وانت تقرأ هذا الموضوع استمع لتلاوة الشيخ علي جابر يعتبر من افضل القراء في العالم الاسلامي رحمه الله
مراتب الجرح والتعديل (لابي حاتم وابن صلاح والنووي والسيوطي والذهبي والعراقي)
مراتب الجرح والتعديل[1]
لقد عني العلماءُ وأئمة الجرح والتعديل بذكر ألفاظ الجرح والتعديل
، وبيان مراتبهاودرجاتها ، وقد رتبها ابن أبي حاتم في مقدمة كتابه الجرح والتعديل ، فجعلها أربع مراتب فأحسن وأجاد ، وتبعه في ذلك الإمامان ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث ، والنووي في مختصره المسمى بالتقريب ، والذي شرحه الإمام السيوطي بكتابه الجامع تدريب الراوي ، ثم جعلها الإمامان الذهبي و العراقي خمس مراتب .
ثم جاء الحافظ ابن حجر فجعلها ست مراتب .
– التقسيم المختار [2] :
1- ألفاظ التعديل :
“المرتبة الأولى : الوصفُ بما يدلُّ على المبالغة ، وهو الوصف بأفعل ، مثل فلان أوثق الناس ، وأعدل الناس ، وإليه المنتهى في التثبت ، ومثله قول الشافعي في ابن مهدي [3]: (لا أعرف له نظيرا في الدنيا) ، ومثله أيضاً قول هشام بن حسان في ابن سيرين : ” حَدَّثَنِي أَصْدَقُ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ الْبَشَرِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ “[4]
ومنه: لا أحد أثبت منه, ومن مثل فُلان, وفُلان لا يُسأل عنه, ولم أر من ذكر هذه الثَّلاثة, وهي في ألفاظهم.[5]
ويضاف لهذه المرتبة ، ثقة ما أثبت حديثه ، أو ما أقول إن أحدا أثبت منه في الحديث ، أو ما خلفت ببغداد مثل فلاناً ، فلان ركن من أركان الحديث ،فلان مجمع على ثقته في الحديث ، متفق على ثقته وأمانته والاحتجاج به ،حدثنا فلان وهو التثبت كالأسطوانة ، فلان أوثق من أساطين مسجد الجامع ،فلان ثقة مسنِدٌ عديمُ النظير ، ثقة كبير الشأن ، ثقة عدل ، ثقة نظيف الإسناد ،ثقة حلو الحديث ، إليه المنتهى في الثقة ، إذا وافقني فلان فلا ابالي من خالفني ، لو خالفني فلان وأنا أحفظ سماعي لتركت حفظي لحفظه ،إذا خالفني صرت إليه ،فلان أحد الأعلام الأثبات ،فلان ثقة وزيادة ، فلان ثقة من أهل المعرفة ،فلان حجة ، فلان حجة بلا نزاع ،حجة وفاقاً ، حجة فيما يرويه محصل لما يمليه ، حجة الله على عباده ، حجة بين الله وبين عباده في الأرض ، حديثه حجة أحج ما يكون ، من حجج الله تعالى على خلقه بعد التابعين ،فلان رجل صالح يتقن حديثه لا يزيد ولا ينقص ، فلان قنطرة ، بل قفز من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي ،هو ثقة الحديث جدًّا ، فلان ريحانة المحدثين ، أو سيد المحدثين ، فلان متين ، فلان فوق الثقة جبل ،فلان جبل من الجبال ، أو من الجبال الرواسي ،فلان ثقة يفصل بالألفاظ ، ثقة يفصل بين الوا والفاء أو بين الياء والتاء ، ما بين لا بتيها أوثق من فلان ، أوثق من برأ الله في الحديث هو فلان ، ليس على بسيط الأرض أوثق من فلان ، ما رأيت أسود الرأس أوثق من فلان ، أوثق من بال على التراب ، فلان أجلُّ من أن يقال فيه ثقة ، ما إذا سئل أحدهم عن راو أهو ثقة ” فقال : وزاد ، ثقة كفاية ، فلان شكه يقين ، فلان شكه كيقين غيره ، شكه أحسن أو أحبُّ إليَّ من يقين غيره ،هو ممن حفظ العلم على أمة محمد r ،فلان مصحَفٌ ،كان أمة وحده في هذا الشأن ، هو فارس في الحديث خذوا عنه ،أمير المؤمنين في الحديث ،ما حعلت بينك وبين الرجال مثل فلان ،قبان المحدثين ، فلان ثقة مبرِّزٌ ،فلان صحيح الحديث يفصل السماع من العرض والحديث من الحديث ،ما كتبنا عن أحد أجلَّ من فلان ، لم أرو عن أجلِّ منه في عيني ، فلان أمثل من يكتبون عنه ،فلان ثبَّتوه جدًّا، فلان ميزان لا يرد على مثله ،فلان لا يختلف في حديثه ،فلان هو الطبيب ،كأن الله خلف فلاناً لهذا الشأن ، كأنه لم يخلق إلا للحديث ، فلان صدوق صدوق ،صدوق مأمون ،كان فلان ثقة من أهل العلم بالحديث ،إذا اختلف الناس في شيء فزعوا إلى فلان ،حدثنا فلان الأسد ،فلان بصير بالحديث متقن يشبه الناس ، فلان هو الإمام المقبول عند الكلِّ ،فلان مُثِّلَ بجبل نفخ فيه االروح،اسمعوا من فلان فإنه الأمين المأمون ،فلان هو العقدة ،فلان ممن انتهى الإسناد إليهم ، ممن دار الإسناد عليهم أو ممن دار حديث الثقات عليهم ، حدثنا فلان الكبش النطاح ، هذا الغلام يناطح الكباش ، فلان هو التقي النقي الذي لم أر مثله ،لو كتب فلان عن مالك مثلاً لأثبته في الطبقة الأولى من أصحابه ،فلان من الطبقة العليا ،فلان الثقة الحافظ الناقد ، فلان درة في الحديث أو ريحانة في الحديث أو ياقوتة في الحديث ،فلان يملأ حديثه الصدر والنحر ، فلان قرة عين في الحديث ،فلان ثقة ثقة لو رأيته لقرت عينك به ، إذا حدثك فلان فاختم عليه ، إذا جاءك الحديث عنه فاستمسك به ، فلان كبير من أهل الصناعة ، العرض على فلان أحبُّ إليَّ من السماع من غيره ،فلان كبير المتثبتين ، ما عندي آمن على الحديث من فلان ، ما خلفت بعدي آمن على الحديث من فلان ، أحاديث فلان كأنها الدنانير ،إذا جاءت المذاكرة جئنا بكلِّ ، وإذا جاء التحصيل جئنا بفلان ، إذا حدثك عن فلان ثقة فقد ملأت يديك ولا تريد غيره ،كأن حديثه القدح لا يختلف فيه أحد ،فلان العدل ، الرضى الأمين عدل نفسي عندي ، هو أوثق عندي من نفسي ،فلان إمام الجرح والتعديل ، أو ما خلق الله تعالى أحدا أعرف بالحديث منه ، فلان أس المحدثين في الصدق وكان ثبتاً ،فلان من ثقات الثقات ،كان فلان مليًّا ، فلان ثقة صاحب حديث ، فلان ثقة صاحب حديث ومعرفة ،فلان من البزَّل الكمَّل في هذا الشأن ،فلان أهل ألا ندع له شيئاً ، فلان ينبغي أن تكتبوا حديثه كله ، خذوا من حديثه ما استطعتم ،فلان محِّثُ العرب ،فلان غاية في الإسناد ليس بعده شيء ، فلان حديثه كالأخذ باليد ،حدثنا فلان وكان فلان دعامة ،هو كثير العلم صحيح الحديث ، إن حدثكم فلان فلا عليكم ألا تكتبوا عن غيره ، فلان فطن صحيح كيِّسٌ ، فلان من حكماء أصحاب الحديث ، فلان ثقة نقيُّ الحديث ،فلان صحيح الدين صحيح الرواية ، فلان مقدَّمٌ في الصنعة ،فلان ثقة مأمون ، ثقة من أهل الأمانة ، فلان ثقة فوق الثقة بدرجة ،فلان الحافظ الصدوق ، كان فلان ينظِّر بفلان الإمام ،كان فلان في مسلاخ شعبة ،فلان ثقة يصلح للحديث ،ما ينبغي لأحد أن يفوق فلانا في الحديث أو يفضله في الحديث ،فلان عزيز العلم ثقة عالم ، فلان لا يختلف فيه أحد ، وغير ذلك من عبارات كثيرة استخدمت للدلالة على هذه المرتبة .[6]
وفائدة هذه الرتبة أن حديثهم في أعلى درجات الصحة ، وكذلك إذا حدث تعارض أو اختلاف في الرواية رجحت طبقة هؤلاء .
المرتبة الثانية ُ : ثقة، أو ثبْت[7] ، أو حجة ،أو إمام، أو حافظ، أو متقن ، أو عدل ، إلى نحو ذلك .
وأما قولهم (ثقة ) فمعناه أنه عدل ضابط ، ولا يلزم من هذا أنه لا يخطئ ، فما من ثقة بل وما من إمام مشهور إلا وقد أخطأ، لكن الراوي إذا كان صدوقاً في دينه وكان خطؤه قليلاً نادراً ينغمر في سعة ما روى ، أو لم يظهر ذلك في حديثه فهو ثقة يعمل بروايته إلا أن يتضح لنا أنه أخطأ في حديث بعينه ، فيترك خطؤه ويقبل صوابه ، والرجل إذا كثرت حسناته على سيئاته ، وصوابه على خطئه نجا وسلم ، والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث كما قال الحافظ الذهبي رحمه الله ، وليس من شرط الثقة أن يتابع في كل ما يقول ، بل من شرطه ألا ينفرد بالمناكير عن المشاهير ، ويكثر منه ذلك .
فها هو حماد بن زيد والإمام مالك وسفيان الثوري وشعبة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم من سادات الحفاظ الذين بلغوا في الحفظ غاية كبيرة، قد ثبت أنهم أخطئوا في بعض الأحاديث، وهذا لا يعني إذا أخطأ الراوي في حديثٍ ما أن نبطل جميع أحاديثه أو أن نقضي عليه بأنه ضعيف، ولكن يريدون أن الراوي إذا كانت غالب أحاديثه صحيحه مستقيمة فإنهم يحكمون عليه بأنه ضابط، وأن حديثه الأصل فيه إذا ورد أن يكون صحيحا، والموضع الذي أخطأ فيه يكون حديثه فيه ضعيفا.[8]
قولهم ( فلان ثقة له أوهام ، أوله أفراد أو يغرب ) فهذا اللفظ وإن كان دون قولهم ثقة إلا أنه لا ينزل عن هذه المرتبة ، وحديث من هذا حاله محمول على الصحة حتى يثبت أن هذا الحديث من أوهامه أو أخطائه فيترك ، نعم إذا عارضه ثقة فحديث الثقة مقدَّمٌ عليه ، وقال ابن حبان في ترجمة أبي بكر بن عياش[9] :”كان أبو بكر بن عياش من الحفاظ المتقنين يروي عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن ويحيى بن سعيد الأنصاري وقد روى عنه ابن المبارك وأهل العراق وكان يحيى القطان وعلي بن المديني يسيئان الرأي فيه وذلك أنه لما كبر سنُّه ساء حفظه فكان يهم إذا روى، والخطأ والوهم شيئان لا ينفك عنهما البشر فلو كثر خطؤه حتى كان الغالبَ على صوابه يستحق مجانبة رواياته، فأما عند الوهم يهم أو الخطأ يخطىء لا يستحقُّ ترك حديثه بعد تقدم عدالته وصحة سماعه ….والصواب في أمره مجانبة ما علم أنه أخطأ فيه والاحتجاج بما يرويه سواء وافق الثقات أو خالفهم، لأنه داخل في جملة أهل العدالة، ومن صحت عدالته لم يستحقَّ القدح ولا الجرح إلا بعد زوال العدالة عنه بأحد أسباب الجرح وهكذا حكم كل محدِّث ثقة صحت عدالته وتبين خطؤه “.
وقال في ترجمة داود بن أبي هند [10]: ” وكان داود من خيار أهل البصرة من المتقنين في الروايات إلا أنه كان يهم إذا حدَّث من حفظه ولا يستحقُّ الإنسان التركَ بالخطأ اليسير يخطىء والوهم القليل يهم حتى يفحش ذلك منه ؛لأن هذا مما لا ينفك منه البشر ولو كنا سلكناه المسلك للزمنا ترك جماعة من الثقات الأئمة؛ لأنهم لم يكونوا معصومين من الخطأ ،بل الصواب في هذا ترك من فحش ذلك منه والاحتجاج بمن كان منه ما لا ينفكُ منه البشر “
وقال في ترجمة عبد الملك بن أبى سليمان : ميسرة العرزمي :[11]
” كان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم والغالب على من يحفظ ويحدث من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت صحة عدالته بأوهام يهم في روايته ،ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة؛ لأنهم أهل حفظ وإتقان وكانوا يحدِّثون من حفظهم ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات ؛بل الاحتياط والأولى في مثل هذا قبول ما يروي الثبتُ من الروايات وترك ما صحَّ أنه وهم فيها ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه فإن كان كذلك استحقَّ الترك حينئذ “.
ومن العبارات التي ترادف هذه المرتبة : فلان صدوق صاحب حديث ، اكتبوا عن فلان ، اكتب عن فلان حتى تجف يدك ،فلان مستقيم الحديث ، أو مستقيم الأمر بالحديث أو في الرواية ،فلان ثقة وليس بمحل أن يقال له حجة ،أو ليس بالحجة ،فلان إذا روى عن ثقة أو روى عنه ثقة فهو صحيح الحديث أو مستقيم الحديث ،فلان ممن يرضى به في الحديث ، فلان صحيح الكتاب ،فلان صدوق صاحب كتاب ، فلان أكثر الناس عنه ،أكثر عنه الأئمة ،فلان أحاديثه يحتجُّ بها ، أو فلان يحتجُّ به ، فلان عمدة أو معتمد أو يعتمد عليه ، فلان ثقة لم يذكر إلا بخير ، فلان كان معتبراً ،فلان مقبول القول ، وقد يطلقون المقبول على من يقبل حديثه ولا يترك ، فيدخل في ذلك من يصلح في الشواهد والمتابعات ، وإن لم يحتجَّ به بمفرده ، والعبرةُ حينئذ بالقرينة ،فلان ثقة يخطئ كما يخطئ الناس ،فلان القلب إلى أنه ثقة أميلُ ،فلان مضبوط الحديث ، فلان صدوق له حفظ أو يصدق ويحفظ ،فلان صدوق نقيُّ الحديث ، ثقة لو قيل له اكذب لم يحسن ، أو لم يعرف أن يكذب ، فلان كان معدَّلاً عند أهل بلده ،هو ممن تقوم به الحجة إذا روى عنه الثقات ، ثقة فيما تفرد به وشورك فيه ،كان جميل الأمر في الحديث ثقة ، ثقة ورأيت أحمد يكتب حديثه أو أحاديثه بنزول ،فلان صحيح الحديث وقوي الحديث ،فلان مستوي الحديث ،كان فلان مكينا عند فلان ،فلان ثقة لا شك فيه ، فلان استقامته في الحديث استقامة الأثبات ، فلان أحدُ منْ ثبت حديثه ، أو من ثقات المسلمين ، أو ثقة بلا ثنيا أو ثقة بلا تردد ، فلان يجزئ ، وقد يعني لا بأس به ، والله أعلم .[12]
المرتبة الثالثة ُ : من قصر عن درجة الثانية قليلاً وإليه الإشارة بقولهم : صدوق ، أو محله الصدق ، أو لا بأس به ،قال ابن أبي حاتم : فهو ممن يكتب حديثه ، وينظر فيه ، وهي المنزلة الثانية – يعني على حسب تقسيمه – ، وزاد الحافظ العراقيُّ أو مأمون ، أو خيار ، أو ليس به بأس ولكنها قد تدلُّ على أن المقصود بها ثقة كما هي عند ابن معين وبعض أهل العلم ، ولكن لا تعرف إلا بالقرينة ، فالأصل أنها في هذه المرتبة .
ومن العلماء من فرَّق بين صدوقٍ ، وبين محلَّه الصدق ، وهو الذهبي ، وتبعه العراقيُّ فجعل صدوق من هذه ، ومحله الصدق ما بعدها ، لأن صدوقاً صيغة مبالغة ، بخلاف محلُّه الصدق ، فإنه دالٌّ على أن صاحبها محلَّه ، ومترتبه مطلق الصدق ، وقد روى ابن أبي حاتم بسنده عن عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا أَبُو خَلْدَةَ , قَالَ . فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَبَا سَعِيدٍ أَكَانَ ثِقَةً ؟ . قَالَ : ” كَانَ صَدُوقًا , وَكَانَ مَأْمُونًا , وَكَانَ خَيِّرًا – وَقَالَ الْقَاسِمُ : وَكَانَ خِيَارًا ـ الثِّقَةُ : شُعْبَةُ وَسفيان “[13]
وهذا يدلُّ على تفرقتهم بين ثقة ، وبين صدوق ونحوه .
ومن ألفاظ هذه المرتبة : فلان صادق ، ما به بأس المسكين ليس له بخت ، ما هو من أهل الكذب ولكن ليس له بخت ،فلان ممن يصدق في الروايات ،فلان ثقة إن شاء الله ، لم أر في حديث فلان ما في القلب منه ، لم أر في حديث فلان مكروهاً ،فلان لم يكذب في الحديث ، فلان ما أصلح حديثه ،فلان ثقة ولكن ليس ممن يوصف بالضبط ، فلان عدلٌ في الشهادة أو مقبولُ الشهادة عند الحكام ،فلان ما أقرب حديثه ، فلان صدوقٌ مسلمٌ ، والله أعلم .[14]
المرتبة الرابعة: من قصُر عن درجة الثالثة قليلا ، وقد مثَّل لها ابن أبي حاتم بقوله : شيخ ، وقال : يكتب حديثه وينظر فيه ، إلا أنه دون الثانية – يعني على حسب تقسيمه – وزاد العراقيُّ في هذه المرتبة مع قولهم : محله الصدق ، إلى الصدق ما هو، شيخ ، وسط ، جيد الحديث ، حسن الحديث ، وزاد الحافظ ابن حجر قولهم : صدوق سيء الحفظ ، أو صدوق يهم ، أو صدوق يخطئ ، أو تغير بأخَرَةٍ .[15]
واعلم أن هذه المرتبة والتي تليها يجد الباحث أكثر ألفاظهما تتداخل ، ولذا نجد بعض هذه الألفاظ ذكرها بعض الأئمة هنا ، وذكرها بعضهم في المرتبة الخامسة ، وهما متقاربان ، والأمر سهل فإنهما من مراتب الشواهد .
ويلحق بها من العبارات : فلان إلى الصدق ما هو،فلان جيد الحديث ، ،فلان لا بأس به إن شاء الله ، أو صدوق إن شاء الله ، حمل الناس عنه ، هو بصورة أهل الصدق ، فلان متوسط الحال ، أو متوسط الأمر، أو كأنه صدوق ،فلان محله العدالة أو محله الصدق والستر ، فلان ثقة وليس كل أحد يحتجُّ به ،فلان سداد من عيش ،فلان يقع في قلبي أنه صدوق ،أرجو أن يكون صدوقاً ، فلان حديثه يشبه حديث الثقات ، أو حديث الأثبات ،فلان مقارب الحال أو حاله مقارب أو لم يزل حديثه مقارباً أو قريب الأمر ، فلان صدوق في حفظه ضعف ،فلان عندي في جملة من ينسب إلى الصدق ، رجلٌ صالحٌ الحديثُ يغلبه ،والله أعلم .[16]
قال الحافظ ابن حجر : ويلحق بذلك من رُمي بنوع بدعة: كالتَّشيع[17], والقَدَر[18], والنَّصْب[19], والإرْجَاء[20], والتجهُّم[21] ، مع بيان الداعية من غيره.
المرتبة الخامسة : صالح الحديث ونحو ذلك ، قال ابن أبي حاتم : من قيل فيه ذلك يكتب حديثه ، وينظر فيه ، يعني يكتب حديثه للإعتبار . وعند العراقي : فلان روى عنه الناس ، وفلان وسط ، وفلان مقارب الحديث ، وما أعلم به بأساً ، وزاد السيوطي صدوق إن شاء الله ، وأرجو أن لا بأس به ، وصويلح ، وزاد السخاوي ، يعتبر حديثه ، ويكتب حديثه وما أقرب حديثه ، وعند الحافظ ابن جر مقبول أي حيث يتابع وإلا فلين الحديث ( وسوف أتكلم عنها من خلال كلامي عن منهج الحافظ ابن حجر في التقريب ) .
ومن ألفاظ هذه المرتبة : فلان يعتبر به وفلان شيخ ، وفلان حديثه من أقسام الحسن ،فلان ليس ببعيد من الصواب ،فلان يستدلُّ به .
ما ينبغي أن يعلم أن بعض الكلمات قد يعتبرها بعض العلماء من مرتبة ، والآخر يعتبرها من مرتبة أخرى فلا يشكلنَّ عليك الأمر ، وإنما هو يرجع إلى اختلاف الاعتبار والأنظار .[22]
2- ألفاظ التجريح ومراتبها:
وسنرتبها من الأدنى إلى الأعلى .
المرتبة الأولى : عند ابن أبي حاتم وابن الصلاح لين الحديث ، وعند العراقي ، ليس بذاك ، وليس بذاك القوي ، وفيه ضعف ، وفي حديثه ضعف ، وفيه مقال ، وتعرف وتنكر ، وليس بالمتين ، وليس بحجة ، وليس بعمدة ، وليس بالمرضي ، وللضعف ما هو ، وسيء الحفظ ، وفيه خلف ، وتكلموا فيه ، وزاد السيوطي : فيه لين ، وضعِّف ، وعند الذهبي صدوق لكنه مبتدع ، وعند السيوطي ما أعلم به بأساً ، وكثير من ألفاظ هذه المرتبة والتي تليها تحتمل نفي الجلالة فقط(الضبط) ، وإن كان الراوي ثقة في الجملة ، لكن الأصل في هذه الألفاظ أنها عبارات تليين إلا إذا قامت قرينة تفيد نفي الجلالة دون أصل القوة ، فيعمل بها ، والله أعلم .
ومن جملة ألفاظ هذه المرتبة : فلان ضعِّف قليلاً ، وفلان غير حجة ، وليس هو ممن يتكل عليه ، ويخالف في بعض حديثه ، وليِّن ويليَّن ، وما ذا بحجة ، وله أفراد وغرائب ، وله أوهام ، وله أشياء لا يتابع عليها ، ويعرف بغير حديث لا يرويه غيره ، وله مناكير ، وإلى التليين ما هو ، ويهمز في الشيء بعد الشيء ، أو يهم في الشيء بعد الشيء ، وليس بالثبت ، أو ليس بثبت ،فلان في حديثه بعض الإنكار ، أو في أحاديثه ما ينكر عليه ،يستضعفُ ، ليس بذاك ،لم يكن من النقد الجيد ،لم يكن بالصافي ، وليس كأقوى ما يكون ، وليس بأقوى ما يكون ، فلان ليس هناك ،ليس بالقوي عندهم ، أو لم يكن بالأستاذ ، فلان ليس بالحافظ ، أو ليس ممن يلزم بزيادة حجة ، فلان لم يكن بالماهر ،فلان ليس من أهل الحفظ والإتقان ، أو ليس بالمتقن ، أو ليس ممن يوصف بالضبط للحديث ، أو ليس بذاك الحافظ ،فلان لم يكن بالسِّكَّة ،فلان لم يبلغ درجة الصحيح ،فلان ليس محله محل المسمعين ، أو المتسعين في الحديث ، فلان ليس من البابة ،أي ليس بذاك ،فلان ليس من جمال المحامل أو ليس من أهل المحامل أو ليس من الإبل التي تحمل المحامل أو ليس من أهل القباب ، أو ليس من إبل القباب ،فلان ليس من أحلاس الحديث ، فلان ليس بمحكم الحديث ،فلان ليس ممن تريد أي ليس بالثبت ،فلان ليس من أكابر أصحاب الزهري مثلا ،فلان لم يكن بجيد العقدة ، فلان لا يجئ بحديثه كما ينبغي ، والله أعلم .[23]
المرتبةُ الثانية : فلان لا يحتجُّ به ، أو ضعفوه ، أو منكر الحديث ، ونحوها .
عند ابن أبي حاتم وابن الصلاح ليس بقوي ، وعند الحافظ ابن حجر : مستور أو مجهول الحال ،وهو عنده من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق , وعند السخاوي : فيه مقال ، وأدنى مقال ، وضُعِّفَ ، وفلان فيه ضعف ، وليس من إبل القباب ، وليس بمأمون ، وليس من إبل المحامل ، وليس من جمازات المحامل ، وليس يحمدونه ، وليس بالحافظ ، وغيره أوثق منه ، وفي حديثه شيء ، وتكلموا فيه ، وسكتوا عنه وفيه نظر – إذا كانا من غير الإمام البخاي – ونزكوه ، ومجهول عند أبي حاتم إن كان بمعنى مجهول الحال ، وفيه جهالة ، ولا أدري ما هو .
وأنت تلاحظ أن أهل هذه المرتبة من جهة سبب الضعف ينقسمون إلى قسمين : قسم من قبل حفظه ، وقسم من قبل جهالة حاله ، إما في الظاهر والباطن ,إما في الباطن فقط .
ومن ألفاظ هذه المرتبة :
قولهم : قلما يحتاج إلى فلان في الحديث الذي يحتجُّ به ،فلان فيه شيء ، أو في القلب منه شيء ، أو في القلب منه هاجس ، فلان رديء الحفظ أو سيء الحفظ أو ذو مناكير أو صاحب مناكير ،فلان ليس بمنكر الحديث ولا يحتج به ،ليس بمنكر الحديث يكتب حديثه ، لم يكن البائس ممن يكذب ،فلان لا يستهويه فلان ، أو لا أستحلي حديثه أو كان فلان قليل الميل إليه ، فلان لا ينبسط لحديثه أو لا أنشط لحديثه ، وفلان لا تشبث بحديثه ،لم يشته الناس حديثه ، فلان فيه بعض النظر ، فلان حديثه ليس حديث حافظ ، وفلان ليس بالحافظ يغلط على الثقات ، فلان ينبغي أن يتثبت في أمره ، فلان مجهول في الرواية معروف في النسب ،فلان ليس حديثه بالقائم ، فلان لا يقوى حديثه ، وفلان مختلف عنه في الأسانيد ،فلان لا يقطع به في حديث إذا اختلف أو انفرد ،فلان لم نأخذ منه إلا ما لا نجده عند غيره ،فلان لم يقوِّ أمرَ فلان ، أو ليس لفلان فيه كبير أو رأي ،فلان يوصل الحديث أي يسند المراسيل ، أو يرفع الموقوفات ، فلان محله محل الأعراب ،فلان في حديثه صنعة ،يعني أنه يتصرف فيه ولا يأتي به على وجهه ،فلان في حديثه مناكير ، ويحيل على ما لا يحتمل ، فلان صبي أو طفل اي لم ترسخ قدمه في هذا الشأن ،فلان لا يضبط الإسناد أو لا يقيم الإسناد ،فلان لم يكن يحفظ أو لم يكن له حفظ ،فلان مستضعف أو كان مستضعفا ، سكتوا عنه ،أي من لم يتكلم فيه بجرح ولا تعديل ، خلا كلام البخاري في هذا المصطلح الخاص به ،فلان لا يستقيم حديثه ولا يحتج به ، فلان ليس حديثه نيِّراً ولا يحتج به ، ليس حديثه بالمضيء ،فلان ليس لحديثه رونق ولا ضوء ،فلان ليس ممن يكذَّب بمرة هو وسط ،فلان ليس حديثه بذاك الجائز ، نفق فلان أو نفق حديث فلان ،أي أن الناس أخذوا حديثه وراج بينهم وليس هو بهذه المنزلة ،فلان متماسك أو متماسك الحديث أي ليس بالقوي ولا بالساقط ، بل يكتب حديثه ولا يحتج به ،فلان ثقة شبه الضعيف ، والله أعلم .
المرتبة الثالثة : عند ابن أبي حاتم وابن الصلاح ضعيف الحديث ، وعند العراقي : ضعيف ومنكر الحديث ، ومضطرب الحديث ، وواهٍ ، وضعفوه ، وعند الحافظ ابن حجر ضعيف ، وعند السخاوي : منكر الحديث ، وحديثه منكر ، وله ما ينكر ، وله مناكير ، وواهٍ ، ومضطرب الحديث ، وضعفوه ، وعند السيوطي مضطرب الحديث ولا يحتجُّ به ومجهول ، وفي كلام السخاوي نظر.
ومن ألفاظ هذه المرتبة :
قولهم : فلان لا يترك حديثه ، أو لم يهدر ، أو لا يستحق الترك ، أو ليس حديثه بالمتروك ، أو لا أقدم على تركه ، أو لا أعلم أحدا كفَّ عنه ،فلان يكتب حديثه ولا يحتج به ، فلان يخبط في الإسناد ،فلان ليس بالقوي ، ولا بالمتروك ، أو ليس بالقوي ولا بالساقط ، أو ليس بذاك الساقط ، وإلى الضعف ما هو ، فلان يحتمل حديثه ، أو محتمل حديثه أو يُحمَل حديثه أو تحتمل رواياته أو مافي حديثه إلا ما يحتمل ، أو لم أر في حديثه إلا ما يحتمل ،فلان في حديثه خلل كثير أو كثير الخطأ أو كثير الوهم ،فلان قليل الضبط للحديث يهم وهماً ، فلان لا يجوز الاحتجاج به إلا عند الوفاق أي إذا توبع وإلا فهو ضعيف ،فلان مكنز الحديث يهم كثيرا ، أو منكر الحديث مظلم الرواية.
هذا وإن الكثير من أهل العلم على أن من قيل فيه ( منكر الحديث ) فهو ممن يصلح للشواهد والمتابعات ،كما في قول الذهبي والعراقي والسخاوي والسيوطي ، وقد يطلقون النكارة على مجرد التفرد في الأغلب وهذا عند المتقدمين ، وقد تطلق على الجرح ، والقرائن هي التي تحدد قصدهم .
فلان حديثه ليس بالمعروف ،فلان في حديثه وهاء أو في حديثه وهيٌ ، فلان لا تقوم بمثله الحجة ولكن يكتب حديثه ،فلان ضعيف لا يكذب ، وفلان ضعيف أرجو أنه لا يكذب ، فلان ضعيف ما أعلم أنه يكذب ،فلان يهم ولا يعلم ، أو يخطئ ولا يفهم ، فلان لا يعوَّل عليه ، أولا يعتمد عليه أو لا يتكل عليه ، أو ممن لا يحتج بنقله ،فلان يكتب من حديثه الرقاق أو لابأس به في أحاديث الرقاق ، أو يكتب عنه في الفضائل والرقاق ، أو ليس بحجة في الأحكام ، أو ليس بحجة في الأحكام والسنن ، أو اسمعوا منه ماكان في ثواب ، ولا تسمعوا منه ما كان في سنة ، فلان لم يكن نافقاً ، فلان يحدث عنه من لا ينظر في الرجال أو من لا يبصر في الرجال ،فلان ثقيل ، وهذا لضعفه ،فلان أحاديثه ليست نقية ، فلان يكتب حديثه زحفاً أو لا يكتب حديثه إلا زحفاً ، فلان أحاديثه لا تشبه أحاديث الناس ،فلان كأن أحاديثه نسيان أي لكثرة الوهم والمخالفة والاضطراب ،فلان لا يحتج بحديثه ولا يتدين به ،فلان لم يكن من القريتين بعظيم أي ليس بالقوي ،فلان ليس حديثه بمستقيم أي مضطرب ، فلان حديثه أو روايته تدلُّ على ضعفه أو تدلُّ على أنه ضعيف ، فلان ضعيف لم يدفع ، ليس فلان مثل غيره في الضعف ،فلان كان رفاعاً أو كان من الرفاعين يعني يرفع الموقوفات أو يسند المرسلات ،فلان لم يقنع الناس بحديثه ،فلان كتب عنه بعض أصحابنا ،فلان يؤخذ من حديثه المعروف ،فلان ليس به بأس إذا جاءك بشيء تعرفه ،فلان يحمل أحاديثه بعضها بعضاً ،فلان ليس من أهل التثبت في الرواية ولا يحتج به ،فلان من حمالة الحطب يعني ضعيف ، فلان يكتب حديثه على المجاز ،فلان صحفي ، يعني يأخذ حديثه من الصحف ،ونحو ذلك كثير ، والله أعلم .
تنبيه : اعلم أن هذه المرتبة آخر مراتب الشواهد والمتابعات[24]
المرتبة الرابعة : وهي عند الحافظ ابن حجر : مجهول ، هناك خلاف حول المجهول ، وحكم العمل بروايته ، ومتى ترتفع جهالته ؟ ، وعند العراقي : لا شيء ، ضعيف جدا ،واهٍ بمرةٍ ، لايساوي شيئاً ، مطرَّح ، طرح حديثه ، ارمِ به ، ردَّ حديثهُ ، ردُّوا حديثه، مردود الحديث ، مطرح الحديث ، ليس بشيء ، وزاد السخاوي : واهٍ ، تالفٌ ، لا يكتب حديثه ، لا تحلُّ الرواية عنه ،لا يحلُّ كتابة حديثه ، والرواية عنه حرام ، لا يساوي فلساً ، .
فلان مجهول في النسب والرواية ،فلان لين جدا ، أو ضعيف الأمر جدا ، أو نكرة ، أو لا يدرَى من هو ، أو لا يدرَى من ذا ، أو لا يدرَى ما هو ، أو لا يعرف البتة ، أو مجهول جدا ،فلان لا يشتغل بحديثه ، أو لا يشتغل به ، فلان شيخ عامي لا يفهم ولا يقيم الهجاء ،فلان لا وجود له ،فلان قاص أو كان قاصًّا ، أو كان صاحب قصص أو صاحب سمر ،فلان لم يكن أهلاً للحديث ، أو للحديث عنه أو لم يكن في موضع أن يحدَّث عنه ، أو لا نروي عنه شيئاً ، أو مانقدر أن نحدث عنه ، أو منعنا أبو زرعة مثلاً من قراءة حديثه ، أو أهل ألا يروَى عنه ، أو ليس ممن يروَى عنه ، أو نهيَ عن حديثه ، أو صاحب سمر ما ظننت أن أحداً يحدِّثُ عنه ، أو لا ينبغي أن يروَى عنه ، أو لم يكن شيوخنا يحدثون عنه ، أو لايروَى عنه ، لكن قد تقال هذه العبارة لغيرة ذلك ،فلان لا يقيم شيئا من الحديث ، ليس له حديث قائم ،الغالب على حديثه الوهم ، فلان منكر الحديث جدًّا ،فلان ينبغي مجانبة حديثه ، فلان لا شيء خفيف الدماغ ، أو لا يعي ما يخرج من رأسه ،فلان كان يلعب به الصبيان ،فلان أسانيده مثل الريح ، أو هو والريح سواء ، فلان لا يساوي شيئاً ، أو فلس خير منه ، أو لا يساوي فلساً ، أو لا يساوي بعرة ، أو لا يساوي تمرة ، أو لا يساوي نواة في الحديث ، أو ليس يساوي قليلاً ولا كثيراً ، أو لا يساوي دستجة بقل ( حزمة بقل) أو لا يساوي كعباً ، فلان اختلط لا يكاد يقوم ، أو اختلط حتى كان لا يدري ما يقول ، فلان دعنا منه ، أو دعه دعه أو دعه أي ارم به ،فلان لا يدري ما الحديث أو لا يحسن الحديث ،فلان لا أعرف له حديثاً مستقيما ، أو لا أعرف له حديثا صحيحاً ، فلان لا تعجبني الرواية عنه ،فلان طيرغريب ،فلان منكر الحديث شبه المتروك ، أو ليس بشيء شبه ، أو شبيه بالمتروك ،فلان يرفع كثيرا مما لا يرفعه الناس ليس بشيء ، رأيتهم يهابون حديث فلان ٍ،فلان ليس أحد يروي عن ذاك ، فلان لا أرضاه في شيء ،فلان يتلقن كل حديثه ، أو ليس في الحديث شيئاً ، أو كتبت عنه وليس أحدِّثُ عنه ، جفا فلان الحديث لاشتغاله بالعبادة ، فلان ما له وللحديث ،فلان ضعيف الحديث لا يوقف منه على شيء ، فلان ليس في وزن من يشتغل بخطئه ،فلان مظلم الحديث جدًّا ، أو مظلم الرواية بمرة ، فلان لم يقبل الناس حديثه ، أو غير مقبول الحديث ، أو غير مقبول ، فلان ماكان يدري ما هذا الشأن ، ولا كان شأنه ،فلان لا يتابعه إلا من هو مثله أو دونه ، لا يتابعه إلا من هو مثله ، أو قريب منه ، فلان إنما يحدث عنه مجنون أو أحمق ، فلان شغله القرآن أو الغزو عن الحديث ، أو فلان مسلم صاحب غزو ، ولكن لا بد من قرينة توضح مثل هذه العبارة ،فلان أحاديه تشبه أحاديث القصاص ليس لها أصل ،فلان لا يحسن يتكلم أي ليس بشيء ،فلان لا يحفظ وليس عنده كتب ،فلان أحاديثه عامتها أو كلها ضعيفة ، أو ضعيف في كل ما يرويه ، أو كلها أو عامتها فيها نظر ، أو مقلوبة ، أو لا يتابع عليها أو مناكير ، أو غير محفوظة ، ونحو ذلك كثير في كتب الجرح والتعديل ، والله أعلم .[25]
المرتبة الخامسة : عند ابن أبي حاتم : متروك الحديث ، أو ذاهب الحديث ، أو كذاب ، وعند العراقي : متهم بالكذب وهالك ، وليس بثقة ، ولا يعتبر به ، وفيه نظر وسكتوا عنه ، (للبخاري) ومتروك وتركوه ، وذاهب الحديث ، وساقط ، ولا يعتبر بحديثه ، وليس بالثقة ، وليس بثقة ولا مأمون ، متهم بالوضع ، وعند الحافظ ابن حجر : متروك ، متروك الحديث ، وواهي الحديث ، وساقط ، وعند السخاوي : يسرق الحديث ، ومجمع على تركه ، وعلى يدي عدل أي قريب من الهلاك، وقولهم : ليس بثقة فالمتبادر أنها جرح شديد لكن إذا كان هناك ما يشعر بأنها استعملت في المعنى الآخر حملت عليه ،فلان متروك متروك أو متهم بوضع الحديث وتوليد الأخبار ،اأو ليس بثقة في النقل أو لم يكن يوثق به أو لم يكن موثوقاً به في الرواية ، أو ليس بثقة ولا أمين ، أو لم يكن موثوقاً به ،فلان هالك من الهلكى ، أو هالك من الهالكين ، فلان قد تركوا حديثه منذ دهر ، أو قد فرغَ منه منذ دهر، فلان سيء السيرة بمرةٍ ، أو لم تكن سيرته محمودة ،فلان أستجير الله أستجير الله اضرب على حديثه ، فلان قد تخلَّى الله منه أو برئ الله منه ، فلان ذاهب الحديث أو ذهب حديثه أو ضعيف ذاهب ،فلان يشبه أن يكون ممن يضع الحديث ، لا يشبه حديثه حديث أهل الصدق ،فلان سخيف سفلة أي ساقط ، ورجل سخيف نزق خفيف العقل ، فلان لا يجوز الاحتجاج به أو لست أستجيز الرواية عنه ،فلان لم يكن له عندي قيمة ، فلان لم يقنع الناس بحديثه ،أي لم يثقوا به ،فلان اتهم في اللقاء أي حدَّث على أقوام لم يلقهم وادعى السماع منهم ، فلان لم تكن له أصول يعوَّل عليها أو مارأيت له أصلاً يفرح به ،فلان كان طفيليا ،فلان متهم بالكذب في لهجته ، فلان يكذب في كلام الناس أ ويكذب في غير الرواية ،فلان استقر الإجماع على وهنه ،أتى بخبر باطل فاتهم به ،فلان أحاديثه مناكير بأسانيد واضحة ،فلان ما أحسن تفسيره لو كان ثقة ،فلان ليس بثقة ولا أمين أو ولا مأمون أو ليس عندنا من أهل الثقة ،فلان لا يحتج به بحال أو يجب مجانبة حديثه على الأحوال ،فلان ليس بحجة لا في الأحكام ولا في غيرها ،فلان نبذوا حديثه ،فلان مهجور أي متروك ،فلان يستحق التنكب عن رواياته أو يستحق الترك أو سبيله سبيل الترك ،فلان الضعف على حديثه بيِّنٌ أو بيِّنُ الأمر في الضعفاء أو بيِّنُ الأمر بالضعف أو بيِّنُ جدًّا في الضعف أو الضعف لا ئح على حديثه ،ضعيف الحديث بيِّنُ الضعف ،فلان كان أضعفنا طلبا وأكثرنا غرائب ،هذا رجل قد كفانا مؤنته أو كفانا مؤنته ومؤنة البحث عن حاله ، فلان حديثه يدلُّكَ عليه أي لكثرة تخاليطه ومناكيره ،تركَ حديثُ فلان فلا ينبعث ،أجر على حديث فلان أو اضرب على حديث فلان بستة أقلام ،فلان ما فيه خير ، ونحو ذلك كثير . والله أعلم[26].
المرتبة السادسة : وهذه المرتبة أردأ مراتب التجريح وأهلها لا خير فيهم والعياذ بالله ، فعند الحافظ العراقي : وضاع ودجال ويضع ، وعند الحافظ ابن حجر : أكذب الناس وإليه المنتهى في الوضع ، وركن من أركان الكذب ، وعند السيوطي : يكذب ووضع حديثاً ويضع .
وهناك ألفاظ من هذا القبيل : فلان كذبه أحمد مثلاً فلا يفرح به ، فلان أفاك ،فلان من إفكه كذا ، فلان وضع على الأثبات ما لا يحصى ، وفلان كان يضع أحاديث من عند نفسه ، وفلان مشهور بالوضع ، وفلان أكذب البرية ،فلان كذوب أو كذاب خبيث أو كان عامة الليل يضع الحديث ، او كذابو زماننا أربعة مثلاً منهم فلان ، أو يضرب المثل بكذبه أو كذاب على رسول الله r ، أو ما رأيت أكذب من ذي شفتين منه ،فلان معدن الكذب أو من معادن الكذب أو منبع الكذب أو كذاب مكذَبٌ ، أو كذاب والع بالوضع ، أو كذاب له طامات ،هذه سلسلة الكذب ، أو فلان يركب الأسانيد ، أو يقلب الأسانيد عمدا أو ملحد كذاب ،فلان كذاب عدو لله رجل سوء خبيث ، وكل عبارة تدلُّ على الكذب أو الوضع أو الاختلاق ونحو ذلك ، وهي كثيرة جدًّا ، وهذه المرتبة واضحة منضبطة تماما ، والله أعلم
ومن روى شيئاً منها من غير بيان فهو داخل تحت قوله r : « مَنْ حَدَّثَ عَنِّى بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ »[27]
==================
رابعا- أيُّ المراتب يُحتَجَُّ بهِا ؟
أما المرتبة الأولى من مراتب التعديل : فأحاديث أهلها من أعلى درجات الصحيح ، والألفاظ الملحقة بها كذلك،وأما الألفاظ المحتملة والألفاظ التي تدلُّ على الحفظ والفهم أو الاجتهاد في الطلب ، وكثرة الروايات أو الفقه وتمام العقل أو العبادة أو غير ذلك ، فتحتاج إلى بيان ، ومعرفة المقصود بها ، ليصار إلى الحكم عليها .
وأما المرتبة الثانية : فأحاديث أهلها على الصحَّة أيضاً ، لكن إذا خالفوا أهل المرتبة الأولى فالقول قول أصحاب المرتبة الأولى .
وأما المرتبة الثالثة :فحكم أهلها أن حديثهم حسن لذاته يحتجُّ به بمفرده ، بلا خلاف.
وأما المرتبة الرابعة : فالراجح عندي أنهم كالثالثة ،حديثهم حسن لذاته كذلك ، ويحتجُّ بهم ، ولكن عند المعارضة بالطبقة التي قبلهم نرجِّح التي قبلها ، وهذا هو الذي جرى عليه العمل عند أئمة الجرح والتعديل .
وأما المرتبة الخامسة : فكذلك يحتجُّ بها إذا لم يوجد في الباب ما هو أقوى من حديثهم ، أو لم يخالفوا ، وسنزيد هذا بحثا في كلامنا على مصطلحات التقريب .
قلت : الصحيح أنه يحتجُّ بكل هذه المراتب ، وحديثهم يكون بين الصحيح والحسن ، وليس ضعيفاً كما يفهم من قول الكثيرين ، وإنما الذي يسبر حديثه من قيل فيه صدوق يهم – صدوق يخطئ ، صدوق اختلط ، صدوق سيء الحفظ ونحوهم ، حيث نستبعد ما أخطؤوا فيه إذا لم نجد له عاضداً ليس إلا ،والباقي فحديثهم حسن على الصحيح الذي جرى عليه العمل في علم الجرح والتعديل وتطبيقاته ، وسنذكر أدلة ذلك عند الكلام عن التقريب في المتربة الخامسة والسادسة.
وأما أحاديث المرتبة الأولى والثانية والثالثة من مراتب التجريح : فإنها تصلح للشواهد والمتابعات ، ولا يقوم بأهلها حجَّة بمفردهم .
قلتُ : قد احتجَّ كثير من الأئمة بالحديث الضعيف ضعفاً يسيراً – في الأحكام-، والذي لا يوجد في الباب أقوى منه كالحنفية والحنابلة ، وقد احتج به جمهور أهل العلم من السلف والخلف، بفضائل الأعمال والترغيب والترهيب إذا لم يكن شديد الضعف ولا يعارض ما هو أقوى منه وأن يندرج تحت أصل عام ، وقد فصلت القول فيه في كتابي (( الخلاصة في أحكام الحديث الضعيف)) .
مع العلم أن كل مرتبة من هذه المراتب أعلى من أختها على حسب هذا الترتيب ، والفرق يتضح عند الترجيح فيقدَّم قول الأعلى على الأدنى .
وأما المرتبة الرابعة من مراتب التجريح : فحديث أهلها مرود لا لكذب فيهم ، ولكن لكثرة أوهامهم وغفلتهم وفحش تخليطهم في الروايات .
وأما المستور ففيه خلاف كبير، والراجح قبول خبره بشروط ذكرتها في بحث المستور عند الحافظ ابن حجر ،
وأما المرتبة الخامسة من مراتب التجريح : فحديث أهلها متروك وهم على أقسام ، فمنهم من فحش خطؤه ، ومنهم من فحشت مقالته وبدعته ، وكان من الداعين إليها ، ومنهم من عرف بالفسق والفجور كشرب الخمر وقتل النفوس وقذف المحصنات والكذب في حديث الناس ، ومنهم من اتهم بسرقة الحديث النبوي .
وأما المرتبة السادسة : فهي أفحش هذه المراتب جرحاً وأهلها أهل الكذب والدجل والوضع والافتراء .
[1] – نزهة النظر (ج 1 / ص 174) وشرح التبصرة والتذكرة (ج 1 / ص 121) ومقدمة ابن الصلاح (ج 1 / ص 23) وتدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (ج 1 / ص 270)
[2] – انظر الوسيط في أصول الحديث د- محمد محمد أبو شهبة ص 408 وما بعدها
[3] – فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (ج 1 / ص 350) وجرح الرواة وتعديلهم (ج 11 / ص 25)
[4] – الكفاية(1261 )
[5] – تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (ج 1 / ص 271)
[6] – انظر شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل ص 27- 87
[7] – ثَبَتَ الشيء ( يَثْبُتُ ثُبُوتًا ) دام واستقرّ فهو ( ثَابِتٌ ) وبه سمي و ( ثَبَتَ ) الأمر صحّ ويتعدى بالهمزة والتضعيف فيقال ( أَثْبَتَهُ وَثَبَّتَهُ ) والاسم ( الثَّبَاتُ ) و ( أَثْبَتَ ) الكاتب الاسم كتبه عنده و ( أَثْبَتَ ) فلانا لازمه فلا يكاد يفارقه ورجل ( ثَبْتٌ ) ساكن الباء ( مُتَثَبِّتٌ ) في أموره و ( ثَبْتُ ) الجنان أي ( ثَابِتُ القَلْبِ ) و ( ثَبُتَ ) في الحرب فهو ( ثَبِيتٌ ) مثال قرب فهو قريب والاسم ( ثَبْتٌ ) بفتحتين ومنه قيل للحجة ( ثَبْتٌ ) ورجل ( ثَبَتٌ ) بفتحتين أيضا إذا كان عدلا ضابطا و الجمع ( أَثْبَاتٌ ) مثل سبب وأسباب ، المصباح المنير[ج1 – ص80 ]
[8] – انظر التذكرة في علوم الحديث (ج 1 / ص 2) والتنكيل لليماني (ج 2 / ص 181)
[9] – الثقات لابن حبان[ج7 – ص669 ]
[10] – الثقات لابن حبان[ج6 – ص278 ]
[11] – الثقات لابن حبان[ج7 – ص97 ]
[12] – انظر شفاء العليل بالفاظ الجرح والتعديل ص 122- 131
[13] – الكفاية ( 32 ) وفي الكنى والأسماء للدولابي (ج 3 / ص 374)100104 – قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَنْبَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ : أَنْبَأَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ أَبُو خَلْدَةُ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ : ” كانَ رَسُولَ اللَّهِ rإِذَا كَانَ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْبَرْدُ عَجَّلَ ” قَالَ : وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : حَدَّثْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ : حَدَّثْنَا أَبُو خَلْدَةَ خَالِدُ بْنُ دِينارٍ فَقَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ : كَانَ ثِقَةً ؟ قَالَ : كَانَ ثِقَةً خَيَّارًا ، الثِّقَةُ : سَفْيَانُ ، وَشُعْبَةُ
[14] – انظر شفاء العليل بالفاظ الجرح والتعديل ص 132- 138
[15] – بأخرَة : بهمزة وخاء ، وراء مفتوحات ، تاء مثناة مربوطة ، ويجوز كسر الخاء أي اختلَّ ضبطه في آخر عمره ، وآخر أمره ، ويقال أيضاً : بآخره بمدِّ الهمزة وكسر الخاء ، وبالتاء المربوطة ، ويقال أيضاً بالهاء ضمير الغائب .
[16] – انظر شفاء العليل بالفاظ الجرح والتعديل ص 139- 145
[17] – التشيع : يطلق على الانتصار لسيدنا علي رضي الله عنه ، من غير انتقاص الشيخين أو عثمان رضي الله عنهم .
[18] – القدرية : هم الذين يقولون : بأن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية ، أما القدرية الذين كانوا يقولون إن الأمر أُنف ، وأن الله لا يعلم الأشياء قبل وقوعها ن فقد انقرضوا ، وانقرض مذهبهم .
[19] – النصْبُ : بفتح النون وسكون الصاد : هو الانحراف عن علي رضي اله عنه ، والنيل منه .
[20] – الإرجاءُ : نوعان : الأول أن الإيمان إقرار باللسان فقط ، ولو مع عدم الإيمان بالقلب ، وأن الكبيرة لا تضرُّ مع الإيمان ، وهذا ضلال ، والاتصاف به جرح شديد .
والثاني : اعتقاد أن الأعمال ليست جزءا من الإيمان ، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وأن أمر المؤمنين يرجأ إلى الله تعالى : فلا نحكم لهم بجنة ولا نار ، وهذا يطبق عليه ما قلناه في رواية المبتدع .
[21] – الجَهْمِيَّةُ : نسبةٌ إلى جهْم بن صفوان أبو محرز السمرقندي الضال المبتدع رأس الجهمية ، يَقُولون : إِنَّ اللّه لا يتَكَلَّم ويقُولون القرآنُ مَخْلُوقٌ ” لسان العرب[ج1 – ص351 ]
[22] – انظر شفاء العليل بالفاظ الجرح والتعديل ص 146-150
[23] – انظر شفاء العليل بالفاظ الجرح والتعديل ص 151- 158
[24] – انظر شفاء العليل بالفاظ الجرح والتعديل ص 170- 187
[25] – انظر شفاء العليل بالفاظ الجرح والتعديل ص 188- 212
[26] – انظر شفاء العليل بالفاظ الجرح والتعديل ص 213- 259
[27] – مسلم (1)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق