وانت تقرأ هذا الموضوع استمع لتلاوة الشيخ علي جابر يعتبر من افضل القراء في العالم الاسلامي رحمه الله
مختصر وملخص مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان
التعريف بالعلم وبيان نشأته وتطورهالقرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة التي لا يزيدها التقدم العلمي إلا رسوخا في الإعجاز ، أنزله الله على رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ويهديهم إلى الصراط المستقيم ، فكان صلوات الله وسلامه عليه يبلغه لصحابته فيفهمونه .
وإذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عنها.
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفسر لهم بعض الآيات.
عن عقبة بن عامر قال :" سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول وهو على المنبر : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة . ) 60 - الأنفال ) ألا إن القوة الرمي ".
وحرص الصحابة على تلقي القرآن الكريم من رسول الله صلى الله عليه و سلم وحفظه وفهمه ، وكان ذلك شرفا لهم.
و حرصوا كذلك على العمل به والوقوف عند أحكامه .
روي عن أبي الرحمن السُّلمي أنه قال : « حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ، كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه و سلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يعملوا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا » .
روى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار » .
والعلوم : جمع علم ، والعلم : الفهم والإدراك . ثم نقل بمعنى المسائل المختلفة المضبوطة ضبطا علميا .
والمراد بعلوم القرآن :
العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة القرآن من حيث معرفة أسباب النزول ، وجمع القرآن وترتيبه ، ومعرفة المكي والمدني ، والناسخ والمنسوخ ، والحكم والمتشابه ، إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن .
وقد يسمى هذا العلم بأصول التفسير ، لأنه يتناول المباحث التي لا بد للمفسر من معرفتها للاستناد إليها في تفسير القرآن .
القرآن
من فضل الله على الإنسان أنه لم يتركه في الحياة يستهدي بما أودعه الله فيه من فطرة سليمة ، تقوده إلى الخير ، وترشده إلى البر فحسب ، بل بعث إليه بين فترة وأخرى رسولا يحمل من الله كتابا يدعوه إلى عبادة الله وحده ، ويبشر وينذر ، لتقوم عليه الحجة
· ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل . ) 165 – النساء .
وأراد الله لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم أن تشرق على الوجود ، فبعثه على فترة من الرسل . ليكمل صرح إخوانه الرسل السابقين بشريعته العامة الخالدة ، وكتابه المنزل عليه ، وهو القرآن الكريم . . .
·" مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون منه ، ويقولون : لولا هذه اللبنة ، فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين" .
فالقرآن رسالة الله إلى الإنسانية كافة ، وقد تواترت النصوص الدالة على ذلك في الكتاب والسنة
· ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا . ) 158 – الأعراف
· ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ) 1 – الفرقان ، "
وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس كافة ".
فلا غرو من أن يأتي القرآن وافيا بجميع مطالب الحياة الإنسانية على الأسس الأولى للأديان السماوية
·( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفقوا فيه ) 13– الشورى.
وتحدى رسول الله صلى الله عليه وسلم العرب بالقرآن ، وقد نزل بلسانهم وهم أرباب الفصاحة والبيان ، فعجزوا عن أن يأتوا بمثله . أو بعشر سور مثله ، أو بسورة من مثله ، فثبت له الإعجاز ، وبإعجازه ثبتت الرسالة .
وكتب الله له الحفظ والنقل المتواتر دون تحريف أو تبديل .
ولم تكن هذه الميزة لكتاب آخر من الكتب السابقة لأنها جاءت موقوتة بزمن خاص
·( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) 9 – الحجر .
وتجاوزت رسالة القرآن الإنس إلى الجن
· ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين ، قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به )29-31 الأحقاف.
والقرآن بتلك الخصائص يعالج المشكلات الإنسانية في شتى مرافق الحياة ، الروحية والعقلية والبدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية علاجا حكيما ، لأنه تنزيل الحكيم الحميد ، ويضع لكل مشكلة بلسمها الشافي في أسس عامة ، تترسم الإنسانية خطاها ، وتبنى عليها في كل عصر ما يلائمها ، فاكتسب بذلك صلاحيته لكل زمان ومكان ، فهو دين الخلود .
والإنسانية المعذبة اليوم في ضميرها ، المضطربة في أنظمتها ، المتداعية في أخلاقها ، لا عاصم لها من الهاوية التي تتردى فيها إلا القرآن
·( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ) 123-124– طه .
تعريف القرآن
قرأ : تأتي بمعنى الجمع والضم .
