل الخفي : أن يَرْوِيَ عمن لقيه أو عاصره ما لم يسمع منه بلفظ يحتمل السماع وغيره كـ"قال"
- · يُعرف الإرسال الخفي بأحد أمور ثلاثة وهي :
أ) نَصُّ بعض الأئمة على أن هذا الراوي لم يلق من حدث عنه أو لم يسمع منه مطلقاً.
ب) إخباره عن نفسه بأنه لم يلق من حدث عنه أو لم يسمع منه شيئاً.
ت) مجيء الحديث من وجه آخر فيه زيادة شخص بين هذا الراوي وبين من روي عنه. وهذا الأمر الثالث فيه خلاف للعلماء، لأنه قد يكون من نوع " المزيد في متصل الأسانيد".
حكمه:
هو ضعيف ، لأنه من نوع المنقطع ، فإذا ظهر انقطاعه فحكمه حكم المنقطع .
- · أشهر المصنفات فيه : كتاب التفصيل لمبهم المراسيل للخطيب البغدادي .
القسم الثاني: المردود بسبب طعن في الراوي
1- الضعيف
2- الموضوع
3- المتروك
4- المنكر
5- المعلّ
6- المدرج
|
7- المقلوب
8- المضطرب
9- المصحف
10- المحرف
11- الشاذ
|
المردود بسبب طعن في الراوي:
المراد بالطعن في الراوي جرحه باللسان، والتكلم فيه من ناحية عدالته ودينه ومن ناحية ضبطه وحفظه وتيقظه.
أسباب الطعن في الراوي :
أسباب الطعن في الراوي عشرة أشياء، خمسة منها تتعلق بالعدالة، وخمسة منها تتعلق بالضبط.
أ) ما يتعلق بالطعن في العدالة فهي:
1- الكذب.
2- التهمة بالكذب .
3- الفسق.
4- البدعة.
5- الجهالة.
ب ) ما يتعلق بالطعن في الضبط فهي:
1- فٌحْشٌ الغلط .
2- سوء الحفظ .
3- الغفلة.
4- كثرة الأوهام.
5- مخالفة الثقات .
الموضوع
إذا كان سبب الطعن في الراوي هو الكذب على رسول الله r فحديثه يسمي الموضوع.
تعريفه:
هو الكذب المٌخْتَلَق المصنوع المنسوب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم.
رتبته :
هو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها . وبعض العلماء يعتبره قسماً مستقلا وليس نوعاً من أنواع الأحاديث الضعيفة.
حكم روايته :
أجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد عَلِمَ حالَهٌ في أي معنى كان ، إلا مع بيان وضعه، لحديث مسلم: (( مَنْ حَدَّثَ عني بحديث يُرَى أنه كَذِبُ فهو أحد الكاذبين ))
- يعرف الحديث الموضوع بأمور منها :
1- إقرار الواضع بالوضع : كإقرار أبي عِصْمَة نوحِ بن أبي مريم بأنه وضع حديث فضائل سور القرآن سورة سورة عن ابن عباس .
2- ما يَتَنَزَّلُ منزلة إقراره : كأَنْ يُحَدِّثَ عن شيخ ، فَيُسْألَ عن مولده ، فيذكرَ تاريخا تكون وفاةُ ذلك الشيخ قبلَ مولده هو ، ولا يُعْرَف ذلك الحديث إلا عنده .
3- قرينة في الراوي:مثل أن يكون الراوي رافضياً والحديث في فضائل أهل البيت.
4- قرينة في المَرْوِي: مثل كون الحديث ركيك اللفظ، أو مخالفاً للحس أو صريح القرآن.
- أسباب الوضع وأصناف الوضاعين :
1) التقرب إلى الله تعالى : بوضع أحاديث للترغيب في عبادة وطاعة لله تعالى والترهيب من المعاصي والذنوب.
2) الانتصار للمذهب : لا سيما مذاهب الفرق السياسية بعد ظهور الفتنة وظهور الفرق السياسية كالخوارج والشيعة ، فقد وضعت كل فرقة من الأحاديث ما يؤيد مذهبها ، كحديث " علىُّ خير البشر ، من شكَّ فيه كفر "
3) الطعن في الإسلام : وهؤلاء قوم من الزنادقة لم يستطيعوا أن يَكيدوا للإسلام جهاراً ، فعمدوا إلى هذا الطريق الخبيث ، فوضعوا جملة من الأحاديث بقصد تشويه الإسلام والطعن فيه.
4) التملق إلى الحكام : أي تقرب بعض ضعفاء الإيمان إلى بعض الحكام بوضع أحاديث تناسب ما عليه الحكام من الانحراف ، مثل قصة غياث بن إبراهيم النَّخَعي الكوفي مع أمير المؤمنين المهدي ، حين دخل عليه وهو يلعب بالحَمَام ، فساق بسنده على التوّ ِإلى النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : " لا سَبَق إلا في نَصْل أو خُفٍ أو حافر أو جَنَاح " فزاد كلمة " أو جَنَاح " لأجل المهدي ، فعرف المهدي ذلك، فأمر بذبح الحَمَام، وقال : أنا حملته على ذلك.
5) ب وطلب الرزق : كبعض القُصَّاص الذين يتكسبون بالتحدث إلى الناس ، فيوردون بعض القصص المسلية والعجيبة حتى يستمع إليهم الناس ويعطوهم ، كأبي سعيد المدائني .
6) قصد الشهرة : وذلك بإيراد الأحاديث الغريبة التي لا توجد عند أحد من شيوخ الحديث، فيقبلون سند الحديث ليُستَغربَ ، فيرغب في سماعه منهم ، كابن أبي دحية وحماد النَّصِيبي "
أشهر المصنفات فيه :
أ) كتاب الموضوعات : لابن الجوزي .
ب) اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة : للسيوطي
ج) تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة : لابن عراق الكناني .
المتروك
إذا كان سبب الطعن في الراوي هو التهمة بالكذب ـ وهو السبب الثاني ـ سمي حديثه المتروك .
تعريفه:
هو الحديث الذي في إسناده راو متهم بالكذب .
أسباب اتهام الراوي بالكذب أحد أمرين وهما:
1) أن لا يُروي ذلك الحديث إلا من جهته ، ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة
2) أن يُعْرَف بالكذب في كلامه العادي ، لكن لم يظهر منه الكذب في الحديث النبوي .
مثاله:
حديث عمرو بن شَمِر الجُعْفي الكوفي الشيعي ،عن جابر عن أبي الطفيل عن علي وعمار قالا : كان النبي صلي الله عليه وسلم يقنت في الفجر ، ويكبر يوم عرفة من صلاة الغَداة ، ويقطع صلاة العصر آخر أيام التشريق "
وقد قال النسائي والدارقطني وغيرهما عن عمرو بن شَمِر : " متروك الحديث .
رتبته :
أن شر الضعيف الموضوع، ويليه المتروك، ثم المنكر ثم المعلل، ثم المدرج، ثم المقلوب، ثم المضطرب، كذا رتبه الحافظ ابن حجر.
المنكر
إذا كان سب الطعن في الراوي فحش الغلط أو كثرة الغفلة أو الفسق ـ وهو السبب الثالث والرابع والخامس ـ فحديثه يسمي المنكر .
تعريفه:
عرف علماء الحديث المنكر بتعريفات متعددة أشهرها تعريفان وهما:
1- هو الحديث الذي في إسناده راو فَحُشَ غلطُه أو كثرت غفلته أو ظهر فسقه .
وهذا التعريف ذكره الحافظ ابن حجر ونسبه لغيره .
2-هو ما رواه الضعيف مخالفاً لما رواه الثقة.
وهذا التعريف هو الذي ذكره الحافظ ابن حجر واعتمده ، وفيه زيادة على التعريف الأول وهي قيد مخالفة الضعيف لما رواه الثقة .
الفرق بينه وبين الشاذ :
أ) أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أولى منه.
ب) أن المنكر ما رواه الضعيف مخالفاً للثقة.
مثاله:
مثال للتعريف الأول: ما رواه النسائي وابن ماجة من رواية أبي زُكَيْر يحيي بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً " كلوا البَلَح بالتمر فان ابن آدم إذا أكله غضب الشيطان "
قال النسائي : " هذا حديث منكر ، تفرد به أبو زٌكَيْر وهو شيخ صالح ، أخرجه له مسلم في المتابعات ، غير أنه لم يبلغ مبلغ من يُحْتَمَل تَفَرُّدُهُ "
مثال للتعريف الثاني : ما رواه ابن أبي حاتم من طريق حُبيب بن حَبِيب الزيات عن أبي اسحق عن العيزار بن حُرَيْث عن ابن عباس عن النبي r قال : " من أقام الصلاة وآتي الزكاة وحج البيت وصام وقَرَى الضيف دخل الجنة " .
قال أبو حاتم : " هو منكر لأن غيره من الثقات رواه عن أبي اسحق موقوفاً ، وهو المعروف"
رتبته :
يتبين من تعريفي المنكر المذكورين آنفاً أن المنكر من أنواع الضعيف جداً لأنه إما راويه ضعيف موصوف بفحش الغلط أو كثرة الغفلة أو الفسق ، وإما راويه ضعيف مخالف في روايته تلك لرواية الثقة ، وكلا القسمين فيه ضعف شديد ، لذلك مر بنا في بحث " المتروك " أن المنكر يأتي في شدة الضعف بعد مرتبة المتروك .
المعلّ
إذا كان سبب الطعن في الراوي هو " الوهم " فحديثه يسمي المعلل وهو السبب السادس .
تعريفه:
هو الحديث الذي اُطُّلِعَ فيه على علة تقدح في صحته مع أن الظاهر السلامة منها.
تعريف العلة: هي سبب غامض خفي قادح في صحة الحديث . فيؤخذ من تعريف العلة هذا أن العلة عند علماء الحديث لا بد أن يتحقق فيها شرطان وهما.
أ) الغموض والخفاء.
ب) والقدح في صحة الحديث .
فان اختل واحد منهماـ كأن تكون العلة ظاهرة أو غير قادحةـ فلا تسمى عندئذ علة اصطلاحاً.
- · قد تطلق العلة على غير معناها الاصطلاحي:
قد يطلقون العلة أحياناً على أي طعن موجه للحديث وان لم يكن هذا الطعن خفياً أو قادحاً:
أ) فمن النوع الأول: التعليل بكذب الراوي، أو غفلته، أو سوء حفظه، أو نحو ذلك. حتى لقد سمي الترمذي النسخ علة .
ب) ومن النوع الثاني: التعليل بمخالفة لا تقدح في صحة الحديث، كإرسال ما وصله الثقة، وبناء على ذلك قال بعضهم: من الحديث الصحيح ما هو صحيح معلل.
- · جلالته ودقته ومن يتمكن منه :
معرفة علل الحديث من أجلَّ علوم الحديث وأدقها ، لأنه يحتاج إلى كشف العلل الغامضة الخفية التي لا تظهر إلا للجهابذة في علوم الحديث ، وإنما يتمكن منه ويقوي على معرفته أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب ، ولهذا لم يَخُضْ غماره إلا القليل من الأئمة كابن المديني وأحمد والبخاري وأبي حاتم والدارقطني
- يتطرق التعليل إلى الإسناد الجامع شروط الصحة ظاهراً، لأن الحديث الضعيف لا يحتاج إلى البحث عن علله إذ أنه مردود لا يعمل به .
- يُستعان على إدراك العلة بأمور منها :
أ) تفرُّد الراوي .
ب) مخالفة غيره له .
ت) قرائن أخرى تنضم إلى ما تقدم في الفقرتين ( أ ، ب ) .
هذه الأمور تنبه المعارف بهذا الفن على وهم وقع من راوي الحديث ، إما بكشف إرسال في حديث رواه موصولاً أو وقف في حديث رواه مرفوعاً أو إدخاله حديثاً في حديث أو غير ذلك من الأوهام ، بحيث يغلب على ظنه ذلك فيحكم بعدم صحة الحديث.
- · الطريق إلى معرفة المُعَلَّل :
هو جمع طرق الحديث، والنظر في اختلاف رواته، والموازنة بين ضبطهم وإتقانهم، ثم الحكم على الرواية المعلولة.
مواقع العلة:
أ) تقع في الإسناد ـ وهو الأكثر ـ كالتعليل بالوقف والإرسال.
ب) وتقع في المتن ـ وهو الأقل ـ مثل حديث نفي قراءة البسملة في الصلاة.
هل العلة في الإسناد تقدح في المتن ؟
أ) قد تقدح في المتن مع قدحها في الإسناد ، وذلك مثل التعليل بالإرسال.
ب) وقد تقدح في الإسناد خاصة ، ويكون المتن صحيحاً مثل حديث يَعْلَي بن عُبَيْد، عن الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً " الَبَيِّعَان بالخِيار " فقد وهم يَعْلَي على سفيان الثوري في قوله " عمرو بن دينار " إنما هو عبدالله بن دينار ، فهذا المتن صحيح ، وان كان في الإسناد علة الغَلَط ، لأن كُلّاً من عمرو وعبد الله بن دينار ثقة . فإبدال ثقة بثقة لا يضر صحة المتن ، وان كان سياق الإسناد خطأ .
أشهر المصنفات فيه :
أ) كتاب العلل لابن المديني .
ب) علل الحديث لابن أبي حاتم .
ج) العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل .
د) العلل الكبير، والعلل الصغير، للترمذي .
هـ) العلل الواردة في الأحاديث النبوية للدارقطني ، وهو أجمعها وأوسعها .
الشاذ
فالشاذ هو الحديث الذي يرويه ثقة يخالف به الثقات نقصاً أو زيادة في الألفاظ أو المعاني .
يأتي تفصيله في موضعه .
المخالفة للِثقات
إذا كان سبب الطعن في الراوي مخالفته للثقات ، فينتج عن مخالفته للثقات خمسة أنواع من علوم الحديث ، وهي : " المُدْرَج ، والمَقْلوب ، والمَزِيْد في متصل الأسانيد والمُضطَّرِب والمُصَحَّف "
1- فان كانت المخالفة بتغيير سياق الإسناد أو بدمج موقوف بمرفوع فيسمي " المٌدْرَج ".
2- وان كانت المخالفة بتقديم أو تأخير فيسمي " المقلوب ".
3- وان كانت المخالفة بزيادة راوٍ فيسمي " المزيد في متصل الأسانيد "
4- وان كانت المخالفة بإبدال راو براو أو بحصول التدافع في المتن ولا مُرَجِّح فيسمي "المٌضْطَّرب "
5- وان كانت المخالفة بتغيير اللفظ مع بقاء السياق فيسمي " المٌصَحَّف " [1]
وإليك تفصيل البحث فيها على التوالي
المٌدْرَج
1- تعريفه:
أ) لغة : اسم مفعول من " أدرجت " الشيء في الشيء ، إذا أدخلته فيه وضمنته إياه
ب) اصطلاحاً: ما غير سياق إسناده، أو أدخل في متنه ما ليس منه بلا فصل.
2- أقسامه:
المدرج قسمان، مٌدْرَج الإسناد، ومٌدْرَج المتن.
أ) مدرج الإسناد.
1- تعريفه:هو ما غير سياق إسناده.
2- من صوره : أن يسوق الراوي الإسناد ، فيعرض له عارض ، فيقول كلاماً من قبل نفسه، فيظن بعض من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد ، فيرويه عنه كذلك.
3- مثاله : قصة ثابت بن موسى الزاهد في روايته : " من كثرت صلاته بالليل حَسُنَ وجهه بالنهار " وأصل القصة أن ثابت بن موسى دخل على شريك بن عبدالله القاضي وهو يُمْلِي ويقول : " حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " وسكت ليكتب المُسْتَمْلِي، فلما نظر إلى ثابت قال : " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " وقصد بذلك ثابتاً لزهده وورعه، فظن ثابت أنه متن ذلك الإسناد ، فكان يحدث به .
ب) مدرج المتن :
1- تعريفه: ما أُدْخِلَ في متنه ما ليس منه بلا فَصْل.
2- أقسامه: ثلاثة وهي:
أ) أن يكون الإدراج في أول الحديث، وهو القليل، لكنه أكثر من وقوعه في وسطه
ب) أن يكون الإدراج في وسط الحديث، وهو أقل من الأول.
ت) أن يكون الإدراج في آخر الحديث ، وهو الغالب .
3- أمثلة له :
أ) مثال لوقوع الإدراج في أول الحديث : وسببه أن الراوي يقول كلاماً يريد أن يستدل عليه بالحديث فيأتي به بلا فصل ، فيتوهم السامع أن الكل حديث ، مثل " ما رواه الخطيب من رواية أبي قَطَن وشَبَابَةَ ـ فَرَّقَهُما ـ عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " أَسْبِغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار " فقوله :"أسبغوا الوضوء " مُدْرَج من كلام أبي هريرة كما بُيِّنَ في رواية البخاري عن آدم عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال : " أسبغوا الوضوء ، فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال : " ويل للأعقاب من النار " .
قال الخطيب : " وهم أبو قَطَنٍ وشَبَابَةٌ في روايتهما له عن شعبة على ما سقناه ، وقد رواه الجَمٌّ الغَفير عنه كرواية آدم "
ت) مثال لوقوع الإدراج في وسط الحديث : حديث عائشة في بدء الوحي : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يَتَحَنَّثُ في غار حراء ـ وهو التَعَبُّدُ ـ الليالي ذوات العدد "فقوله : " وهو التعبد " مدرج من كلام الزهري .
ث) مثال لوقوع الإدراج في آخر الحديث : حديث أبي هريرة مرفوعاً " للعبد المملوك أجران ، والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبِرُّ أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك "
فقوله : " والذي نفسي بيده .... الخ " من كلام أبي هريرة، لأنه يستحيل أن يصدر ذلك منه صلى الله عليه وسلم. لأنه لا يمكن أن يتمني الرَّقَّ، ولأن أمه لم تكن موجودة حتى يَبَرَّها.
3- دواعي الإدراج:
دواعي الإدراج متعددة أشهرها ما يلي:
أ) بيان حكم شرعي .
ب) استنباط حكم شرعي من الحديث قبل أن يتم الحديث.
ت) شرح لفظ غريب في الحديث .
4- كيف يُدْرَك الإدراج ؟
يُدَرك الإدراج بأمور منها .
أ) وروده منفصلا في رواية أخري .
ب) التنصيص عليه من بعض الأئمة المطلعين .
ت) إقرار الراوي نفسه أنه أدرج هذا الكلام .
ث) استحالة كونه صلي الله عليه وسلم ذلك.
5- حكم الإدراج :
الإدراج حزام بإجماع العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم ، ويستثني من ذلك ما كان لتفسير غريب ، فانه غير ممنوع ، ولذلك فعله الزهري وغيره من الأئمة .
6- أشهر المصنفات فيه :
أ) " الفَصْلُ للوَصْل المُدْرَج في النََّقْل " للخطيب البغدادي.
ب) " تقريب المَنْهَج بترتيب المُدْرَج " لابن حجر، وهو تلخيص لكتاب الخطيب وزيادة عليه .
المَقلوب
1- تعريفه:
أ) لغة: هو اسم مفعول من " القَلْب " وهو تحويل الشيء عن وجهه
ب) اصطلاحاً: إبدال لفظ بآخر في سند الحديث أو متنه، بتقديم أو تأخير ونحوه.
2- أقسامه:
ينقسم المقلوب إلى قسمين رئيسيين هما:
مقلوب السند، ومقلوب المتن.
أ) مقلوب السند : وهو ما وقع الإبدال في سنده ، وله صورتان .
1- أن يُقَدَّم الراوي ويؤخر في اسم أحد الرواة واسم أبيه ، كحديث مروي عن " كعب بن مُرَّة " فيرويه الراوي عن " مُرَّة بن كعب " .
2- أن يُبْدِل الراوي شخصاً بآخر بقصد الإغراب : كحديث مشهور عن " سالم " فيجعله الراوي عن " نافع "
وممن كان يفعل ذلك من الرواة " حماد بن عمرو النصيبي " وهذا مثاله : حديث رواه حماد النصيبي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدءوهم بالسلام " فهذا حديث مقلوب ، قلبه حماد ، فجعله عن الأعمش ، وإنما هو معروف عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة . هكذا أخرجه مسلم في صحيحه.
وهذا النوع من القلب هو الذي يُطْلَق على راويه أنه يسرق الحديث .
ب) مقلوب المتن: وهو ما وقع الإبدال في متنه، وله صورتان أيضاً.
1- أن يُقَدَّم الراوي ويؤخر في بعض متن الحديث
ومثاله : حديث أبي هريرة عند مسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ففيه " ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله " فهذا مما انقلب على بعض الرواة وإنما هو : " حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ".
2- أن يَجعل الراوي متن هذا الحديث على إسناد آخر، ويجعل إسناده لمتن آخر، وذلك بقصد الامتحان وغيره.
مثاله : ما فعل أهل بغداد مع الإمام البخاري ، إذ قلبوا له مائة حديث ، وسألوه عنها امتحاناً لحفظه ، فرَدَّها على ما كانت عليه قبل القلب ، ولم يخطئ في واحد منها
3- الأسباب الحاملة على القَلْب :
تختلف الأسباب التي تحمل بعض الرواة على القلب، وهذه الأسباب هي:
أ) قصد الإغراب ليرغب الناس في رواية حديثه والأخذ عنه .
ب) قصد الامتحان والتأكد من حفظ المحدث وتمام ضبطه .
ج) الوقوع في الخطأ والغلط من غير قصد .
4- حكم القلب :
أ) إن كان القلب بقصد الإغراب فلا شك في أنه لا يجوز لأن فيه تغييراً للحديث ، وهذا من عمل الوضاعين .
ب) وإن كان بقصد الامتحان، فهو جائز للتثبت من حفظ المحدث وأهليته، وهذا بشرط أن يُبَيَّنَ الصحيح قبل انفضاض المجلس.
ج) وان كان عن خطأ وسهو ، فلا شك أن فاعله معذور في خطئه ، لكن إذا كثر ذلك منه فانه يُخِلُّ بضبطه ، ويجعله ضعيفاً .
أما الحديث المقلوب فهو من أنواع الضعيف المردود كما هو معلوم.
5- أشهر المصنفات فيه :
أ) كتاب "رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والألقاب " للخطيب البغدادي، والظاهر من اسم الكتاب أنه خاص بقسم المقلوب الواقع في السند فقط.
المضطرب
1- تعريفه: اصطلاحاً: ما رُوِيَ على أَوْجٌهٍ مختلفة متساوية في القوة.
2- شرح التعريف :
أي هو الحديث الذي يُرْوَي على أشكال متعارضة متدافعة، بحيث لا يمكن التوفيق بينها أبداً، وتكون جميع تلك الروايات متساوية في القوة من جميع الوجوه، بحيث لا يمكن ترجيح أحدهما على الأخرى بوجه من وجوه الترجيح.
3- شروط تحقق الاضطراب:
يتبين من النظر في تعريف المضطرب وشرحه أنه لا يسمي الحديث مضطرباً إلا إذا تحقق فيه شرطان وهما:
أ) اختلاف روايات الحديث بحيث لا يمكن الجمع بينهما.
ب) تساوي الروايات في القوة بحيث لا يمكن ترجيح رواية على أخري .
أما إذا ترجحت إحدى الروايات على الأخرى، أو أمكن الجمع بينها بشكل مقبول فان صفة الاضطراب. تزول عن الحديث، ونعمل بالرواية الراجحة في حالة الترجيح ، أو نعمل بجميع الروايات في حالة إمكان الجمع بينها .
4- أقسامه:
ينقسم المضطرب بحسب موقع الاضطراب فيه إلى قسمين مضطرب السند ومضطرب المتن، ووقوع الاضطراب في السند أكثر .
أ) مضطرب السند : ومثاله : حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله أَرَاكَ شِبْتَ ، قال " شَيَّبَتْني هٌوْدٌ وأخواتها "
قال الدارقطني : " هذا مضطرب ،فانه لم يُرْوَ إلا من طريق أبي اسحق ، وقد أُخْتُلِِفَ عليه فيه على نحو عشرة أوجه ، فمنهم من رواه مرسَلا ، ومنهم من رواه موصولاً ، ومنهم من جعله من مسند أبي بكر ، ومنهم من جعله من مسند سعد ، ومنهم من جعله من مسند عائشة، وغير ذلك ، ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض والجمع متعذر .
ب) مضطرب المتن : ومثاله : ما رواه الترمذي عن شَرِيك عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت : " سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الزكاة فقال : إن في المال لَحَقا سِوَي الزكاة " ورواه ابن ماجة من هذا الوجه بلفظ " ليس في المال حق سوي الزكاة " قال العراقي " فهذا اضطراب لا يحتمل التأويل " .
5- مِمَّن يقع الاضطراب ؟
أ) قد يقع الاضطراب من راو واحد، بأن يَرْوِي الحديث على أوجه مختلفة.
ب) وقد يقع الاضطراب من جماعة، بأن يَرْوِي كل منهم الحديث على وجه يخالف راوية الآخرين.
6- سبب ضعف المضطرب :
وسبب ضعف المضطرب أن الاضطراب يُشْعِر بعدم ضبط رواته .
7_ أشهر المصنفات فيه :
كتاب " المُقْتَرِب في بيان المضطرب " للحافظ ابن حجر .
المصحف
1- تعريفه:
اصطلاحاً : تغيير الكلمة في الحديث إلى غير ما رواها الثقات لفظاً أو معني .
2- أهميته ودقته :
هو فن جليل دقيق ، وتَكْمُنُ أهميته في كشف الأخطاء التي وقع فيها بعض الرواة ، وإنما ينهض بأعباء هذه المهمة الحُذَّاق من الحفاظ كالدارقطني .
3_ تقسيماته:
قسم العلماء المُصَحف إلى ثلاثة تقسيمات ، كل تقسيم باعتبار ، وإليك هذه التقسيمات:
أ) باعتبار مَوْقِعِهِ: ينقسم المُصَحَّف باعتبار موقعه إلى قسمين وهما:
1- تصحيف في الإسناد: ومثاله : حديث شعبة عن " العَوَّام ابن مُرَاجِم " صحفهُ ابن مَعِين فقال : عن " العَوَّام بن مُزاحم " .
2- تصحيف في المتن: ومثاله حديث زيد بن ثابت أن النبي صلي لله عليه وسلم " احْتَجَزَ في المسجد.... " صَحَّفَهُ ابن لهيعة فقال : " احْتَجَمَ في المسجد ..."
ب) باعتبار مَنْشَئه : وينقسم باعتبار منشئه إلى قسمين أيضا وهما :
1- تصحيف بَصَر : ( هو الأكثر ) أي يشتبه الخَطَّ على بَصَر القارئ إما لرداءة الخط أو عدم نَقْطِهِ . ومثاله : " من صام رمضان وأتبعه سِتَّاً من شوال .." صَحِّفَهُ أبو بكر الصٌّوْلي فقال : " من صام رمضان وأتبعه شيئا من شوال ... " فصَحَّف " ستاً" إلى " شيئاً "
2- تصحيف السمع : أي تصحيف منشؤه رداءة السمع أو بُعْدُ السامع أو نحو ذلك ، فتشتبه عليه بعض الكلمات لكونها على وزن صَرْفي واحد .ومثاله : حديث مروي عن " عاصم الأحول " صحفه بعضهم فقال : عن " واصل الأحدب " .
جـ) باعتبار لفظه أو معناه: وينقسم باعتبار لفظه أو معناه إلى قسمين وهما:
1- تصحيف في اللفظ: " وهو الأكثر " وذلك كالأمثلة السابقة.
2- تصحيف في المعني: أي أن يُبْقِيِ الراوي المُصَحِّف اللفظ على حاله، لكن يفسره تفسيراً يدل على أنه فهم معناه فهماً غير مراد.
ومثاله : قول أبي موسى العَنَزي : " نحن قوم لنا شرف نحن من عَنَزَه ، صَلَّي إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد بذلك حديث " أن النبي صلي الله عليه وسلم صلي إلى عَنَزَه " فتوهم أنه صلي إلى قبيلتهم ، وإنما العَنَزَةٌ هنا الحرْبَةُ تُنْصَبُ بين يدي المصلي.
4- تقسيم الحافظ ابن حجر :
هذا وقد قسم الحافظ ابن حجر التصحيف تقسيما آخر، فجعله قسمين وهما:
أ) المُصَحَّف: وهو ما كان التغيير فيه بالنسبة إلى نَقْط الحروف مع بقاء صورة الخَط.
ب) المُحَرَّف: وهو ما كان التغيير فيه بالنسبة إلى شَكْل الحروف مع بقاء صورة الخط.
7 - أشهر المصنفات فيه :
أ) التصحيف للدارقطني .
ب) إصلاح خطأ المحدثين للخطابي .
ج) تصحيفات المحدثين، لأبي أحمد العسكري.
الضعيف
1- تعريفه:
اصطلاحاً: هو ما لم يجمع صفة الحسن، بفقد شرط من شروطه.
2- تفاوته: ويتفاوت ضعفه بحسب شدة ضعف رواته وخفته كما يتفاوت الصحيح ، فمنه الضعيف، ومنه الضعيف جدا ومنه الواهي ، ومنه المنكر ، وشر أنواعه الموضوع .
حكم العمل به :
اختلف العلماء في العمل بالحديث الضعيف، والذي عليه جمهور العلماء أنه يستحب العمل به في فضائل الأعمال لكن بشروط ثلاثة، أوضحها الحافظ ابن حجر وهي:
أ) أن يكون الضعف غير شديد .
ب) أن يندرج الحديث تحت أصل معمول به.
ت) أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط.
7- أشهر المصنفات التي هي مَظِنَّة الضعيف :
أ) الكتب التي صٌنِّفَتْ في بيان الضعفاء : ككتاب الضعفاء لابن حبان ، وكتاب ميزان الاعتدال للذهبي ، فأنهم يذكرون أمثلة للأحاديث التي صارت ضعيفة بسبب رواية أولئك الضعفاء لها .
ب) الكتب التي صٌنِّفت في أنواع من الضعيف خاصة : مثل كتب المراسيل والعلل والمٌدْرَج، غيرها ككتاب المراسيل لأبي داود ، وكتاب العلل للدارقطني .
المَزِيد في مٌتَّصِل الأسانيد
1- تعريفه:
أ) لغة: المزيد اسم مفعول من " الزيادة ". والمتصل ضد المنقطع ، والأسانيد جمع إسناد .
ب) اصطلاحاً : زيادة راوٍ في أثناء سند ظاهره الاتصال .
2- مثاله:
ما روي ابن المبارك قال : حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن يزيد ، حدثني بُسْر بن عُبيد الله، قال سمعت أبا إدريس قال سمعت واثلة يقول سمعت أبا مَرْثد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تجلسوا على القبور ولا تُصَلُّوا إليها "
3- الزيادة في هذا المثال :
الزيادة في هذا المثال في موضعين ، الموضع الأول في لفظ " سفيان " والموضع الثاني في لفظ " أبا إدريس " وسبب الزيادة في الموضعين هو الوهم .
ب) أما زيادة " سفيان " فوهم ممن دون ابن المبارك ، لأن عدداً من الثقات رووا الحديث عن ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد ، ومنهم من صرح فيه بالإخْبار.
ت) وأما الزيادة " أبا إدريس " فوهم من ابن المبارك ، لأن عدداً من الثقات رووا الحديث عن عبد الرحمن بن يزيد فلم يذكروا أبا إدريس، ومنهم من صرح بسماع بُسْر من واثلة.
4- شروط رد الزيادة:
يشترط لِرَدَّ الزيادة واعتبارها وهماً ممن زادها شرطان وهما:
أ) أن يكون من لم يزدها أتقن ممن زادها .
ب) أن يقع التصريح بالسماع في موضع الزيادة .
فان اختل الشرطان أو واحد منهما ترجحت الزيادة وقُبِلَتْ ، واعتبر الإسناد الخالي من تلك الزيادة منقطعاً ، لكن انقطاعه خَفٍيُّ وهو الذي يسمى " المرسل الخفي " .
5- الاعتراضات الواردة على ادَّعاء وقوع الزيادة :
يُعْتَرَض على ادعاء وقوع الزيادة باعتراضين هما
أ) إن كان الإسناد الخالي عن الزيادة بحرف "عن "في موضع الزيادة، فينبغي أن يٌجْعَل منطقاً.
ب) وان كان مصرََّحا فيه بالسماع، أُحْتُمِل أن يكون سَمِعَهُ من رجل عن أولاً، ثم سمعه منه مباشرة، ويمكن أن يُجاب عن ذلك بما يلي:
أ) أما الاعتراض الأول فهو كما قال المعترض.
ب) وأما الاعتراض الثاني، فالاحتمال المذكور فيه ممكن لكن العلماء لا يحكمون على الزيادة بأنها وهم إلا مع قرينة تدل على ذلك.
6- أشهر المصنفات فيه :
كتاب " تمييز المزيد في متصل الأسانيد " للخطيب البغدادي.
المٌحْكَم ومٌخْتلِف الحديث
1- تعريف المٌحْكَم:
أ) لغة: هو اسم مفعول به " أَحْكَم " بمعني أَتْقَنَ.
ب) اصطلاحاً: هو الحديث المقبول الذي سَلِمَ من معارضة مِثْلِهِ .
وأكثر الأحاديث من هذا النوع ، وأما الأحاديث المتعارضة المختلفة فهي قليلة بالنسبة لمجموع الأحاديث.
2- تعريف مٌخْتَلِف الحديث:
أ) لغة: هو اسم فاعل من " الاختلاف " ضد الاتفاق ، ومعنى مختلف الحديث : أي الأحاديث التي تصلنا ويخالف بعضها بعضاً في المعني ، أي يتضادَّان في المعنى .
ب) اصطلاحاً : هو الحديث المقبول المٌعَارَض بمثله مع إمكان الجمع بينهما .
أي هو الحديث الصحيح أو الحسن الذي يجيء حديث آخر مثله في المرتبة والقوة ويناقضه في يجمعوا بين مدلوليهما بشكل مقبول.
3- مثال المٌخْتَلِف:
أ) حديث " لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ .... " الذي أخرجه مسلم مع
ب) حديث " فِرَّ من المَجذْوم فِرَارَكَ من الأسَدِ " الذي رواه البخاري .
فهذان حديثان صحيحان ظاهرهما التعارض ، لأن الأول ينفي العدوى ، والثاني يثبتها ، وقد جمع العلماء بينهما ووفقوا بين معناهما على وجوه متعددة ، أذكر هنا ما اختاره الحافظ ابن حجر ، وٌمفادٌه ما يلي :
4- كيفية الجمع:
وكيفية الجمع بين هذين الحديثين أن يقال : أن العدوى منفية وغير ثابتة ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يٌعْدِي شيء شيئاً " وقوله لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون بين الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب : " فمن أعدى الأول ؟ "
يعني أن الله تعالى ابتدأ ذلك المرض في الثاني كما ابتدأه في الأول . وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سدِّ الذرائع ، أي لئلا يتفق للشخص الذي يخالط ذلك المجذوم حصول شيء له من ذلك المرض بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية ، فيظن أن ذلك كان بسبب مخالطته له ، فيعتقد صحة العدوى ، فيقع في الإثم، فأٌمِرَ بتجنب المجذوم دفعاً للوقوع في هذا الاعتقاد الذي يسبب الوقوع في الإثم.
5- ماذا يجب على من وجد حديثين متعارضين مقبولين ؟
عليه أن يتبع المراحل الآتية:
أ) إذا أمكن الجمع بينهما: تَعَيَّنَ الجمعٌ ، ووجب العمل بهما .
ب) إذا لم يمكن الجمع بوجه من الوجوه.
1- فان عٌلِمَ أحدٌهما ناسخاً : قدمناه وعملنا به ، وتركنا المنسوخ .
2- وان لم يٌعْلَم ذلك : رجحنا أحدهما على الآخر بوجه من وجوه الترجيح التي تبلغ خمسين وجهاً أو أكثر ، ثم عملنا بالراجح .
3- وان لم يترجح أحدهما على الآخر: ـ وهو نادر ـ توقفنا عن العمل بهما حتى يظهر لنا مرجح.
6- أهميته ومن يكمل له :
هذا الفن من أهم علوم الحديث ، إذ يضطر إلى معرفته جميع العلماء وإنما يكمل له ويمهر فيه الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه ، والأصوليون الغواصون على المعاني الدقيقة ، وهؤلاء هم الذين لا يٌشْكِلٌ عليهم منه إلا النادر .
وتعارض الأدلة قد شغل العلماء، وفيه ظهرت موهبتهم ودقة فهمهم وحسن اختيارهم. كما زَلَّتْ فيه أقدام من خاض غِمَارَه من بعض المتطفلين على موائد العلماء .
7- أشهر المصنفات فيه :
أ) اختلاف الحديث : للإمام الشافعي ، وهو أول من تكلم وصنف فيه .
ب) تأويل مختلف الحديث : لابن قتيبة . عبدالله بن مسلم .
ج) مشكل الآثار : للطحاوي . أبي جعفر أحمد بن سلامة .
ناسِخٌ الحَديثِ وَمَنسٌوخٌه
1-تعريف النسخ:
أ) لغة: له معنيان : الإزالة . ومنه نَسَخَت الشمسٌ الظلَّ. أي إزالته والنقل، ومنه نسختً الكتابَ، إذا نقلتٌ ما فيه، فكأنَّ الناسخ قد أزال المنسوخ أو نقله إلى حكم آخر.
ب) اصطلاحاً: رَفْعٌ الشارع حكما منه متقدماً بحكم منه متأخر.
2- أهميته وصعوبته وأشهر المٌبَرِّزين فيه:
معرفة ناسخ الحديث من منسوخه فن مهم صعب فقد قال : الزهري : " أَعْيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ الحديث من منسوخه "
وأشهر المبرزين فيه هو الإمام الشافعي . فقد كانت له فيه اليد الطولى والسابقة الأولى . قال الإمام أحمد لابن وَارَةَ ـ وقد قدم من مصر ـ كتبتَ كٌتٌبَ الشافعي ؟ قال : لا ، قال: فَرِّطْتَ ما علمنا المٌجْمَلَ من المٌفَسَّرِ ، ولا ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي .
3- بم يٌعْرَفٌ الناسخ من المنسوخ ؟
يعرف ناسخ الحديث من منسوخه بأحد هذه الأمور :
أ) بتصريح رسول الله صلي الله عليه وسلم : كحديث بٌرَيْدَةَ في صحيح مسلم " كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكِّر الآخرة " .
ب) بقول صحابي : كقول جابر بن عبدالله رضي الله عنه : " كان آخِرَ الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم تَرْكٌ الوضوء مما مست النار " أخرجه أصحاب السنن .
ت) بمعرفة التاريخ : كحديث شدَّاد بن أوس " أفطر الحاجم والمحجوم " نُسِخَ " بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو مُحرِمُ صائم " فقد جاء في بعض طرق حديث شداد أن ذلك كان زمن الفتح وأن ابن عباس صحبه في حجة الوداع .
ث) بدلالة الإجماع : كحديث من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد في الرابعة فاقتلوه " قال النووي :" دََلَّ الإجماع على نسخه
والإجماع لا يَنْسَخٌ . ولا يٌنْسَخَ. ولكن يدل على ناسخ .
4- أشهر المصنفات فيه :
أ) الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار لأبي بكر محمد ابن موسى الحازمي .
ب) الناسخ والمنسوخ للإمام احمد
تجريد الأحاديث المنسوخة لابن الجوزي .
الشاذ والمحفوظ
1- تعريف الشاذ:
أ) لغة: اسم فاعل من " شذ " بمعني " انفرد " فالشاذ معناه " المنفرد عن الجمهور "
ب) اصطلاحاً: ما رواه المقبول مخالفاً لم هو أولي منه.
2- شرح التعريف :
المقبول هو: العدل الذي تَمَّ ضبطه، أو العدل الذي خَفَّ ضبطه، ومن هو أولى منه: أرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات.
هذا وقد اختلف العلماء في تعريفه على أقوال متعددة لكن هذا التعريف هو الذي اختاره الحافظ ابن حجر وقال : انه المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح .
3- أين يقع الشذوذ ؟
يقع الشذوذ في السند ، كما يقع في المتن أيضاً .
أ) مثال الشذوذ في السند :
"ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من طريق ابن عيينة عمرة بن دينار عن عَوْسَجَه عن ابن عباس أن رجلا توفي على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم يدع وارثاً إلا مولي هو أعتقه " وتابع ابن عيينة على وصله ابن جُرَيْج وغيره ، وخالفهم حماد بن زيد ، فرواه عن عَمرو بن دينار عن عوسجة ولم يذكر ابن عباس .
ولذا قال أبو حاتم " المحفوظ حديث ابن عيينة فحماد بن زيد من أهل العدالة والضبط ، ومع ذلك فقد رجح أبو حاتم رواية من هم أكثر عدداً منه .
ب) مثال الشذوذ في المتن :
ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد ابن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا صلى أحدكم الفجر فليضطجع عن يمينه " قال البيهقي خالف عبد الواحد العدد الكثير في هذا ، فان الناس إنما رووه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم . لا من قوله ، وانفرد عبد الواحد من بين ثقات أصحاب الأعمش بهذا اللفظ .
4- المحفوظ:
هذا ويقابل الشاذَّ " المحفوظُ " وهو:
ما رواه الأوثق مخالفاً لرواية الثقة
ومثاله : هو المثالان المذكوران في نوع الشاذ .
5- حكم الشاذ والمحفوظ :
من المعلوم أن الشاذ حديث مردود، أما المحفوظ فهو حديث مقبول
الجهَالة بالرَّاوي
1- تعريفها:
أ) لغة: مصدر " جَهِلَ " ضد " عَلِمَ " والجهالة بالراوي تعني عدم معرفته.
ب) اصطلاحاً: عدم معرفة عَيْنِ الراوي أو حاله.
2- أسبابها:
وأسباب الجهالة بالراوي ثلاثة وهي:
أ) كثرة نعوت الراوي: من اسم أو كنيه أو لقب أو صفة أو حرفة أو نسب، فيشتهر بشيء منها فيُذْكَر بغير ما اشتهر به لغرض من الأغراض، فيُظن أنه راو آخر ، فيحصل الجهل بحاله .
ب) قلة روايته : فلا يكثر الأخذ عنه بسبب قلة روايته فربما لم يروعن إلا واحدا .
ت) عدم التصريح باسمه : لأجل الاختصار ونحوه . ويسمى الراوي غير المصرح باسمه "المُبْهَم "
3- أمثلة:
أ) مثال كثرة نعوت الراوي : " محمد بن السائب بن بشر الكلبي " نسبه بعضهم إلى جده فقال " محمد بن بشر " وسماه بعضهم " حماد بن السائب " وكناه بعضهم " أبا النضر " وبعضهم " أبا سعيد " وبعضهم " أبا هشام " فصار يُظَن أنه جماعة ، وهو واحد .
ب) مثاله قلة رواية الراوي وقلة من روي عنه : " أبو العشراء الدارمي " من التابعين ، لم يرو عنه غير حماد بن سلمة .
ج ) مثال عدم التصريح باسمه: قول الراوي: أخبرني فلان أو شيخ أو رجل أو نحو ذلك.
4- تعريف المجهول:
هو من لم تُعْرَف عَيْنُهُ أو صفته
ومعني ذلك أي هو الراوي الذي لم تعرف ذاته أو شخصيته أو عرفت شخصيته ولكن لم يعرف عن صفته أي عدالته وضبطه شيء.
5- أنواع المجهول:
يمكن أن يقال أن أنواع المجهول ثلاثة هي :
أ) مجهول العَيْن:
1- تعريفه: هو من ذُكِر اسمه ، ولكن لم يَرْوِ عنه إلا راو واحد .
2- حكم روايته : عدم القبول ، إلا إذا وُثِّقَ .
3- كيف يوثق : يوثق بأحد أمرين .
أ) أما أن يوثقه غير من روي عنه.
ب) وإما أن يوثقه من روى عنه بشرط أن يكون من أهل الجرح والتعديل.
4- هل لحديثه اسم خاص ؟ ليس لحديثه اسم خاص ، وإنما حديثه من نوع الضعيف .
ب) مجهول الحال: ( ويسمي المستور )
1- تعريفه: هو من روي عنه اثنان فأكثر، لكن لن يُوَثَّق.
2- حكم روايته: الرد، علي الصحيح الذي قاله الجمهور.
3- هل لحديثه اسم خاص ؟ ليس لحديثه اسم خاص ، وإنما حديثه من نوع الضعيف.
جـ)المُبهم : ويمكن أن نعتبر المبهم من أنواع المجهول ، وإن كان علماء الحديث قد أطلقوا عليه اسما خاصاً ، لكن حقيقته تشبه حقيقة المجهول .
1- تعريفه: هو من لم يُصَرَّح باسمه في الحديث.
2- حكم روايته: عدم القبول، حتى يُصَرَّح الراوي عنه باسمه، أو يُعْرَفَ اسمه بوروده من طريق آخر مصرح فيه اسمه.
وسبب رد روايته جهالة عينه، لأن من أُبِهْم اسمُه جُهِلت عينُه وجهلت عدالته من باب أولي، فلا تقبل روايته.
3- لو أُبْهَمَ بلفظ التعديل فهل تُقْبَل روايته ؟ : وذلك مثل أن يقول الراوي عنه : "أخبرني الثقة " والجواب : أنه لا تقبل روايته أيضاً على الأصح لأنه قد يكون ثقة عنده غير ثقة عند غيره
4- هل لحديثه اسم خاص ؟ : نعم لحديثه اسم خاص هو " المُبْهَم " والحديث المبهم هو الحديث الذي فيه راو لم يُصَرَّح باسمه ، قال البيقوني في منظومته : " ومُبْهَمُ ما فيه راو بم يُسَمَّ " .
6- أشهر المصنفات في أسباب الجهالة :
أ) كثرة نعوت الراوي: صنف فيها الخطيب كتاب " مُوْضِح أوهام الجَمْع والتفريق "
ب) قلة رواية الراوي :صُنف فيها كتب سميت " كتب الوحدان " أي الكتب المشتملة على من لم يَرْوِ عنه إلا واحد ، ومن هذه الكتب " الوُحْدان " للإمام مسلم .
ج) عدم التصريح باسم الراوي : وصُنِّف فيه كتب المُبْهَمَات " مثل كتاب " الأسماء المُبهمة في الأنباء المُحْكَمَة " للخطيب البغدادي وكتاب " المُسَتفاد من مُبْهَمَات المتن والإسناد " لولي الدين العراقي .
البِدْعَة
1- تعريفها:
أ) لغة: هي مصدر من " بَدَعَ " بمعنى " أَنْشَأَ " كابتداع كما في القاموس .
ب) اصطلاحاً : الحدث في الدين بعد الإكمال ، أو ما اسْتُحْدِثَ بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الأهواء والأعمال .
2- أنواعها:
البدعة نوعان .
أ) بدعة مُكَفِّرة : أي يُكَفَّر صاحبُها بسببها ، كأن يعتقد ما يستلزم الكفر ، والمعتمد أن الذي تُرَدُّ روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوما من الدين بالضرورة أو من اعتقد عكسَه
ب) بدعة مُفَسِّقَة:أي يُفَسََق صاحبها بسببها، وهو من لا تقتضي بدعته التكفير أصلاً.
3- حكم رواية المبتدع :
أ) إن كانت بدعته مُكَفِّرَة : تُرَدُّ روايته .
ب) وان كانت بدعته مُفَسِّقَة: فالصحيح الذي عليه الجمهور، أن روايته تقبل بشرطين:
1- ألا يكون داعية إلى بدعته .
2- وألا يروي ما يروِّج بدعته .
4- هل لحديث المبتدع اسم خاص ؟
ليس لحديث المبتدع اسم خاص به، وإنما حديثه من نوع المردود كما عرفت، ولا يقبل إلا بشروط التي ذكرت أنفاً.
سوء الحفظ
1- تعريف سيء الحفظ :
هو من لم يُرَجَّح جانب إصابته على جانب خطئه .
2- أنواعه:
سيء الحفظ نوعان .
أ) إما أن ينشأ سوء الحفظ معه من أول حياته ويلازمه في جميع حالاته ، ويسمى خبره الشاذ على رأي بعض أهل الحديث .
ب) وأما يكون سوء الحفظ طارئاً عليه ، أما لكبره أو لذهاب بصره ، أو لاحتراق كتبه ، فهذا يسمى " المَخْتَلَط ".
3- حكم روايته :
أ) أما الأول : وهو من نشأ على سوء الحفظ ، فروايته مردودة .
ب) وأما الثاني : أي المُخْتَلَط فالحكم في روايته التفصيل الآتي :
1- فما حَدَّث به قبل الاختلاط، وتَمَيز ذلك: فمقبول.
2- وما حدث به بعد الاختلاط: فمردود.
3- وما لم يتميز أنه حدث به قبل الاختلاط أو بعده : تُوُقَّفَ فيه حتى يتميز .
الاعْتِبار والمُتَابع والشاهِد
1- تعريف كل منها:
أ) الاعْتِبَار:
1- لغة : مصدر " اعْتَبَر " بمعني الاعتبار النظر في الأمور ليعرف بها شيء آخر من جنسها.
2- اصطلاحاً:هو تتبع طرق حديث انفرد بروايته راو ليعرف هل شاركه في روايته غيرُه أو لا.
ب)المُتَابِع: ويسمي التابع.
1- لغة: هو اسم فاعل من " تابع " بمعني وافق.
2- اصطلاحاً: هو الحديث الذي يشارك فيه رواتُه رواه الحديث الفرد لفظاً ومعني فقط ، مع الإتحاد في الصحابي .
جـ) الشاهد:
1- لغة: اسم فاعل من "الشهادة" وسمي بذلك لأنه يشهد أن للحديث الفرد أصلاً، ويقويه، كما يقوي الشاهد قول المدعي ويدعمه.
2- اصطلاحاً: هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظاً ومعنى، أو معنى فقط، مع الاختلاف في الصحابي.
2- الاعتبار ليس قسيماً للتابع والشاهد :
ربما يتوهم شخص أن الاعتبار قسيم للتابع والشاهد، لكن الأمر ليس كذلك، وإنما الاعتبار هو هيئة التوصل إليهما، أي هو طريقة البحث والتفتيش عن التابع والشاهد.
3- اصطلاح آخر للتابع والشاهد :
ما ذُكِرَ من تعريف التابع والشاهد هو الذي عليه الأكثر ، وهو المشهور ، لكن هناك تعريف آخر لهما وهو :
أ) التابع : أن تحصل المشاركة لرواة الحديث الفرد باللفظ سواء اتحد الصحابي أو اختلف .
ب) الشاهد : أن تحصل المشاركة لرواة الحديث الفرد بالمعني سواء اتحد الصحابي أو اختلف، هذا وقد يطلق اسم أحدهما على الآخر ، فيطلق اسم التابع على الشاهد كما يطلق اسم الشاهد على التابع ، والأمر سهل كما قال الحافظ ابن حجر ، لأن الهدف منهما واحد ، وهو تقوية الحديث بالعثور على رواية أخري للحديث .
4- المتابعة :
أ) تعريفها:
1- لغة: مصدر " تَابَعَ " بمعنى " وَافَق " فالمتابعة إذن الموافقة.
2- اصطلاحاً: أن يشارك الراوي غيره في رواية الحديث.
ب) أنواعها: والمتابعة نوعان
1- متابعة تامة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي من أول الإسناد.
2- متابعة قاصرة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي أثناء الإسناد .
5- أمثلة:
سأذكر مثالا واحداً مَثَّلَ به الحافظ ابن حجر، فيه المتابعة التامة والمتابعة القاصرة والشاهد وهو:
ما رواه الشافعي في الأمِّ عن مالك عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " الشهر تسع وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه فان غُمَّ عليكم فأكملوا العِدَّة ثلاثين "
فهذا الحديث بهذا اللفظ ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك ، فعُّدوه في غرائبه أن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسناد ، وبلفظ : " فان غُمِّ " عليكم فاقدروا له " لكن بعد الاعتبار وجدنا الشافعي متابعة تامة ، ومتابعة قاصرة ، وشاهدا .
أ) أما المتابعة التامة: فما رواه البخاري عن عبدالله بن مَسْلَمَة القَعْنَبي عن مالك بالإسناد نفسه ، وفيه " فان غُم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "
ب) وأما المتابعة القاصرة : فما رواه ابن خزيمة من طريق عاصم بن محمد عن أبيه محمد بن زيد عن جده عبدالله ابن عمر بلفظ " فكملوا ثلاثين "
ج) وأما الشاهد: فما رواه النسائي من رواية محمد بن حنين عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال، وفيه: " فان غم عليكم العدة ثلاثين "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق