آخر الأخبار
... مرحبا بزورا موقع شعبة وتخصص الدراسات الاسلامية

AD

تذكر ان الله هو الموفق للمسلم في جميع امور دنياه واخرته فتوكل عليه

بحث هذه المدونة الإلكترونية

إذاعة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد للقران الكريم - المصحف المجود بث مباشر 24 ساعة

افضل موضوع في المدونة اضغط في عنوان هذا الموضوع لقراءته

حمل اكبراسطوانة وموسوعة لكتب الزهد و الرقائق موجودة الانترنت اكثر 900 كتاب 5.6 GB

 كتب أبو الدرداء إلى بعض إخوانه، أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، والزهد في الدنيا، والرغبة فيما عند الله، فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله لرغبت...

الحكم الوضعي عند الاصوليين

0

وانت تقرأ هذا الموضوع استمع لتلاوة الشيخ علي جابر يعتبر من افضل القراء في العالم الاسلامي رحمه الله

 الحكم الوضعي عند الاصوليين

حقيقة الحكم الشرعي وأقسامه

مقدمة :
لا بد لنا قبل التعرض لتعريف الحكم الوضعي وأقسامه من التعرض لتعريف الحكم الشرعي بشكل عام موضحين مراد الأصوليين من الحكم الشرعي وتحديدهم له ؛ لنتوصل بذلك إلى الكلام على الحكم الوضعي بصفة خاصة وكما يقول المناطقة
" إدراك الشيء فرعا عن تصوره " فلنبدأ بتعريف الحكم الشرعي أولا ثم نتعرض لتقسيمه ثانيا :
المبحث الأول : في تعريف الحكم الشرعي لغة واصطلاحا :
1- الحكم في اللغة : يطلق على القضاء ويجمع على أحكام والأصل فيه المنع من الشيء .
جاء في المصباح المنير : " ومعنى الحكم القضاء ، وأصله المنع ، يقال : حكمت عليه بكذا : إذا منعته من خلافه فلم يقدر على الخروج من ذلك…والحكمة للدابة سميت بذلك لأنها تذلّلها لراكبها حتى تمنعها الجماح ونحوه ، وقد اشتقت كلمة ( الحكمة ) من الحكم لأنها تمنع صاحبها من أخلاق الأراذل .
وجاء في لسان العرب لابن منظور قوله ( … والعرب تقول حكمت وأحكمت وحكمت ) بمعنى منعت وردّدت ، ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكم لأنه يمنع الظالم من الظلم " .
ويأتي الحكم بمعنى الإتقان ، يقال : " أحكم الأمر " أي : أتقنه .
ويظهر لنا من هذا المعنى اللغوي لكلمة ( حكم ) أننا إذا قلنا : حكم الله في المسألة الوجوب معناه : أنه -سبحانه وتعالى – قضى فيها بالوجوب ومنع المكلف من مخالفته .
والشرعي ، نسبة إلى الشريعة وأصل الشريعة في كلام العرب : " مورد الشاربة التي يشرعها الناس فيشربون منها ويستقون "
والشريعة في الاصطلاح هي : كتاب الله تعالى وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وما كان عليه سلف هذه الأمة ، قال شيخ الإسلام – رحمه الله –: ( والشريعة إنما هي كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وما كان عليه سلف الأمة في العقائد ، والأحوال ، والعبادات ، والأعمال ، والسياسات ، والأحكام ، والولايات ، والعطيات ) .
ولتعريف الحكم اصطلاحا يقيد بالشرعي تفريقا له عن العقلي والعادي وغيرهما .


2– تعريف الحكم الشرعي في اصطلاح الأصوليين :
لقد اختلفت عبارات الأصوليين في تعريف الحكم الشرعي على أقوال متعددة لا تخلو من مطاعن إلا أن أسلم تلك التعريفات وأقربها إلى الصحة هو : " خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالإقتضاء أو التخيير أو الوضع " .

شرح التعريف مع بيان المحترزات :
قوله في التعريف (خطاب الله تعالى) : الخطاب في اللغة مصدر خاطب يخاطب خطابا ومخاطبة : وهو توجيه الكلام نحو الغير للإفهام .
والمراد به هنا : المخاطب به فهو من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول به مجازا وأصبح عند الأصوليين حقيقة عرفية في نفس الكلام الموجه لا الفعل .
والخطاب : جنس في التعريف يشمل كل خطاب وبإضافته إلى الله تعالى يخرج خطاب غيره من جن أو انس أو ملائكة فإنها وإن كانت خطابات إلا أنها ليست أحكاما شرعية .
قوله ( المتعلق بأفعال المكلفين ) :
التعليق معناه الارتباط والمتعلق أي المرتبط ومعنى تعلقه بأفعال المكلفين أي بجنس أفعال المكلفين فيصدق تعلقه على الفعل الواحد من أفعالهم لا بجميع أفعالهم وإلا لم يوجد حكم أصلا إذ لا خطاب يتعلق بجميع الأفعال ولا يصدق على أي حكم أنه متعلق بكل أفعال المكلفين وإنما المراد تعلقه بفعل فيها ، وحينئذ يدخل في الحد ما تعلق بفعل مكلف واحد كخواصه – صلى الله عليه وسلم – وكشهادة خزيمة وعناق أبي بريدة ونحوها .
وقد احترز (بالمتعلق بأفعال المكلفين ) عن المتعلق بذات الله الكريمة كقوله تعالى L شهد الله أنه لا إله إلا هو ) وعن المتعلق بالجمادات كقوله تعالى : ( ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة ) فإنه خطاب من الله ومع ذلك ليس بحكم لعدم تعلقه بأفعال المكلفين .
( أفعال ) :
لغة : جمع فعل ، وهو الحدث ، أي ما يقابل القول ، والاعتقاد ، والنية . والمراد به هنا : كل ما يصدر عن المكلف من قول أو فعل أو اعتقاد لأن الحكم كما يتعلق بالأفعال مثل الصلاة والزكاة ونحوهما ، فإنه كذلك يتعلق بالأقوال كتحريم الغيبة والنميمة ، ويتعلق أيضا بالاعتقاد كوجوب الوحدانية لله تعالى ، وقيد التعريف بالأفعال لتخرج الأحكام العقائدية
والمراد (بالمكلفين ) البالغون العقلاء ، فيتعلق بهم الخطاب تعلقا معنويا قبل وجودهم ، وتنجيزيا بعد وجودهم على الصفة التي يصح معها تكليفهم بشرائع الإسلام .
هذا وقد أورد بعضهم اعتراضا على قوله (بأفعال المكلفين) لخروج الأحكام المتعلقة بأفعال الصبيان وذكر أن الأولى أن يقال ( بأفعال العباد) .
وأجيب عن ذلك بأن الأحكام التي يتوهم تعلقها بفعل الصبي إنما هي في الحقيقة متعلقة بفعل الولي ، فيجب على الولي أداء الحقوق من ماله ، ويستحب له أن يأمره بفعل الصلاة ليتعود عليها .
كما أن صحة بيعه منوطة بالإذن له في البيع ، فلا حكم إذا بالنسبة للصبي ولا يتعلق بفعله خطاب التكليف أصلا.
يقول المحلي : " ولا خطاب يتعلق بفعل البالغ العاقل ، وولي الصبي والمجنون مخاطب بأداء ما وجب في مالهما منه كالزكاة وضمان التلف … "
وقولهم ( بالاقتضاء أو التخيير ) : بيان لجهة التعلق ، والاقتضاء معناه الطلب وهو إما طلب فعل أو طلب ترك ، وطلب الفعل إن كان جازما فهو الإيجاب أو غير جازم فهو الندب ،وطلب الترك إن كان جازما فهو التحريم وإلا فهو الكراهة .
والتخيير أي التخيير بين الفعل والترك و معناه الإباحة ، وبهذا القيد – بالاقتضاء أو التخيير – تخرج الخطابات المتعلقة بأفعال المكلفين لكن لا على جهة الطلب أو التخيير ، كالقصص المبينة لأحوال المكلفين وأفعالهم ، والأخبار المتعلقة بأعمالهم ، كقوله تعالى : ( والله خلقكم وما تعملون ) ، وقوله : ( وهم من بعد غلبهم سيغلبون ).
وقوله : ( أو الوضع ) الوضع هو الجعل وهو قيد في التعريف لإدخال ما قد يخرج عن الحد بدونه من أفراد المحدود وهو أقسام خطاب الوضع من السببية والشرطية والمانعية ونحوها فإنها أحكام شرعية لم تستفد إلا من الشرع وليس فيها طلب ولا تخيير ، فوجب ذكر هذا القيد ليصبح التعريف جامعا لأفراد المحدود وإلا كان غير جامع .
وقد ذكر الآمدي : بأن خطاب الشارع إما أن يكون متعلقا بالاقتضاء أو التخيير أو لا يكون ، فإن تعلق بأحدهما فهو الحكم التكليفي وإن لم يتعلق بواحد منهما فهو الحكم الوضعي .
وعلى هذا فإن من لم يذكر هذا القيد من الأصولبيين في تعريف الحكم فلعله أراد تعريف نوع واحد من الحكم وهو الحكم التكليفي ولم يعرف مطلق الحكم الشرعي .
وأما من أغفله بناء على أن خطاب الوضع يرجع إلى كلمتي ( الاقتضاء والتخيير ) ضمنا كالبيضاوي ومن وافقه معللا ذلك بأنه لا معنى لموجبية الدلوك مثلا إلا طلب الفعل عنده ، ولا معنى لمانعية الحيض إلا حرمة الصلاة معه ، ولا معنى لصحة البيع إلا إباحة الانتفاع بالمبيع ونحو ذلك فهو بعيد .
لأن المفهوم من الحكم الوضعي هو تعلق شيء بشيء آخر وربطه به أي : ربط الشارع بين أمرين ، كأن يربط مثلا بين الوراثة ووفاة شخص فتكون وفاته سببا لوراثة آخر وهكذا .
والمفهوم من الحكم التكليفي ليس هذا ، فهما مفهومان متغايران ولزوم أحدهما للآخر في بعض الصور لا يدل على اتحادهما في جميع المواد بدليل أن الأحكام الوضعية قد تتناول فعل المكلف وغيره .
وقد رد الآسنوي على البيضاوي ومن تبعه الدعوى بأن خطاب التكليف يتضمن خطاب الوضع ، وذكر أن الصواب ما سلكه ابن الحاجب من زيادة قيد آخر في الحد وهو الوضع فيقال : بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع " . واختاره صاحب التيسير من الحنفية وذكر أنه الأوجه ، ثم قال : "ولا يلتفت إلى ما قيل من أنه لا يزاد أو وضعا لإدخاله فيه بدون هذه الزيادة .
وعلى كل حال فإن هذا الخلاف لا تظهر له ثمرة علمية سواء رجع خطاب الوضع إلى الاقتضاء أو التخيير ضمنا أو لم يرجع ، بل لا بد له من زيادة قيد الوضع ، فإنه يبقى خلافا لفظيا ، لأن أحكام خطاب الوضع لا ينكرها أحد بل هي أحكام شرعية متعارف عليها ، لأنها لم تعلم إلا بوضع الشارع تماما كالأحكام التكليفية ، وعليه فالراجح أن يزاد قيد الوضع في التعريف ليشمل الحكم الوضعي صراحة لا ضمنا ، ويسلم من الاعتراض .

المبحث الثاني : إطلاق الحكم الشرعي عند الفقهاء :
سبق أن عرفنا تعريف الحكم الشرعي عند الأصوليين وبقي علينا أن نعرف تعريفه عند الفقهاء ، وهل بينهما خلاف أو لا ؟
فنقول : أما تعريفه عند الفقهاء فهو : أثر خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء أو تخييرا أو وضعا ، وعبر عنه بعض الأصوليين بقوله :" الحكم مدلول خطاب الشارع " .
وواضح من تعريفهم هذا أنهم جعلوا أثر الخطاب ومدلوله هو الحكم ولم يعتبروا الخطاب نفسه حكما كما فعل جمهور الأصوليين .
ويتضح لنا هذا المعنى جليا بالمثالين التاليين :
فوجوب الصلاة وهو الحكم أثر لخطاب الشارع في نحو قوله تعالى : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) وحرمة الزنى أثر ترتب على قوله تعالى : ( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) ، فالوجوب والحرمة هو الحكم عند الفقهاء بينما عند جمهور الأصوليين فيعتبرون النص نفسه هو الحكم .
والسبب بين اختلاف تعريف الفقهاء هنا والتعريف الأول للأصوليين هو أن علماء الأصول نظروا إليه من ناحية مصدره وهو الله فالحكم صفة له لذا قالوا : إن الحكم خطاب ، والفقهاء نظروا إليه من ناحية متعلقة وهو فعل المكلف لذا قالوا إن الحكم مدلول الخطاب وأثره .
أثر الخلاف : ولما كان الخطاب وما ترتب عليه متلازمين لم يكن للاختلاف بين الفقهاء والأصوليين أثر عملي اللهم إلا في التسمية وذلك أمر هين ، إذ أن المآل عند الجميع واحد كما ترى .

المبحث الثالث : في أقسام الحكم الشرعي :
سبق أن ذكرنا أن التعريف المختار للحكم الشرعي هو :" خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع " ، ومما ينبغي ذكره هنا أنه قد وقع بين العلماء خلاف في تقسيم الحكم الشرعي ، فمنهم من رأى أنه لا أقسام له وأنه واحد لا يتعدد بحيث أنه يشمل معنى الاقتضاء والتخيير ، والحكم الوضعي راجع إلى ما يسمى بالحكم التكليفي فلا تقسيم إذا للحكم ومنهم من يرى أنه ينقسم إلى قسمين: تكليفي ووضعي وهذا هو الذي جرى عليه أكثر الأصوليين ، وبعضهم كالآمدي في الأحكام قسم الحكم الشرعي إلى ثلاثة أقسام :
الأول : هو التكليفي أو الإقتضائي .والثاني : التخييري . والثالث : الوضعي . وهذا التقسيم هو الأدق والذي يقتضيه التعريف لكل منهما إلا أننا جرينا هنا على رأي أكثر الأصوليين من تقسيم الحكم الشرعي إلى حكم تكليفي ووضعي ، تقليلا لأقسام الحكم بقدر الإمكان ولأن الذي جعلهما قسما واحدا ، لم يدخل الوضع في أحكام التكليف إلا بتكلف ، حيث جعل خطاب التكليف صريحا وخطاب الوضع ضمنيا، وقد تقدم توضيح ذلك .
والآن نشرع في بيان هذين القسمين وهما : الحكم التكليفي والحكم الوضعي .



1- فأما الحكم التكليفي : يتبين لنا من تعريف الأصوليين السابق للحكم الشرعي بأن الحكم التكليفي: " هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالإقتضاء أو التخيير " .
وقد قسم جمهور الأصوليين الحكم التكليفي إلى خمسة أقسام وهي : الإيجاب والندب والتحريم والكراهة والإباحة ؛ وذلك لأن طلب الفعل إما أن يكون جازما أو غير جازم فإن كان الأول فهو الإيجاب، وإن كان الثاني فهو الندب ، وطلب الكف إما جازم أو غير جازم فإن كان الأول فهو التحريم وإن كان الثاني فهو الكراهة وإن كان الخطاب متعلقا بالفعل على وجه التخيير فهو الإباحة ، هذا وقد زاد الحنفية إلى هذه الأقسام قسمين آخرين وهما : الكراهة التحريمية والفرض . وأكتفي في هذا المقام بذكر تعريف ومثال واحد لكل قسم من هذه الأقسام .
1- الواجب : وهو ما أمر به الشارع أمرا جازما .
ومثاله : قوله تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) فهذا أمر بالصلاة ، والأمر يقتضي الوجوب لأنه خال عن القرينة الصارفة عن الوجوب .
2- المندوب : وهو ما أمر به الشارع أمرا غير حتم.
مثاله:قوله تعالى( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه)فإن الأمر بكتابة الدين صرف إلى الندب والإرشاد بقوله تعالى في الآية التي بعدها : ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا) .
3- الحرام : ما يذم شرعا فاعله
ومثاله : قال تعالى : ( ولا تقربوا الزنى ) فهنا نهي عن الزنى ، والنهي يقتضي التحريم لأنه خال عن القرينة الصارفة عن الكراهة .
4-المكروه : وهو ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله
مثاله : قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته "
1- المباح : وهو مالا يتعلق بفعله وتركه مدح ولا ذم .
مثاله : قوله تعالى : ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ) .

2-وأما القسم الثاني : الحكم الوضعي وهو موضوع بحثنا فليس هذا محل الحديث عنه ، وإنما سيأتي الحديث عنه مفصلا في الفصل القادم إن شاء الله ، وذلك لأن كل ما سبق يعتبر مقدمة وتمهيدا بين يدي الموضوع لنتمكن من الدخول إلى موضوع البحث بكل سهولة ويسر .
__________________
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "إن أحببت أن يدوم الله لك على ما تحبُّ فدم له على ما ُيحبُّ". البداية والنهاية -
(10 /330)
رد مع اقتباس
  #3
قديم 15-06-08, 12:25 AM
الفصل الأول الحكم الوضعي وأقسامه

مقدمة :
تقدم معنا أن خطاب الشارع كما يرد بالاقتضاء والتخيير فكذلك يرد بالوضع وهذا الوضع أو الحكم الوضعي هو الأمر الذي نصبه الشارع علامة على الحكم التكليفي وجعله مرتبطا به ومتعلقا بمعناه فهو وإن أخذ صفة الاستقلال عن الحكم التكليفي إلا أن له صلة وثيقة به ذلك لأنه بجميع أقسامه بمثابة العلامة التي تدل على الحكم التكليفي والتي لولاها لفات الناس كثير من الأحكام التكليفية دون أن يعلموا بها .
وسبق أن عرفنا أن الحكم الشرعي عند جمهور الأصوليين هو : خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع .
وبينا أن الحكم الشرعي ينقسم إلى قسمين : حكم تكليفي و حكم وضعي وأن هذه القسمة صحيحة. وسبق أيضا أن بينّا الحكم التكليفي وأقسامه بشيء من الاختصار الشديد . وها نحن – الآن – بصدد بيان الحكم الوضعي وأقسامه بشيء من التفصيل - فأقول وبالله التوفيق - :
المبحث الأول : في تعريف الحكم الوضعي لغة واصطلاحا :
أ – تعريف الحكم الوضعي لغة :
أما الحكم فقد سبق بيان معناه والمراد منه فراجعه في موضعه .
أما الوضعي في اللغة : مأخوذ من الوضع ، والوضع في اللغة يطلق على عدّة معان .
المعنى الأول : يطلق على الولادة ، يقال : " وضعت الحامل ولدها " : إذا ولدته .
المعنى الثاني : يطلق على الإسقاط ، يقال : " وضع عنه دينه " : إذا أسقطه .
المعنى الثالث : يطلق على الترك ، يقال: " وضعت الشيء بين يديه ": أي : تركته بين يديه .

ب- أما الحكم الوضعي في الاصطلاح:
فقد اختلفت عبارات الأصوليين في تعريفه ، ولكن أقرب هذه التعريفات إلى الصحة هو :
"خطاب الله المتعلق بجعل الشيء سببا لشيء آخر أو شرطا له أو مانعا منه أو كون الفعل صحيحا أو فاسدا أو رخصة أو عزيمة أو أداء أو إعادة أو قضاء إلى غير ذلك " . وهذا التعريف الشامل هو الذي اختاره جمهور الأصوليين كالآمدي وغيره وهو ما سنمشي عليه في هذا البحث لأنه كما يبدو أكمل التعاريف وأجمعها لأصناف الحكم الوضعي بخلاف ما اقتصر عليه بعضهم حين عرفها مكتفيا بذكر الأسباب والشروط والموانع لكونها كليات الحكم الوضعي المتفق عليه .
شرح التعريف :
قوله في التعريف ( خطاب الله تعالى ) تقدم شرحه في تعريف الحكم الشرعي .
وقوله ( المتعلق بجعل شيء سببا لشيء آخر …) الخ أي : الذي وضعه الشارع وجعله علامة على معرفة حكمه ، ومعنى ذلك أن الشارع وضع أي : شرع أمورا سميت أسبابا وشروطا وموانع وغير ذلك تعرف عند وجودها أحكام الشرع من إثبات أو نفي لأن الأحكام توجد بوجود الأسباب والشروط وتنتفي بوجود الموانع أو انتفاء الأسباب والشروط كما سيتبين ذلك عند تعريف هذه الأمور في مواضعها من البحث – إن شاء الله - .
وحاصله أن الحكم الوضعي هو الوصف المتعلق بالحكم التكليفي وهذا الوصف إما أن يكون سببا كأوقات الصلاة : حيث إنها سبب لوجوبها على المكلف .
أو يكون شرطا كالطهارة في الصلاة : فهي شرط من شروط الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها .
أو يكون مانعا : كالدين يمنع وجوب الزكاة وإن بلغ النصاب وحال عليه الحول ، أو يكون صحيحا يترتب عليه حكمه أو فاسدا لا يترتب عليه شيء أو يكون رخصة كحل الميتة للمضطر وجواز التلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه وأشباه هذه الأمور مما سنذكره في مواضعه القادمة – بإذن الله - .
ج – سبب تسميته بالحكم الوضعي :
والعلماء يطلقون على هذا النوع الحكم الوضعي أو خطاب الوضع كما يطلقون عليه خطاب الأخبار أما وجه تسميته بخطاب الوضع فلان الشارع إنما قصد منه أن يكون علامة لشيء آخر بأن يكون سببا أو شرطا ، أو مانعا أو غير ذلك فهو إذا موضوع وضعه الشارع معرفا لشيء آخر …
ولذلك يقول الطوفي الحنبلي : " أما معنى الوضع فهو إن الشرع وضع ، أي شرع أمورا سميت أسبابا وشروطا وموانع تعرف عند وجودها أحكام الشرع من إثبات أو نفي فالأحكام توجد بوجود الأسباب والشروط وتنتفي لوجود الموانع وانتفاء الأسباب والشروط " .
ويقول القرافي في شرح التنقيح : " إنه سمي بذلك لأنه شيء وضعه الله تعالى في شرائعه (أي جعله دليلا وسببا وشرطا) لا أنه أمر به عباده ولا أناطه بأفعالهم من حيث هو خطاب وضع " .
ويقول زكي الدين شعبان : " وإنما سمي هذا القسم بهذا الاسم لأن الربط بين شيئين بالسببية ، أو الشرطية أو المانعية إنما هو بوضع الشارع وجعله ، دون غيره ، ولولا جعل الشارع الشيء سببا أو شرطا أو مانعا لما كان كذلك " .
وأما وجه تسميته بخطاب الإخبار فلأنه مجرد إخبار يفيدنا بوجود الأحكام التكليفية أو انتفائها طلبا أو تخييرا بخلاف خطاب التكليف فإنه إنشاء وليس إخبارا وفي هذا المعنى يقول الطوفي في شرحه لمختصر الروضة : " أما معنى الإخبار فهو أن الشرع بوضع هذه الأمور أخبرنا بوجود أحكامه أو انتفائها عند وجود تلك الأمور وانتفائها وكأنه قال مثلا : إذا وجد النصاب الذي هو سبب وجوب الزكاة والحول الذي هو شرطه فاعلموا أني قد أوجبت عليكم أداء الزكاة وإن وجد الدين الذي هو مانع من وجوبها ، فاعلموا أني لم أوجب عليكم الزكاة . وكذا الكلام في القصاص والسرقة والزنى وكثير من الأحكام بالنظر إلى وجود أسبابها وشروطها وانتفاء موانعها وعكس ذلك ." وبهذا الاعتبار يكون المعنى الذي ارتأيناه في معنى الوضع ومعنى الإخبار هذا مترادفين وبمعنى واحد .
المبحث الثاني : في أقسام الحكم الوضعي :
مما سبق ذكره في تعريف الحكم الوضعي يتبين لنا أقسامه عند جمهور الأصوليين وأنها على تلك الأصناف المذكورة التي اشتمل عليها التعريف وهي : السبب ، والشرط ، المانع ، الصحة والفساد ، الرخصة والعزيمة ، الأداء والقضاء والإعادة ، غير أن هذه الأقسام كما ذكرنا ليست محل اتفاق عند علماء الأصول جميعهم .
فالآمدى في الأحكام أشار إلى أن أنواع الحكم الوضعي هي: السبب ، والشرط ، والمانع ، والصحة ، والفساد ، والعزيمة والرخصة والأداء والإعادة والقضاء . وإلى ذلك ذهب ابن قدامة في الروضة إلا أنه زاد عليها " العلة " على اعتبار أنها تختلف عن السبب .
أما الإمام الشاطبي– رحمه الله – في الموافقات حصرها في سبعة أنواع وهي : السبب ، والشرط ، والمانع ، والصحة ، والبطلان ، والعزيمة ، والرخصة .
وزاد القرافي في " شرح تنقيح الفصول " نوعين آخرين هما : التقديرات الشرعية والحجاج ، ولم يعد الأداء والإعادة والقضاء منها .
أما فخر الإسلام البزدوي فإنه قرر في أصوله أن أنواع الحكم الوضعي أربعة فقط وهي : " السبب " و " العلة " و " الشرط " و " العلامة " .
ووافقه على ذلك كثير من الحنفية كعبدالعزيز البخاري في " كشف الأسرار " وذكر أن دليل حصرها هو : الإستقراء ، كذلك الفتوحي الحنبلي فقد ذكر أن أنواع الحكم الوضعي أربعة فقط وهي المذكورة سابقا إلا أنه أبدل " العلامة " ب "المانع " وذلك في كتابه " شرح الكوكب المنير " .
ولست هنا لأحقق في هذا الموضوع ولكن أريد أن أبين أن أقسام الحكم الوضعي لم تكن محل إتفاق عند علماء الأصول جميعهم ، بل قد اختلفوا في بعضها هل تكون من قبيل: الحكم الوضعي أو التكليفي أو هل تكون أحكاما عقلية أو شرعية ؟
وسوف أذكر هذا الخلاف عند بحثي لهذه الأقسام – إن شاء الله – وسيتبين عندئذ أن الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور من أن جميع هذه الأصناف هي من الخطاب الوضعي ومتعلقاته وليست غير ذلك .
المبحث الثالث : في المقارنة بين الحكم التكليفي والوضعي :
حتى يتميز كل قسم من أقسام الحكم الشرعي عن الآخر عقدت هذه المقارنة وإذا ما تفحصنا تعريف كل من الحكم التكليفي والوضعي ظهرت لنا بعض الفوارق بينهما يمكن تلخيصها بما يأتي :
1- أن الحكم التكليفي خطاب طلب أو تخيير بخلاف الحكم الوضعي لا طلب فيه ولا تخيير وإنما هو خطاب إخبار وإعلام جعله الشارع علامة على حكمه وربط فيه بين أمرين بحيث يكون أحدهما سببا للآخر أو شرطا له أو مانعا منه أو نحو ذلك .
2- إن الحكم التكليفي لا يتعلق إلا بفعل المكلف وهو البالغ العاقل الذي يتوجه إليه الخطاب ويقع عليه التكليف بخلاف الوضعي فإنه يتعلق بفعل الإنسان مطلقا سواء أكان مكلفا أم لا ؟ كالصبي والمجنون ونحوهما فإنهما يضمنان ما يتلفان بالإتفاق .
3- إن الحكم التكليفي يشترط له أن يكون مقدورا للمكلف لأن التكليف بغير المقدور تكليف بالمحال والمحال لا يصح التكليف به ، وأما الوضعي فقد يكون مقدورا للمكلف بحيث يستطيع فعله أو تركه كالسرقة مثلا التي هي سبب في قطع اليد . وقد يكون غير مقدورا للمكلف كما في دلوك الشمس الذي هو سبب لوجوب الصلاة .
4- إن الحكم التكليفي لا يتصور وجوده منفردا عن الوضعي خلافا للحكم الوضعي فإنه من الممكن انفراده عن الحكم التكليفي كما يمكن اجتماعهما معا . ومن أمثلة انفراد الحكم الوضعي عن التكليفي: أوقات العبادات وجعل الشارع البلوغ شرطا في التكليف ومن أمثلة اجتماعهما : كون الزنى حراما وهو في الوقت نفسه سبب لوجوب الحد على صاحبه .
5- الحكم التكليفي يشترط فيه أن يكون معلوما للمكلف حتى يتوجه قصده إليه كالصلاة والصيام والحج ونحوها لقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) وهذا بخلاف الوضعي فليس من شرطه وجود العلم ولذلك تحل المرأة بعقد وليها وتحرم بطلاق زوجها وإن كانت لا تعلم .
__________________
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "إن أحببت أن يدوم الله لك على ما تحبُّ فدم له على ما ُيحبُّ". البداية والنهاية -
(10 /330

الفصل الثاني : في السبب والشرط والمانع
المبحث الأول: في السبب وفيه أربعة مطالب :
المطلب الأول : في تعريف السبب لغة واصطلاحا :
أ – السبب في اللغة :
عبارة عما يمكن التوصل به إلى مقصود ما، ومنه سمي الحبل سببا والطريق سببا لإمكان التوصل بهما إلى المقصود ولهذا يقول ابن منظور : " السبب كل شيء يتوصل به إلى غيره " وهو عند الإطلاق يرد على عدة معان من أهمها ما يأتي :
1 – يأتي بمعنى الطريق ومنه قوله تعالى : ( فأتبع سببا ) أي طريقا ، فالطريق سبب للوصول إلى المكان المقصود بواسطة المشي أو على راحلة .
2 – يأتي بمعنى الباب ومنه قوله تعالى في قصة فرعون : ( لعلي أبلغ الأسباب ، أسباب السماوات والأرض ) أي أبواب السماوات والأرض .
ومنه أيضا قول الشاعر :
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو نال أسباب السماء بسلم
فإن الأسباب هنا بمعنى : الأبواب .
3 – يأتي بمعنى الحبل . ومنه قوله تعالى : ( فليمدد بسبب إلى السماء ) أي بحبل إلى السماء .
يقول الزمخشري : " انقطع السبب ، أي : الحبل "
ويقول الفيروز آبادي : " السبب الحبل " .
4 – ويأتي بمعنى الشفيع .
ومنه قول الشاعر :
ما أنت بالسبب الضعيف وإنما نجح الأمور بتوه الأسباب
فا اليوم حاجتنا إليك وانما يرجى الطبيب لقوة الأوصاب
5 – يأتي بمعنى الحياة .
فقد ذكر الفيروز آبادي أنه يقال : " قطع الله به السبب : الحياة " .
وإنما سمي ذلك كله سببا لأنه يتوصل به إلى المقصود .
وخلاصة ما تقدم : أن السبب يطلق على كل ما يتوصل به إلى مقصود ما .
ب– تعريف السبب في الإصطلاح: أما معنى السبب عند علماء الأصول فقد وقع في تعريفه خلاف يرجع إلى القول بتأثيره وعدم تأثيره وإلى اشتراط مناسبة ظاهرة بينه وبين تشريع الحكم وعدم اشتراطها .
فقد عرفه الآمدي في كتابه الأحكام بقوله : ( كل وصف ظاهر منضبط دلّ الدليل السمعي على كونه معرفا بحكم شرعي ) .
ولما كان الأصوليون يطلقون السبب على العلة حدّوه بحدّها فقالوا : ( ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته )
شرح التعريفين :
التعريف الأول :
قوله ( ظاهر ) : احترز عن الوصف الخفي الذي لا يمكن للمكلف الإطلاع عليه كعلوق النطفة بالرحم فانه سبب خفي لا يعلق عليه وجوب العدة ، وإنما يعلق على وصف ظاهر وهو الطلاق مثلا .
وقوله ( بالمنضبط ) عن السبب المتخلف الذي لا يوجد دائما كالمشقة فإنها تتخلف ولذا علق سبب القصر على السفر دون المشقة .
وقوله ( دلّ الدليل السمعي على كونه معرفا للحكم ) الدليل السمعي من الكتاب والسنة فمثاله من الكتاب " أقم الصلاة لدلوك الشمس " حيث دلّ هذا الدليل على أن الزوال إمارة لوجوب الصلاة . ومثاله من السنة : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " حيث دلّ الدليل على أن رؤية هلال رمضان إمارة لوجوب الصوم .
أما شرح التعريف الثاني فهو كما يلي :
فقولنا ( ما يلزم من وجوده الوجود ) احتراز من الشرط ، فالشرط لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم .
وقولنا ( ومن عدمه العدم ) احتراز من المانع ، فإن عدم المانع لا يلزم منه شيء . كما تقول : الدّين مانع من الزكاة فإذا لم يكن عليه دين لا يلزم أن تجب عليه الزكاة لاحتمال فقره مع عدم الدّين .
وقولنا ( لذاته ) هذا احتراز من مقارنة السبب بفقدان الشرط ووجود المانع .
مثال مقارنة السبب فقدان الشرط :ملك النصاب مع عدم حولان الحول ، فإن السبب الذي هو ملك النصاب لم يلزم من وجوده الوجود ولا لذاته بل لفقدان الشرط وهو حولان الحول .
ومثال مقارنة السبب المانع : كمن يملك نصابا وعليه دين مستغرق لهذا النصاب على القول المرجوح بأن الدين المستغرق مانع من الزكاة ففي الصورة لا يلزم من وجود السبب وجود الحكم .
ويلاحظ من هذين التعريفين : أننا نجدهما يهدفان إلى معنى واحد وهو كون السبب اسما عاما شاملا لما كان فيه مناسبة ظاهرة وما لم يكن كذلك ، فالوصف الظاهر المنضبط في تعريف الآمدي ، يمكن أن يكون مناسبا كما في الإسكار الذي هو سبب لتحريم الخمر ، ويمكن أن يكون غير مناسب كما في جعل دلوك الشمس سببا في وجوب الصلاة .
وما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم في تعريف القرافي : يتخرج على هذا المعنى ، حيث يشمل ما كان بينه وبين الحكم مناسبة ظاهرة وما ليس كذلك فهو كتعريف الآمدي في المعنى ، فالزوال مثلا سبب يلزم من وجوده وجود الصلاة ، ومن عدمه عدمها لذاته ، والنصاب سبب يلزم من وجوده وجود الزكاة ، ومن عدمه عدمها وهكذا وعلى هذا فإن السبب هو الأمر الذي جعل الشارع وجوده علامة على وجود الحكم وانتفاؤه علامة على انتفائه سواء كان مناسبا لتشريع الحكم مناسبة ظاهرة أو لم يكن كذلك إلا أنه إن كان مناسبا للحكم مناسبة ظاهرة سمي علة وسببا وإن لم يكن مناسبا له مناسبة ظاهرة سمي سببا فقط ولا يسمى علة خلافا للجلال المحلي الذي صرح بعدم اشتراط المناسبة في العلة .
ج) وأما تعريف السبب عند الحنفية :
فقد عرفوه بعدة تعريفات من أهمها ما يلي :
1- تعريف الإمام الشاشي : " السبب ما يكون طريقا إلى الشيء بواسطة "
2- وعرفه البزدوي بقوله : "هو ما يكون طريقا إلى الحكم من غير أن يضاف إليه وجوب ولا وجود ولا يعقل فيه معاني العلل ".
شرح تعريف الإمام البزدوي :
فقوله : " ما يكون طريقا إلى الحكم " أي ما يفضي إليه وهو بمنزلة الجنس فيدخل تحته السبب والعلة والشرط وغيرها مما يكون طريقا إلى الحكم .
واحترز بقوله " من غير أن يضاف إليه وجوب " عن العلة إذ هي ليست كذلك لأنه يضاف إليها وجوب الحكم .
وقوله " ولا وجود " احترز عن الشرط فإن وجود الحكم يضاف إلى الشرط ثبوتا عنده .
وقوله " ولا يعقل فيه معاني العلل " أي لا يوجد له تأثير في الحكم بوجه بواسطة أو بغير واسطة وهذا القيد لا بد منه عند الحنفية للتفريق بين السبب وبين العلة بفارق التأثير كما سيأتي .
ويلاحظ من هذه التعريفات عند الحنفية : أن السبب عندهم مجرد طريق الوصول إلى الحكم من غير إضافة ولا تأثير أي أنه لا يضاف إليه الحكم ابتداء ، وإنما يضاف إلى الواسطة التي تتخلل بينه وبين الحكم وتلك الواسطة هي المعبر عنها ( بالعلة ) كما ذكر ذلك الشاشي حيث قال : " كل ما كان طريقا إلى الحكم بواسطة يسمى سببا له شرعا وتسمى الواسطة علة " . وتبعه في ذلك البزدوي ، وقد صرحوا أيضا بخلو السبب من التأثير والملاءمة وأنه لا يعقل فيه معاني العلل وهذا بعكس العلة عندهم فإنه لا بد فيها من المناسبة والتأثير ولذلك قال صاحب التوضيح : " إن ما يترتب عليه الحكم إن كان شيئا لا يدرك العقل تأثيره كالوقت للصلاة يخص باسم السبب وإن أدرك العقل تأثيره يخص باسم العلة " .
وبعد هذا العرض لأهم تعريفات السبب عند جمهور الأصوليين والحنفية نخلص إلى المقارنة بين السبب والعلة في المطلب القادم .

المطلب الثاني : في الفرق بين السبب والعلة :
كما ذكرنا سابقا بأن جمهور الأصوليين يطلقون السبب على العلة إن كانت هناك مناسبة ظاهرة للحكم وإن لم يكن هناك مناسبة ظاهرة سمي سبب فقط ولا يسمى علة ، فالسبب عندهم أعم في مدلوله من العلة لشموله الوصف المناسب وغير المناسب وهما مع ذلك يتفقان في أن كلا منهما أمارة وعلامة على وجود الفعل وكلا منهما ينبني عليه الحكم ويرتبط به وجودا وعدما ؛ .بينما الحال هذا يختلف عند الحنفية فإنهم يفرقون بين السبب والعلة كما سبق بيان ذلك وفي هذا المطلب نذكر أوجه الإختلاف بينهما بشيء من الاختصار وقبل ذلك نعرّف العلة حتى نفهم معناها ثم ندرك اختلافها مع السبب .

العلة :هي : ما يضاف إليه وجوب الحكم – أي ثبوته – ابتداء .
والفرق بين العلة والسبب : أن الحكم يثبت بالعلة بلا واسطة ، في حين لا يثبت الحكم بالسبب إلا بواسطة ولذا احترز عن السبب في التعريف بكلمة ( ابتداء ) ، ومن أمثلته قول القائل :
أنت طالق ، فإنه يستعقب الطلاق من غير توقف على شرط فسمي علة ، أما لو قال : إذا دخلت الدار فأنت طالق ، سمي سببا لتوقف الحكم على واسطة وهي دخول الدار .
كما يفترقان في أن السبب قد يتأخر عنه حكمه وقد يتخلف عنه ، ولا يتصور التأخر والتخلف في العلة .






المطلب الثالث : في أقسام السبب :
وينقسم السبب إلى عدة أقسام باعتبارات مختلفة من أهمها :
الأول : من ناحية قدرة المكلف على فعله فإنه ينقسم إلى قسمين :
1- سبب من فعل المكلف ومقدوره :وهو ما كان داخلا تحت كسبه وطاقته حيث يستطيع فعله أو تركه كالبيع الذي يترتب عليه ملك العين المبيعة للمشتري وملك الثمن للبائع . وقد يكون منهيا عنه ، كالقتل عدوانا ، وقد يكون مباحا : كالصوم بالنسبة للمسافر .
2- سبب ليس في مقدور المكلف فعله : سواء كان المترتب عليه حكما تكليفيا كزوال الشمس بالنسبة لوجوب صلاة الظهر الوارد في قوله تعالى ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) أي لوقت زوال الشمس ، أم كان المترتب عليه حكما وضعيا ، كالموت الذي هو سبب لانتقال الملكية إلى الوارث .
الثاني : ينقسم من ناحية ترتب الحكم التكليفي عليه إلى قسمين :
1 – سبب يترتب عليه حكم تكليفي :
سواء أكان ذلك من فعل المكلف : كالسرقة ، أو القتل ، أم كان في غير مقدوره : كدخول وقت الصلاة.
2 – سبب لا يترتب عليه حكم تكليفي : سواء أكان من فعل المكلف : كعقود الزواج ، من حيث ترتب الحل وزواله ، أم كان ليس من فعل المكلف : كالموت الذي يترتب عليه الإرث فإن شيئا من ذلك لا يعتبر حكما تكليفيا .
الثالث : وينقسم باعتبار المشروعية وعدمها إ لى قسمين :
1 – السبب الممنوع : وهو ما يؤدي إلى المفسدة – في نظر الشارع – أصلا وإن أدى إلى المصلحة تبعا . ومثال ذلك : النكاح الفاسد فإنه سبب ممنوع لأنه رباط غير شرعي ، وإن أدى إلى المصلحة تبعا ، كإلحاق الولد بأبيه نسبا ، وكثبوت الميراث ، وغير ذلك من الأحكام .
2 – السبب المشروع وهو ما يؤدي إلى المصلحة – في نظر الشارع – أصلا وإن أدى إلى مفسدة تبعا ، ومثال ذلك الجهاد فإنه يؤدي إلى إعلاء كلمة الله وإلى ما فيه من مصلحة الأمة وإن استتبع هلاك بعض الأنفس وضياع شيي من الأموال بحسب الظاهر .

المطلب الرابع : في حكم السبب :
بعد أن ذكرنا أهم تعريفات السبب وأقسامه ، بقي علينا أن نعرف حكمه وما يترتب عليه ، وسيكون هذا المطلب لبيان ذلك ، فنقول : إن من أتى بالسبب مستكملا لشروطه مع انتفاء موانعه ، فإنه عندئذ يترتب عليه مسببه ، سواء رضي الفاعل بذلك أم أبى ؟ لأنه لا عبرة بقصده المخالف لفعله في مثل هذه الحال .
وبيان ذلك : أن من عقد نكاحا صحيحا مثلا أو بيعا أو غير ذلك من العقود ، ثم قصد أنه لا يستبيح بذلك العقد ما عقد عليه فقد وقع قصده عبثا ولزم أن يترتب على تلك العقود أحكامها من انتقال الأملاك ، وإباحة الإنتفاع ، وغير ذلك مما قصده الشارع ، ورتبه عليها ، وبالمقابل فإنه إذا لم يأت بالسبب مستكملا لشروطه وأركانه ، فإنه لا يترتب عليه مسببه ، شاء المكلف ذلك أم أبى ؟ لأن المسببات ليس وقوعها وعدم وقوعها موكولا إلى اختيار المكلف ، كما تقدم من أنها غير مقدورة له ، ولا تدخل تحت كسبه ، ولأن الشارع لم يجعل أسباب مفضية إلى مسبباتها إلا إذا وجدت بكاملها على الوفاء والتمام ، وإلا لم تكن أسبابا مؤديا إلى المقصود.
وعلى هذا فمن لم يأت بالسبب على كماله وتمامه بأن وجد منه تفريط أو إهمال فإنه يؤاخذ بما ينتج عنه من خلل في المسبب .
ولذلك فإن الطبيب أو الحجام أو غيرهم من الصناع ، إذا ثبت من أحدهم تفريط فيما قام به من أعمال فإنه يؤاخذ بضمان ما فرط فيه لعدم قيامه بالعناية المعتادة في مثل هذه الأمور .














المبحث الثاني : في الشرط
وفيه أربعة مطالب :
المطلب الأول في تعريفه لغة واصطلاحا :
أ) الشرط في اللغة : بتسكين الراء : إلزام شيء والتزامه في البيع ونحوه ، وجمعه شروط وشرائط .
والشرط - بفتح الراء : العلامة .
والجمع أشراط ومنه قوله تعالى : ( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها ) أي علاماتها.
ومنه سمي الشرط ؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها .
ب) اصطلاحا :
لقد تنوعت عبارات الأصوليين في تعريف الشرط ، ومن أبرز هذه التعريفات وأشهرها ثلاثة ، وقد اخترت الأول لشهرته وكثرة استعماله بين الأصوليين .
" وهو وصف ظاهر منضبط يلزم من عدمه عدم الحكم ولا يلزم من وجوده وجود الحكم ولا عدم وجوده لذاته ، ويكون خارجا عن حقيقة المشروط " .
وقيل : هو ما لا يوجد المشروط مع عدمه ، لكن لا يلزم أن يوجد عند موجوده .
وقيل : الشرط ما يستلزم نفيه نفي أمر آخر على غير جهة السببية .
شرح التعريف الأول :
قوله في التعريف ( هو ما يلزم من عدمه عدم الحكم ) : أي يلزم من عدم الشرط عدم المشروط ، كالوضوء الذي هو شرط لصحة الصلاة فإذا انعدم هذا الشرط انعدمت الصلاة المتوقفة عليه بقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق )فالوضوء شرط لصحة الصلاةفإذا لم يتوضأ لم تصح صلاته وبهذا القيد احترز عن المانع .
وقوله : ( ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط ولا عدم وجوده ) : فقد يتوضأ الإنسان ولا يصلي ولا يلزم من وجوده عدمها ، وهذا قيد الإحتراز عن السبب .
قوله ( لذاته ) : أي بقطع النظر عما يقترن به من وجود سبب أو مانع .
قوله ( ويكون خارجا عن حقيقة المشروط ) : أي لا يكون جزء من حقيقة المشروط ، كالوضوء مثلا ليس جزء من حقيقة الصلاة وإنما هو شيء خارج ، وعبادة مستقلة .
ويلاحظ على هذه التعريفات أنها تكاد تتفق على حقيقة الشرط ، حيث يستفاد من مجموعها أن الشرط يتوقف عليه وجود المشروط وينعدم المشروط عند عدمه ، كما يستفاد أنه لا يلزم من وجوده وجود المشروط ، وأما عبارة ابن الحاجب فقد أفادت أن الشرط يلزم من عدمه العدم ثم أخرجت ما قد يكون كذلك ، وهو غير شرط كالعلة والسبب بالقيد المذكور في تمام التعريف وهو قوله ( على غير جهة السببية)

المطلب الثاني : في الفرق بين الشرط والسبب :
ومما تقدم يتبين أن الشرط والسبب يتفقان في حالة العدم ، فإن عدم كل منهما يستلزم عدم الشيء الذي جعل سببا أو شرطا له ، ويختلفان في حالة الوجود ، فالشرط إذا وجد فإنه لا يلزم منه وجود الحكم كالوضوء لا يلزم من وجوده وجوب إقامة الصلاة ، ولا يلزم من وجود الشاهدين وجود النكاح .
أما السبب فيلزم من وجوده وجود الحكم إلا إذا كان المانع ، فإذا كان وقت الصلاة فقد وجبت الصلاة وإذا كان الإسكار وجد التحريم ، وإذا كانت السرقة فقد وجب الحد .

المطلب الثالث : في الفرق بين الشرط والركن :
قبل ذكر الفرق بين الشرط والركن لا بد لنا من تعريف الركن تعريفا مختصرا فنقول :
الركن هو : ما يتوقف الشيء على وجوده وكان جزء من حقيقته أو ماهيته . وقيل ركن الشيء ما يتم به وهو داخل فيه بخلاف شرطه وهو خارج عنه .
ومما تقدم من تعريف الشرط والركن يتبين أنهما يتفقان في أن عدم كل منهما يترتب عليه عدم الشيء الذي جعل ركنا أو شرطا له ، ويختلفان في أن الركن جزء من ماهية الشيء وحقيقته ، أما الشرط فهو خارج عن حقيقة الشيء وليس جزء منها .
فعدم الطهارة التي هي شرط في الصلاة يستلزم عدم صحة الصلاة ، وعدم القراءة التي هي ركن في الصلاة يستلزم عدم صحة الصلاة .
والقراءة هي جزء من ماهية الصلاة وحقيقتها ، وأما الوضوء وهو شرط في الصلاة فهو خارج عنها .
ومن هنا : فإذا اختل ركن أدى إلى خلل في الماهية ، وإذا اختل شرط أدى إلى الفساد عند الحنفية لكونه خللا في الوصف ، أي في أمر خارج عنه ، وعند الجمهور : يعتبر الخلل في الوصف ، كالخلل في الأصل .




المطلب الرابع : في أقسام الشرط :
وينقسم الشرط إلى عدة أقسام باعتبارات مختلفة :
أولا : باعتبار مصدره : وينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : الشرط الشرعي وهو : ما كان توقف المشروط على وجود الشرط بحكم الشارع وجعله ، ويشمل هذا النوع جميع الأمور التي اشترطها الشارع في العبادات والعقود والتصرفات ، كالوضوء الذي جعله شرطا لصحة الصلاة ، وحولان الحول الذي اشترطه في الزكاة ونحوها .
القسم الثاني : الشرط الجعلي : وهو الذي يكون اشتراطه بتصرف المكلف وإرادته .
وهذا النوع ينقسم إلى قسمين :
1- الشرط المعلق : وهو الأمر الذي يجعل الإنسان تصرفه والتزامه معلقا بحيث إذا لم يتحقق ذلك الأمر لا يتحقق ذلك التصرف والالتزام . مثاله : الشروط التي يشترطها الزوج مثلا ليقع الطلاق على زوجته أو شروط الواقف أو الواهب أو الموصي . فإن تعليق الطلاق أو الوقف شرط مقتضاه : أن يتوقف وجود الطلاق أو الوقف على وجود الشرط ويلزم من عدمه عدمه .
2- الشرط المقيد أو المقترن : وهو : الالتزام في العقد بأمر من الأمور إلتزاما زائدا على صيغة العقد ومثاله : أن يبيع شخصا لآخر دارا على أن يسكنها سنة . ولا يجوز عند الفقهاء تعليق جميع العقود والتصرفات بالشرط .

ثانيا : أقسام الشرط بالنظر إلى ما يتعلق به :
وهو بهذا الإعتبار ينقسم أيضا إلى قسمين :
الأول : الشرط المكمل للسبب : وهو ما يكون مقويا لمعنى السببية مثل اشتراط حولان الحول على ملك النصاب في وجوب الزكاة ، فالسبب في وجوب الزكاة هو النصاب ، إذ النصاب دليل الغنى ولا يتحقق الغنى بالنصاب على الوجه الأكمل إلا إذا مضى حول على وجود هذا النصاب كاملا في يد صاحبه .
الثاني : الشرط المكمل للمسبب : وهو الذي يقوي حقيقة المسبب وركنه وذلك مثل : ستر العورة في الصلاة ، فهو يكمل حقيقتها ويجعل آثارها تترتب عليها من براءة الذمة .
والشرط : من حيث هو شرط : لا يجب على المكلف فعله لأنه حكم وضعي ، وقد يعرض له ما يجعله واجبا ، وذلك إذا كان الواجب لا يتم إلا بالشرط وهو مقدور للمكلف ففي هذه الحالة يجب فعل الشرط لأنه يكون حكما تكليفيا وليس حكما وضعيا .

المبحث الثالث : في المانع
وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : في تعريفه لغة واصطلاحا :
المانع في اللغة : الحائل بين الشيئين . وهو أن تحول بين الرجل وبين الشيء الذي يريده فيقال : " منعه الأمر ومنعته منه فهو ممنوع " أي : محروم والفاعل مانع ، وجمعه منع للتحريك ، والمنع خلاف الإعطاء ورجل منوع بصيغة مبالغة أي ظنين ممسك قال تعالى : ( إذا مسه الخير منوعا )
وأما في الإصطلاح: فقد عرفه ابن السبكي بقوله : " هو الوصف الوجودي الظاهر المنضبط المعرّف لنقيض الحكم ".
وعرفه القرافي بقوله : " ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته ".
وفيما يلي شرح للتعريفين :
التعريف الأول :
قوله في التعريف( الوصف) أي : هو المعنى القائم بالذات .
وقوله ( الوجودي ) احتراز عن عدم الشرط ، فإنه ليس وصفا وجوديا ، بل هو عدمي ، ومن اطلق عليه لفظ المانع فعلى جهة التسامح .
قوله ( الظاهر ) قيد في التعريف وهو مخرج للخفي ، فإن الشارع لم يعلق أحكامه من حيث اثباتها بواسطة الأسباب والعلل وانتفاؤها بواسطة الموانع بأوصاف خفية كي لا تضطرب الأحكام ، فلا بد في المانع أن يكون ظاهرا .
وقوله ( المنضبط ) : خرج به المضطرب ، فإن الشارع لا يعلق أحكامه بالأوصاف المضطربة لأنها لا تنضبط لاختلافها باختلاف الأحوال والأشخاص والأزمان .
وقوله ( المعرف لنقيض الحكم ) : أي الذي يكون علامة على رفع الحكم . ومثال ذلك : القتل في باب الإرث ، فإنه مانع من وجود الإرث المسبب عن القرابة أو غيرها ، وذلك لحكمة ، وهي عدم استعجال الوارث موت مورثه بقتله .
شرح التعريف الثاني :
قوله (ما يلزم من وجوده العدم ): احتراز من السبب فإنه يلزم من وجوده الوجود .
قوله ( ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم ): احتراز من الشرط فإنه يلزم من عدمه العدم .
قوله ( لذاته ): احتراز من مقارنة عدمه وجود السبب ، فإنه يلزم الوجود لكن ليس ذلك لعدم المانع لذاته ، بل لوجود السبب ، أو مقارنة عدم المانع عدم الشرط ، فإنه يلزم العدم ، لكن ليس ذلك العدم ذاته بل لعدم الشرط .

المطلب الثاني : في الفرق بين الشرط والمانع :
ومما تقدم من تعريفنا للشرط والمانع يتضح لنا بعض الفروق بينهما نذكر بعضا منها :
الأمر الأول : أن المانع يقتضي وجوده معنى ينافي الحكم أو سببه . أما الشرط فيقتضي في وجوده معنى يقتضي الحكم من حيث الوجود دون الوجوب ، ويقتضي السبب من حيث التأثير ، لا من حيث الوجود .
الأمر الثاني : أن المانع يقتضي وجوده عدم الحكم لذاته . أما الشرط فلا يقتضي وجوده وجود الحكم ولا عدمه لذاته .
الأمر الثالث : أن المانع لا يقتضي عدمه وجود الحكم أو عدمه لذاته أما الشرط فيقتضي عدمه عدم الحكم لذاته .
الأمر الرابع : أن المانع ، أقوى من الشرط ، ويتبين أثر قوته على الشرط فيما لو وجد كل من المانع والشرط ، فإن المانع يمنع وجود الحكم ، ويبطل عمل الشرط .
ولهذا قيل : أن الشرط لا يأخذ مجراه ، إلا إذا انتفى المانع .

المطلب الثالث : في أقسام المانع :
من التعريفين السابقين للمانع يتبين لنا أن المانع قسمان : مانع للحكم ومانع للسبب .
القسم الأول: مانع للحكم : هو الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من وجوده عدم الحكم وبهذا المعنى جاء تعريف الأصوليين له ومن أمثلته ما يأتي :
1- قتل الوارث لمورثه عدوانا ، فإنه مانع من الميراث ، وإن تحقق سببه ، وهو القرابة أو الزوجية وتوافرت شروطه ، وهي تحقق موت المورث قبل موت الوارث ، واتحاد الدين .
2- أبوة القاتل للقتيل ، فإنها مانعة من ثبوت القصاص عند الجمهور من الفقهاء – وإن تحقق سببه – وهو القتل العمد العدوان ، وتوافرت شروطه .
3- وجود الحيض والنفاس ، فإنه مانع من وجوب الصلاة ، وإن تحقق سببه ، وهو الوقت .

القسم الثاني : مانع للسبب :
وهو الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من وجوده عدم السببوبهذا المعنى جاء تعريف الآمدي وابن النجار الفتوحي له .
ومن أمثلته ما يأتي :
1- وجود الدين على من ملك نصابا من الأموال التي تجب فيها الزكاة ، فإن ملك النصاب سبب لوجوب الزكاة ، لأن ملك النصاب مظنة الغنى ، والغني مطالب بعون الفقير ، ووجود الدين على من ملك نصابا مانع من تحقق هذا السبب ، لأن ما يقابل الدين من المال ليس مملوكا للمدين على الحقيقة ، نظرا لتعلق حقوق الدائنين به .
2- حرية المعقود عليه في البيع ، فإنها تمنع من تحقق سبب الملك ، وهو البيع ، ومن ثم يكون بيع الحر باطلا لوجود المانع من انعقاده ، وهو حرية المعقود عليه .

الفصل الثالث : في الصحة والفساد والبطلان :

وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : في تعريف الصحة والفساد لغة واصطلاحا :
I) الصحة في اللغة : خلاف السقم وهو المرض . يقال : رجل صحيح خلافه مريض وجمعه أصحاء ، والصحة في البدن : هي حالة طبيعية تجري أفعاله معها على المجرى الطبيعي ، ويقال : صح القول إذا طابق الواقع ، والصحيح الحق وهو خلاف الباطل .
وأما الفساد فهو في اللغة نقيض الصلاح يقال : تفاسد القوم إذا تدابروا وقطعوا الأرحام ، والمفسدة خلاف المصلحة .
II) أما تعريف الصحة في الإصطلاح: فقد اختلفت عبارات الأصوليين في تعريفها ، إلا أن أسلم هذه التعريفات هو تعريف ابن السبكي ، والذي يقول فيه : " وقوع الفعل ذو الوجهين موافقا أمر الشرع " وأصل هذا التعريف هو تعريف المتكلمين لصحة العبادة إلا أن ابن السبكي حرره وزاده دقة في الجمع والمنع حتى أصبح تعريفا مستقلا شاملا لصحة العبادة وصحة العقد وغيرهما من التصرفات الشرعية .
شرح التعريف :
قال المحلي في شرح هذا التعريف : : والصحة – من حيث هي الشاملة لصحة العبادة ، وصحة العقد - : موافقة الفعل ذي الوجهين موافقا لأمر الشارع "
والوجهان : موافقة الشرع ، ومخالفته . أي الفعل الذي يقع تارة موافقا للشرع ، لاستجماعه ما يعتبر به شرعا ، وتارة مخالفا له ، لانتفاء ذلك ، عبادة كانت كالصلاة ، أو عقدا ، كالبيع : الصحة موافقته الشرع. بخلاف ما لا يقع إلا موافقا للشرع ، كمعرفة الله تعالى ، إذ لو وقعت مخالفة له أيضا كان الواقع جهلا ، لا معرفة .
وذهب الحنفية : إلى أن الصحة في العبادات : اندفاع وجوب القضاء . ففي تعريف الحنفية زيادة قيد إذ هي عندهم : موافقة أمر الشارع على وجه يندفع به القضاء .
وفي المعاملات ترتب أثرها وهو ما شرعت من أجله ، كحل الانتفاع في عقد البيع ، والاستمتاع في عقد النكاح .
وتظهر ثمرة الخلاف بين التعريفين : فيمن صلى ظانا أنه متطهر ، ثم تبين أنه محدث ، فتكون صلاته صحيحة عند الجمهور ، لأنه وافق الأمر المتوجه عليه في الحال ، وأما القضاء فوجوبه بأمر متجدد ، فلا يشتق منه اسم الصحة وتكون الصلاة غير صحيحة عند الحنفية لعدم اندفاع القضاء .
وأما الفسادفهو عكس الصحة وهو مرادف للبطلان عند جمهور الأصوليين خلافا للحنفية كما سيأتي وعليه فالفساد عند الجمهور هو نقيض الصحة بكل اعتبار من اعتباراتها السابقة ، فإذا كانت الصحة هي موافقة الأمر فالفساد مخالفته وهكذا على التقابل ، وبهذا يكون قد تبين لنا معنى الصحة والفساد لغة واصطلاحا ، غير أن بعض الأصوليين قد نازع في كون الصحة والفساد من أحكام الشرع وذكر أنهما عقليان لا شرعيان وسوف يكون المبحث الآتي في ذكر الأقوال في ذلك وإثبات أن الصحة والفساد من أحكام الشرع الوضعية .

المبحث الثاني : في إثبات أن الصحة والفساد من أقسام الحكم الشرعي الوضعي :
قدمنا في أول الكلام على الحكم الشرعي الوضعي خلاف العلماء في أقسامه ، وها نحن – الآن - نشرع في بيان هذه المسألة فنقول :
أولا : تحرير محل النزاع :
لا خلاف بين العلماء على أن الصحة والفساد في المعاملات هي من أحكام الوضع ، وإنما الخلاف في كون الصحة والفساد من أحكام العقل أو من أحكام الشرع إنما هو في المتعلق بالعبادات ، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : وهو أن الصحة والفساد من أحكام العقل لا من أحكام الشرع وهذا القول ذهب إليه بعض الأصوليين وعلى رأسهم ابن الحاجب وشارحه العضد وآخرون .
القول الثاني : وهو أن الصحة والفساد حكمان شرعيان لا عقليان وهذا القول ذهب إليه الآمدي والشاطبي وغيرهم من علماء الأصول .
ثانيا : أدلة هذه الأقوال :
وحجة القول الأول في ذلك هي : أن كون الفعل الذي يأتي به المكلف موافقا للأمر الطالب له أو غير موافق له على قول المتكلمين في تعريف الصحة والفساد أو كونه تمام المطلوب حتى يكون مسقطا للقضاء ، او عدم كونه تمام المطلوب بحيث لا يندفع القضاء على تعريف الفقهاء يكفي في معرفة ذلك العقل المجرد وبيان ذلك : أنه بعد ورود الأمر بالصلاة مثلا ومعرفة حقيقة الصلاة المأمور بها فإن إتيان المكلف فعلا مطابقا لتلك الحقيقة أو غير مطابق لها لا يتوقف على الشرع بل إن العقل يدرك ذلك بمفرده كما يدرك كون المكلف مؤديا للصلاة أو تاركا لها على السواء ، قال ابن الحاجب : " أما الصحة والبطلان أو الحكم بهما فأمر عقلي" ثم عقب على ذلك الشارح العضد موضحا المراد فقال : " اعلم أنه قد يظن أن الصحة والبطلان في العبادات من جملة أحكام الوضع وليس كذلك إذ بعد ورود أمر الشرع بالفعل فكون الفعل موافقا للأمر أو مخالفا له وكون ما فعل تمام الواجب حتى يكون مسقطا للقضاء وعدمه لا يحتاج إلى توقيف من الشارع بل يعرف بمجرد العقل " فظهر بذلك أن العقل عندهم هو الذي يحكم لصحة الشيء إذا استوفى أركانه وشروطه دون الإحتياج لذلك إلى أن يتوقف على خطاب من الشرع .
أما حجة القول الثاني القائلين : بأنهما حكمان شرعيان لا عقليان فهي :
أولا : أن كون الفعل يقع مستجمعا لشروطه وأركانه ، وارتفاع موانعه حتى يكون صحيحا لا يمكن أن يعرف إلا من الشرع والرجوع إلى أمره في ذلك .
ثانيا : إن معرفة استجماعه لما ذكر موقوف على معرفة الركن والشرط والمانع ، ومعرفة هذه الثلاثة موقوفة على خطاب الشارع بالإتفاق ، ولا معنى لكون الصحة والفساد من الأحكام الشرعية إلا كونهما لا يعرفان إلا من طريق الشرع .
وقد رد ابن السبكي على القول بأن الصحة والفساد من أحكام العقل وأثبت أنهما أمور شرعية لا عقلية فقال في رفع الحاجب : " والصورة عندنا أن الصحة والبطلان والحكم بهما أمور شرعية وكون الفعل مسقطا للقضاء أو موافقا للشرع هو من فعل الله تعالى وتصييره إياه سببا لذلك ، فما الموافقة ولا الإسقاط بعقليين لأن للشرع مدخلا فيهما … ولو لم تكن الصحة شرعية لم يقضي القاضي بها عند اجتماع شرائطها لكنه يقضي بها بالإجماع فدل على أنها شرعية إذ لا مدخل للأقضية في العقليات وليس للقاضي أن يحكم إلا بما يصح أن يكون حكما من الشارع .
ثم قال متعجبا من ابن الحاجب : " والعجب كل العجب ممن يرى أن خطاب الوضع حكم شرعي ثم لا يرى الصحة حكما شرعيا ولو قال هذه المقالة من لا يرى ذلك لرددنا عليه فما ظنك بمن يراه ؟ " والحاصل أن الصحة والفساد أحكام شرعية ولا شك إذ هما من الألفاظ الشرعية التي لم تستفد إلا من جهة الشرع .أن الصحة والفساد أحكاما شرعية ولا شك

وإذا ثبت لنا أن الصحة والفساد من الأحكام الشرعية على الصحيح لا من أحكام العقل ، فهل هما من أحكام الشرع التكليفية أم من الأحكام الوضعية ؟ اختلف العلماء في ذلك على مذهبين :
المذهب الأول : أنهما من الأحكام التكليفية حيث يرى بعض الأصوليين أنهما يرجعان إلى خطاب التكليف ولا يخرجان عن مضمونه ومدلوله ، وهذا القول هو قول الإمام الرازي في المحصول والبيضاوي في المنهاج وغيرهما .
ووجهتهم في ذلك : أن المراد بالصحة هو إباحة الإنتفاع بالمبيع مثلا والمراد بالبطلان أو الفساد حرمته، والإباحة والحرمة من أحكام التكليف ، فاندرج بذلك تحت لفظ الاقتضاء والتخيير ضمنا فكانا من أقسام الحكم التكليفي .
المذهب الثاني : أنهما من أقسام الحكم الوضعي ، وهذ الرأي هو الذي أخذ به أكثر علماء الأصول ، كالغزالي والآمدي والشاطبي والآسنوي وغيرهم .
وقد ردوا على الرأي الأول بأن إرجاع أقسام خطاب الوضع ومنها الصحة والفساد إلى الحكم التكليفي أمر فيه عسر وتكلف لا يساعد عليه اللفظ ولا ينتظمه المعنى ، ولذلك فقد استبعده الآسنوي في شرح المنهاج وأثبت عدم جدواه فقال : " أما دعواه بأن الصحة هي إباحة الإنتفاع فمنقوض بالمبيع إذا كان الخيار فيه للبائع فإنه صحيح ولا يباح للمشتري الإنتفاع به "ثم استشكل دخول صحة العبادة في أحد الأحكام التكليفية الخمسة فأفهم كلام الآسنوي عدم اندراج الصحة والفساد تحت لفظي الاقتضاء والتخيير فهما إذا من أقسام الحكم الوضعي وهذا هو الرأي الراجح من هذه الأقوال ، لأنه إذا ثبت أن الصحة والفساد من الأحكام الشرعية وهما ليسا داخلين في الاقتضاء أو التخيير لا صراحة ولا ضمنا ، فهما إذا من خطاب الوضع .











المبحث الثالث : في الفساد والبطلان :
وفيه مطلبان :
المطلب الأول : في تعريف الفساد والبطلان لغة واصطلاحا :
I) أما الفساد في اللغة : فقد تقدم تعريفه عند تعريف الصحة في اللغة . وأما البطلان فهو في اللغة سقوط الشيء لفساده فيقال بطل الشيء إذا فسد وسقط حكمه وتأتي بمعنى تعطل ، يقال : بطل الأجير أي تعطل ، والباطل ضد الحق والجمع : أباطيل .
II) أما تعريف البطلان في الإصطلاح عند الجمهور فهو كتعريف الفساد سواء بسواء لأنه مرادف له فكل فاسد باطل وبالعكس ، فهما عبارتان عن معنى واحد في الشرع وهو ما يقابل الصحيح خلافا للحنفية كما سيأتي .
وقد سبق أن الفساد في الإصطلاح هو نقيض الصحة بكل اعتبار من اعتباراتها فيكون البطلان كذلك فإذا كانت الصحة هي موافقة الأمر فالبطلان مخالفته ، وعليه فالبطلان في العبادات هو مخالفة أمر الشارع أو عدم سقوط القضاء بالفعل ، وفي عقود المعاملات هو تخلف الأحكام عنها وخروجها عن كونها أسبابا مفيدة للأحكام .
المطلب الثاني : في الفرق بين الفساد والبطلان عند الحنفية خلافا للجمهور :
الجمهور لا فرق عندهم بين الفساد والبطلان ، فكل عقد أو فعل سواء أكان معاملة أم عبادة لم تترتب عليه ثمرته المطلوبه منه شرعا فهو فاسد ، ويطلق عليه أيضا أنه باطل ، وسواء أكان بطلانه لكونه فقد ركنا أم لكونه فقد شرطا ، فالبيع الفاسد كالبيع الباطل لا يفيد نقل الملك ولا الإنتفاع بالعوضين ، والنكاح الفاسد كالنكاح الباطل لا يفيد حلية التمتع بالمنكوحة وهكذا بقية العقود يستوي فيها التعبير بالفساد والبطلان .
ثم إن الحنفية يوافقون الجمهور بأن الفساد هو البطلان في العبادات فالعبادة الفاسدة عندهم هي الباطلة وهي ما فات منها شرط أو ركن وهكذا عند غيرهم ، أما المعاملات ، فالحنفية يخالفون الجمهور في التسوية فيهما ويقولون ، أن الفاسد من المعاملات ما شرع بأصله ولم يشرع بوصفه : كبيع الدرهم بالدرهمين ، فبيع الدرهم مناجزة مشروع بأصله بدون زيادة ، أما إذا كانت فيه زيادة فيكون ممنوعا من أجل وصفه وهو الزيادة في أحد العوضين من جنس واحد وهو عين الربا المحرم ، أما الباطل عندهم فهو : ما لم يشرع بأصله ولا بوصفه كبيع الخنزير بالخمر أو الميتة ، والفرق عندهم بين الفاسد والباطل ، بأن الفاسد إذا زال عنه الوصف كزيادة الدرهم في صورة بيع الدرهم بالدرهمين صح البيع ولم يحتج إلى عقد بيع جديد ، إلا أنه يأثم صاحبه وأن المشتري يملك المبيع في البيع الفاسد دون الباطل فلا يعتد به أصلا ولا يفيد ملكا .
وقد رد الجمهور على هذه التفرقة بين الباطل والفاسد بأن كل ممنوع بوصفه فهو ممنوع بأصله ، لأن الوصف وهو الزيادة منصوص على النهي عنها لقوله – صلى الله عليه وسلم - : " الذهب بالذهب والفضة بالفضة ، مثلا بمثل يدا بيد …. فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء "

المطلب الثالث : في منشأ الخلاف بين الحنفية والجمهور في التفرقة بين الفاسد والباطل :
ومنشأ الخلاف بين الحنفية والجمهور في التفرقة بين الفاسد والباطل في المعاملات يرجع إلى ما يقتضيه النهي حين يتوجه إلى وصف من الأوصاف الملازمة للعمل ، وليست من أركانه أو شروطه ، ويرى الخضري أن منشأ الخلاف هو أن المعاملات بحكم كونها راجعة في الغالب إلى مصالح الدنيا لها نظران :
الأول : من حيث هي أمور مأذون فيها شرعا أو مأمور بها شرعا .
الثاني : من حيث هي أسباب لمصالح بنيت عليها فمن نظر إليها من الجهة الأولى لم يفرق فيها بين البطلان والفساد إذ أن مخالفة أمر الشارع مخالفة لقصده بإطلاق ، كالعبادات المحضة ، ومخالفة أمر الشارع تقضي بأنه غير مشروع وغير المشروع باطل ، ومن نظر إليها من الجهة الثانية فرق بين ما كان المعنى الذي لأجله كان العمل مخالفا للأمر مؤثرا في أصل العقد كبيع المجنون وزواج المسلمة بغير المسلم ، أو غير مؤثر في أصل العقد وإنما يؤثر في صفة له يمكن تلافيها كالبيع لأجل مجهول أو بثمن مجهول ، فإذا كان الأول فهو باطل ، وأن كان الثاني فهو فاسد .
وقد اشتد النزاع بين الحنفية وغيرهم في هذه القضية حتى أدى إلى أن تتضمن العبارات بينهم شيئا من القسوة .



الفصل الرابع :في العزيمة والرخصة


المبحث الأول في العزيمة وفيه مطلبين :
المطلب الأول :في تعريف العزيمة لغة واصطلاحا :
أ - العزيمة في اللغة :تأتي على عدّة معان من أهمها ما يلي :
1- الإجتهاد والجد في الأمر … وهي مصدر عزم على الشيء وعزمه عزما : عقد ضميره على فعله ، وعزم عزيمة وعزمة : أي اجتهد وجدّ في أمره . وعزيمة الله : فريضته التي افترضها والجمع عزائم ، وألو العزم من الرسل الذين عزموا على أمر الله فيما عهد إليهم ، وسموا بذلك ؛ لتأكد قصدهم في طلب الحق.
2- يأتي بمعنى الصبر والمواظبة على إلتزام الأمر كما فسره ابن عباس – رضي الله عنهما – عند قوله تعالى: ( ولم نجد له عزما ) .
3- يأتي بمعنى الصريمة والقطع ، فيقال في تفسير الآية السابقة : لم نجد له صريمة ولا حزما فيما فعل ، والصريمة والعزيمة واحدة وهي الحاجة التي قد عزمت على فعلها .
وتأتي بمعاني أخرى كالرقى التي يعزم بها على الجن والأرواح ، وتأتي بمعنى القسم ، فيقال عزمت عليك لما فعلت كذا : أي أقسمت عليك .
ب- أما العزيمة في الإصطلاح :
لقد اختلفت عبارات الأصوليين قديما وحديثا في تعريفها إلا أن المتأمل يجد أنه لا يختلفون في معناها ما عدا أمرا واحدا وهو شمولها Hأن للأحكام التكليفية الخمسة ( الواجب ، المحرم ، المندوب ، المكروه ، المباح ) أو اقتصارها على الواجب والمحرم فقط دون الثلاثة الباقية أو شمولها للجميع ما عدا المحرم …
وقد شكل خلافهم هذا اتجاهين رئيسيين وسيتبين لنا هذا المعنى من خلال ما سنذكره لبعض تعريفاتها عند كل من الشافعية والحنفية وذلك كما يلي :
الإتجاه الأول : يرى فيه أصحابه أن العزيمة تشمل الأحكام الخمسة . وأصحاب هذا الإتجاه غالب الحنفية كالإمام فخر الإسلام البزدوي وشمس الأئمة السرخسي والنسفي وبعض الحنابلة : كالفتوحي في شرح الكوكب ومن الشافعية القاضي البيضاوي في منهاجه .


وإليك طائفة من تعريفاتهم :
يرى "البزدوي والسرخسي " : ( أن العزيمة في أحكام الشرع ما هو مشروع منها ابتداء من غير أن يكون متصلا بعارض ) أما النسفي فيقول : ( العزيمة اسم لما هو أصل منها المشروعات غير متعلق بالعوارض ) وهو نفس تعريف البزدوي ويقول الفتوحي : ( إنها حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح فشمل الأحكام الخمسة ) .
ويلاحظ على هذه التعريفات من أن النص على أنهما ما كان مشروعا أو ما ثبت بدليل شرعي يخرج ما كان ثابتا بدليل عقلي فليس من العزيمة ، وما ورد فيه من التنصيص على كون ( الحكم شرع ابتداء) (وغير متصل بالمعارض ) و( خال عن معارض ) يخرج ما لم تكن شرعيته ابتداء بل جاء ثانيا لاتصاله بعارض وهو ما يسمى بالرخصة وواضح من الإطلاق في التعريفين الأوليين والتنصيص في تعريف ابن النجار الفتوحي على شمول العزيمة للأحكام التكليفية الخمسة .
الإتجاه الثاني :
ويرى أصحابه أن العزيمة الإيجاب والتحريم فقط كالإمام الغزالي في المستصفى حيث يقول : " والعزيمة في لسان حملة الشرع عبارة عما لزم بايجاب الله تعالى " ، والآمدي في الأحكام حيث يقول : " وأما في الشرع فعبارة عما لزم العباد بإلزام الله تعالى كالعبادات الخمس ونحوها " . وبمثل ذلك عرفها ابن الحاجب.
ومعنى ذلك : أن العزيمة هي الحكم الشرعي الذي ألزم به العباد بإلزام الله تعالى لهم ، فتختص حينئذ بالواجبات الشرعية دون غيرها عند هؤلاء ، لذكرهم اللزوم والإيجاب في التعريف إلا أن يراد بكلمة ( لزم العباد ) الفعل والترك فتشمل أيضا الحرام ويكون المعنى ما لزم العباد من فعل أو ترك بإيجاب الله تعالى أي: بطلب حتمي منه ، وقد احترزوا بقولهم : ( بإيجاب الله ) عن النذر فإنه يكون لازما ولكن لزومه ليس بإيجاب الله تعالى وإنما بإلزام العبد نفسه بذلك .
وقد اعترض الزركشي على هذا التعريف : بأنه غير جامع لكونه مختصا بالواجب دون غيره وذكر أن الأمر ليس كذلك لأن العزيمة تذكر في مقابلة الرخصة والرخصة تكون في الواجب وغيره فكذلك ما يقابلها.
تقويم هذين الإتجاهين :
وأنقل هنا تقويم الأستاذ الدكثور عبدالعزيز الربيعه لهذين الإتجاهين حيث قال :
" والحق أن لكل من القول الذي يرى عمومها للأحكام الخمسة والذي يخصهما بالواجب والمحرم حظا من الصواب ، فكل منهما نظر إلى الموضوع من زاوية جعلته يرى رأيه فيها "
فالقائل بعمومها للأحكام الخمسة نظر إلى أنها أصول مشروعة من الله سبحانه وتعالى وما كان أصلا مشروعا من الله فهو الحق له سبحانه وتعالى على العباد ، فعليهم اعتقاد ذلك ، وامتثاله بحسب درجته في الطلب ، أو الترك فتكون بذلك كلها عزائم .
والقائل بخصوصها بالواجب والمحرم نظر إلى أن العزيمة في اللغة تدل على كون الأمر قاطعا وذلك خاص بهما دون غيرهما من الأحكام .
أهم القيود الواردة في تعريفات هذين الإتجاهين :
ونختار تعريفين يمثل أحدهما الإتجاه الأول والثاني الاتجاه الثاني :
التعريف الأول :إن العزيمة في أحكام الشرع ( ما هو مشروع منها ابتداء من غير أن يكون متصلا بعارض)
فقوله : ( في أحكام الشرع ) دليل أن العزيمة ما ثبت بدليل شرعي ، وهذا يخرج ما كان ثابتا بدليل عقلي فليس من العزيمة .
قوله : ( ما هو مشروع ) أي : الحكم المشروع ، وهو جنس في التعريف يشمل الرخصة والعزيمة .
وقوله (ابتداء ) أي : بطريق الأصالة من أول الأمر حيث لم يسبق بحكم قبله ، وهو قيد في التعريف مخرج للرخصة فإنها إنما شرعت ثانيا بناء على وجود الأعذار الطارئة على العباد كما سيأتي .
وقوله (من غير أن يكون متصلا بعارض ) أي دون أن يكون بسبب عذر وهو تفسير لما قبله لا تقييد ؛ لأن التعريف قد تم بدونه .
التعريف الثاني: وهو :" أن العزيمة الحكم الذي شرعه الله ابتداء ملزما عباده "
فقوله : " الحكم الذي شرعه الله " يخرج الحكم العقلي .
قوله "ابتداء ": خرج ما شرعه الله ثانيا وهو الرخصة .
قوله "ملزما ": يدخل فيه الواجب وهو ما ألزم الله فعله من المكلفين ، ويدخل فيه المحرم وهو ما ألزم الله تركه من المكلفين …

المطلب الثاني : في أقسام العزيمة :
وتطلق العزيمة على أربعة أقسام :
أولها : الحكم الذي لم يتغير ، كوجوب الصلوات الخمس .
وثانيهما : الحكم الذي تغير إلى ما هو أصعب منه ، كحرمة الاصطياد بالإحرام بعد إباحته قبل …
وثالثهما : الحكم الذي تغير إلى سهولة لغير عذر ، كحل ترك الوضوء لصلاة ثانية مثلا لمن لم يحدث بعد حرمته والحل هنا بمعنى خلاف الأولى …
ورابعها : الحكم الذي تغير إلى سهولة لعذر مع عدم قيام السبب للحكم الأصلي ، كإباحة ترك ثبات الواحد من المسلمين مثلا لعشرة من الكفار بعد حرمته وسببها قلة المسلمين ولم تبق حال الإباحة لكثرتهم حينئذ وعذرها الثبات المذكور لما كثروا .
المبحث الثاني : في الرخصة وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : في تعريف الرخصة لغة واصطلاحا :
أ- فأما الرخصة في لغة العرب تطلق على معان كثيرة نجمل أهمها فيما يلي :
1- الشيء الناعم اللين إن وصفت به المرأة يقال : رخص البدن رخاصة : إذا نعم ملمسه ولان . قال ابن دريد : امرأة رخصة البدن إذا كانت ناعمة الجسم .
2- انخفاض الأسعار : يقال : رخص الشيىء رخصا – بضم فسكون – فهو رخيص وهو ضد الغلاء .
3- الإذن في الأمر بعد النهي عنه : يقال : رخص له في الأمر إذا أذن له فيه ، والإسم رخصة على وزن فعلة مثل غرفة وهي ضد التشديد أي أنها تعني : التسهيل في الأمور والتيسير فيقال : رخص الشرع لنا في كذا … إذا يسره وسهله .
ب- وأما تعريفها في الإصطلاح :
لقد اختلفت عبارات الأصوليين في تعريف الرخصة اصطلاحا على أقوال كثيرة ، إلا أنها تجتمع على أن هذا الحكم المرخص فيه ليس ابتدائيا وعلى أنه أخف من سابقه وأن هناك دليلا على شرعيته ، ونورد تعريفاتها عند جمهور الأصوليين ثم نتبع ذلك تعريفها عند الحنفية حتى يتبين لنا مدلول الرخصة عند الجميع .
فقد عرفها جمهور الأصوليين بعدة تعريفات نذكر منها ما يلي :
1- عرفها البيضاوي في المنهاج ، حيث قال : " هي الحكم الثابت على خلاف الدليل لعذر " .
2- تعريف الغزالي حيث عرف الرخصة بأنها : " الذي أبيح مع كونه محرما " .
3- وأما الآمدي فقد عرفها بقوله : " ما شرع من الأحكام لعذر مع قيام الدليل المحرم " .
4- تعريف ابن قدامة للرخصة حيث قال : " هي استباحة المحظور مع قيام الحاضر " وقيل " ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح " .
التعريف المختار :
وأرجح هذه التعريفات هو تعريف القاضي البيضاوي ؛ لأنه جامع مانع ، وقد اعترض عليه بأنه غير مانع من دخول غيره فيه ، حيث أن الحكم الثابت بالناسخ لأجل المشقة كعدم وجوب ثبات الواحد للعشرة في القتال ونحوه ليس برخصة مع أن الحد منطبق عليه .
وقد أجيب عليه : بأن المنسوخ لا يسمى دليلا ، ثم إن سماه أحد دليلا إنما هو على سبيل المجاز والله أعلم .

شرح التعريف المختار :
قوله في التعريف ( الحكم ) : جنس يشمل الرخصة والعزيمة وقوله : ( الثابت ) : إشارة إلى أن الترخص لا بد له من دليل ، وإلا لزم ترك العمل بالدليل السالم عن المعارض ، فنبه عليه بقوله الثابت لأنه لو لم يكن لم يكن لدليل لم يكن ثابتا بل الثابت غيره .
( قوله على خلاف الدليل ) : احترز به عما أباحه الله تعالى من الأكل والشرب وغيرهما فلا يسمى رخصة لأنه لم يثبت على المنع منه دليل …
وأطلق الدليل ؛ ليشمل ما إذا كان الترخيص بجواز الفعل على خلاف الدليل المقتضي للتحريم ، كأكل الميتة وما إذا كان بجواز الترك ، إما على خلاف الدليل المقتضي للوجوب ، كجواز الفطر في السفر ، وإما على خلاف الدليل المقتضي للندب ، كترك الجماعة بعذر المطر والمرض فإنه رخصة بلا نزاع .
قوله ( لعذر ) يعني المشقة والحاجة والإحتراز به عن شيئين :
الأول : الحكم الثابت بدليل راجح على دليل آخر معارض له .
الثاني : التكاليف كلها فإنها أحكاما ثابتة على خلاف الدليل لأن الأصل عدم التكليف والأصل من الأدلة الشرعية ومع ذلك ليست برخصة لأنها لم تثبت لأجل المشقة .
أمثلة تطبيقية على الرخصة :
1- الأكل من الميتة عند الضرورة ( على خلاف في تسميته رخصة ) فالعذر هو : ضرورة حفظ النفس مع بقاء سبب الحكم الأصلي وهو ضرر الميتة .
2- التلفظ بالكفر عند الإكراه يعتبر رخصة فالعذر هو : الإكراه مع بقاء سبب الحكم الأصلي وهو وجود أدلة وجوب الإيمان ، وحرمة الكفر .
أما إذا لم يبق السبب الموجب للحكم الأصلي ، كحل ترك المسلم الثبات لعشرة من الكفار بعد أن كان ممنوعا فلا يسمى رخصة ؛ لأن الحكم الأصلي : وهو وجوب الثبات للعشرة قد زال سببه وهو قلة المسلمين ، وحين أبيح لهم ترك هذا الثبات ، وألزموا بالثبات أمام اثنين فقط لم يكونوا قلة وإنما كانوا كثرة، وهكذا يقال في جميع الأحكام المنسوخة .
ج ) تعريف الرخصة عند الحنفية :
وأما تعريف الحنفية للرخصة في الإصطلاح الشرعي فقد عرفوها بأنها : " اسم لما بني على أعذار العباد وهو ما يستباح بعذر مع قيام الدليل " .
وقد احترزوا بذلك عن العزيمة فإنها ليست مبنية على أعذار العباد بل هي حكم أصلي شرع ابتداء لغير عذر ثم فسروها بما يستباح بعذر مع قيام المحرم .
فقولهم في التعريف ( ما يستباح ) عام يتناول الفعل والترك .
وقولهم ( لعذر ) احتراز عما أبيح لغير عذر ، كفرض الصلاة والزكاة ونحوهما فإنه عزيمة .
وقولهم ( مع قيام المحرم ) أي مع بقاء دليل الحكم الأصلي ، وقد احترزوا به عن مثل الانتقال إلى الصوم عند فقد الرقبة في نحو كفارة الظهار مثلا فإن عدم وجود الرقبة لا يبقي معه قيام السبب المحرم لاستحالة التكليف باعتاقها حينئذ لأن ذلك يكون تكليفا لما ليس في الوسع .
المطلب الثاني : في أقسام الرخصة :
للعلماء منهجان في بيان أقسام الرخصة وهما منهج الشافعية والحنابلة ، ومنهج الحنفية .
المنهج الأول : قسم علماء الأصول من الشافعية والحنابلة الرخصة باعتبار حكمها إلى أربعة أقسام :
1- رخص واجبة :
كأكل الميتة للمضطر وشربه مما حرم عليه من المشروبات فإنه واجب لعذر وهو حفظ الحياة بناء على القول الصحيح المشهور ودليله قوله تعالى :" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " .
وقيل : أن الأكل للمضطر أو شربه مما ذكر بناء على أن القول بالوجوب يتنافى مع الترخيص ، ولذلك نقلوا عن الكيا الهراسي في كتابه أحكام القرآن قوله : ( الصحيح عندنا أن أكل الميتة للمضطر عزيمة لا رخصة كالإفطار للمريض في رمضان ) .
وقد أشار بعض علماء الأصول إلى خلاف الفقهاء في حرمة شرب الخمر ، وأكل الميتة ، ولحم الخنزير، وما أهل به لغير الله ونحوها في حال الضرورة – بقطع النظر عن كون الأكل واجبا أو جائزا - : هل ترفع تلك الحرمة في هذه الحال فيصير أكلها مباحا ، أو تبقى ويرتفع الإثم فقط ؟
بعضهم يرى : أنها لا تحل ، ولكن يرخص في الفعل إبقاء على حياة الشخص – كما هو الشأن في الإكراه على الكفر – وهو رواية عن أبي يوسف وأحد قولي الشافعي .
وذهب جمهور الحنفية : إلى أن الحرمة ترتفع في تلك الحالة وكل من الفريقين استند إلى أدلة مبسوطة في كتب الأصول .
وهذا الخلاف تظهر له فائدتان :
الأولى : إذا صبر المضطر حتى مات لا يكون آثما على القول الأول ، ويكون آثما على الثاني .
الثانية : إذا حلف المكلف بأن لا يأكل حراما أبدا ، فتناول منه في حال الضرورة يحنث على الأول ، ولا يحنث على الثاني .

2-رخص مندوبة :
كقصر الصلاة للمسافر إذا قطع مسافة ثلاثة أيام فصاعدا بوسائل النقل القديمة ، وإنما كان القصر مندوبا لقول عمر – رضي الله عنه - : " صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " ولا يتغير الحكم في وسائل المواصلات الحديثة والله أعلم .
ومن هذا القبيل أيضا الفطر في رمضان بالنسبة للمسافر الذي يشق عليه الصوم ، والإبراد بالظهر ، والنظر إلى المخطوبة ، ومخالطة اليتامى في أموالهم وسائر أحوالهم مما تدعو إليه الحاجة اعتمادا على قوله تعالى: ( وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ) حيث نص علماء التفسير على أن الآية تتضمن ترخيصا في خلط طعام اليتيم بطعام كافله ، وشرابه بشرابه ، وماشيته بماشيته دفعا للحرج ، كما أكدوا بأنها أفادت حثا على هذه المخالطة وتعريضا بما كانوا عليه من احتقار اليتيم والترفع عنه .
2- رخص مباحة :
ويمثل لها بالرخص التي جاءت على خلاف القياس ،كعقد السّلم ( السلف ) والعرايا والإجارة والمساقاة ونحوها مما أبيح لحاجة الناس إليه فإنها رخصة بلا نزاع ، لأن السلم والإجارة عقدان على معدوم مجهول والعرايا … جوزت للحاجة إليها ، وإنما كانت هذه الأنواع رخصة ؛ لأن طريق كل منها غير متعين لدفع الحاجة إذ يمكن الإستغناء عنه بطريق آخر ، فالسلم مثلا يمكن الإستغناء عنه بالقرض مثلا .
4- رخص جاءت على خلافا الأولى :
كفطر المسافر الذي لا يتضرر بالصوم ، وإنما كانت هذه الرخصة خلاف الأولى أخذا من قوله تعالى : ( وأن تصوموا خير لكم ) فالصوم مأمور به في السفر أمرا غير جازم وهو يتضمن النهي عن تركه وما نهى عن تهيا غير صريح فهو خلاف الأولى .
والخلاصة : إن مدار تقسيم الشافعية والحنابلة للرخصة هو العذر كما لاحظنا في تعريفهم للرخصة .

المنهج الثاني : ذهب الحنفية في تقسيم الرخص باعتبار الحقيقة والمجاز إلى قسمين رئيسيين :
القسم الأول : الرخصة الحقيقية ( وتسمى عندهم رخص الترفيه ) .
القسم الثاني : الرخصة المجازية ( وتسمى عندهم رخص إسقاط )
أما القسم الأول : وهو الرخصة الحقيقية : وهي التي يكون حكم العزيمة معها باقيا ودليله قائما ، ولكن رخص في تركه تخفيفا عن المكلف كالتلفظ بالكفر عند الإكراه وغير ذلك،وهذا القسم ينقسم إلى قسمين :
الأول :
ما أباحه الشرع مع قيام السبب المحرم ، والحرمة معا ، وهو أعلى درجات الرخص ، لأن الحرمة لما كانت قائمة مع سببها ، ومع ذلك شرع للمكلف الإقدام على الفعل دون مؤاخذة بناء على عذره ، كان ذلك الإقدام في أكمل درجاته فهو في هذه الحالة بمنزلة العفو عن الجناية بعد استحقاق العقوبة . وليس في الأمر أي غرابة ، لأن كمال الرخص بكمال العزائم ، فكلما كانت هذه حقيقة كاملة ثابتة من كل وجه ، كانت الرخصة في مقابلتها كذلك .
وقد ذكروا – لهذا القسم – أمثلة منها :
الترخيص في إجراء كلمة الكفر على اللسان مع اطمئنان القلب بالإيمان عند الإكراه الملجئ بالقتل أو بالقطع ، لأن في امتناعه عن الفعل إتلاف نفسه صورة ومعنى ، وفي إقدامه عليه إتلاف حق الشرع صورة دون معنى حيث إن الركن الأصلي في الإيمان – وهو التصديق في القلب – باق على حاله . ومع ذلك نص العلماء على تخييره بين الفعل والترك ، بل رجح الحنفية منهم الأخذ بالعزيمة في هذا المثال بالخصوص ، لأن إحياء النفوس – هنا – يقابله موقف عظيم من مواقف السمو والإباء والتمسك بالحق مهما اشتدت الفتنة وعظم البلاء ولو قتل كان مؤجورا ، واستدلوا على هذا الترجيح بما ورد في السنة من أن مسيلمة الكذاب أكره رجلين - من المسلمين – على الكفر فنطق أحدهما بكلمته فنجا ، وأصر الآخر على الجهر بالحق فهلك، فقال فيهما النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد أن بلغه خبرهما : " أما الأول فقد أخذ برخصة الله تعالى ، وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له " .
ومن أمثلة ذلك أيضا : ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا خاف الشخص القتل ، فله مراعاة حق نفسه وكذلك ينطبق على ترك الصلاة والصوم المفروض عينا وأكل مال الغير كل ذلك يجوز تركه عند الخوف من القتل أو القطع بالإكراه .
الثاني : ما أباحه الشرع مع قيام السبب المحرم وتراخي الحرمة :كالإفطار في رمضان بالنسبة للمسافر ، فإن السبب المحرم للإفطار – وهو شهود الشهر – قائم لكن وجوب الصوم أو حرمة الإفطار غير قائمة على الفور بل ثابتة على التراخي بنص القرآن الكريم . قال تعالى : ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) .
والعمل بالعزيمة في هذا القسم أيضا أولى من العمل بالرخصة عند الحنفية ، أي الصوم أولى من الإفطار عندهم .
أولا : لأن السبب الموجب – وهو شهود الشهر – كان قائما ، وتراخي الحكم بالأجل غير مانع من التعجيل، مثلما هو الأمر في الدين المؤجل ، فكان المؤدي للصوم في هذه الحالة عاملا لله تعالى في أداء الفرض ، والمترخص بالفطر عاملا لنفسه فيما يرجع إلى الترفيه ، فقدم حق الله وهو أحق بالتقديم .
ثانيا : لأن في الأخذ بالعزيمة نوع يسر بناء على أن الصوم مع المسلمين في شهر الصيام أيسر من التفرد به بعد مضي الشهر إلا إذا أدى السفر لضعف الصائم فيكون الأخذ بالرخصة أولى . فإن صبر حتى مات كان آثما بلا خلاف . وقد رجح الشافعي الأخذ بالرخصة في هذا المثال ، والجميع متفقون على أن من أفطر ثم مات قبل إدراك عدة من أيام أخر لا شيء عليه كما لو مات قبل رمضان . وجمهور الفقهاء يرون أن من أخذ بالعزيمة فصام في السفر وقع صيامه في الفرض ولا قضاء عليه .
والقسم الثاني : وهو الرخصة المجازية وتسمى أيضا في اصطلاحهم : رخص الإسقاط كما بينا سابقا، وهي التي لا يكون حكم العزيمة معها باقيا كإباحة أكل الميتة أو شرب الخمر عند الجوع الشديد أو الظمأ الشديد ، فإن حرمة الأكل أو الشرب سقطت حال الإضطرار . وهذا القسم ينقسم إلى قسمين :
الأول : وهو أتم في المجازية وهو : ما وضع عن هذه الأمة الإسلامية رحمة بها وإكراما لنبيها – صلى الله عليه وسلم – من الإصر والأغلال التي كانت مفروضة على الأمم السابقة مثل :
- قتل النفس لصحة التوبة .
- قرض موضع النجاسة من الجلد والثوب .
- وأداء الربع في الزكاة ، إلى غير ذلك .
الثاني : وهو أقرب إلى الحقيقة من النوع الأول وهو :ما سقط عن العباد مع كونه مشروعا في الجملة فمن حيث إنه سقط كان مجازا ، ومن حيث إنه مشروع في الجملة كان شبيها بالرخص الحقيقية ، كالسلم وما قاربه من العقود التي أبيحت للحاجة إليها ، وهي مستثناة من أصول ممنوعة ، فمن حيث استثنائها مما ذكر سقط المنع منها فشابهت ما وضع عنا من الأغلال التي كانت على الأمم السابقة ، فكانت رخصا مجازية من هذه الناحية إذ ليس في مقابلتها عزائم ، ومن حيث إن أصولها مشروعة وأن بعض الشروط التي تجاوز عنها الشرع من أجل التخفيف والمصلحة مازالت قائمة في تلك الأصول أشبهت الرخص الحقيقية ، وبناء على ذلك اعتبر هذا القسم أقرب إلى الرخص الحقيقية من سابقه ، واعتبر السابق أتم في المجازية من هذا . وهذا القسم يرادف الرخص المباحة في تقسيم الشافعية والحنابلة . والأقسام الأربعة – الحاصلة بعد تقسيم كل من القسمين الرئيسيين إلى قسمين فرعيين – لا تبعد كثيرا عن الإطلاقات الأربعة التي ذكرها الشاطبي .

المطلب الثالث :في حكم الرخصة :
يذكر الإمام الشاطبي حكم الرخصة بقوله :" وحكم الرخصة الإباحة مطلقا من حيث هي رخصة … وأما وجوب تناول المحرمات في حال الإضطرار فيرجع إلى عزيمة أخرى هي المحافظة على الحياة كما دل قوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وقوله سبحانه : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) " .
واستدل الشاطبي – رحمه الله – بأدلة كثيرة لتأييد رأيه أفاض فيها في الجزء الأول فلتراجع هناك .
المطلب الرابع : مسائل تتعلق بالرخص :
1-آراء العلماء في تتبع الرخص :
الرخص الشرعية الثابتة في الكتاب أو السنة لا بأس في تتبعها لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه " .
أما تتبع رخص المذاهب الإجتهادية والجري وراءها دون سبب من الأسباب يعتبر هروبا من التكاليف، وتخلصا من المسؤولية وهدما لعزائم الأوامر والنواهي ، وجحودا بحق الله في العبادة ، وهضما لحقوق عباده ، وهو يتعارض مع مقصد الشرع الحكيم من الحث على التخفيف عموما وعلى الترخص بصفة خاصة ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) . "إن الله يحب أن تؤتى رخصه " وقد اعتبر العلماء هذا العمل فسقا لا يحل .وحكى ابن حزم الإجماع عليه . وقال نقلا عن غيره : "لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله " .
وقال الإمام أحمد : " لو أن رجلا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ ، وأهل المدينة في السماع ، وأهل مكة في المتعة كان فاسقا " .
وقد دخل القاضي إسماعيل –يوما – على المعتضد العباسي فرفع إليه الخليفة كتابا وطلب منه أن ينظر فيه وقد جمع فيه صاحبه الرخص من زلل العلماء فقال له القاضي المذكور – بعد أن تأمله - : مصنف هذا زنديق ، فقال : ألم تصح هذه الأحاديث ؟ قال: بلى ، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة ، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء والمسكر وما من عالم إلا وله زلة ، ومن جمع زلل العلماء ثم أخذ بها ذهب دينه ، فأمر المعتضد بإحراق ذلك الكتاب .
فالأخذ بالرخص لا يعني تتبعها والبحث عنها للتحلل من التكليف وإنما يعنى الإنتقال من تكليف أشد إلى تكليف أخف لسبب شرعي .

2-الأخذ بالرخص أو العزائم :
قد يرفع الشرع عن المكلف الحرج في الأخذ بالعزيمة أو في الأخذ بالرخصة ، أي أنه يكون مخيرا في بعض الحالات بين الإتيان بهذه أو بتلك لأن ما بينهما صار بمثابة ما بين أجزاء الواجب المخير الذي يكتفي فيه بالإتيان بأي نوع من أنواعه ، ولكن مع ذلك كان للترجيح بينهما مجال رحب غزير المادة تباينت فيه أنظار المجتهدين حيث اختلفوا بين مرجح للأخذ بالعزيمة – في هذه الحالة – وبين مرجح للأخذ بالرخصة فيها، وكل من الفريقين قد علل رأيه مجموعة من المبررات المعقولة تكفل الشاطبي بعدها عدا واضحا مرتبا .

المبحث الثالث : في إثبات أن الرخصة والعزيمة من أقسام الحكم الوضعي :
سبق في مطلع بحث أقسام الحكم الوضعي أن قلنا أن العلماء اختلفوا اختلافا كثيرا في أنواع هذا الحكم كما اختلفوا فيما لم يتفقوا على كونه من الحكم الوضعي في أي أنواع الحكم يدخل ، ومن هذه الحالة التي حظيت بنصيب من الخلاف العزيمة والرخصة .
فالجمهور يرونها أنهما من أقسام الحكم التكليفي .
وذهب الغزالي والآمدي والشاطبي على أنهما من أنواع الحكم الوضعي .
- وقد استدل من قال بأنهما من أنواع الحكم التكليفي بأنهما لا يخرجان عما عرفناه من أنواعه ، وبيان ذلك : أن العزيمة اسم لما طلبه الشارع أو أباحه على وجه العموم والرخصة اسم لما أباحه الشارع للضرورة أو الحاجة ولا شك أن الطلب والإباحة من الحكم التكليفي لا الوضعي .
- واستدل من قال على أنهما من أنواع الحكم الوضعي بأن العزيمة راجعة إلى جعل الشارع الحالة العادية سببا لاستمرار الأحكام الأصلية العامة والرخصة راجعة إلى جعل الشارع الأحوال الطارئة سببا للتخفيف عن العباد والسبب من الأحكام الوضعية لا التكليفية .
- يقول الدكتور عبدالعزيز الربيعة بعد أن أورد أدلة كل فريق : " فليس البحث في الرخصة والعزيمة منصبا على ما تحملانه من أحكام تكليفية إذ أن ذلك لا حاجة إليه حيث لا خصوصية لأحكام الرخصة وإنما البحث منصب على الأساب التي أدت إلى استمرار الأحكام الأصلية العامة أو أدت إلى التخفيف بإباحة الفعل الذي كان ممنوعا ونفي صفة الجريمة والمعصية عنه أو بعدم التكليف بهذا الفعل ولا شك أن النظر إليهما بهذا الإعتبار يجعلهما من الأحكام الوضعية لا التكليفية حيث لا طلب فيهما ولا تخيير بل فيهما وضع وجعل .
والباحث حين يتأمل أدلة المختلفين يجدها صحيحة ذلك أن كلا منهما نظر إلى القضية من جهة غير الجهة التي نظر إليها مخالفوه وهو نظر صحيح ، ثم إن هذا الخلاف وإن كان مبنيا على وجهات نظر صحيحة فإنه خلاف لا يترتب عليه تغيير في مفهوم العزيمة والرخصة كما لا يترتب عليه ثمرة " .
الفصل الخامس : في الأداء والإعادة والقضاء :
مقدمة :
لقد جعل الله – عز وجل – للفرائض مواقيت معلومة وساعات محدودة وألزم عباده بأداء تلك الفرائض في أوقاتها تعظيما لشأنها وتحقيقا لكمال العبودية له بالتزام الخلق بتلك الأوقات ومحافظتهم عليها وعدم تأخير العبادة وإيقاعها في غير أوقاتها المحددة لها . كما قال تعالى في شأن الصلاة مؤكدا هذا المعنى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) .
وعليه فالمسلمون مطالبون بالتزام الحكم وامتثال الأمر كما أنهم ملزمون أيضا بمجانبة المنهي عنه من تأخير العبادة عن وقتها لغير عذر من الأعذار التي أجازها الشارع وهذا المعنى يوضح العبادة التي يمكن وصفها بالأداء والقضاء والإعادة . إذ العبادة من حيث هي إما أن يكون لها وقت محدود من قبل الشارع بحيث يكون له بداية ونهاية أو لا يكون ذلك . 
فإن لم يكن للعبادة وقت محدد من قبل الشارع فإما أن يكون لها سبب ، مثل : تحية المسجد وسجدة التلاوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث إن سبب التحية دخول المسجد ، وسبب سجدة التلاوة قراءة آية فيها سجدة ، والأمر بالمعروف سببه الأمر الوارد في قوله تعالى : ( وامر أهلك بالصلاة ) وغير ذلك من أوامر الكتاب والسنة .
وإما ألا يكون لها سبب ، كالأذكار التي ينشئها المكلف ، فالعبادة التي لا تتقيد بزمن له بداية ونهاية لا توصف بأداء ولا بقضاء ، وأما العبادة التي تحدد بوقت محدد فإما أن تقع في وقتها المقدر لها أو قبله أو بعده فإن وقعت قبل وقتها حيث جوزه الشارع ، فهو تعجيل . وإن وقعت في وقتها دون أن تسبق بأداء مختل فأداء ، وإن سبقت بأداء مختل فإعادة إن فعلت في ذات الوقت ، وإن فعلت خارج الوقت فهو القضاء ، ولكل من هذه الأقسام تعريف .
أما تعريف التعجيل : فهو إيقاع العبادة قبل وقتها المقدر لها شرعا حيث أجاز الشارع تقديمها على وقتها المقدر لها . وذلك كإخراج الزكاة قبل الحول ، وإخراج زكاة الفطر في أول شهر رمضان ونحو ذلك ، فهذا الإخراج للزكاة يسمى تعجيلا لأن وقت إخراج الزكاة لا يكون إلا بعد مرور الحول ، وفي رمضان يكون في آخر ليلة منه وهكذا ، وأما الأداء والقضاء والإعادة فنفصل القول في كل واحد منهما في المباحث التالية : 

المبحث الأول : في الأداء …
المطلب الأول : تعريف الأداء لغة واصطلاحا :
تعريف الأداء في اللغة : 
أ) أما الأداء في اللغة فهو الإيصال يقال : أدى الشيء : أوصله ، وأدى الأمانة إلى أهلها تأدية : إذا أوصله . والاسم الأداء ، كذلك الأداء والقضاء يطلقان في اللغة على الإتيان بالمؤقتات كأداء صلاة الفريضة وقضائها ، وبغير المؤقتات كأداء الزكاة والأمانة وقضاء الحقوق والحج للإتيان به ثانيا بعد فساد الأول ونحو ذلك . 
وقد يطلق كل من الأداء والقضاء على الآخر مجازا شرعيا كقوله تعالى : ( فإذا قضيتم مناسككم ) أي: أديتم … وكقولك : نويت أداء ظهر الأمس ، أي : القضاء .
ب ) وأما في الإصطلاح : فللأداء عدة تعريفات ذكرها جمهور الأصوليين في كتبهم إليك طائفة منها : 
1- عرفه ابن الحاجب بقوله : " ما فعل في وقته المقدر له شرعا أولا " 
2- وعرفه محب الله بن عبد الشكور بقوله : " فعل الواجب في وقته المقدر له شرعا " وذكر له تعريفا آخر وهو : " الأداء فعل ابتدائه في وقته المقدر شرعا " ، وقد أيد الكمال بن الهمام هذا ، واعتبر عدم النص على ابتداء الفعل تساهلا .
3- عرفه البيضاوي بقوله : " العبادة إن وقعت في وقتها المعين ، ولم تسبق بأداء مختل فأداء ."
والمختار من هذه التعريفات هو تعريف ابن الحاجب وهو الذي اختاره الفتوحي في شرح الكوكب المنير وابن اللحام في مختصره .

شرح التعريف : 
قوله في التعريف ( ما فعل ) جنس في التعريف يشمل الأداء والقضاء والإعادة .
وقوله ( في وقته المقدر له ) قيد في التعريف ، وهو مخرج القضاء فانه يفعل بعد الوقت ويخرج به أيضا ما لم يقدر له وقت كالنوافل المطلقة وكالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وكالجهاد عند حضور العدو ، فلا يوصف ذلك بأداء ولا قضاء في الاصطلاح .
قوله ( شرعا ) يخرج به ما فعل في وقته المقدر له عقلا ، كقضاء الدين عند المطالبة به فإنه فعل في وقته المقدر له وهو ما يتسع له ، ولكن ذلك التقدير ليس بالشرع بل بالعقل وكالزكاة إذا قدر لها الإمام شهرا معينا من شهور السنة كرمضان مثلا ، فهو توقيت عرفي لا شرعي .
وقوله ( أولا ) قيد يخرج به ما فعل في وقته المقدر له شرعا لكنه في غير الوقت الذي قدر له أولا شرعا كالصلاة إذا ذكرها بعد خروج وقتها ، وكذلك هو قيد يخرج به الإعادة كما لو صلى الظهر في وقته ثم صلاها مرة ثانية فالفعل الأول أداء والثاني إعادة .
وحتى يكون فعل الواجب أداء ، هل يشترط أن يقع جميعه في الوقت أو يكفي أن يقع بعضه ؟ أكثر العلماء على أنه لا يشترط وقوع الجميع في الوقت بل لو وقع بعضه كركعة من الصلاة مثلا فالصحيح أن الجميع أداء تبعا لتلك الركعة ، لأن الركعة من الصلاة مشتملة على معظم أفعالها وغالب ما بعدها تكرير لها فيكون تابعا لها ، ولقوله – صلى الله عليه وسلم - :" من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة " . فإن أدرك من الصلاة أقل من ركعة فالكل قضاء وعند الحنفية الكل أداء حتى ولو أدرك تكبيرة الإحرام فقط لكنه أداء ناقص .


















المطلب الثاني : في أقسام الأداء :
قسم الحنفية الأداء إلى قسمين : 
1- الأداء في حق الله تعالى .
2- الأداء في حق العباد .

القسم الأول :الأداء في حقوق الله وهو على قسمين : 
1- أداء محض : وهو ما لا يكون فيه شبه بالقضاء في وجه من الوجوه وهو نوعان :
الأول : أداء كامل : وهو ما يؤديه المكلف كاملا على الوجه الذي شرع عليه ، كأداء الصلاة المفروضة مع الجماعة بكامل شروطها وأركانها وواجباتها وسننها وآدابه .
الثاني : أداء قاصر : وهو ما يؤديه المكلف ببعض أوصافه ، كأداء الصلاة منفردا في بيته .
2-أداء شبيه بالقضاء كمن دخل مع الإمام في صلاته ، ثم فاته الإمام بسبب نوم ، أو سبق حدث ، فذهب وتوضأ ، ثم جاء بعد فراغ الإمام من الصلاة فإذا صلى ما فاته به الإمام ، كان فعله هذا أداء يشبه القضاء في الحكم .

القسم الثاني : الأداء في حقوق العباد وهو أيضا على قسمين :
1- أداء محض وهو نوعان : 
الأول : أداء كامل : مثل رد المغصوب بذاته على الحالة التي غصب عليها بدون تغيير .
الثاني : أداء قاصر : مثل رد المغصوب بعد أن جنى جناية تستحق بها رقبته أو طرف من أطرافه ، أو أتلف مال إنسان في يده فاستقر في ذمته ، فإنه حينئذ لا يقع الرد على الحالة التي غصب عليها لتعلق حق الغير به.
2- وأداء شبيه بالقضاء : كمن جعل سلعة غيره مهرا لزوجته وهي ليست في ملكه ثم اشتراها من مالكها ودفعها إلى زوجته برضاها .






المبحث الثاني : في تعريف الإعادة لغة واصطلاحا : 
أ )الإعادة في اللغة: رد الشيء مرة ثانية ، قال في المصباح المنير " أعدت الشيء رددته ثانيا ومنه إعادة الصلاة " .
ب ) أما في الإصطلاح : فقد عرف الأصولييون الإعادة بعدة تعريفات منها ما يأتي :
1 - " ما فعل في وقت الأداء ثانيا لخلل وقيل لعذر " وهذا تعريف ابن الحاجب .
2 – " ما فعل في وقته المقدر ثانيا مطلقا " وهذا التعريف للفتوحي الحنبلي .
3 –" الفعل في وقته المقدر شرعا ثانيا لخلل واقع في الفعل الأول غير الفساد " وهذا لإبن عبدالشكور .
4 – " فعل مثله فيه لخلل غير الفساد وعدم صحة الشروع " وهذا للكمال بن الهمام .
5 -" فعل الشيء مرة أخرى " وهذا تعريف ابن قدامة .
ويلاحظ من هذه التعريفات أن جميع المعرفين للإعادة متفقون على أن الإعادة فعل للمرة الثانية في نفس الوقت المخصص من الشارع للعباد ، بسبب أدى إلى الفعل مرة ثانية وهذا السبب عند غير الحنفية قد يكون عذرا أدى إلى عدم الكمال في الفعل للمرة الأولى كمن صلى في الوقت بتيمم لعدم وجود الماء ، ثم أعادها لوجود الماء في الوقت ، فهذا عذر أيضا إلا أنه ليس خللا في الفعل الأول ، فإن كان خللا في الفعل الأول فهذا من أسباب الإعادة أيضا عند غير الحنفية كالعذر السابق ، كمن صلى بدون طهارة ، فإن هذا يجعل الشروع فيها غير صحيح ،فيكون فعلها ثانيا إعادة عند غير الحنفية ، أما عند الحنفية فإنه يكون أداء ، لأن فساد الفعل الأول وعدم صحة الشروع فيه يجعله كأن لم يكن ويكون الفعل للمرة الثانية ابتداء للفعل فيكون أداء .
أما الإعادة عندهم فإنها تكون في حالة العذر ، أو الخلل المؤدي إلى عدم الكمال لا إلى الفساد وعدم صحة الشروع ، وعلى ذلك فإننا نجد الحنفية يعرفونها بمثل ما سبق في تعريف الكمال بن الهمام ، ومحب الله بن عبد الشكور ، ونجد غير الحنفية يعرفونها بمثل تعريف ابن الحاجب السابق .
والتعريف المختار من هذه التعاريف هو تعريف ابن الحاجب وإليك شرح التعريف : 
قوله في التعريف ( ما فعل في وقت الأداء ثانيا ) : قيد يخرج به الأداء فإنه يفعل أولا ، والقضاء فإنه إنما يفعل بعد خروج الوقت .
وقوله ( لخلل في الأول ) يخرج به ما ليس كذلك كالمنفرد إذا صلى ثانية مع الجماعة فإن صلاته الأولى ليس فيها خلل فلا توصف الثانية بالإعادة شرعا بل هي أداء كالأولى . وسواء كان الخلل في الوصف كمن صلى بدون شرط بأن لم يكن على الطهارة مثلا أو كان الخلل في الماهية كمن صلى بدون ركن بأن ترك القيام أو الركوع أو نحوهما مع القدرة على ذلك ، أو كان الخلل في الكمال كمن صلى منفردا فيعيدها جماعة في الوقت لطلب الفضيلة ، وعند الحنفية لا تكون إعادة إذا كان الخلل مفسدا بأن كان لفقد ركن أو شرط بل تعتبر الثانية هي الأولى وما سبق لغو لا عبرة به .
وقد اعتبر بعض العلماء الإعادة نوعا من الأداء كما ذكر ذلك العضد في شرحه على مختصر ابن الحاجب حيث قال : " لأن الإعادة قسم الأداء ، وإن وضعت في بعض عبارات المتأخرين خلافه " لكن الذي يظهر – والله أعلم _ أن الإعادة ما دامت في الوقت فهي قسم من أقسام الأداء وإذا خرجت عن الوقت فهي قسم من أقسام القضاء .
ثم إن الأداء – في الحقيقة – اسم لما يقع في الوقت مطلقا سواء كان سابقا أو كان مسبوقا أو منفردا ، فإن سبق بأداء مختل سمي إعادة وعليه فكل إعادة أداء ولا عكس ، حيث يكون بينهما عموم وخصوص من وجه فينفرد الأداء في الفعل الأول وتنفرد الإعادة بما إذا قضى صلاة وأفسدها ثم أعادها ويجتمعان في الصلاة الثانية في الوقت .















المبحث الثالث : في القضاء 

المطلب الأول : في تعريفه لغة واصطلاحا :
أ) أما في اللغة: يطلق على معان كثيرة من أهمها :
1- الحكم والفصل : يقال قضى يقضي قضاء فهو قاضي إذا حكم وفصل .
2- يطلق على الخلق والصنع : كقوله تعالى : ( فقضاهن سبع سماوات في يومين ) أي فخلقهن وصنعهن فأحكم خلقهن .
3- ويأتي بمعنى الأداء : يقال : قضيت ديني أي : أديته ومنه قوله تعالى : ( فإذا قضيتم الصلاة ) أي أديتموها .
ب) وأما في الإصطلاح : فقد عرفها جمهور الأصوليين بما يلي : 
1- عرفه ابن الحاجب المالكي بقوله : " ما فعل بعد وقت الأداء استدراكا لما سبق له وجوب مطلقا " وذكر له تعريفا ثانيا بقوله : " ما فعل بعد وقت الأداء استدراكا لما سبق وجوبه على المستدرك " .
2- عرفه محب الله بن عبد الشكور بقوله : " والقضاء فعله بعده استدراكا لما فات عمدا أو سهوا تمكن من فعله كالمسافر أو لم يتمكن لمانع شرعا كالحيض أو عقلا كالنوم " .
3- وعرفه ابن قدامة بقوله : " فعله بعد خرج وقته المعين شرعا " . 
4- وعرفه الحنفية بأنه : إسقاط الواجب بمثل من عند المأمور هو حقه .
والتعريف المختار هو تعريف ابن الحاجب الأول ، وشرحه ما يلي : 
فقوله ( مافعل بعد وقت الأداء ) يخرج به الأداء والإعادة فإن كلا منهما فعلا في وقت الأداء .
وقوله ( استدراكا ) يخرج به ما ليس كذلك كالصلاة مثلا إذا أداها في وقتها ثم أداها بعد الوقت لإقامة جماعة فإن فعله الثاني لا يكون قضاء .
وقوله ( لما سبق وجوبه ) يخرج به النوافل إذا فعلت بعد وقتها فإن فعلها لا يسمى قضاء إلا بطريق التجوز لأنه لم يسبق لها وجوب .
وقوله ( مطلقا ) قيد للوجوب وهو تنبيه على أنه لا يشترط الوجوب عليه بل يكفي أن يتقدم سبب الوجوب فيكون الواجب ثابتا عليه في الجملة كما في صوم الحائض والمسافر ، فإن صومهما بعد رمضان يكون قضاء لما سبق له وجوب عليهما في الجملة إذ هما ممن شهد الشهر .


ويلاحظ على هذه التعريفات أمور منها : 
1- أن الجميع متفقون على أن وجوب الفعل إذا تقرر ولم يفعل في وقته المقدر له شرعا وفعل بعده أنه يكون قضاء حقيقة سواء فات بعذر أو بغير عذر ولكنهم اختلفوا فيمن انعقد سبب وجوبه وتأخر وجوب أدائه لمانع " كالحيض مانع من الصلاة " ، فقال بعضهم إنه يسمى قضاء بطريق المجاز وهو فرض مبتدأ لأن القضاء الحقيقي مبني على وجوب الأداء وهو ساقط مع وجود المانع بالإتفاق وقال الجمهور إنه يسمى قضاء حقيقة بناء على أن المعتبر في القضاء هو سبق الوجوب في الجملة لا سبق وجوب الأداء على ذلك الشخص نفسه .
واستدلوا بذلك بأنه يجب عليه نية قضاء الفائت بالإجماع ولو كان فرضا مبتدأ لما وجبت النية . ولقول عائشة – رضي الله عنها - : " كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " وقالوا إنه ليس من شرط القضاء وجوب الأداء في حق المستدرك بل يكفي فيه تقدم سبب الأمر به فيكون الفعل في الزمن الثاني قضاء بهذا المعنى لعموم دليل الوجوب ولفواته عن الوقت في حقه وهو ظاهر كما ترى لا غبار عليه .
2- أن البعض قد نص على ضرورة تحقق سبب الوجوب في وقت الأداء حتى يكون الفعل بعد الوقت قضاء وذلك كما فعل ابن الحاجب والبعض الآخر لم ينص على ذلك كما فعل ابن عبد الشكور ، وأظن أن عدم النص مبني على أن المتروك إنما هو واجب فلا بد من تحقق سبب وجوبه في وقته المحدد .

المطلب الثاني : في أقسام القضاء : 
أ ) أقسامه عند جمهور الأصوليين :
للقضاء عند جمهور الأصوليين عدة تقسيمات من حيث وجوب أدائه وعدمه ، ومن حيث إمكان فعله وعدم إمكانه وهي كما يلي : 
الأول : قضاء كان الأداء فيه واجبا كقضاء الصلاة التي تركت في وقتها بلا عذر مثلا .
الثاني : قضاء لم يكن الأداء فيه واجبا ، وكان الأداء ممكنا شرعا وعقلا ، كقضاء ما تركه المسافر والمريض من الصوم في السفر فإن كلا منهما لا يجب عليه أداء الصوم لقوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) إلا أنه لا حرج على أحدهما أن يصوم في سفره ومرضه ولا مانع من ذلك شرعا ولا عقلا .
الثالث : قضاء لم يكن أداؤه واجبا وغير ممكن عقلا ، كقضاء النائم والمغمى عليه في رمضان من أول الوقت إلى آخره ، فإن الصلاة على النائم والمغمى عليه غير واجبة أثناء نومه لقوله – صلى الله عليه وسلم : " رفع القلم عن ثلاث ومنها النائم حتى يستيقظ … " ولأن القصد إلى العبادة مستحيل عقلا مع الغفلة عنها لأنها جمع بين النقيضين . 
الرابع : قضاء لم يكن أداؤه واجبا وغير ممكن شرعا كقضاء المرأة لما فاتها من الصوم أثناء حيضها أو نفاسها فإن الصوم غير واجب على الحائض والنفساء لوجود المانع من الوجوب وهو الحيض والنفاس ، والمانع من صحة صومهما هو الشرع لا العقل ويسميه البعض كالغزالي أداء . 
ب ) أقسامه عند الحنفية : 
ويقسم الحنفية القضاء إلى قسمين : 
1 – في حقوق الله تعالى .
2 _ في حقوق العباد . 
أولا : أقسامه في حقوق الله تعالى : 
1- قضاء محض : وهو ما لا يكون فيه معنى الأداء أصلا لا حقيقة ولا حكما وهو قسمان : 
I) قضاء بمثل معقول : كقضاء الصوم الفائت بصوم مثله .
ب) قضاء بمثل غير معقول : كقضاء الصوم بالفدية في العبادات عند العجز المستديم في حق الشيخ الفاني .
2- قضاء شبيه بالأداء : كقضاء تكبيرات العيد في الركوع إذا أدرك الإمام وهو راكع ، وخاف أن يرفع الإمام رأسه لو اشتغل بها .
ثانيا : أقسامه في حقوق العباد :
1- قضاء بمثل معقول وينقسم إلى قسمين :
الأول : قضاء كامل : كضمان المغصوب بالمثل عند عدم القدرة على رد العين المغصوبة .
الثاني : قضاء قاصر : كضمان المغصوب بالقيمة إذا لم يجد مثله .
2- قضاء بمثل غير معقول : كضمان النفس أو الأطراف بالمال في جناية الخطأ إذ لا مماثلة بين النفس والأطراف وبين المال .
3- قضاء يشبه الأداء : كمن سمى لامرأة عبدا غير معين في صداقها فحينئذ إن اشترى وسطا وسلمه إليها فلا خفاء أنه أداء وإن أدى إليها قيمة عبد وسط فهذا قضاء لكنه في معنى الأداء .



المطلب الثالث : في الدليل الموجب للقضاء : 
بعد أن ذكرنا تعريف القضاء ومدلوله الشرعي عند علماء الأصول من كونه فعل الواجب بعد خروج وقته المقدر له من جهة الشرع فإن هذا المطلب سيكون لمعرفة الدليل الموجب للقضاء وهل هو أمر جديد أم هو الأمر الأول الموجب للأداء ؟
1- تحرير محل النزاع : اتفق العلماء على أن العبادة المؤقتة بوقت معين إذا فات وقتها يجب قضاؤها إلا أنهم اختلفوا في الموجب لها أهو الخطاب الذي وجب به الأداء أم خطاب جديد ؟ 
2-الأقوال في المسألة : الجمهور من الأصوليين ومنهم العراقيون من الحنفية يرون أن إيجاب القضاء يرجع إلى دليل غير الدليل الذي أوجب الأداء . بينما جمهور الحنفية يرون أن الدليل الموجب للقضاء هو نفس الدليل الذي أوجبه الأداء وبه قال الحنابلة وعامة أهل الحديث وبعض الشافعية . 
ومحل الخلاف ما إذا كان القضاء بمثل معقول كالصلاة للصلاة والصوم للصوم ، فإن مماثلة هذا النوع للفائت معلومة والعقل يدركها تمام الإدراك أما إذا كان العقل لا يدرك المماثلة بين الفائت وقضائه لعجزه عن إدراكه كالفدية للصوم ، فالكل متفقون على أن القضاء لا يجب إلا بأمر جديد .
3-أدلة المذاهب : 
أدلة المذهب الأول : استدل من قال إن القضاء يجب بأمر جديد بالنقل والعقل واللغة .
أولا : النقل : قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) 
وجه الدلالة من الحديث : أنه دل على الأمر بالقضاء ولو كان مأمورا به بالأمر الأول لكانت فائدة الخبر التأكيد ولو لم يكن مأمورا به أولا لكانت فائدته التأسيس وهو أولى لعظم فائدته .
ثانيا : العقل : وذلك أن العبادة لما قرنت بالوقت المعين علمنا أن مصلحتها مختصة بذلك الوقت إذ لو كانت في غيره لما خصصت به فيحتاج القضاء إلى أمر جديد .
ثالثا : اللغة : وبيانه أن أهل اللغة لا يفهمون من قول القائل : صم يوم الخميس الأمر بصوم يوم الجمعة مثلا ، ولو وجب القضاء بالأمر الأول ، لكان يفهم منه الأمر بصوم يوم الجمعة ، واللازم وهو وجوب صوم يوم الجمعة بالأمر بصوم يوم الخميس منتف وبيان الملازمة أن الوجوب أخص من الأمر لأن الأمر طلب والطلب يشمل الوجوب والندب وثبوت الأخص ، يستلزم ثبوت الأعم وأما انتفاء اللازم فلأن قول القائل : صم يوم الخميس لا يدل إلا على صوم يوم الخميس فقط ، ولا يقتضي صيام غيره من الأيام قطعا وأيضا لو اقتضى صوم يوم الخميس صوم يوم الجمعة لكان أداء ، وكان تخييرا له بين صوم يوم الخميس أو صوم يوم الجمعة فيتساويان .
أدلة المذهب الثاني :استدل من قال : إن القضاء بالأمر الأول بأدلة منها : 
أولا : إن الأداء قد صار مستحقا عليه بالأمر الأول والذي استقر في الذمة لا يسقط عن المستحق عليه إلا بالأداء أو بالإسقاط أو بالعجز ولم يوجد شيء منها فيبقى كما كان وخروج الوقت بنفسه لا يصلح مسقطا بل يقرر ترك الامتثال وما عليه من العهده والذي يصلح مسقطا إنما هو العجز ولم يوجد إلا في حق إدراك فضيلة الوقت فإذا فات الوقت بقيت الذمة مشغولة فيجب تفريغها بالقضاء .
ثانيا : أن قضاء الصلاة على الصفة التي فاتت عليها يدل على أن القضاء بالأمر الذي وجب به الأداء لا بأمر جديد فالصلاة التي تقصر إذا فاتت في السفر تقضى قصرا ولو فاتت في الحضر وكذلك إذا فاتت في الحضر تقضى أربعا ولو في السفر وقضاء السرية وقت الجهر سرا والجهرية وقت السر جهرا . 
وقد أجاب من قال : أن القضاء بالأمر الأول عن دليل اللغة الذي استدل به الفريق الأول بأن مقتضى صوم يوم الخميس أمران أحدهما : إلزام أصل الصوم ، ثانيهما : كون الصوم في يوم الخميس. فإذا عجز المكلف عن أداء الصوم في يوم الخميس الذي أمر بأداء الصوم فيه لفواته بقي مطالبا بصوم يوم لا بعينه سواء كان يوم الجمعة أو غيره ، وأيضا إنما يلزم التخيير والتسوية بينهما - على ما قالوا – لو اقتضى صوم يوم الخميس الصوم في يوم معين غيره كيوم الجمعة مثلا وليس الأمر كذلك بل إنما يلزم الصوم في أي يوم شاء من أدائه أو العفو عنه ، فهذا القول صحيح ولكن الذي أوجب قضاءه بعد ما فات وقته المحدد له هو قوله – صلى الله عليه وسلم - : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " وليس الذي أوجب الأداء أولا وهو قوله تعالى : ( وأقيموا الصلاة ) لأن دلالة الآية على المطالبة بقضاء الصلاة إذا كانت باقية فلم يرد الحديث بأدائها إلا إذا كان المراد به التأكيد للآية لا التأسيس والتأسيس أولى .
وأما عن دليله الثاني وهو أن الصلاة تقضى علىالصفة التي فاتت عليها من قصر أو اتمام أو غيرهما وذلك يدل على أن القضاء بالأمر الأول فهذا الإستدلال لا يثبت المدعى لأن الذين قالوا إن القضاء بأمر جديد بعضهم يقول : إن الصلاة المنسية في الحضر تقضى في السفر أربعا والصلاة المنسية في السفر ، وتذكرها الناسي لها في الحضر إن شاء صلاها أربعا للإحتياط وإن شاء صلاها قصرا .
والبعض الثاني لا يفرق بين المنسي في الحضر والسفر ، ويرى أنها تقضى على الصفة التي فاتت عليها . هذا واتفاق الخصمين على أداء الصلاة الفائتة بصفتها إنما يدل على أن المصلي يقضي ما فاته على صفته التي فات عليها من قصر وإتمام وسر وجهر ولا يدل على أن القضاء بالأمر كما هو المدعى والصحيح أن الدليل الذي أوجب القضاء هو قوله – صلى الله عليه وسلم - : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " وليس الذي أوجب الأداء أولا لأنه مقيد بزمن وقد انتهى .
4- الترجيح : الراجح – والله أعلم – من هذين المذهبين مذهب الجمهور الذين يقولون أن القضاء يجب بأمر جديد وذلك أن العبادة لما أمر بفعلها في وقت معين لمصلحة في ذلك الوقت لم يتناول الأمر ما بعد ذلك الوقت المعين وإذا لم يتناوله لا يجب فعل تلك العبادة في زمن آخر إلا بأمر جديد ولذا ورد الأمر بها في قوله – صلى الله عليه وسلم -: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " .
هذا والخلاف في هذه المسألة لفظي لا يترتب عليه عمل لأن الفريقين متفقون على وجوب قضاء الصلاة الفائتة وكونها بالأمر الأول أو بالأمر الثاني لا يسقط قضاءها ، والنتيجة هي لزوم القضاء أو عدمه .

الفصل السادس : في التقادير الشرعية والحجاج :
وأذكر في هذا الفصل تقسيما إضافيا ذكره الإمام القرافي حيث زاد قسمين آخرين للحكم الوضعي هما: التقديرات الشرعية والحجاج . وإليك تعريف كل منهما :
أما التقديرات الشرعية فهي : إعطاء الموجود حكم المعدوم : كالماء في حق المريض والخائف أو إعطاء المعدوم حكم الموجود ، كالمقتول تورث عنه ديته حيث أنها لا تملك إلا بعد موته وهي ليست في ملكه قبل موته فيقدر دخولها في ملكه قبل موته حتى تنتقل إلى الورثة فقدرنا المعدوم موجودا للضرورة .
وأما الحجاج : فهي التي يستند إليها القضاة في الأحكام كالبينة والإقرار واليمين مع النكول أو مع الشاهد الواحد فإذا نهضت تلك الحجة عند القاضي ، وجب عليه الحكم .
وهذا في الحقيقة راجع إلى السبب لأن هذه التقديرات إنما نشأت عن أسبابها فكانت من قبيل الأسباب كما قال الزركشي في البحر المحيط .


الخاتمة :
وتشتمل على خلاصة البحث وأهم النتائج التي انتهى إليها وهي كما يلي :
1- أن الله نصب لنا معرفات وعلامات لأحكام الشرع نتعرف من خلالها على ما كلفنا الله به من تكاليف شرعية .
2- أن التعريف المختار للحكم الشرعي هو : خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع " وذلك لكونه أحسن وأجمع وأكثر تفصيلا ودقة وتحقيقا من غيره .
3- أن تعريف الفقهاء للحكم الشرعي ميز بين الحكم الشرعي ودليله تمييزا واضحا ، فجعل الحكم ما ثبت في الخطاب ، والدليل الخطاب ، نفسه خلافا لتعريف جمهور الأصوليين الذي دمج بينهما .
4- الراجح في تقسيم الحكم الشرعي أنه ينقسم إلى قسمين أحدهما : الحكم التكليفي وثانيهما : الحكم الوضعي ، وأن الخلاف في التقسيم وعدمه لا تظهر له ثمرة عملية .
5- أن الحكم الوضعي وإن أخذ صفة الإستقلال عن الحكم التكليفي إلا أنه له صلة وثيقة به ذلك ؛ لأنه بجميع أقسامه بمثابة العلامات التي تدل على الحكم التكليفي والتي لولاها لفات الناس كثير من الأحكام التكليفية دون أن يعلموا بها .
6- أن الحكم الوضعي أعم من الحكم التكليفي ، فلا يوجد تكليف إلا ومعه وضع بينما قد يوجد خطاب الوضع حيث لا تكليف .
7- أن أقسام الحكم الوضعي ليست محل اتفاق عند علماء الأصول ؛ بل قد اختلفوا في بعضها هل تكون من قبيل الحكم الوضعي أو الحكم التكليفي أو هل تكون أحكاما عقلية أو شرعية ؟.
8- أن الرأي الراجح في الرخصة والعزيمة أنهما من أقسام الحكم الوضعي ؛ لأن العزيمة وصف للحكم التكليفي في الحالة العادية للناس ، والرخصة وصف للحكم التكليفي للحالة الطارئة وليست نفس الحكم التكليفي .
9- أن الصحة والفساد من أقسام الحكم الوضعي على الصحيح ؛ لأنهما حكم من الشارع على العبادات والعقود وتبنى عليهما أحكام شرعية وليس فيهما اقتضاء ولا تخيير .
10- أن الباطل والفاسد مترادفان بمعنى واحد عند الجمهور خلافا للحنفية الذين يرون أن الباطل هو ما لم يشرع بأصله ولا بوصفه والفاسد ما شرع بأصله دونه وصفه ، والخلاف لفظي .
11- أن الأداء والقضاء والإعادة من لوازم ولواحق خطاب الوضع ، لأن الوقت سبب للأداء ، وخروجه سبب للقضاء ، وبطلان الصلاة سبب للإعادة ، والسبب حكم وضعي .
12- أن العبادة إن وقعت في وقتها المحدد شرعا دون أن تسبق بأداء مختل فأداء ، وإن سبقت بأداء مختل فإعادة إن فعلت في ذات الوقت ، وإن فعلت خارج الوقت فقضاء .
وبعد فهذا عملي في هذا البحث فإن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمني ومن الشيطان ، وأسأل الله عز وجل أن أكون قد وفقت في كتابة هذا البحث وإخراجه في الصورة المطلوبة لتعم به الفائدة ، والله ولي التوفيق .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


















هوامش البحث

1- شرح مختصر الروضة (1 / 412 ، 413 )
2- التمهيد ( 1 / 121 )
3- المستصفى ( 1 / 8 )
4- انظر القاموس المحيط ( ص 1415 ) – حكم ، المصباح المنير(1 / 145 ) حكم ، لسان العرب ( 3 / 270 ) حكم
5- الحكم التكليفي في الشريعة الإسلامية د. محمد أبو الفتح ص 25
6- تاج العروس للزبيدي ( 11 / 238 ) مادة ( شرع )
7- مجموع الفتاوى ( 19 / 308 )
8- انظر شرح مختصر ابن الحاجب ( 1 / 220 ) ، التوضيح شرح التنقيح مع التلويح لصدر الشريعة ( 1 / 31 – 14 ) ، وابن الهمام في التحرير مع شرحه التقرير والبحر ( 1 / 22 ) ، مسلم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت ( 1 / 54 ) ، الشوكاني في إرشاد الفحول ص 6
9- انظر المحلى مع حاشية البناني ( 1 / 35 )
10- انظر شرح الكوكب المنير ( 1 / 334 ) ، المحلى مع حاشية البناني ( 1 / 36 )
11- انظر نهاية السول للأسنوي ( 1 / 47 )
12- سورة آل عمران آية : 18
13- سورة الكهف آية : 47
14- نهاية السول للأسنوي ( 1 / 52 )
15- شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 15 )
16- المحلى مع حاشية البناني ( 1 / 39 – 40 )
17- انظر الأحكام للآمدي ( 1 / 95 ) ، المحصول للرازي ( ج 1 ق 1 ص 107 ) الآسنوي نهاية السول ( 1 / 57 ) الشوكاني ( ص 6 )
18- سورة الصافات آية : 96
19- سورة الروم آية : 3
20- انظر الأحكام للآمدي ( 1 / 96 )
21- شرح مختصر الروضة ( 1 / 254 )
22- انظر شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 14 )
23- انظر المصدر السابق نفسه
24- انظر نهاية السول ( 1 / 65 – 68 )
25- تيسير التحرير ( 2 / 130 )
26- انظر الحكم الوضعي عند الأصوليين ص 29 ، وإتحاف ذوي البصائر ( 1 / 336 – 337 )
27- شرح الكوكب المنير للفتوحي ( 1 / 333 )
28- سورة البقرة آية : 110
29- سورة الإسراء آية : 32
30- انظر الأحكام للآمدي ( 1 / 95 ) ، فواتح الرحموت ( 1 / 54 )
31- أصول الفقه للخضري ، ص 21 ، الحكم الوضعي ص 31
32- انظر التوضيح على التنقيح ( 1 / 41 ) ، الموافقات ( 1 / 135 حاشية )
33- كابن تيميه في الفتاوى ( 8 / 486 ) ، والشاطبي في الموافقات ( 1 / 76 ) التوضيح على التنقيح ( 1 / 14 ) ، صرح بذلك الزركشي في البحر المحيط ( 1 / 127 )
34- ( 1 / 96 )
35- أنظر أصول الفقه لزكي الدين شعبان ص 183 حاشية ، والتمهيد للآسنوي ص 48 ، الموافقات ( 1 / 135 ) حاشية
36- انظر التقرير والتحبير ( 2 / 79 ) المستصفى ( 1 / 55 ) ، نهاية السول ( 1 / 57 )
37- انظر التوضيح على التنقيح لصدر الشريعة ( 2 / 123 – 124 ) والتقرير والتحبير على شرح التحرير ( 2 / 79 ) وما بعدها ، والآسنوي ( 1 / 77 ، 78 )
38- مذكرة الشنقيطي ص 12
39- سورة البقرة آية : 110
40- مذكرة الشنقيطي ص 19
41- سورة البقرة آية : 282
42- انظر نهاية السول ( 1 / 79 )
43- سورة الإسراء آية : 32
44- انظر نهاية السول ( 1 / 79 )
45- أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوهما من حديث جابر ، حديث رقم 564
46- أنظر نهاية السول ( 1 / 79 )
47- سورة البقرة آية : 235
48- انظر المصباح المنير ( 2 / 662 ، 663 ) مادة وضع
49- انظر الأحكام للآمدي ( 1 / 96 ) ، شرح مختصر الروضة ( 1 / 411 ) ، أصول الفقه للخضري ( ص 56 ) ، الموافقات ( 1 / 135 ) حاشية
50- شرح الكوكب المنير للفتوحي ( 1 / 435 )
51- انظر غاية المأمول ص 40
52- شرح مختصر الروضة ( 1 / 411 )
53- شرح تنقيح الفصول ( ص 79 ، 80 )
54- أصول الفقه الإسلامي ص 184
55- شرح مختصر الروضة ( 1 / 411 )
56- انظر المانع عند الأصوليين ص 29 ، وغاية المأمول ص 41
57- الأحكام ( 1 / 96 )
58- ( 1 / 244 ) فما بعدها
59- انظر ( 1 / 35 )
60- انظر شرح تنقيح الفصول ص 80
61- كشف الأسرار عن أصول البزدوي ( 4 / 169 )
62- المصدر السابق نفسه
63- شرح الكوكب المنير ( 1 / 438 )
64- سورة الإسراء آية : 15
65- انظر نفائس الأصول ( 1 / 220 ) فما بعدها ، البحر المحيط ( 1 / 128 ، 131 ) ، شرح تنقيح الفصول ( ص 79 ) ، شرح مختصر الروضة ( 1 / 416 ، 417 )
66- الأحكام في أصول الأحكام للآمدي ( 1 / 127 )
67- لسان العرب ( 6 / 139 – 140 ) مادة سبب
68- سورة الكهف آية : 85
69- انظر التمهيد لابن الخطاب ( 1 / 69 )
70- سورة غافر آية : 36 ، 37
71- انظر التمهيد لابن الخطاب ( 1 / 69 )
72- قائله هو الشاعر زهير بن أبي سلمة والبيت في ديوانه
73- سورة الحج آية : 15
74- أساس البلاغة ( ص 195) مادة سبب
75- القاموس المحيط ( ص 123 ) مادة سبب
76- التمهيد لابن الخطاب
77- القاموس المحيط ( ص 123 ) مادة سبب
78- الأحكام في أصول الأحكام ( 1 / 127 )
79- وهو تعريف القرافي في شرح تنقيح الفصول ص 81
80- سورة الإسراء آية : 78
81- حديث أخرجه مسلم في كتاب الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال من حديث أبي هريرة رقم الحديث 1081
82- الأحكام في أصول الأحكام ( 1 / 127 ) ، وحاشية البناني على جمع الجوامع ( 1 / 96 ) بتصرف
83- انظر تنقيح الفصول ( ص 81 ) بتصرف
84- انظر المحلى ( 1 / 94 – 95 )
85- أصول الشاشي ( 353 – 357 )
86- كشف الأسرار ( 4 / 175 )
87- أصول الشاشي ( ص 353 )
88- أنظر التوضيح ( 2/ 171 )
89- انظر كشف الأسرار ( 4 / 171 ) ، تخريج الفروع على الأصول ( ص 352 )
90- انظر الموافقات ( 1 / 135 ، 136 ) ، أصول الفقه للدكتور / عبدالرحمن الصابوني ( ص 48 )
91- انظر الموافقات ( 1 / 157 ، 160 ) ، الحكم الوضعي ( ص 110 ، 111 ) ، مباحث في علم أصول الفقه ( 29 )
92- سورة محمد آية : 18
93- لسان العرب ( 7 / 82 ) ، القاموس المحيط ( ص 869 ) ، المصباح المنير ( ص 309 )
94- جمع الجوامع بحاشية البناني ( 2 / 20 )
95- انظر إلى المستصفى ( 2 / 180 – 181 )
96- مختصر ابن الحاجب ( 2 / 145 )
97- سورة النساء آية :
98- شرح تنقيح الفصول ( ص 82 )
99- انظر مباحث أصول الفقه ( 92 )
100- انظر التعريفات للجرجاني ( ص 112 ) ، شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 131 )
101- انظر أصول الفقه الإسلامي د. زكي الدين شعبان ( ص 210 ) ، ومباحث في أصول الفقه د. العبد خليل أبو عيد ( 93 )
102- انظر مرجع التلويح على التوضيح ( 2 / 145 ) ، الموافقات ( 1 / 207 )
103- انظر الصحاح ( 3 / 1287 ) ، القاموس ( ص 988 ) ، لسان العرب ( 13 / 194 ) ، المصباح المنير ( 2 / 581 )
104- سورة المعارج آية : 21
105- جمع الجوامع بشرح المحلى مع حاشية البناني ( 1 / 98 )
106- الفروق ( 1 / 62 ) ، شرح المختصر ( 1 / 435 ) ، الفتوحي شرح الكوكب المنير ( 1 / 456 )
107- انظر جمع الجوامع شرح المحلى مع حاشية البناني ( 1 / 98 )
108- انظر الفروق ( 1 / 62 ) ، شرح مختصر الروضة ( 1 / 436 ) ، شرح الكوكب المنير ( 1 / 457 )
109- انظر المانع عند الأصوليين ( ص 231 – 233 )
110- انظر الأحكام للآمدي ( 1 / 130 ) ، شرح الكوكب المنير ( 1 / 457 ، 458 ) ، أصول الفقه لزكي الدين شعبان ( ص 18 )
111- انظر المصباح المنير ( 1 / 33 ) مادة صحح ، لسان العرب ( 7 / 287 ) مادة صحح
112- انظر لسان العرب ( 10 / 261 ) ، مختار الصحاح ( ص 503 )
113- شرح المحلى على شرح جمع الجوامع مع حاشية البناني ( 1 / 99 ، 100 )
114- المصدر السابق نفسه
115- انظر المستصفى للغزالي ( 1 / 94 ، 95 ) ، تيسير التحرير ( 2 / 234 ، 235 ) ، شرح التلويح على التوضيح ( 2 / 122 )
116- انظر تيسير التحرير ( 2 / 237 ) ، فواتح الرحموت ( 1 / 120 ، 121 )
117- انظر مختصر المنتهى ( 2 / 7 ) ، وشرح العضد ( 2 / 8 ) ، تيسير التحرير ( 2 / 237 )
118- انظر الأحكام ( 1 / 95 – 96 ) ، الموافقات ( 1 / 216 ) فما بعدها
119- انظر شرح العضد على ابن الحاجب ( 2 / 7 – 8 )
120- الحكم الوضعي عند الأصوليين ( ص 172 )
121- انظر التقرير والتحبير ( 2 / 153 – 154 )
122- انظر رفع الحاجب على ابن الحاجب ( ص 25 ) نقلا عن كتاب الحكم الوضعي عند الأصوليين ( ص 172 ) ، والإبهاج ( 1 / 68 ، 69 )
123- انظر المحصول ( 1 / ق1 / 111 ) ، منهاج الوصول بشرح الأسنوي ( 1 / 52 – 53 )
124- انظر المستصفى ( 1 / 94 ) ، الآمدي ( 1 / 130 ) ، شرح الكوكب المنير ( 1 / 464 )
125- نهاية السول ( 1 / 67 – 68 )
126- انظر المصباح المنير ( 1 / 51 – 52 ) ، مختار الصحاح ( ص 56 ) ( بطل ) ، لسان العرب ( 1/ 432 )
127- انظر كشف الأسرار ( 1 / 258 ، 259 )
128- انظر المستصفى ( 1 / 94 ، 95 ) ، والأحكام للآمدي ( 1 / 131 ) وغيرهم
129- التقرير والتحبير ( 2 / 154 )
130- انظر تيسير التحرير ( 2 / 236 ، 237 ) ، شرح المحلى على جمع الجوامع بحاشية البناني ( 1 / 81 )
131- انظر كشف الأسرار للبزدوي ( 1 / 269 – 772 ) ، أصول الفقه لأبي النور زهير ( 1 / 72 – 73 )
132- انظر المستصفى ( 1 / 95 )
133- أخرجه مسلم – كتاب المساقاة – باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا من حديث ألبي سعيد الخدري حديث رقم ( 1584 )
134- انظر أصول الفقه لزكي الدين شعبان ( ص 213 )
135- انظر أصول الفقه للخضري ( ص 75)
136- انظر شرح التلويح على التوضيح ( 2 / 123 ) ، أصول الفقه الخضري ( ص 75 ) ، المانع عند الأصوليين ( ص 89 ، 90 )
137- سورة طه آية : 115 ، القرطبي ( 11 / 251 )
138- انظر المصباح المنير ( 1 / 408 ) مادة عزم ، لسان العرب لابن منظور ( 9 / 193 – 194 ) مادة عزم ، مقاييس اللغة ( 4 / 308 ) مادة عزم ، مختار الصحاح ( ص 431 ) مادة عزم ، أساس البلاغة ( ص 297 ) مادة عزم
139- أصول البرزدوي ( 2 / 299 )
140- أصول السرخسي ( 1 / 117 )
141- كشف الأسرار للنسفي ( 1 / 447 – 448 )
142- شرح الكوكب المنير ( 1 / 476 )
143- الآسنوي على منهاج البيضاوي ( 1 ؟ 120 – 121 )
144- انظر المانع عند الأصوليين ( ص 70 – 71 )
145- المستصفى ( 1 / 98 )
146- الأحكام للآمدي ( 1 / 131 )
147- مختصر ابن الحاجب ( 2 / 8 )
148- البحر المحيط ( 1 / 325 )
149- انظر السبب عند الأصوليين ( 1 / 115 )
150- انظر أصول البزدوي على هامش كشف الأسرار ( 2 / 299 )
151- انظر السبب عند الأصوليين ( 1 / 115 )
152- انظر غاية المأمول ( ص 55 )
153- انظر شرح الجلال على جمع الجوامع مع حاشية البناني ( 1 / 123 )
154- انظر لسان العرب ( 5 / 178 ) ، والمصباح المنير ( 1 / 223 – 224 ) ، تاج العروس ( 9 / 288 )
155- انظر المانع عند الأصوليين ( ص 75 )
156- الأسنوي على المنهاج ( 1 / 120 )
157- المستصفى ( 1 / 63 )
158- الأحكام ( 1 / 32 )
159- روضة الناظر ( 1 / 259 )
160- انظر الأسنوي على المنهاج ( 1 / 121 )
161- انظر المصدر السابق نفسه ( 1 / 120 – 121 )
162- انظر القواعد والفوائد لابن اللحام ( ص 99 )
163- يرى بعض العلماء أن الأفضل عدم النطق بكلمة الكفر والنطق بها خلاف الأولى ، والأولى الصبر وتحمل الأذى في سبيل الإيمان والعمل بالعزيمة أولى لأنه طاعة للرب ( فواتح الرحموت ( 1 / 117 ) ، القواعد والفوائد ( 118 )
164- الرخص الشرعية لوهبة الزحيلي ( ص 28 )
165- انظر أصول السرخسي ( 1 / 117 ) ، البزدوي ( 2 / 299 )
166- انظر المستصفى ( 1 / 99 ) ، كشف الأسرار ( 2 / 299 )
167- انظر شرح الأسنوي ( 1 / 121 ، 122 ) ، البحر المحيط ( 1 / 228 ) ، شرح الكوكب المنير ( 1 / 479 ) فما بعدها
168- سورة البقرة آية : 195
169- انظر البحر المحيط ( 1 / 228 )
170- انظر شرح الآسنوي ( 1 / 121 – 122 ) ، كشف الأسرار ( 2 / 299 ) فما بعدها
171- انظر شرح الآسنوى ( 1 / 122 )
172- حديث أخرجه مسلم من رواية عمر بن الخطاب ( 1 / 478 ) حديث رقم 686
173- المحلى على جمع الجوامع ( 1 / 121 ) ، الأشباه والنظائر ( ص 82 )
174- سورة البقرة ، آية : 220
175- انظر القرطبي ( 3 / 62 ، 63 ) فما بعدها
176- أصول الفقه لوهبة الزحيلي ( ص 111 – 112 )
177- سورة البقرة آية : 184
178- أصول الفقه لوهبة الزحيلي ( ص112 )
179- انظر المغنى في أصول الفقه ( ص 87 – 92 ) ، كشف الأسرار للنسفي ( 1 / 462 ) ، التوضيح على التنقيح ( 2 / 127 ) فما بعدها ، فواتح الرحموت ( 1 / 116 – 117 )
180- أخرجه ابن أبي شيبة من حديث الحسن مرسلا ، وأخرجه كذلك عبدالرزاق في تفسيره عن معمر معضلا كذا في ( الكافي الشافي ) لابن حجر ( 2/ 637 ) – ط – دار الكتاب العربي بهامش الكشاف
181- انظر كتاب الرخص الشرعية ( ص 36 )
182- انظر كشف الأسرار ( 1 / 641 ) ، المغني ( 88 ) ، التوضيح ( 2 / 129 )
183- الموافقات ( 1 / 224 ) وما بعدها
184- سورة البقرة آية : 195
185- سورة النساء آية : 29
186- الموافقات ( 1 / 229 ) فما بعدها و ( 1 / 233 )
187- أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ( 11 / 323 ) ط – وزارة الأوقاف العراقية من حديث ابن عباس ، وحسنه المنذري في الترغيب ( 2 / 135 ) – ط – الحلبي
188- سورة البقرة ، آية : 185
189- الموافقات ( 1 / 258 )
190- مراتب الإجماع لابن حزم ( ص 175 )
191- انظر إرشاد الفحول ( ص 272 )
192- انظر الموافقات ( 1 / 253 ) وما بعدها
193- انظر أصول الفقه / زكي الدين شعبان ( ص 202 ) حاشية
194- انظر المستصفى ( 1 / 98 ) ، فواتح الرحموت ( 1 / 116 ) ، الآمدي ( 1 / 131 ) ، الشاطبي في الموافقات ( 1 223 ، 224 )
195- انظر المانع عند الأصوليين ( 79 – 81 )
196- سورة النساء ، آية : 103
197- سورة طه ، آية : 132
198- انظر شرح الآسنوي على المنهاج مع حاشية بخيت ( 1/85 ، 86)، مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد ( 1 / 234 ) ، شرح الكوكب المنير ( 1 / 363 )
199- انظر نهاية السول ( 1 / 90 )
200- انظر لسان العرب ( 1 / 101 ) مادة أداء ، المصباح المنبر ( 1 / 9 ) أدى ، شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 160 )
201- سورة البقرة آية : 200
202- انظر شرح التلويح على التوضيح (1 / 162 )
203- ابن الحاجب مع شرح العضد ( 1 / 232 )
204- فواتح الرحموت ( 1 / 85 )
205- تيسير التحرير (2 / 198 )
206- نهاية السول على منهاج الوصول ( 1 / 90 )
207- شرح الكوكب المنير ( 1 / 365 ) ، المختصر ( ص 59 )
208- انظر حاشية الجرجاني على العضد ( 1 / 233 ) ، تيسير التحرير ( 2 / 198 ) ، فواتح الرحموت ( 1 / 85 ) ، شرح الكوكب المنير ( 1 / 365 )
209- اخرجه مسلم – كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب ( من أدرك من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة ) من حديث أبي هريرة رقم ( 607 )
210- انظر فواتح الرحموت ( 1 / 85 )
211- انظر كشف الأسرار للنسفي ( 1 / 70 – 74 ) ، تيسير الأصول ص 189 ، شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 166 )
212- انظر المصباح المنير ( 2 / 522 )
213- ابن الحاجب مع العضد ( 1 / 232 )
214- شرح الكوكب المنير ( ( 1 / 368 )
215- فواتح الرحموت ( ( 1 / 85 )
216- تيسير التحرير ( ( 2 / 199 )
217- روضة الناظر ( ( 1 / 254 )
218- انظر الحكم الشرعي التكليفي لصلاح زيدان ص 89
219- انظر فواتح الرحموت ( 1 / 85 )
220- انظر ابن الحاجب مع العضد ( 1 / 233 )
221- انظر البحر المحيط ( 1 / 333 – 334 ) بتصرف
222- سورة فصلت ، آية : 12
223- سورة النساء ، آية 103
224- انظر لسان العرب ( 11 / 209 ) ، مادة قضى ، المصباح المنير ( 1 / 507 ) ، المعجم الوسيط ( 2 / 749 ) قضى
225- العضد على مختصر المنتهى ( 1 / 232 )
226- فواتح الرحموت ( 1 / 85 )
227- روضة الناظر ( 1 / 254 )
228- كشف الأسرار للبزدوي ( 1 / 134 )
229- انظر كشف الأسرار للبزدوي ( 1 / 136 ) ، البحر المحيط ( 1 / 334 )
230- انظر كشف الأسرار ( 1 / 136 ) ، المستصفى ( 1 / 96 )
231- اخرجه مسلم في كتاب الحيض – باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة – من حديث عائشة رقم ( 335 )
232- انظر في هذا روضة الناظر لابن قدامة ( 1 / 255 ، 256 ) ، شرح تنقيح الفصول ص 74
233- انظر شرح التلويح على التوضيح ( 1 / 161 ، 162 ) ، الحكم الشرعي التكليفي ص ( 84 ، 85 )
234- سورة البقرة آية : 185
235- أخرجه البخاري في باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران من رواية علي بن أبي طالب (5/218) وأخرجه الترمذي في سننه (4 / 32 ) حديث رقم 1423 ، قال الشيخ الألباني حديث صحيح .
236- انظر تهذيب شرح الآسنوي ( 1 / 52 ) ، البدخشي على الآسنوي ( 1 / 92 )
237- انظر نهاية السول ( 1 / 120 )
238- انظر كشف الأسرار للنسفي ( 1 / 76 – 84 ) ، تيسير الأصول للزاهدي ص ( 190 – 191 ) ، والمغني في أصول الفقه ص ( 56 – 58 )
239- انظر أصول السرخسي ( 1 / 45 ) فما بعدها ، تيسير التحرير ( 2 / 200 )
240- انظر تيسير التحرير ( 2 / 201 ) ، فواتح الرحموت ( 1 / 88 – 89 )
241- سبق تخريجه
242- انظر المستصفى ( 2 / 11 ) ، شرح مختصر ابن الحاجب للعضد ( 2 / 92 ) ، تيسير التحرير ( 2 / 201 ) ، بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب ( 2 / 73 _ 77 )
243- كشف الأسرار عن أصول البزدوي ( 1 / 138 – 140 ) ، أصول السرخسي ( 1 / 46 )
244- سبق تخريجه
245- سورة البقرة ، آية : 43
246- المغني لابن قدامة ( 2 / 126 )
247- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ( 1 / 263 )
248- سبق تخريجه
249- البحر المحيط ( 1 / 311 – 312 ) ، شرح تنقيح الفصول ص 80



فهرس المصادر والمراجع


1-القرآن الكريم .
( أ )
2-أصول الفقه للدكتور / محمد أبو النور زهير - المكتبة الأزهرية للتراث
3-أصول الفقه للشيخ / محمد الخضري بك - دار إحياء التراث العربي – ط ( 6 )
4-إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول – محمد بن على الشوكاني – دار الفكر – ط 1
5-أصول الفقه الإسلامي للدكتور / زكي الدين شعبان
6-أصول الفقه الإسلامي للدكتور / عبدالرحمن الصابوني – ط 2
7-إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر للدكتور / عبدالكريم النملة – دار العاصمة – ط 1
8-الأحكام في أصول الأحكام لسيف الدين الآمدي – المكتب الإسلامي - ط الثانية
9-أصول السرخسي للإمام محمد بن أحمد السرخسي ، دار الكتب العلمية – ط 1
10-أساس البلاغة للامام جار الله أبي القاسم الزمخشري – مكتبة لبنان – ط 1
11-أصول الشاشي لأبي علي الشاشي – دار الكتاب العربي
12-أصول الفقه الإسلامي للدكتور / وهبة الزحيلي – دار الفكر المعاصر ط 1
13-الإبهاج في شرح المنهاج للبيضاوي ، تأليف شيخ الإسلام علي بن عبدالكافي السبكي وولده تاج الدين عبدالوهاب السبكي ط 1 – دار الكتب العلمية
14-الأشباه والنظائر لابن نجيم على مذهب الإمام أبي حنيفة – دار الكتب العلمية – ط 1

( ب )
15-البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي – تحرير الشيخ عبدالقادر عبدالله العاني – مراجعة الدكتور / عمر الأشقر – ط 2 – دار الصفوة
16-كشف الأسرار عن أصول فخر الدين البزدوي – للامام العلامة علاء الدين عبدالعزيز أحمد البخاري – دار الكتاب الإسلامي
17-كشف الأسرار شرح المصنف على المنار – لحافظ الدين النسفي – دار الكتب العلمية – ط 1

( ت )
18-التمهيد لأبي الخطاب الحنبلي – ط 1 – دار المدني
19-تاج العروس من جواهر القاموس – لمحب الدين أبي فيض السيد محمد مرتضى الزبيدي – دار الفكر – ط1
20-تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه الجامع بين إصطلاحي الحنفية والشافعية – لإبن همام الإسكندري – دار الكتب العلمية – تأليف / الأستاذ محمد أمين المعروف بأمير باد شاه
21-التمهيد في تخريج الفروع على الأصول للامام / جمال الدين أبي محمد عبدالرحيم بن حسن الآسنوي تحقيق الدكتور / محمد حسن هيتو – مؤسسة الرسالة – ط1
22-التقرير والتحبير شرح العلامة ابن أمير الحاج على تحرير الامام الكمال بن الهمام في علم الأصول الجامع بين اصطلاحي الحنفية والشافعية – ط1 – المطبعة الكبرى الأميرية
23-تهذيب شرح الآسنوي على منهاج الأصول ، علم الأصول للدكتور / شعبان محمد اسماعيل – مكتبة جمهورية مصر
24-التعريفات للجرجاني – دار الكتب العلمية – ط 3
( ح )
25-الحكم التكليفي في الشريعة الإسلامية للدكنور / محمد أبو الفتح البيانوني – دار القلم ط 1
26-حاشية العلامة التفتازاني وحاشية الشريف الجرجاني على مختصر المنتهى الأصولي للامام – ابن الحاجب المالكي – دار الكتب العلمية ط 2
27-الحكم الوضعي عند الأصوليين للحميري – المكتبة الفيصلية
28-حاشية العلامة البناني على شرح المحلى على متن – جمع الجوامع – ط2 – مطابع مطصفى الحلبي
29-حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للشيخ / محمد عرفة الدسوقي – دار الفكر
30-الحكم الشرعي التكليفي للدكتور / صلاح زيدان – دار الصحوة للنشر
( ر )
31-الرخص الشرعية أحكامها ضوابطها للدكتور / وهبه الزحيلي – دار الخير ط 1/ 1413 ه
32-روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد – لابن قدامة المفدسي – تحققيق الدكتور / عبدالكريم النملة – مكتبة الرشد ط 2

( س )
33-السب عند الأصوليين للدكتور / عبدالعزيز الربيعة – لجنة البحوث والتأليف والترجمة والنشر

( ش )
34-شرح الكوكب المنير المسمى مختصر التحرير للشيخ / محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي المعروف بابن النجار – تحقيق الدكتور / محمد الزحيلي والدكتور / نزيه حماد ، مكتبة العبيكان
35-شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح – دار الكتب العلمية – بيروت
36-شرح تنقيح الفصول في إختصار المحصول في الأصول للقرافي – دار الفكر ط 1
37-شرح البدخشي مناهج العقول على منهاج الوصول – للامام محمد بن الحسن البدخشي- دار الكتب العلمية ط 1
38-شرح مختصر الروضة – لنجم الدين أبي الربيع سليمان الطوفي – مؤسسة الرسالة ط 1
39-شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول للقرافي – دار الفكر – ط1
(ص)
40-الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية تأليف أسماعيل بن حسن الجوهري – تحقيق أحمد عبدالغفور العطار ط2

( غ )
41-غاية المأمول في توضيح الفروع للأصول – للدكتور / محمود مصطفى عبود – مكتبة البحوث الثقافية ط 1
( ف )
42-الفروق للإمام العلامة / شهاب الدين أبي العباس الظهاجي – المشهور بالقرافي – دار المعرفة بيروت
( ق )
43-القاموس المحيط للفيروز أبادي – مؤسسة الرسالة
( ل )
44-لسان العرب لابن منظور – دار احياء التراث العربي – ط2


( م )
45- المستصفى من علم الأصول لأبي حامد الغزالي ومعه فواتح الرحموت للعلامة – عبد العلى الأنصاري لشرح مسلم – الثبوت لمحب الله بن عبد الشكور – دار الكتب العلمية ط 2
46-المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي – تأليف العلامة أحمد الفيومي – المكتبة العلمية
47-مجموع فتاوي شيخ الاسلام ابن تيمية – جمع وترتيب عبدالرحمن بن القاسم
48-المحصول في علم الأصول للرازي – دراسة وتحقيق الدكتور / طاهر جابر العلواني – ط1 مطبعة جامعة الامام
49-المانع عند الأصوليين للدكتور / عبدالعزيز الربيعة – ط1 – شركة العبيكان
50-المغني في أصول الفقه للامام جلال الدين الخبازي – ط1 – مركز البحث العلمي في جامعة أم القرى
51-مباحث في أصول الفقه الاسلامي للدكتور / العبد خليل أبو عيد – ط2 دار الفرقان
52-الموافقات في أصول الشريعة للامام الشاطبي – دار الكتب العلمية
53-مذكرة في أصول الفقه – للشيخ محمد الأمين الشنقيطي – مكتبة ابن تيمية – ط 1
54-مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكرالرازي دار الفكر – دار القرآن الكريم – ترتيب محمود خاطب بيك
55-مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات لابن حزم – دار الكتب العلمية
56-معجم مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا – ط 3 – مكتبة الخانجي
57-المختصر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد – لابن اللحام تحقيق الدكتور / محمد مظهر دار الفكر
( ن )
58-نهاية السول في شرح منهاج الأصول للإمام جمال الدين عبدالرحيم بن الحسن الآسنوي – علم الكتب
59-نفائس الأصول في شرح المحصول – للإمام القرافي – مكتبة الباز – ط1

المصدر
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=140371

4

وانت تقرأ هذا الموضوع استمع للرقية الشرعية تعمل 24 ساعة طوال اليوم لابطال السحر والعين والحسد والمس العاشق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

استمع للدروس العلمية في جميع اقسام الشريعة الاسلامية والمواعظ والقران الكريم

تصفح موقع اسلام ويب هذا الموقع مهم وشامل للكل مايبحث عنه طالب الشريعة والدراسات الإسلامية

موضيع المدونة

موقع روح الإسلام للتحميل الموسوعات الاسلامية

الإذاعة العامة للقران الكريم اذاعة متنوعة لمختلف القراء

تلاوات خاشعة من القران الكريم

استمع الى إذاعة الرقية الشرعية الاولى من القرآن الكريم ومن السنة النبوية

استمع الى راديو إذاعة آيات السكينة على موقع

استمع الى إذاعة الرقية الشرعية من القرآن الكريم تعمل 24 /24 ساعة

الرقية الشرعية لعلاج السحر والمس والعين للشيخ احمد العجمي

الرقية الشرعية للعلاج من السحر والمس والعين والحسد بصوت الشيخ ماهر المعيقلي

افضل مواضيع المدونة

افضل مواضيع هذا الشهر

افضل المواضيع هذا الاسبوع

جميع الحقوق محفوظه © شعبة الدراسات الاسلامية

تصميم htytemed