والقراءة : ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل ، والقرآن في الأصل كالقراءة ، مصدر قرأ قراءة و قرآنا . قال تعالى :
· ( إن علينا جمعه وقرآنه ، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه )17-18 القيامة .
أي قراءته ، مصدر على وزن "فُعلان" بالضم كالغفران والشكران ، تقول : قرأته قرءا وقراءة قرآنا ، بمعنى واحد .
وقد خص القرآن بالكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فصار له كالعلم الشخصي .
ويطلق بالاشتراك اللفظي على مجموع القرآن ، وعلى كل آية من آياته ، فإذا سمعت من يتلو آية من القرآن صح أن تقول إنه يقرأ القرآن
· ( وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ) 204 - الأعراف
وذكر بعض العلماء أن تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين كتب الله لكونه جامعا لثمرة كتبه ، بل لجمعة ثمرة جميع العلوم . كما أشار تعالى إلى ذلك بقوله
· ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء )89– النحل.
ويذكر العلماء تعريفا له يقرب معناه ويميزه عن غيره ، فيعرفونه بأنه :
كلام الله ، المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، المتعبد بتلاوته .
"فالكلام" جنس في التعريف ، يشمل كل كلام ، وإضافته إلى "الله" يخرج كلام غيره من الإنسان والجن والملائكة .
و "المنزل" يخرج كلام الله الذي استأثر به سبحانه .
· ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) 109- الكهف
· ( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله )27– لقمان.
وتقييد المنزل بكونه " على محمد صلى الله عليه وسلم " يخرج ما أنزل على الأنبياء قبلة كالتوراة والإنجيل وغيرهما .
و " المتعبد بتلاوته " يخرج قراءات الآحاد . والأحاديث القدسية – إن قلنا إنها منزلة من عند الله بألفاظها – لأن التعبد بتلاوة معناه الأمر بقراءته في الصلاة وغيرها على وجه العبادة ، وليست قراءة الآحاد والأحاديث القدسية كذلك .
أسمـاؤه و أوصافه
وقد سماه الله بأسماء كثيرة منها :
" القرآن " ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )9 - الإسراء
و " الكتاب " ( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم )10– الأنبياء .
و " الفرقان " ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا )1 – الفرقان .
و " الذكر " ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) 9– الحجر
و " التنزيل ( وإنه لتنزيل رب العالمين ) 192 الشعراء إلى غير ذلك مما ورد في القرآن .
وقد غلب من أسمائه : القرآن والكتاب ، قال الدكتور محمد عبد الله دراز :
" روعي في تسميته قرآنا كونه متلو بالألسن ، كما روعي في تسميته كتابا كونا مدونا بالأقلام ، فكلتا التسميتين من تسمية شيء بالمعنى الواقع عليه .
وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد ، أعنى أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا .
وهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيها بقى القرآن محفوظا في حرز حريز ، إنجازا لوعد الله : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند ".
و بين سر هذه التفرقة بأن سائر الكتب السماوية جيء بها على التوقيت لا التأبيد ، وأن هذا القرآن جيء به مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليها ، فكان جامعا لما فيها من الحقائق الثابتة زائدا عليها بما شاء الله زيادته .
ووصف الله القرآن بأوصاف كثيرة كذلك منها :
" هدى " و " شفاء "و " رحمة "و " موعظة "
( قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في صدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) 57- يونس
و " مبارك " ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ) 92- الأنعام
و " مبين " ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين )15 - المائدة
و " بشرى " ( مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين )97 - البقرة
و " عزيز " ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز )41 - فصلت .
و " مجيد " ( بل هو قرآن مجيد )21- البروج
و " بشير " و " نذير " ( كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ، بشيرا ونذيرا )3-4– فصلت
وكل تسمية أو وصف فهو باعتبار معنى من معاني القرآن .
الفرق بين القرآن والحديث القدسي والحديث النبوي
الحديث النبوي : -
الحديث في اللغة : ضد القديم ، ويطلق ويراد به كل كلام يتحدث به وينقل ويبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه
والحديث في الاصطلاح : ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة .
فالقول : كقول صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات فإنما لكل امرئ ما نوى . . ."
والفعل : كالذي ثبت من تعليمه لأصحابه كيفية الصلاة ثم قال : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) وما ثبت من كيفية حجه ، وفد قال : ( خذوا عني مناسككم )
والاقرار : كأن يقر أمرا علمه عن أحد الصحابة من قول أو فعل . سواء أكان ذلك في حضرته صلى الله عليه وسلم ، أم في غيبته ثم بلغه ، ومن أمثلته ما روي من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم ؛ ( قل هو الله أحد ) فلما رجعوا ذكروا ذلك له عليه الصلاة والسلام ، فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ فسألوه ، فقال : لأنها صفة الرحمان وأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أخبروه أن الله يحبه ".
والصفة : كما روي : " من أنه صلى الله عليه وسلم ، كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا غياب . . . "
الحديث القدسي : -
عرفنا معنى الحديث لغة ، والقدسي : نسبته إلى القدس ، وهي تدل على التعظيم ، فالتقديس : تنزيه الله تعالى ، والتقديس : التطهير ، وتقدس : تطهر .
والحديث القدسي في الاصطلاح :
هو ما يضيفه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى : أي أن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه على أنه من كلام الله ، فالرسول راوٍ لكلام الله بلفظ من عنده وإذا روته أحد رواه عن رسول الله مسندا إلى الله عز وجل ، فيقول : -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل ، أو يقول : -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى ، أو يقول الله تعالى .
ومثال الأول : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : " يد الله ملأى لا يغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار . . "
ومثال الثاني : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى : " أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكري في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه . . "
الفرق بين القرآن والحديث القدسي والحديث النبوي
الحديث النبوي : -
الحديث في اللغة : ضد القديم ، ويطلق ويراد به كل كلام يتحدث به وينقل ويبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه
والحديث في الاصطلاح : ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة .
فالقول : كقول صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات فإنما لكل امرئ ما نوى . . ."
والفعل : كالذي ثبت من تعليمه لأصحابه كيفية الصلاة ثم قال : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) وما ثبت من كيفية حجه ، وفد قال : ( خذوا عني مناسككم )
والاقرار : كأن يقر أمرا علمه عن أحد الصحابة من قول أو فعل . سواء أكان ذلك في حضرته صلى الله عليه وسلم ، أم في غيبته ثم بلغه ، ومن أمثلته ما روي من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم ؛ ( قل هو الله أحد ) فلما رجعوا ذكروا ذلك له عليه الصلاة والسلام ، فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ فسألوه ، فقال : لأنها صفة الرحمان وأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أخبروه أن الله يحبه ".
والصفة : كما روي : " من أنه صلى الله عليه وسلم ، كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا غياب . . . "
عرفنا معنى الحديث لغة ، والقدسي : نسبته إلى القدس ، وهي تدل على التعظيم ، فالتقديس : تنزيه الله تعالى ، والتقديس : التطهير ، وتقدس : تطهر .
والحديث القدسي في الاصطلاح :
هو ما يضيفه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى : أي أن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه على أنه من كلام الله ، فالرسول راوٍ لكلام الله بلفظ من عنده وإذا روته أحد رواه عن رسول الله مسندا إلى الله عز وجل ، فيقول : -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل ، أو يقول : -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى ، أو يقول الله تعالى .
ومثال الأول : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : " يد الله ملأى لا يغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار . . "
ومثال الثاني : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى : " أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكري في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه . . "
الفرق بين القرآن والحديث القدسي
هناك عدة فروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي أهمها : -
1 – أن القرآن الكريم كلام الله أوحي به إلى رسول الله بلفظه وتحدى به العرب ، فعجزوا عن أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سورة مثله ، أو بسورة من مثله ، ولا يزال التحدي به قائما ، فهو معجزة خالدة إلى يوم الدين .
والحديث القدسي لم يقع به التحدي والإعجاز .
2 – والقرآن الكريم لا ينسب إلا إلى الله تعالى ، فيقال : قال الله تعالى .
والحديث القدسي – يروى مضافا إلى الله وتكون نسبة إليه حينئذ نسبة إنشاء
وقد يروى مضافا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتكون نسبة حينئذ نسبة إخبار .
3 – والقرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر ، فهو قطعي الثبوت .
والأحاديث القدسية أكثرها أخبار آحاد ، فهي ظنية الثبوت . وقد يكون الحديث القدسي صحيحا ، وقد يكون حسنا ، وقد يكون ضعيفا .
4 – والقرآن الكريم من عند الله لفظا ومعنى ، فهو وحي باللفظ والمعنى .
والحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه من عند الرسول صلى الله عليه وسلم على الصحيح فهو وحي بالمعنى دون اللفظ .
5 – والقرآن الكريم متعبد بتلاوته ، وقراءته عبادة يثيب الله عليها بها جاء في الحديث "من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف".
والحديث القدسي لا يجزئ في الصلاة ، ويثيب الله على قراءته ثوابا عاما ، فلا يصدق فيه الثواب الذي ورد ذكره في الحديث على قراءة القرآن .
الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي
الحديث النبوي قسمان :
" قسم توقيفي " وهو الذي تلقي الرسول صلى الله عليه وسلم مضمونه من الوحي فبينه للناس بكلامه .
و" قسم توفيقي "وهو الذي استنبطه الرسول صلى الله عليه وسلم من فهمه للقرآن ، لأنه مبين له ، أو يستنبطه بالتأمل والاجتهاد . وهذا القسم الاستنباطي الاجتهادي يقره الوحي إذا كان صوابا ، وإذا وقع فيه خطأ جزئي نزل الوحي بما فيه صواب وليس هذا القسم كلام الله قطعا .
والحديث القدسي معناه من عند الله عز وجل ، يلقى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بكيفية من كيفيات الوحي – لا على التعيين . أما ألفاظه فمن عند الرسول صلى الله عليه وسلم على الراجح ونسبته إلى الله تعالى نسبة لمضمونه لا نسبة لألفاظه ، ولو كان لفظه من عند الله لما كان هناك فرق بينه وبين القرآن ، ولوقع التحدي بأسلوبه والتعبد بتلاوته .
ويرد على هذا شبهتان !
· الشبهة الأول :
أن الحديث النبوي وحي بالمعنى كذلك ، واللفظ من الرسول صلى الله عليه وسلم فلماذا لا نسميه قدسيا أيضا ؟
والجواب :
أننا نقطع في الحديث القدسي لنزول معناه من عند الله لورود النص الشرعي على نسبته إلى الله بقوله صلى الله عليه وسلم بخلاف الأحاديث النبوية فإنها لم يرد فيها مثل هذا النص ، ويجوز في كل واحد منها أن يمون مضمونه مُعْلَما بالوحي ( أي توقيفيا ) وأن يكون مستنبطا بالاجتهاد ( أي توفيقيا ) ولذا سمينا الكل نبويا وقوفا بالتسمية عند الحد المقطوع به .
· الشبهة الثانية :
أنه إذا كان لفظ الحديث القدسي من الرسول صلى الله عليه وسلم فما وجه نسبته إلى الله بقوله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى ، أو يقول الله تعالى ".
والجواب : أن هذا سائغ في العربية ، حيث ينسب الكلام باعتبار مضمونه لا باعتبار ألفاظه ، فأنت تقول حينما تنثر بيتا من الشعر : يقول الشاعر كذا ، وحينما تحكي ما سمعته من شخص : يقول فلا كذا .
الوحـي
إمكانية الوحي و وقوعه:
ازدهرت الحياة العلمية و آمن العلم المادي الذي وضع جل الكائنات تحت التجربة والاختبار بأن هناك عالما غيبيا وراء هذا العالم المشاهد، وأن عالم الغيب أدق وأعمق من عالم الشهادة، وأكثر المخترعات الحديثة التي أخذت بألباب الناس تحجب وراءها هذا السر الخفي الذي عجز العلم عن إدراك كنهه وإن لاحظ آثاره ومظاهره.
وجسم الإنسان يطوي وراءه روحا هي سر حياته، وإذا كان الجسد تبلى ذراته، فجدير بالروح أن يكون لها غذاء يمدها بالطاقة الروحية كي تحتفظ بمقوما تها وقيمها.
وليس ببعيد على الله تعالى أن يختار من عباده نفوسا لها من نقاء الجوهر وسلامة الفطرة ما يعدها للفيض الإلهي، والوحي السماوي، ليلقي إليها برسالاته التي تسد حاجة البشر في رقي وجدانه، وسمو أخلاقه، وهؤلاء هم رسله و أنبياؤه.
ولا غرابه في أن يكون هذا الاتصال بالوحي السماوي.
فالناس اليوم يشاهدون التـنويم المغـناطيسي، وهو يوضح لهم أن اتصال النفس الإنسانية بقوة أعلى منها يحدث أثرا يقرب إلى الأفهام ظاهرة الوحي –
حيث يستطيع الرجل القوي الإرادة أن يتسلط بإرادته على من هو أضعف منه فينام نوما عميقا، ويكون رهن إشارته، ويلقنه ما يريد فيجري على قلبه ولسانه، وإذا كان هذا فعل الإنسان بالإنسان فما ظنك بمن هو أشد منه قوة؟
ويسمع الناس الأحاديث المسجلة التي تحملها اليوم موجات الأثير، دون رؤية ذويها.
وأصبح الرجلان يتخاطبان في الهاتف، وقد يتراءيان مع هذا التخاطب، ولا يسمع الجالسون بجانبهما شيئا سوى أزيز كدوي النحل الذي في صفة الوحي.
ومن منا ليس له حديث نفس في يقظته أو منامه يدور في خلده دون أن يرى متكلما أمامه؟
هذه وغيرها أمثلة تفسر لعقولنا حقيقة الوحي.
وقد شاهد الوحي معاصروه، ونقل بالتواتر المستوفي لشروطه بما يفيد العلم القطعي إلى الأجيال اللاحقة.
ولم يكن رسولنا صلى الله عليه وسلّم أول رسول أوحي إليه، بل أوحى الله تعالى إلى الرسل قبله بمثل ما أوحى إليه.
فليس هناك في نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلّم ما يدعو إلى العجب، ولذا أنكر الله على العقلاء هذا قوله ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس...... )
معنى الوحي
يقال: وحيت إليه وأوحيت: إذا كلمته بما تخفيه عن غيره .
والوحي : الإشارة السريعة.
والوحي مصدر، ومادة الكلمة تدل على معنيين أصليين، هما: الخفاء والسرعة، ولذا قيل في معناه : الإعلام الخفي السريع الخاص بمن يوجه إليه بحيث يخفى على غيره، ويطلق ويراد به الموحي .
والوحي بمعناه اللغوي يتناول:
1- الإلهام الفطري للإنسان، كالوحي إلي أم موسى
(وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه )7 القصص.
2- والإلهام الغريزي للحيوان، كالوحي إلى النحل
( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا )
3- والإشارة السريعة على سبيل الرمز والإيحاء كإيحاء زكريا فيما حكاه القرآن عنه
( فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) 11- مريم.
4- و وسوسة الشيطان وتزيينه الشر في نفس الإنسان
(وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ) 121 – الأنعام.
4- وما يلقيه الله إلى ملائكته من أمر ليفعـلوه
( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا ) -12-الأنفال.
ووحي الله إلى أنبيائه قد عرفوه شرعا بأنه:-
كلام الله تعالى المنزل على نبي من أنبيائه.
كيفية وحي الله إلى ملائكته
1- جاء في القرآن الكريم ما ينص على كلام الله لملائكته:
(وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة )
و على إيحائه إليهم:
(إذا يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم )
و هذه النصوص متآزرة تدل على أن الله يكلم الملائكة دون واسطة بكلام يفهمونه.
2- وثبت أن القرآن الكريم كتب في اللوح المحفوظ لقوله تعالى ( بل هو قرآن مجيد، في لوح محفوظ ) 21، 22 – البروج
كما ثبت إنزاله جملة إلى بيت العزة من السماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان
( إنا أنزلناه في ليلة القدر) -1-القدر
(إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) 3- الدخان.
( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) 185 – البقرة.
ذهب العلماء في كيفية وحي الله إلى جبريل بالقرآن إلى المذاهب الآتية:-
أ- أن جبريل تلقفه سماعا من الله بلفظه المخصوص.
ب- أن جبريل حفظه من اللوح المحفوظ.
ج- أن جبريل ألقي إليه المعنى- والألفاظ لجبريل، أو لمحمد صلى الله عليه وسلّم.
والرأي الأول هو الصواب، و هو ما عليه أهل السنة والجماعة.
(وإنك لتلقّى القرآن من لدن حكيم عليم ). – 6- النمل .
( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) 6 –التوبة
فالقرآن الكريم كلام الله بألفاظه لا كلام جبريل أو محمد.
أما الرأي الثاني فلا اعتبار له، إذ أن ثبوت القرآن في اللوح المحفوظ كثبوت سائر المغيبات التي لا يخرج القرآن عن أن يكون من جملتها.
والرأي الثالث أنسب بالسنة لأنها وحي من الله أوحي إلى جبريل ثم إلى محمد صلى الله عليه وسلّم بالمعنى.
فمن خصائص القرآن:
1- أنه معجز -2- قطعي الثبوت 3- يتعبد بتلاوته -4- ويجب أداؤه بلفظه.
والحديث النبوي قسمان:
الأول : ما اجتهد فيه الرسول صلى الله عليه وسلّم، وهذا ليس وحيا ويكون إقرار الوحي له بسكوته إذا كان صواباً.
الثاني : ما أوحي إليه بمعناه واللفظ لرسول الله، ولذا يجوز روايته بالمعنى.
والحديث القدسي على القول الراجح بنزول معناه دون لفظه يكون من هذا القسم ونسبته إلى الله في الرواية لورود النص الشرعي على ذلك دون الأحاديث النبوية.
كيفية وحي الله إلى رسله
يوحي الله إلى رسله بواسطة وبغير واسطة.
فالأول : بواسطة جبريل ملك الوحي وسيأتي بيانه.
الثاني : و هو الذي لا واسطة فيه.
أ – منه الرؤيا الصالحة في المنام
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أول ما بدىء به صلى الله عليه وسلّم الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح " متفق عليه.
وكان ذلك يهيئه لرسول الله حتى ينزل عليه الوحي يقظته، وليس في القرآن شيء من هذا النوع لأنه نزل جميعه يقظة، خلافا لمن ادعى نزول سورة "الكوثر" مناما للحديث الوارد فيها، ففي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلت: ما أضحكك يا رسول الله ؟ فقال: "نزلت علي آنفا سورة، فقرأ :
(بسم الله الرحمن الرحيم، إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر") فلعل الإغفاءة هذه هي الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي.
ومما يدل على أن الرؤيا الصالحة للأنبياء في المنام وحي يجب اتباعه ما جاء في قصة إبراهيم من رؤيا ذبحه لولده إسماعيل (2) .
ولو لم تكن هذه الرؤيا وحيا يجب اتباعه لما أقدم إبراهيم عليه السلام على ذبح ولده لولا أن مَنَّ الله عليه بالفداء.
والرؤيا الصالحة ليست خاصة بالرسول، فهي باقية للمؤمنين وإن لم تكن وحيا كما قال عليه الصلاة والسلام "انقطع الوحي وبقيت المبشرات، رؤيا المؤمن".
ب- ومنه الكلام الإلهي من وراء حجاب بدون واسطة يقظة:
و هو ثابت لموسى عليه السلام
(و لما جاء موسى لميقاتـنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك ) 143 – الأعراف
(وكلم الله موسى تكليما ) 164 –النساء.
كما ثبت التكلم على الأصح لرسولنا صلى الله عليه وسلّم ليلة الإسراء والمعراج.
كيفية وحي المَلَكِ إلى الرسول
وحي الله إلى أنبيائه إما أن يكون بغير واسطة، وهو ما ذكرناه آنفا، وكان منه الرؤيا الصالحة في المنام، والكلام الإلهي من وراء حجاب يقظة – وإما أن يكون بواسطة ملك الوحي و هو الذي يعنينا في هذا الموضوع لأن القرآن الكريم نزل به.
ولا تخلو كيفية وحي الملك إلي الرسول من إحدى حالتين:-
الحالة الأولى:- وهى أشد على الرسول – أن يأتيه مثل صلصلة الجرس والصوت القوي يثير عوامل الانتباه فتهيأ النفس بكل قواها لقبول أثره، وقد يكون هذا الصوت حفيف أجنحة الملائكة ، وقد يكون صوت الملك نفسه في أول سماع الرسول له.
والحالة الثانية: - أن يتمثل له الملك رجلا و يأتيه في صورة بشر، وهذه الحالة أخف من سابقتها
حيث يكون التناسب بين المتكلم والسامع، ويأنس رسول النبوة عند سماعه من رسول الوحي،
ويطمئن إليه اطمئنان الإنسان لأخيه الإنسان.
والهيئة التي يظهر فيها جبريل بصورة رجل لا يتحتم فيها أن يتجرد من روحانيته، ولا يعني أن ذاته انقلبت رجلا. بل المراد أنه يظهر بتلك الصورة البشرية أنسا للرسول البشري.
وكلتا الحالتين مذكور فيما روي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال:
يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال. وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول"؟
وروت عائشة رضي الله عنها ما كان يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلّم من شدة فقالت: "ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا"
رواه البخاري.
والحالتان هما القسم الثالث من أقسام التكليم الإلهي المشار إليه في الآية
( وما كان لبشر أن يكلمه الله ....
1- إلا وحيا
2 – أو من وراء حجاب
3- أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ) 51 – الشورى
المصدر
https://mazameer.com/vb/threads/62461/
4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق